أية حماية للمستهلك من الشروط التعسفية في عقد البيع الإلكتروني على ضوء التشريع المغربي ؟

9 مايو 2020
أية حماية للمستهلك من الشروط التعسفية في عقد البيع الإلكتروني على ضوء التشريع المغربي ؟

أية حماية للمستهلك من الشروط التعسفية في عقد البيع الإلكتروني على ضوء التشريع المغربي ؟

حمزة شيكي

 يقوم مبدأ الحرية العقدية على مبدأين، يتمثل أولهما في حرية المتعاقد في اختيار من يتعاقد معه، و يتمثل ثانيهما في حرية أطراف العقد في التفاوض توخيا لما يصيب مصالحهما[1]، إلا أنه أمام الثورة التكنولوجية و التقنية التي شهدتها وسائل الاتصال و المعلوميات إبان منتصف القرن العشرين، و في ظل المتغيرات الاقتصادية و الاجتماعية الحديثة و ما نجم عنها من تركز قوى الإنتاج بشكل احتكاري بيد عدد محدود من الأشخاص، فضلا عن التقدم و التعقيد في الطابع الفني للسلع و الخدمات بحيث أصبح المستهلك يجهل كيفية استعمالها و المحافظة عليها فضلا عن إدراك مخاطرها[2]، الشيء الذي وفر أرضية خصبة لنمو عقود استهلاك[3] غير متوازنة الأطراف، تنطوي معظمها على شروط تعسفية[4] ينفرد بوضعها المهني ذي الكفاءة الفنية و الاقتصادية الفائقة، بحيث تحقق له منفعة فاحشة على حساب المستهلك. ونظرا للخطر التي تشكله هذه الشروط على المستهلك باعتباره طرفا ضعيفا فإن حمايته منها أضحت محط اهتمام تشريعي دولي و وطني، ناهيك عن الدور الفعال لكل من الفقه و القضاء. هذا ما يدعونا للتساؤل حول، ما هي الآليات القانونية التي حددها المشرع المغربي لحماية المستهلك من الشروط التعسفية في عقد البيع الإلكتروني؟ وأي دور تلعبه الآليات المؤسساتية في توفير الحماية اللازمة للمستهلك منها ؟

وعليه فإننا ارتأينا معالجة إشكالية الموضوع وفق تصميم هو كالتالي:

المطلب الأول: آليات الحماية القانونية للمستهلك من الشروط التعسفية

الفقرة الأولى: مواجهة الشروط التعسفية في إطار القواعد التقليدية العامة

الفقرة الثانية: دور القواعد الخاصة في حماية المستهلك من الشروط التعسفية

المطلب الثاني: الآليات المؤسساتية لحماية المستهلك من الشروط التعسفية

الفقرة الأولى: دور الجمعيات في حماية المستهلك من الشروط التعسفية

الفقرة الثانية: دور المجلس الاستشاري الأعلى للاستهلاك في حماية المستهلك من الشروط التعسفية

المطلب الأول: آليات الحماية القانونية للمستهلك من الشروط التعسفية

لحماية المستهلك من الشروط التعسفية، غالبا ما تقوم القوانين الوطنية بإضفاء الحماية التشريعية باشتراط تضمين العقد بعض البنود التي تحمي المستهلك، بذلك نكون بصدد الحديث عن مواجهة الشروط التعسفية في إطار القواعد التقليدية (الفقرة الأول) من جهة، و عن القواعد الحديثة المقررة لحماية المستهلك من الشروط التعسفية (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: مواجهة الشروط التعسفية في إطار القواعد التقليدية العامة

تلعب التقنيات القانونية العامة دورا فعالا في تحقيق التوازن العقدي، و هو ما يظهر في قانون الالتزامات و العقود الذي رسخ مجموعة من النظريات التي استطاع من خلالها إيجاد نوع من الحماية و التوازن للأطراف المتعاقدة، أبرزها نظرية عيوب الرضا (1)، و كذا بعض النظريات الأخرى(2).

1-دور نظرية عيوب الإرادة في التصدي للشروط التعسفية المدرجة في العقد:

تعد نظرية عيوب الإرادة، من أهم التقنيات التقليدية لحماية المستهلك بصفة عامة من الغلط و الإكراه و الغبن

و التدليس، لهذا سنحاول معرفة كل عيب و مدى فعاليته في حماية المستهلك من الشروط التعسفية.

أشار المشرع المغربي في الفصل 39 من ق.ل.ع على أنه:”يكون قابلا للإبطال الرضا الصادر عن غلط، أو الناتج عن تدليس، أو المنتزع بالإكراه”، و يعرف  بعض الفقه[5]الغلط بأنه توهم يقع فيه الشخص يصور له الواقع على غير حقيقته فيدفع به إلى إبرام العقد. و قد تعرض المشرع المغربي لأحكام الغلط باعتباره عيبا من عيوب الرضا في الفصول من 40 إلى 45 من ق.ل.ع ، بحيث يمكن التمييز بين نوعين من الغلط، أحدهما يؤدي إلى إبطال الالتزام، و ينبغي التمييز بين ما إذا كان الغلط في القانون، حيث يشترط للاعتداد به سندا أن يكون السبب الوحيد أو الأساسي، وأن يكون مما يعذر عنه، وما إذا وقع في ذات الشيء أو في نوعه أو في صفة فيه كانت هي الدافع للتعاقد، وهو ما تؤكده المادتان 40 و 41 منه. أما الآخر فيخول الفسخ [6]، ذلك متى تعلق الأمر بغلط في شخص أو صفة  أحد المتعاقدين متى كان هذا الشخص أو الصفة سببا دافعا إلى التعاقد، على أن مجرد غلطات الحساب لا تكون سببا للفسخ و إنما تستوجب ضرورة تصحيحها.كما و يلزم القضاة في إطار ممارسة سلطتهم التقديرية، عند تقدير الغلط أو الجهل سواء تعلق بالقانون أو الواقع، مراعاة الظروف المحيطة بالواقعة و سن الأشخاص و كونهم ذكورا أو إناثا، و هو ما أكدته المادتان[7] 44 و 45 من ق.ل.ع على أن السؤال الذي يطرح نفسه، هل استطاعت هذه النظرية حماية المستهلك من الشروط التعسفية، و بالتالي تحقيق التوازن العقدي بين أطراف الالتزام ؟

جوابا عن هذا التساؤل، يرى بعض الفقه[8]أن المستهلك لا يرغب في التمسك في عيب الغلط حتى لا يحرم من السلعة أو الخدمة محل التعامل، فبالرغم من نجاح هذه النظرية غير أنها لا تخدم حماية المستهلك.كما يؤكد البعض الآخر[9] أن نظرية الغلط تظل -وفي ظل انتشار الشروط التعسفية و العقود النمطية- قاصرة على أن تكون الوسيلة الفعالة في هذا المجال. ومن وجهة نظرنا المتواضعة نرى أن نظرية الغلط و إن توفقت شيئا ما في حماية المستهلك من الشروط التعسفية في عقود الاستهلاك التقليدية، بأن خولت للمستهلك حق إبطال العقد أو فسخه حسب الحالات، فإنها تكاد تكون جامدة في التعاطي معها في عقود الاستهلاك الإلكترونية. مما يستدعي التساؤل عن مدى إمكانية الاعتماد على نظرية الإكراه لمواجهة الشروط التعسفية؟

على العكس من الغلط عرف المشرع المغربي الإكراه في المادة 46 من ق.ل.ع بأنه:”إجبار يباشر من غير أن يسمح به القانون يحمل بواسطته شخص شخصا آخر على أن يعمل عملا بدون رضاه”، وقد نظم المشرع أحكامه في الفصول من 47 إلى 51 من ق.ل.ع، ويخول الإكراه إبطال الالتزام متى كان هو السبب الدافع إليه، سواء تمت ممارسته مباشرة من قبل الطرف المتعاقد أو بطريقة غير مباشرة من قبل الأغيار، هذا و الإكراه إما أن يكون ماديا أو معنويا، وفي الحالة الأخيرة تثار إشكالية حول مدى اعتبار حاجة المستهلك الملحة  للسلعة أو الخدمة المحتكرة و اضطراره لقبول الشروط التعسفية بشأنها يشكل إكراها معنويا؟ وإلى أي حد توفقت هذه النظرية في مقاومة الشروط التعسفية و بالتالي توفير الحماية المرجوة للمستهلك منها ؟

من الناحية النظرية، فقد ذهب التقليديون في فقه القانون المدني إلى أن مجرد الاضطرار لا يصلح سببا للطعن في العقد بالإكراه لأن الأخير يفترض أن يهيأ شخص وسيلة لانتزاع رضا المكره، و في حالة الاضطرار تهيأ الظروف مصادفة[10].

كما يرى جانب آخر من الفقه[11] أنه:”في العقود التي يتعامل أحد أطرافها من موقع القوة الاقتصادية التي يوجد فيها، لا يجد الطرف الآخر القدرة على مقاومته بسبب الضعف الذي يلازمه، مما يمكنه الطعن في صحة العقد إذا مسه ضرر جسيم”. بينما ذهب جانب من الفقه للقول[12] أن:”مثل هذه الضغوط الواقعية و العملية التي يتعرض لها المتعلمون على السلع و الخدمات لا يمكن اعتبارها من قبيل الإكراه الذي يسمح بإبطال العقد، ذلك أن تكييف مثل هذه الضغوط الواقعية على أنها نوع من أنواع الإكراه يؤدي إلى اضطراب السوق و يعني إنهيار كافة العقود التي تتم على هذا النحو”.

و قد وصل البعض لحد القول بأنه لا توجد في نظرية الإكراه ما يخدم قضية حماية المستهلك فعليا[13].

أما التدليس فإنه على غرار الغلط لم يحدد له المشرع تعريفا بأن اكتفى بوضع أحكامه في الفصلين 52 و 53 من ق.ل.ع، ويقصد بالتدليس استعمال وسائل احتيالية بطريقة غير مشروعة من أجل تضليل و حمل الطرف الآخر على التعاقد، و الكتمان يرقى إلى مرتبة التدليس إذا تعلق بالعقود القائمة على الأمانة[14]، ويخول التدليس الإبطال للطرف المدلَس سواء تم بشكل مباشر أو غير مباشر عبر التواطؤ مع الأغيار متى كان الدافع للتعاقد بحيث لولاه لما تعاقد .

و حتى نكون أمام عيب التدليس، يشترط أن يتم استعمال و سائل احتيالية مادية أو معنوية  من قبل أحد المتعاقدين أو من يعمل معه بالتواطؤ بهدف تضليل الطرف الآخر، على أن يكون استعمالها الدافع الأساسي لتعاقده. وعليه متى قام المهني بإدراج بنود تعسفية تمس حقوق المستهلك بالعقد، وتبين أن ذلك تم بناءا على تدليس صادر من المهني أو ممن تواطأ معه جاز للمستهلك المطالبة بإبطال العقد الذي سبق أن قام بإبرامه استنادا لواقعة التدليس. وفي هذا الإطار لنا أن نتساءل هل توفقت نظرية التدليس في خلق التوازن بين حقوق و التزامات المتعاقدين؟

جوابا عن ذلك، فإن نظرية التدليس تغدو قاصرة عن حماية المستهلك من الشروط التعسفية، لأن المطالبة بإبطال العقد تحول دون استفادته من السلعة أو الخدمة محل التعاقد، مما يجعله عاجزا عن تفعيل نظرية التدليس .

و بالنسبة للغبن باعتباره عيبا من عيوب الرضا، فقد نظم المشرع أحكامه أحكامه في المادتين 55 و 56، بحيث جاء تعريفه في الفقرة الأخيرة من الفصل 56 بأنه:”كل فرق يزيد على الثلث بين الثمن المذكور في العقد و القيمة الحقيقية للشيء”. فالغبن نظريا، هو عدم التعادل بين ما يعطيه المتعاقد وما يأخذه بموجب العقد، فمعياره معيار مادي بحث[15]، و يلاحظ أن المشرع المغربي لم يجعل من الغبن سببا لإبطال التصرفات التي تبرم بين الرشداء إلا في حالة اقترانه بعيب التدليس لقدرتهم على التمييز و الإدراك، غير أنه يمكن إبطال التصرف استنادا لعيب الغبن دون لزوم توفر عنصر التدليس متى كان الطرف المغبون قاصرا أو ناقص الأهلية.

هكذا، فإن نظرية الغبن بدورها لا تؤمن المستهلك من خطر الشروط التعسفية بالنظر إلى الجزاء الذي ترتبه، فهي تقضي عند ثبوت الغبن بإبطال التصرف، في حين قد يفضل المستهلك إبطال الشرط التعسفي دون العقد، مما يجعله أمام خياران مجحفان لا غنى له عنهما. غير أنه يمكن للمستهلك في نطاق القواعد العامة في ق.ل.ع.م أن يستند على بعض النصوص القانونية غير تلك المرتبطة بعيوب الإرادة للمطالبة بإبطال العقد، كالفصل 112 الذي يقضي ببطلان الالتزام إذا كان وجوده معلقا على محض إرادة الملتزم. كما يمكن الاعتماد على الفصل 487، و الذي يقضي بأنه لا يسوغ بأن يعهد بتعيين الثمن إلى أحد من الغير، و الاعتماد أيضا على الفصل 232، و الذي ينص على أنه لا يجوز بأن يشترط مقدما عدم مسؤولية الشخص عن خطئه الجسيم و تدليسه[16]. و عليه بعدما سلمنا بقصور نظرية عيوب الإرادة في حماية المستهلك من الشروط التعسفية[17]، فهل من نظريات أخرى غيرها توفقت في ذلك؟

2 دور بعض النظريات الأخرى في إعادة التوازن العقدي:

أمام قصور نظرية عيوب الرضا عن توفير حماية فعالة للمستهلك من الشروط التعسفية التي يفرضها المهني في العقد، سنحاول بحث بعض النظريات الأخرى ذات الصلة بالموضوع، فما هي هذه النظريات؟ و إلى أي حد توفقت في بلوغ  الحماية المنشودة للمستهلك من البنود التعسفية؟

وقد حاول بعض الفقه[18]البحث عن أساس حماية المتعاقدين من الشروط التعسفية من خلال الرجوع إلى نظرية”التعسف في استعمال الحق”، و من خلال الاعتداد “بالميزة المفرطة” التي يحصل عليها أحد المتعاقدين، في اتفاقه مع المتعاقد الآخر، حيث يتعسف الأول في حقه في التعاقد عن طريق إيراد بعض الشروط التي تكسبه ميزة مفرطة، وتحرم الآخر من الحق ذاته. و عموما يقصد بالتعسف في استعمال الحق، استعمال الشخص لحق يخوله له القانون بكيفية تحدث ضررا لغيره.

فهذه النظرية تقتضي وجود نية الإضرار لدى صاحب الحق من دون أن تكون له مصلحة أو تكون هذه المصلحة قليلة الأهمية بحيث يكون الضرر الذي يلحق بالغير أكبر منها بكثير[19]. بهذا  نتساءل عن إمكانية إعمال هذه النظرية في سبيل مواجهة الشروط التعسفية، و بالتالي إعادة التوازن العقدي بين أطراف الالتزام؟

في هذا الصدد يرى الأستاذان(POICOD) et (DAVO) أن فكرة التعسف في استعمال الحق من الأفكار الأكثر توافقا مع مضمون حماية المتعاقد من الشروط التعاقدية المؤدية إلى الاختلال الفادح و عدم التوازن بين الحقوق و الالتزامات في العقود[20]، وفي نفس السياق يرى بعض الفقه[21] أن المدين يلتزم عن حسن نية، و أثناء تنفيذه للعقد تطرأ حوادث تجعل تنفيذ الالتزام مرهقا بسبب هذه الظروف الطارئة غير المتوقعة، ثم يقوم الدائن و يطالب بجميع حقوقه، في استيفائها كاملة كما حصل عليه الاتفاق دون النظر لما يهدد المدين من خسارة فادحة، إنما يتعسف في استعمال حقه الأمر الذي يستسيغ مسؤوليته عن الضرر الذي يصيب مصالح المدين الاقتصادية و المالية. و جدير بالذكر أن نشير إلى المستجدات التي عرفها القانون المدني الفرنسي في هذا المجال بمقتضى مرسوم 10 فبراير 2016 “من ضرورة توافر حسن النية في مرحلة التفاوض على العقد و إلى حين تنفيذه[22].

و على أي حال، تظل نظرية التعسف في استعمال الحق عاجزة عن استيعاب الضرر الذي تلحقه الشروط التعسفية بالمستهلك، ذلك أن المهني و هو يضمن هذه الشروط إنما يمارس حقا مشروعا وفقا لمبدأ العقد شريعة المتعاقدين، و أن ما يلحق المستهلك من ضرر نتيجة طبيعية لوجود الشرط في انعدام التوازن و ليس عن قصد غير مشروع من المهني[23].

غير أنه و حسب الفقه الفرنسي تظهر هذه النظرية غير واضحة حتى يمكن أن تعمم و تستخدم في كل مجالات قانون المستهلك قريبا من مفهوم التعسف في استعمال الحق، نجد مفهوم “حسن النية” و الذي وفقه يكون المتعاقدون ملزمون على مطابقة سلوكهم على قواعد معينة، و لكن حسب الفقه الفرنسي لا تصلح كتقنية لحل مشاكل اللاتوازن العقدي إلا بشكل غير مباشر[24]. و عموما إذا كانت هذه النظرية لم تبلغ المستوى المرجو منها، فما محل نظرية الإثراء بلا سبب في ذلك؟

أحاط المشرع بنظرية الإثراء بلا سبب في ق.ل.ع و هو ما يظهر في الفصل 66 وما يليه، الذي جاء فيه أن “من تسلم أو حاز شيئا أو أية قيمة أخرى مما هو مملوك للغير، بدون سبب يبرر هذا الإثراء، التزم برده لمن أثري على حسابه”. فالإثراء بلا سبب يتحقق باغتناء شخص على حساب شخص ثان يجري افتقاره نتيجة ذلك الاغتناء، ويخول لمن تضرر منه رفع دعوى الإثراء بلا سبب التي تتميز بحصول المتضرر على قدر من التعويض يعادل الضرر دون أية إمكانية للحصول على تعويض من نوع آخر، كالذي يتعلق بالأضرار الجانبية التي يتعرض لها المتضرر كتفويت فرص غاية في الأهمية. وعليه هل يمكن الاستعانة بهذه النظرية لتحقيق العدالة التعاقدية بين طرفي الالتزام؟

إجابة عن التساؤل، فإنه بالرجوع للفصل 66 من ق.ل.ع يتضح أن الإثراء بلا سبب يشترط فيه أن يكون الإثراء بلا أي سبب، وعليه فهذه النظرية لا تتضمن أية فعالية لحماية المستهلك من الشروط التعسفية، ذلك أن السبب الذي تتوقف عليه هذه النظرية موجود في العلاقة بين المستهلك و المهني وهو العقد[25]، الذي يشكل سببا صحيحا و مشروعا لإثراء المهني على حساب المستهلك[26]. و بذلك يمكن القول بأن نظرية الإثراء بلا سبب تشكل وسيلة لأجل منع اللاتوازن العقدي، لكن الحقيقة أن مجال الإدعاء به ضيق جدا يستلزم عدم وجود أي سبب للالتزام و عدم وجود أي حق يمكن أن يستخلص من أي اتفاق أو أي وضعية شرعية أخرى، الأمر الذي يجعل هذه النظرية غير صالحة لأن مجالها محدد بنص القانون[27]، وعليه، فإن نجاعة هذه النظرية تكاد تكون منعدمة  نظرا لكون المستهلك لا يطيق مصاريف رفع الدعوى، هذا و إن كانت المصاريف ليست المشكل، فإن الإجراءات التي يتطلبها رفعها تظل عائقا يجعله يقبل عناء الشروط التعسفية عوض تكبد رفع الدعوى التي قد تطول مدتها لفترة غير محددة دونما نتيجة .

وتأتي أخيرا،”نظرية السبب”و هي التي حضت بتأييد فقهي كبير و بتطبيقات قضائية متعددة في هذا الصدد، فكانت البداية سنة 1996 من محكمة النقض الفرنسية-الدائرة التجارية الأولى بالحكم الصادر في قضية (شركة كرونوبوست)[28] L’affaire chronopost  و هو الحكم الذي أنعش الذاكرة الفقهية فيما يتعلق ب” السبب” في العقود وفقا للقواعد العامة، و تمثل ذلك في تعليقات الفقه على هذا الحكم و التي رحبت بالحكم، و بالمبادئ المستمدة منه[29].

و السبب هو الدافع و الباعث للتعاقد، ويمكن القول ببساطة أنه جواب من سئل، لماذا تعاقدت؟. إلا أن ما تجدر الإشارة إليه في هذا الصدد، أن نظرية السبب عرفت تحولا جذريا في ق. م الفرنسي  بموجب مرسوم 10 فبراير 2016 ألا و هو”حذف المشرع الفرنسي لمفهوم السبب كركن من أركان العقد، و بالتالي حذفه من القانون المدني بعدما كان منظما بموجب المواد من 1131إلى1133 وذلك بدعوى تعقيده… “[30]. وقد نظم المشرع المغربي أحكام السبب في الفصول من 62 إلى 65 من ق.ل.ع باعتباره ركنا من أركان الالتزام، بحيث يستوجب أن يكون مشروعا غير مخالف للقانون أو الآداب الحميدة أو النظام العام، و أن يكون حقيقيا، ويفترض في كل التزام أن له سببا حقيقيا و مشروعا و لو لم يتم ذكره، كما ويفترض في السبب المذكور أنه السبب الحقيقي و على من يدعي خلاف ذلك أن يقيم الدليل حتى يثبت العكس. والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا الإطار هو، هل يمكن الاعتماد على هذه النظرية في سبيل تحقيق التوازن العقدي و مواجهة الشروط التعسفية؟

من خلال العودة إلى أحكام السبب في ق.ل.ع  يتضح أنه ليس بالإمكان الاعتماد عليه في مواجهة الشروط التعسفية، ويرجع ذلك إلى عدة عوامل، حيث”إن العقد الذي يتضمن الشروط التعسفية قائم على سبب”[31]، كما أن القاضي لا يمكنه اعتبار البند المدرج في العقد تعسفيا في حق المستهلك، بمجرد أن يتبين بأن الالتزام المترتب عليه مجرد من كل سبب مادام أن بنود العقد تؤول بعضها البعض، ولا يمكن بالتالي فصل مقتضى واحد في العقد عن مجموعة الاتفاق من أجل تقرير عدم وجوب السبب بالنسبة للالتزام[32]، و بالتالي من غير الصائب الأخذ بهذه النظرية .

مما سبق، يتضح عجز نظرية عيوب الرضا كإحدى قواعد القانون المدني عن تحقيق التوازن العقدي بين طرفي الالتزام، بل إن تطبيقها من شأنه الإخلال باستقرار المعاملات، حيث تتراوح بين منح المستهلك إمكانية التقدم لممارسة دعوى الإبطال أو الفسخ أو دعوى الإثراء بلا سبب، هذه الإجراءات التي يتم بمقتضاها إنهاء التصرفات القانونية و انقضاؤها، وهو ما لا يرضاه المستهلك لحاجته الملحة لإشباع رغباته بشكل سريع، فضلا عن ضعف مركزه المالي الذي يترجم عدم قدرته على تحمل نفقات الدعوى…، مما يضطره لقبول إتمام الالتزام  دونما تردد. وعليه في ظل نسبية الحماية التي توفرها القواعد التقليدية للمستهلك من الشروط التعسفية، نتساءل عن مدى توفق القواعد الحديثة الخاصة في حماية المستهلك من الشروط التعسفية ؟

الفقرة الثانية: دور القواعد الخاصة في حماية المستهلك من الشروط التعسفية

تتوقف حماية المستهلك من الشروط التعسفية على مدى احترام المهني للالتزامات التعاقدية و القانونية الملقاة على عاتقه، و كذا تلك التي تفرضها عليه أخلاقيات مهنته، و عليه فالاهتمام بحماية المستهلك في هذا النطاق قد تتخذ عدة أشكال لا حصر لها، ما جعلنا نتساءل عن كيفية تحديد المشرع المغربي و المقارن للشروط التعسفية؟ (1) و ما حدود سلطة القضاء في تقديرها؟(2).

1- تحديد الشروط التعسفية على ضوء التشريع المغربي و المقارن:

إزاء قصور القواعد العامة في توفير حماية فعالة و ناجعة ضد الشروط التعسفية، و في ظل الرغبة التشريعية لحماية المستهلكين في معظم دول العالم ظهر اتجاه تشريعي حديث لا سيما في دول الإتحاد الأوربي يعمل على إرساء نظام حماية ضد هذه الشروط[33]. و تبعا لذلك فقد سارعت التشريعات الأوروبية لإرساء نظام حماية ضد هذه الشروط، ويعتبر المشرع الألماني من أوائل الدول الأوروبية التي أصدرت قانون يتعلق بالحماية من الشروط التعسفية، وهو قانون 09 دجنبر 1976، المتعلق بالشروط العامة للعقود، و الذي أصبح ساري المفعول في 01 أبريل 1977، تضمن هذا القانون قائمتين من الشروط التعسفية، الأولى قائمة سوداء، حيث تعتبر الشروط الواردة بها باطلة بقوة القانون، و لا يكون للقاضي بشأنها أي سلطة تقديرية، والثانية قائمة رمادية، و التي أعطى بصددها للقاضي سلطة تقديرية بشأن إبطالها أو عدم إبطالها حسبما إذا كانت تتلاءم مع بعض المعايير التي حددها القانون المذكور آنفا[34]، حيث تشمل القائمة السوداء ، 08 أصناف من الشروط الممنوعة تضمنتها المادة 10، وتتعلق على وجه الخصوص بإطالة آجال التسليم أو تنفيذ التزام المحترف…[35]، أما القائمة الرمادية، تشمل 10 أصناف من الشروط التعسفية، نصت عليها المادة 11 من نفس القانون، وتتعلق بحق المحترف في رفع أسعار المنتجات و الخدمات التي لم تسلم أو يوفي بثمنها في خلال مدة أربعة أشهر، و باستبعاد أو تحديد حق المستهلك في رفض المنتوج أو الخدمة…[36]، أما المشرع الفرنسي فقد أحدث لجنة لمقاومة الشروط التعسفية بموجب الفصل 36 من قانون إعلام و حماية المستهلك، و التي أقر بوجودها قانون الاستهلاك الفرنسي لسنة 1993، بحيث تتكون من 15 عضوا يمثلون المستهلكين و المحترفين، و يتلخص دورها في مراجعة العقود النموذجية المطروحة على المستهلكين للبحث و التحري عن الشروط التعسفية في هذه العقود، وتهتدي اللجنة في ممارسة اختصاصها بالمعيار العام للشرط التعسفي الوارد في المادة 35 من نفس القانون[37]، أي معيار عدم التوازن البين بين حقوق و التزامات المهني و المستهلك في تحديد الشرط التعسفي، بحيث إذا ما تبين لها و جود الصفة التعسفية في بعض بنودها أصدرت توصيات تقضى بإلغائها أو تعديلها أو حظرها،”ذلك أن سلطة إلغاء أو تحديد الشروط التعسفية هي من اختصاص المشرع[38]، إلا أن تلك اللجنة يكاد يكون لها دورا استشاريا بحثا، بحيث تفتقد التوصيات أثرها إن لم يأخذ بها القانون أو اللوائح.كما أوردت المادة 132/1 من قانون الاستهلاك الفرنسي لسنة 1993 قائمة بيانية و إرشادية غير حصرية لشروط يمكن اعتبارها تعسفية[39]، وتظم أيضا جزءا آخرا يتعلق بالاستثناءات، حيث يتم استبعاد تكييف بعض الشروط التعسفية من كونها تعسفية مراعاة لمصلحة مقدمي الخدمات المالية رغم كونها تعسفية في مجالات أخرى[40].

و تجدر الإشارة إلى أن المشرع الفرنسي أصدر قانون 28 يناير 2005 المسمى قانون Châtel نسبة إلى النائب في الجمعية الوطنية الذي كلَف بمهمة برلمانية تتعلق بالإعلام وتمثيل و حماية المستهلكين. وقد عدل هذا القانون قانون الاستهلاك الفرنسي و منه الكتاب الرابع تحت عنوان أحكام مختلفة، و ذلك بأن أضاف إلى القائمة البيانية للشروط التي يمكن أن تعد تعسفية، الشرط الذي يلزم المستهلك على قبول-بشكل خاص- نظام بديل لتسوية النزاعات[41]، وليس لقائمة الشروط المعتبرة تعسفية أية قيمة قانونية، فما هي إلا وسيلة إرشادية يلجأ إليها كل من طرفي العقد عندما يثار الشك حول شرط ما ليتسنى لهما الوقوف على طبيعة التعسف في الشرط، كما يمكن للقاضي أن يسترشد بها في استخلاص الصفة التعسفية في الشرط في المنازعات التي تعرض عليه، و لكن دون دون التزام منه بالقضاء على هداها[42]. وفي هذا الصدد، يرى البعض أن التحديد اللائحي  لتلك الشروط يكاد يكون محدود القيمة و الفعالية و الأثر، لاسيما و أن الشروط التي أوردتها على سبيل الحصر على نحو عجزت معه أن تشمل كافة البنود التي تتسم بطابع التعسف[43]، بينما يرى البعض الآخر أنه لا يمكن التقليل من أهمية الدور الإرشادي لقائمة الشروط التعسفية بوصفها تلعب دورا وقائيا من الشروط التعسفية من خلال تعريف المستهلك بهذه الشروط في مرحلة إبرام العقد[44]. ومما يلاحظ في هذا الشأن أن المشرع الفرنسي اتخذ من الطابع الوقائي أساسا لتحديد البنود التعسفية، نظرا لتباين المراكز الاقتصادية و الفنية و القانونية لطرفي الالتزام، و رغبة منه في تحقيق قدر من التوازن الذي تفتقد عقود الاستهلاك باختلافها، إذ يتم ذلك بمنح المستهلك صورة أولية عن نوعية البنود التي تعد تعسفية، حتى لا يقع ضحيتها، وحتى يتأتى رضاؤه مستنيرا خاليا من كل عيب، إلا أنه جانب الصواب بتنصيصه على تحمل المدعي عبء إثبات الطابع التعسفي طبقا للمادة 132/1.

وأخيرا فإن المشرع المغربي، اقتدى بالمشرع الفرنسي وقام بإيراد قائمة من البنود[45] بموجب المادة 18 من ق.ح.م  31.08، التي تعد من قبيل الشروط التعسفية متى توفرت فيها شروط المادة 15 من نفس القانون، ويراد بذلك وجود اختلال فادح بين حقوق و واجبات طرفي عقد الاستهلاك.

و مما تجدر الإشارة إليه، أن المشرع اقتصر في الحماية من الشروط التعسفية المضمنة في القائمة على المستهلك دون المشتري المهني وهو ما تؤكده المادة 15 بأنه”يعتبر شرطا تعسفيا في العقود المبرمة بين المورد و المستهلك…”، و عليه بمفهوم المخالفة لنص هذه المادة لا يعتبر كذلك شرطا تعسفيا في العقود المبرمة بين المهنيين وإن توفرت فيها الشروط المذكورة.

و عموما، إذا كان المشرع الفرنسي قد حدد قائمة الشروط التعسفية على سبيل الحصر مما يجعل القضاء مقيدا بما ورد فيها،”فإنه بعد ذلك منح للقاضي حق تقدير مدى اعتبار الشروط في العقد تعسفية و إلغائها بعد ذلك، وهذا بموجب قانون 03 يناير 2008 المتعلق بتطوير المنافسة و خدمة المستهلك، و الذي أضاف فقرة للمادة L141-4 من قانون الاستهلاك”[46]، بهذا فإن المشرع المغربي هو الآخر عزز دور القضاء في حماية المستهلك بأن حدد قائمة الشروط التعسفية على سبيل المثال، و هو ما يظهر على حد تعبير المادة 18″…وعلى سبيل المثال لا الحصر، تعتبر الشروط التعسفية…”، حيث ترك المشرع حيزا للقاضي لإعمال سلطته التقديرية، ما دفعنا للتساؤل عن حدود سلطة القاضي في تقدير الشروط التعسفية؟

2- سلطة القضاء في تقدير الشرط التعسفي

يقوم القضاء بدور كبير في حماية المتعاقد من الشروط التعسفية الواردة في عقد البيع الإلكتروني[47]، فإذا كان القاضي لا يملك أي سلطة على مضمون العقد لأن تدخله يظل محكوما بمبدأ سلطان الإرادة[48]، فإن تدخله يكون ممكنا متى تبين وجود غموض في صياغة بنود العقد، ما يجعل للقاضي سلطة في تفسيرها وتأويلها، والتي قد تصل إلى حدود إمكانية تعديلها أو إلغائها متى اتضح أنها شروط تعسفية، وذلك حسب الأحوال. هذا ما يدعونا للتساؤل، عن حدود السلطة المخولة للقاضي في تقدير الشروط التعسفية؟

وضع المشرع الفرنسي عدة وسائل لمقاومة الشروط التعسفية في عقود الاستهلاك كعقد البيع الإلكتروني[49]، من بين هذه الوسائل نجد، منح القاضي الحق في تقرير الشروط التي تعد تعسفية و استبعادها، حتى لو لم تذكر ضمن قائمة الشروط المعدة و المنصوص عليها في كل من المادة R132-1  و R132-2 من قانون الاستهلاك الفرنسي[50]، بحيث أعطى للقاضي سلطة إلغاء الشرط التعسفي الذي يخلق عدم التوازن بين أطراف العقد، و ذلك بطلب من أطراف أو المتضررين منه[51]، هذا و أضافت المادةL132-1 أنه يمكن للقاضي و بمناسبة النزاع الذي يعرض عليه، أن يحكم باعتبار الشرط الذي يعد تعسفيا كأنه لم يكتب[52]، وهو ما أكدته محكمة النقض الفرنسية في إحدى قراراتها[53]. و قد سار التشريع المصري في نفس هذا التوجه بأن منح للقاضي سلطة تقديرية للتعامل مع الشروط التعسفية[54].

أما بخصوص المشرع المغربي، فإنه هو الأخير أسند للقاضي سلطة تقديرية لمواجهة البنود التعسفية، بحيث أحال بموجب المادة 16 من ق.ح.م  31.08 على قواعد التأويل المنصوص عليها في ق.ل.ع، بحيث يمكن للقاضي تفسير ألفاظ العقد إذا اعتراها غموض أو تبين له أن إرادة أحد أطرافه اتجهت لاستعمال صياغات عامة قصد إخفاء المعنى الحقيقي للشروط، على أن القاضي في حالة الشك يكون مجبرا على تأويله لصالح المدين[55]،خاصة و أن سلطة القاضي في التفسير تنحصر في البحث عن قصد المتعاقدين، دون الوقوف عند المعنى الحرفي للألفاظ. وهو نفس الطرح الذي تبناه المشرع المصري[56]. وفيما يخص تقدير الطابع التعسفي لبنود العقد فإن المشرع المغربي و طبقا لنص المادة 16 من قانون حماية المستهلك 31.08، راعى في ذلك العامل الزمني و المكاني الذي قد يحيط بالعقد لحظة إبرامه، فضلا عن إمكانية الرجوع إلى الشروط الأخرى الواردة في ذات العقد أو في عقد آخر لما يكون إبرام أو تنفيذ العقدين المذكورين مرتبطين ببعضهما البعض من الوجهة القانونية، وذلك مع مراعاة الاستثناءات الواردة في المادة 17 من نفس القانون[57].

وعليه، فإن لاحظ المستهلك وجود شرط تعسفي في عقد الاستهلاك المبرم عن بعد أو في عقود الاستهلاك كيفما كان شكل إبرامها، يمكنه أن يرفع الأمر إلى القضاء وفي هذه الحالة يقع على المورد إثبات الطابع غير التعسفي لذلك الشرط وإن كان ذلك يشكل خروجا عن القاعدة الفقهية الراسخة بأن “إثبات الشيء على مدعيه” ولعل المغزى من قلب قاعدة عبء الإثبات، أخذ المشرع بعين الاعتبار المركز القانوني الضعيف للمستهلك. و إذا ما تبين للقاضي أن الشرط يعد فعلا شرطا تعسفيا تطبق في الحالة أحكام المادة 19[58]، بحيث يعتبر الشرط باطلا[59].

عموما، فإن المشرع المغربي عرف تنظيما مزدوجا للشروط التعسفية، بأن جمع بين أسلوب التحديد اللائحي و الأسلوب القضائي أو التقديري للشروط التعسفية، وهو ما يشكل نسقا حمائيا متكاملا كفيلا بتحقيق الحماية المرجوة للمستهلك  من تلك الشروط المجحفة في حقه، بهذا لا يسعنا إلا القول بأن المشرع المغربي قد أحسن صنعا بسلوكه هذا النهج القانوني المزدوج .

 المطلب الثاني: الآليات المؤسساتية  لحماية المستهلك من الشروط التعسفية

في إطار البحث عن التوازن العقدي المفقود من جراء إعمال الشروط التعسفية في عقود الاستهلاك باختلافها، و ضمانا لحماية المستهلك كطرف ضعيف، وأمام ضعف فعالية الآليات القانونية المتاحة في بلوغ المنشود منها، فإن المشرع المغربي كغيره رأى ضرورة تكريس رقابة إدارية من خلال إحداث بعض الأجهزة الكفيلة لحماية المستهلك بمقتضى قانون حماية المستهلك. الأمر الذي يجعلنا بصدد بحث دور كل من الجمعيات في حماية المستهلك (الفقرة)، و المجلس الاستشاري الأعلى للاستهلاك (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: دور الجمعيات في حماية المستهلك من الشروط التعسفية

تفاديا لتقاعس المستهلكين عن رفع دعاوى إبطال الشروط التعسفية، و نظرا للعناء الذي يتكبدونه بسبب طول إجراءاتها وكذا حجم نفقاتها التي غالبا ما تكون مكلفة، و اعتبارا على أن أي سياسة إنعاش و حماية حقوق المستهلك تحتاج تدخل حركة دينامكية و فعالة قادرة على الدفاع على قضية المستهلك [60]، فقد نص المشرع المغربي في القانون 31.08 لحماية المستهلك على جمعيات حماية المستهلك كإحدى الأجهزة التي تسهر على تحقيق النفع العام، الشيء الذي دفعنا لبحث دورها في حماية المستهلك في الحماية من الشروط التعسفية.

إن جمعية حماية المستهلك، هي تلك الجمعية التي تنشأ لغرض محدد هو حماية المستهلك، دون أن يتخلل ذلك أي غرض ربحي أو سياسي، بمعنى أنه ينبغي أن يكون حماية المستهلك هو عملها الأصيل و الأصلي الذي تمارس في إطاره و ظله نشاطها الجمعوي الاجتماعي مجانا لجمهور المستهلكين و بحياد تام[61]، و هو ما أشارت إليه المادة 5[62] من مرسوم 14 نونبر 2012[63]، ذلك مع ضرورة الخضوع للالتزامات المفروضة بمقتضى المادتين 153 و 154 من قانون حماية المستهلك رقم 31.08 [64].

ومما تجدر الإشارة إليه أن دور جمعيات حماية المستهلك يتخذ منحيان أحدهما وقائي و الآخر علاجي، و يختلف ذلك تبعا لخطورة الفعل الذي يؤتيه المهني. حيث يكمن الدور الوقائي لها في”حماية المستهلك من الشروط التعسفية التي يقع ضحيتها نتيجة الجهل و الضعف الذي يعاني منه، باعتمادها على مجموعة من الطرق و الأساليب لتحقيق أهدافها و الدفاع عن المصلحة المشتركة لهؤلاء المستهلكين، منها على وجه الخصوص تحسيس و توعية المستهلك بالمخاطر الناتجة عن استهلاك منتوجات لا تتطابق مع المواصفات المحددة قانونيا، أو الدعاية المضادة ضد المشروعات التي تلحق الضرر بالمستهلكين، أو من خلال الامتناع عن الشراء أو مقاطعة بعض الخدمات أو المنتوجات، أو الامتناع عن دفع ثمن المنتوج أو الخدمة[65]. أما الدور العلاجي  فيتجسد في جملة من الإجراءات، لعل من أهمها تمثيل المستهلكين في نزاعات الاستهلاك حبيا، عن طريق التسوية غير القضائية أو قضائية عن طريق رفع الدعاوى القضائية، أو التدخل في الدعاوى في مواجهة مقدمي الخدمات أو موردي السلع، و تعد هذه المهمة من أهم الاختصاصات الموكولة لها نظرا لخطورتها و آثارها على نشاط المقاولات، و على صورتها أمام جمهور المستهلكين[66]، كما و يشكل تمثيل الجمعيات المعترف بها للمستهلكين أمام القضاء دورا مهما في حفظ حقوق المستهلكين الذين يفتقدون في الغالب للخبرة و التجربة، وكثيرا ما يترددون في رفع الدعاوى في مواجهة المهنيين لعدم جدوى اللجوء إلى القضاء إما لتفاهة محل العقد أو لضخامة المصاريف القضائية و مصاريف الدفاع أو لبطئ إجراءات التقاضي[67]، فضلا عن ذلك تتمتع الجمعيات المخول لها حق الدفاع عن المستهلكين بمقتضى المادة 162 من القانون 31.08 بحق المطالبة القضائية بحذف الشروط التعسفية في كل عقد أو نموذج عقد مقترح أو موجه للمستهلك، وهذا ما من شأنه إعادة التوازن العقدي إلى جانب توفير حماية وقائية للمستهلك، فضلا عن إمكانية الوقوف جانبه  لمساندته أمام القضاء باعتباره طرفا ضعيفا في العلاقة التعاقدية.

الفقرة الثانية: دور المجلس الاستشاري الأعلى للاتصال في حماية المستهلك من الشروط  التعسفية

وقد جاء التنصيص على إحداثه بموجب المادة 204 من القانون 31.08 باعتباره هيئة عليا خاصة بحماية المستهلك، ذات طابع مستقل تناط به على الخصوص مهمة إبداء و اقتراح الرأي حول التدابير المتعلقة بإنعاش ثقافة الاستهلاك و الرفع من مستوى الحماية المقررة. هذا و أكدت المادة 205 أنه يحدد تأليف المجلس الاستشاري الأعلى للاستهلاك و كيفيات سيره طبقا للتشريع الجاري به العمل.

ولا شك أن هذا الدور المسند لهذه المؤسسة سيوفر حماية متميزة للمستهلك، وهو ما يلاحظ من خلال تفحص الاختصاصات المسندة له بمقتضى مشروع المرسوم الخاص به، حيث أن من المهام المسندة إلى المجلس الاستشاري الأعلى للاستهلاك نجد إبداء الآراء و الاقتراحات في القضايا المتعلقة بالدفاع عن حقوق المستهلك، و التي يدخل في حكمها حمايته من الشروط التعسفية، فإذا كان المشرع انطلاقا من المادة 18 من القانون 31.08 لحماية المستهلك قد حدد لائحة غير حصرية للشروط التي يمكن اعتبارها تعسفية، فإننا نتساءل عن إمكانية لجوء القضاء إلى هذا المجلس للاستشارة حول طبيعة بعض البنود غير المدرجة في اللائحة ؟

و بالرجوع إلى مقتضيات مشروع المرسوم لا نجد مانعا لإمكانية لجوء القضاء إلى طلب مساعدة المجلس[68]، هذا الأخير الذي يتعين عليه في هذه الحالة تحديد صفة التعسف الذي يحمله ذلك الشرط من خلال تحليله و كشف مظاهر التجاوز فيه، و في مدى اعتباره سببا مخلا للتوازن العقدي بين كل من المستهلك و المهني كطرفا العقد الاستهلاكي، غير أن رأيه يبقى دو صبغة استشارية في هذا الشأن بحيث لا يكتسي طابع الإلزام، وهو بذلك لا يلزم القضاء بالتوجه إليه أو الأخذ برأيه إنما يمكن للقاضي أن يهتدي إليه عند الفصل في النزاعات المعروضة عليه متى اقتضى الأمر ذلك.

وغني عن البيان أن هذه المقتضيات الوارد عليها النص تخص جميع العقود المبرمة من قبل المستهلك سواء كانت عن بعد أو في الشكل التقليدي المتعارف عليه[69].

الإحالات

[1] – عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني مصادر الإلتزام، الجزء الأول، دار النهضة العربية، الطبعة الثالثة،1981، ص 176-  186 .

[2] – موفق حماد عبد، الحماية المدنية للمستهلك في عقود التجارة الإلكترونية: دراسة مقارنة، مكتبة السنهوري، منشورات زين الحقوقية، العراق، الطبعة الأولى، 2011، ص246 .

[3] – و عقد الاستهلاك هو كل عقد يكون المستهلك طرفا فيه، مما يعني أنه لا يعد العقد المبرم بين طائفة المهنيين من قبيل عقود الاستهلاك.

[4] – و قد عرف الشارع المغربي الشرط التعسفي في الفقرة الأولى من المادة 15 من القانون القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك بأنه:”يعتبر شرطا تعسفيا في العقود المبرمة بين المورد و المستهلك كل شرط يكون الغرض منه أو يترتب عليه اختلال كبير بين حقوق وواجبات طرفي العقد على حساب المستهلك”.

[5] – عبد الحق صافي، القانون المدني، الجزء الأول، المصدر الإرادي للالتزامات، العقد، الكتاب الأول، تكوين العقد، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الأولى ، ص308-309 .

[6] – وذلك بمفهوم المخالفة لنص المادة 42 من ق.ل.ع التي جاء فيها أن”الغلط الواقع على أحد المتعاقدين أو على صفته؛ لا يخول الفسخ إلا إذا كان هذا الشخص أو هذه الصفة أحذ الأسباب الدافعة إلى صدور الرضا من المتعاقد الآخر”.

[7] – حيث جاء في المادة 44 من ق.ل.ع أن”مجرد غلطات الحساب لا تكون سببا للفسخ و إنما يجب تصحيحها”.

كما جاء في المادة 45 من ق.ل.ع أن “على القضاة،عند تقدير الغلط أو الجهل، سواء تعلق بالقانون أو بالواقع، أن يراعوا ظروف الحال، وسن الأشخاص”.

[8] – سلمى بن سعيدي، حماية المستهلك من الشروط التعسفية في عقود الاستهلاك، مذكرة لنيل الماجستير في العلوم القانونية و الإدارية، تخصص عقود و مسؤولية مدنية، جامعة لخضر باتنة، السنة الجامعية، 2013-2014، ص 96 .

[9] – إيمان بنشانة، الحماية القانونية للمستهلك من الشروط التعسفية، بحث نهاية تكوين الملحقين القضائيين، الفوج (39)، المعهد العالي للقضاء بالرباط، 2014، ص 52 .

[10] – عامر قاسم أحمد، الحماية القانونية للمستهلك: دراسة في القانون المدني و المقارن، أطروحة لنيل الدكتوراه، كلية الحقوق، جامعة بغداد، طبعة 1998، ص19 .

[11] – إيمان بنشانة، المرجع السابق، ص53 .

[12]– Hélène Bricks, les clauses abusives ,L.G.D.J, Paris, 1989 , p 195.

[13] – عامر قاسم أحمد القيسي، المرجع السابق، ص20 .

[14] – العربي مياد، عقود الإذعان: دراسة مقارنة، مكتبة دار السلام للطباعة و النشر و التوزيع، الرباط، الطبعة الأولى، 2004، ص 531 .

[15] – حسام الدين كامل الأهواني، النظرية العامة للالتزام،الجزء الأول، المجلد الأول، المصادر الإرادية للالتزام، بدون مطبعة، الطبعة الثالثة، 2000، ص237 .

[16] – عمر قريوح، الحماية القانونية لمستهلكي السلع و الخدمات: دراسة مقارنة، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في قانون الأعمال، جامعة محمد الأول بوجدة، السنة الجامعية: 1999-2000، ص85 .

[17] – ونعقب في هذا الشأن على ما نص عليه المشرع المغربي في الفقرة الثانية من المادة 15 من قانون حماية المستهلك التي أحال بمقتضاها على أحكام ق.ل.ع  الفصول من 39 إلى56المتعلقة بعيوب الرضا، حيث اعتبر أنه:”تطبق الأحكام المذكورة كيفما كان شكل أو وسيلة إبرام العقد”، فهو بذلك قد جانب الصواب كونه لم يميز بين نوعية العقود التقليدية منها و الإلكترونية، خاصة و أن هذه الأخيرة ذات طابع خاص و معقد، فإذا كانت نظرية عيوب الرضا تعرف قصورا في حماية المستهلك في العقود التقليدية فما عساها تفعل أمام العقود الإلكترونية. وعليه فقد كان حريا بالمشرع ألا يوحد الأحكام بين مختلف العقود بأن يفرد كل نوع  منها بأحكام تتلاءم مع طبيعتها.

[18]– عمر محمد عبد الباقي، الحماية العقدية للمستهلك:دراسة مقارنة بين الشريعة و القانون، مطبعة القدس، الطبعة الثانية، 2008، ص 120 .

[19] – إيمان بنشانة، المرجع السابق، ص 58 .

[20]– عمر محمد عبد الباقي، المرجع السابق، ص121 .

 

[21] – أسامة عبد الرحمان، نظرية العذر و آثاره على الالتزام التعاقدي: دراسة تفصيلية و تحليلية لنظرية  في القانون المقارن، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية، 1990، ص92 .

[22]– أي أن حسن النية لم يعد مقتصرا على تنفيذ العهد (العقد) كما كان منصوصا عليه قبل التعديل و هو ما نجده في التشريع المغربي من خلال نص الفصل 231 من قانون الالتزامات و العقود”كل تعهد يجب تنفيذه بحسن نية، وهو لا يلزم بما وقع التصريح به فحسب، بل أيضا بكل ملحقات الالتزام التي يقررها القانون أو العرف أو الإنصاف ووفق ما تقتضيه طبيعته”.وعليه فحسن النية أضحى واجبا حتى في مرحلة المفاوضة و التي تسبق إبرام العقد وجعله أيضا مسألة من مسائل النظام العام.وهو ما من شأنه تعزيز الأمن القانوني و ضمان استقرار المعاملات ناهيك عن حساسية هذه المرحلة.

أنظر، رجواني كمال، مستجدات القانون المدني الفرنسي”قراءة في مرسوم 10 فبراير 2016 المعدل لقانون العقود و النظرية العامة للالتزامات و الإثبات”، مجلة القانون و الأعمال،العدد 6، يونيو 2016، ص 39 .

[23] – نزهة الخلدي، الحماية المدنية للمستهلك ضد الشروط التعسفية-عقد البيع نموذجا، أطروحة لنيل الدكتوراه ، جامعة محمد الخامس الرباط، كلية الحقوق أكدال، السنة الجامعية: 2004-2005، ص153 .

[24] – مريم بوحظيش و إبتسام عمارة، حماية المستهلك من الشروط التعسفية في التشريع الجزائري، مذكرة ماجستير في قانون الأعمال، جامعة 8 ماي 1945 قالمة، كلية الحقوق و العلوم السياسية، السنة الجامعية: 2015-2016، ص 103 .

[25]– Héléne Brickes, les clauses sbusives,Paris, L.G.D.J. 1989 , p 25 .

[26] – Hélène Brick, op,cit p 25 .

[27]– مريم بوحظيش، المرجع السابق، بتصرف، ص 94 .

[28] – صدر في هذا السياق،  حكم عن محكمة النقض الفرنسية  خاص بشركة « Chronopost » الصادر بجلسة 22 أكتوبر 1993 في الدائرة التجارية الأولى للنقض الفرنسية، وتتلخص وقائع هذه الدعوى التي كانت محلا للطعن بالنقض، في أن إحدى الشركات المدعوة ب « Banchereau » التي أرادت التقدم بعطاء في إحدى المناقصات و لذلك قامت بإرسال” العطاء” المقدم منها و كافة المستندات اللازمة عبر البريد السريع و ذلك من خلال التعاقد مع شركة وهي شركة « Chronopost » و هي الشركة العاملة في مجال البريد السريع في فرنسا، و تعهدت الشركة الأخيرة بتوصيل الرسالة في ميعاد محدد متفق عليه، غير أن الشركة (كرونوبوست) أخلت بهذا الالتزام – وهو الإلتزام الذي اعتبرته الدائرة التجارية بمحكمة النقض “الالتزام الرئيسي في العقد”، ما أدى إلى تفويت الفرصة على شركة Banchereau في التقدم بعطائها قبل الساعة 12 ظهرا و هو الميعاد الأخير لاستلام العطاءات، حيث قامت شركة كرونوبوست بإيصال “الطرد” في اليوم المحدد و لكن بعد الظهر أي بعد 12 ظهرا، و كان أن ترتب على ذلك استبعاد العطاء المقدم من الشركة لوصوله بعد الميعاد، فأقامت شركة Banchereau دعواها للتعويض الجابر لجميع الأضرار المترتبة عن عدم تقديم العطاء في الميعاد، و من ثم خسارة الشركة للمناقصة، فدفعت شركة كرونوبوست الدعوى برفضها، على أساس وجود شرط بالعقد المطبوع الخاص بتوصيل الطرود يخفف من المسؤولية في حدود قصر التعويض على رد قيمة إرسال الطرد إلى “الراسل” أي تمسكت بوجود شرط يخفف من المسؤولية في حالة  عدم وصول الطرود، في مقابل رد الشركة لمبلغ العقد الخاص بتوصيل الطرود و الرسائل وهو ما رأت معه الشركة المدعية أنه لا يتناسب- بطبيعة الحال- مع الخسارة التي لحقت بها فيما يتعلق بتفويت الفرصة عليها في دخول المناقصة.

بذلك قضت محكمة النقض الفرنسية بأن مثل هذا الشرط يعتبر كأن لم يكن « Non- écrite » و ذلك لإخلاله بالالتزام الرئيسي للشركة، و المتمثل في النقل السريع للطرود و الرسائل و هو ما تكون معه الشركة المدعية مستحقة للتعويض بعد أن قضت المحكمة باعتبار الشرط كأن لم يكن .

حكم محكمة النقض الفرنسية لسنة 1996، أشار إليه محمد أحمد عبد الحميد أحمد، المرجع السابق، ص122-123 .

[29] – عمر محمد عبد الباقي، المرجع السابق، ص 121 .

[30]– “…و كذا انسجاما مع بعض النظريات التي ترى أن الاعتماد على السبب كركن لقيام العقد يجعله يتداخل من حيث الوظيفة مع ركن آخر و هو المحل، خصوصا عند البحث في مسألة سبب العقد و سبب الالتزام ، إذ يمكننا القول أن هذا المقتضى يشكل انتصارا لنظرية الفقيه الفرنسي بلانيول و الذي يعتبر فيها نظرية السبب التقليدية غير صحيحة و غير ذي فائدة”. أنظر: رجواني كمال، المرجع السابق، ص41 .

[31] – نزهة الخلدي، المرجع السابق، ص 156 .

[32] – محمد المسلومي، حماية المستهلك من الشروط التعسفية أثناء التعاقد، مجلة المحاكم المغربية، العدد 100، يناير- فبراير ،2006 ، ص 107 .

[33] – موفق حماد عبد، المرجع السابق، ص276 .

[34] – عامر قاسم أحمد القيسي، المرجع السابق، ص 148-149 .

[35] –  “…ونصه على أجل إظافي طويل لتنفيذ التزامه، و حقه في إبطال العقد دون أساس مادي مبرر، أو في تعديله، آخدا في الاعتبار مصالحه دون الاكتراث، بعدم قبول المستهلك لذلك، وبحقه في المطالبة بتعويضات و مصاريف مبالغ فيها في حالة مطالبة المستهلك بإبطال العقد أو بفسخه، وبحقه في اختيار القانون الأجنبي الواجب التطبيق، أو القانون الوطني الساري المفعول، إذا لم يبرر هذا الاختيار بوجود مصلحة مشروعة”. أنظر: محمد بودالي، المرجع السابق، ص 21 .

[36] –  “…أو حقه في استبعاد أو تحديد الحق في الحبس. و بحرمان المستهلك من خيار اللجوء إلى المقاصة في دين له عليه، خالي من النزاع أو ثابت في سند نهائي. و الإعفاء الكلي أو الجزئي للمحترف من المسؤولية في حالة الخطأ الجسيم أو الخطأ العمد،أو الإهمال الجسيم الصادر عن نائبه أو تابعيه، و استبعاد أو تحديد حق المتعاقد في المطالبة بالتعويضات المستحقة نتيجة التأخير”. أنظر: ،. محمد بودالي، مكافحة الشروط التعسفية في العقود:دراسة مقارنة، دار الفجر للنشر و التوزيع، طبعة 2007. ص 21-22 .

[37] – موفق حماد عبد، المرجع السابق، ص 277 .

[38] -Larromet (ch) droit civil, les obligation. III , Paris, 1986.p 378.

[39] – “الشروط المذكورة بالقائمة الملحقة بقانون الاستهلاك الفرنسي  و التي تعد تعسفية هي:

أ- شرط استبعاد أو تحديد مسؤولية المحترف في حالة وفاة المستهلك أو إصابته بأضرار جسدية بسبب فعل أو إهمال من المحترف.

ب- شرط استبعاد أو تحديد الحقوق القانونية للمستهلك بطريقة غير مقبولة لصالح المحترف أو لصالح طرف آخر في حالة عدم التنفيذ الكلي أو الجزئي أو التنفيذ المعيب من جانب المحترف لأحد التزاماته التعاقدية و يشمل ذلك المقاصة بين دين للمحترف و دين ينشأ في مواجهته.

ج- النص على التزام قاس على عاتق المستهلك في حين أن واجبات المحترف يتوقف تنفيذها على الإرادة المنفردة له.

د- …” .  للتفصيل أنظر، موفق حماد عبد، المرجع السابق، ص. من 279 إلى 281.

[40] – “…الشروط المستثناة من كونها تعسفية هي:

أ- الشروط التي يحتفظ المحترف بمقتضاها بحق إنهاء العقد غير المحدد المدة دون إخطار سابق عند وجود مبرر مقبول بشرط التزام المحترف بإخطار الأطراف المتعاقدة على الفور.

ب-الشروط التي بمقتضاها يحتفظ المحترف لنفسه بحق تعديل سعر الفائدة المستحقة على المستهلك أو المستحقة للمحترف أو المبلغ أو الأعباء المالية الأخرى المتعلقة بخدمات مالية دون إخطار سابق في حالة وجود مبرر مقبول بشرط التزام المحترف بإعلام الطرف أو الأطراف الأخرى المتعاقدة في مدة مناسبة  و أن يكون لهؤلاء حرية الفسخ الفوري للعقد.

د-…”

للتفصيل راجع، عمر محمد عبد الباقي، المرجع السابق، ص 431.

[41] – محمد بودالي، المرجع السابق، ص 35- 36 .

[42] – حمد الله محمد حمد الله، حماية المستهلك في مواجهة الشروط التعسفية في عقود الاستهلاك:دراسة مقارنة، القاهرة، دار الفكر العربي، طبعة 1997.ص 67.

[43]–  حسن عبد الباسط جميعي، أثر عدم التكافؤ بين المتعاقدين على شروط العقد-ظاهرة اختلال التوازن بين الالتزامات التعاقدية في ظل انتشار الشروط التعسفية:دراسة مقارنة ، دار النهضة العربية، القاهرة، طبعة 1996، ص 263.

[44] – عمر محمد عبد الباقي، المرجع السابق، ص 432.

[45] – حيث جاء في المادة 18 من القانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك أنه “… تعتبر الشروط تعسفية إذا كانت تتوفر فيها شروط المادة 15، ويكون الغرض منها أو يترتب عليها ما يلي:

  1. إلغاء أو انتقاص حق المستهلك في الاستفادة من التعويض في حالة إخلال المورد بأحد التزاماته؛
  2. احتفاظ المورد بالحق في أن يغير من جانب واحد خصائص المنتوج أو السلعة المزمع تسليمها أو الخدمة المزمع تقديمها ؛

غير أنه يمكن التنصيص على أنه يجوز للمورد إدخال تغييرات مرتبطة بالتطور التقني شريطة ألا تترتب عليها زيادة في الأسعار أو مساس بالجودة وأن يحفظ هذا الشرط للمستهلك إمكانية بيان الخصائص التي يتوقف عليها التزامه؛

  1. إعفاء المورد من المسؤولية القانونية أو الحد منها في حالة وفاة المستهلك أو إصابته بأضرار جسمانية نتيجة تصرف أو إغفال من المورد ؛
  2. إلغاء حقوق المستهلك القانونية أو الحد منها بشكل غير ملائم إزاء المورد أو طرف آخر في حالة عدم التنفيذ الكلي أو الجزئي أو التنفيذ المعيب من لدن المورد لأي من الالتزامات التعاقدية، بما في ذلك إمكانية مقاصة دين للمورد على المستهلك بدين قد يستحقه هذا الأخير على المورد؛
  3. التنصيص على الالتزام النهائي للمستهلك في حين أن تنفيذ التزام المورد خاضع لشرط يكون تحقيقه رهينا بإرادته وحده ؛
  4. فرض تعويض مبالغ فيه أو الجمع بين عدة تعويضات أو جزاءات عند عدم وفاء المستهلك بالتزاماته؛
  5. تخويل المورد الحق في أن يقرر فسخ العقد إذا لم تمنح نفس الإمكانية للمستهلك، والسماح للمورد بالاحتفاظ بالمبالغ المدفوعة برسم خدمات لم ينجزها بعد عندما يقوم المورد نفسه بفسخ العقد؛
  6. الإذن للمورد في إنهاء العقد غير محدد المدة دون إعلام سابق داخل أجل معقول، ما عدا في حالة وجود سبب خطير؛
  7. تمديد العقد محدد المدة بصفة تلقائية في حالة عدم اعتراض المستهلك، عندما يحدد أجل يبعد كثيرا عن انتهاء مدة العقد باعتباره أخر أجل ليعبر المستهلك عن رغبته في عدم التمديد؛
  8. التأكيد على قبول المستهلك بصورة لا رجعة فيها لشروط لم تتح له بالفعل فرصة الاطلاع عليها قبل إبرام العقد ؛
  9. الإذن للمورد في أن يغير من جانب واحد بنود العقد دون سبب مقبول ومنصوص عليه في العقد ودون إخبار المستهلك بذلك؛
  10. التنصيص على أن سعر أو تعريفة المنتوجات والسلع والخدمات يحدد وقت التسليم أو عند بداية تنفيذ الخدمة، أو تخويل المورد حق الزيادة في أسعارها أو تعريفتها دون أن يكون للمستهلك، في كلتي الحالتين، حق مماثل يمكنه من فسخ العقد عندما يكون السعر أو التعريفة النهائية مرتفعة جدا مقارنة مع السعر أو التعريفة المتفق عليها وقت إبرام العقد؛
  11. تخويل المورد وحده الحق في تحديد ما إذا كان المنتوج أو السلعة المسلمة أو الخدمة المقدمة مطابقة لما هو منصوص عليه في العقد أو في تأويل أي شرط من شروط العقد ؛
  12. تقييد التزام المورد بالوفاء بالالتزامات التي تعهد بها وكلاؤه أو تقييد التزاماته باحترام إجراء خاص؛
  13. إلزام المستهلك بالوفاء بالتزاماته ولو لم يف المورد بالتزاماته ؛
  14. التنصيص على إمكانية تفويت العقد لمورد أخر إذا كان من شأنه أن يؤدي إلى تقليص الضمانات بالنسبة إلى المستهلك دون موافقة منه ؛
  15. إلغاء أو عرقلة حق المستهلك في إقامة دعاوى قضائية أو اللجوء إلى طرق الطعن، وذلك بالحد بوجه غير قانوني من وسائل الإثبات المتوفرة لديه أو إلزامه بعبء الإثبات الذي يقع عادة على طرف آخر في العقد، طبقا للقانون المعمول به …”.

 

[46] – L’article L141-4 dispose que << Le juge peut soulever d’office toutes les disposition du présent code dans les litiges nés de son application >>.

[47]– شايب بوزيان، ضمانات حسن تنفيذ عقد البيع الإلكتروني، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة أبو بكر بلقايد- تلمسان/ كلية الحقوق و العلوم السياسية، السنة الجامعية: 2015-2016.، ص 212.

[48] – عبد الجبار حدوي، الحماية الجنائية للمستهلك في ضوء قانون 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك، المعهد العالي للقضاء، بحث نهاية التمرين، فترة التمرين: 2011-2013، ص 27 .

[49] – [49] – زكرياء خليل، دور جمعيات حماية المستهلكين في تمثيل المستهلكين و الدفاع عنهم بين المقتضيات القانونية و الواقع العملي، مقال منشور ضمن أشغال اليوم الدراسي حول: حماية حقوق المستهلك الاقتصادية و التمثيلية و الإنصات إليه، المنظم من قبل مختبر البحث قانون الأعمال، بكلية الحقوق بسطات، يوم الخميس 14 مارس 2013، مطبعة المعارف الجديدة، طبعة 2015، ص 94، ص 192.

[50] – بوزكري إنتصار، الحماية المدنية للمستهلك في عقد البيع الإلكتروني، مذكرة ماجستير، جامعة الباز 02- سطيف، كلية الحقوق، السنة الجامعية: 2012-2013، ص 40 .

[51] –  مريم بوحظيش و إبتسام عمارة، المرجع السابق، ص 108 .

[52] – أنظر المادة L132-1  من قانون الاستهلاك الفرنسي.

[53] – حيث اعتبرت محكمة النقض الفرنسية في قرار صادر عنها بتاريخ 1994-01-16 بأن القاضي يمكنه تقرير أن الشرط تعسفي دون الاعتماد على مضمون المادة 132 من قانون الاستهلاك، ودون الحاجة إلى الرجوع للمراسيم، وعليه فقد اعتبرت بأنه يعد شرطا تعسفيا الشرط الذي ينص على أنه منذ تسليم المركبة، فإن المشتري تقع على عاتقه الأخطار التي يمكن أن تلحق لا سيما الضياع،السرقة، الخلل الميكانيكي….أنظر: [53] – محمد المسلومي، حماية المستهلك من الشروط التعسفية أثناء التعاقد، مجلة المحاكم المغربية، العدد 100، يناير- فبراير ،2006 ، ص 107 .

[54] – بأن جاء في نص المادة 149 من القانون المدني المصري أنه”إذا تم العقد بطريقة الإذعان و كان قد تضمن شروطا تعسفية جاز للقاضي أن يعدل هذه الشروط أو أن يعفي الطرف المذعن منها، وذلك وفقا لما تقضي به العدالة. و يقع باطلا كل إتفاق على خلاف ذلك”.

[55] – حيث جاء في المادة 473 من ق.ل.ع. أنه”عند الشك، يؤول الالتزام بالمعنى الأكثر فائدة للملتزم”.

[56] – راجع، المادتان 150 و 151 من القانون المدني المصري.

[57] – حيث جاء في نص المادة 17 من ق.ح.م. رقم 31.08 بأنه” لا يشمل تقدير الطابع التعسفي لشرط من الشروط، حسب مدلول المادة 16، تحديد المحل الأساسي من العقد ولا ملاءمة السعر للسلعة المبيعة أو الأجرة للخدمة المقدمة ما دامت الشروط محررة بصورة واضحة ومفهومة”.

 

[58] – حيث نصت المادة 19 من قانون حماية المستهلك 31.08 أنه: “يعتبر باطلا و لاغيا الشرط التعسفي الوارد في العقد المبرم بين المورد و المستهلك.

تطبق باقي مقتضيات العقد الأخرى إذا أمكن أن يبقى العقد قائما بدون الشرط التعسفي المذكور”.

 

[59] –  وفي هذا الصدد يرى البعض أنه: لا يجب أن يؤدي ذلك إلى بطلان الالتزام  ككل إلا إذا لم يكن بالإمكان أن يبقى العقد قائما بدون الشرط المذكور، وفي ذلك لربما إعمال من قبل المشرع المغربي لنظرية إنقاص العقد، حيث إنه و بحسب هذه الأخيرة ما لا يدرك كله لا يترك كله تبعا للقاعدة الفقهية ذات الصلة. أنظر: عمر أنجوم، حماية المستهلك في عقد الاستهلاك المبرم عن بعد، مجلة القانون المدني، العدد الثالث، 2016 ، ص 139 .

[60] – عبد الجبار حدوي، المرجع السابق، ص 39 .

[61] – محمد المهدي، دور جمعيات المجتمع المدني في حماية المستهلك في ضوء القانون 31.08، المجلة المغربية للحكامة القانونية و القضائية، العدد الثاني، 2017، ص 13.

[62] – التي جاءت تحت عنوان حدود نشاط الجمعية، ونصت بأنه” يجب على الجمعية أن تحافظ على الحياد التام تنفيذا لأهدافها المنصوص عليها في قانونها الأساسي، كما يحظر عليها الخوض في أي نقاش سياسي أو ديني، و ربط أي شراكات أو تعاون أو هما معا موردي السلع أو المنتوجات أو الخدمات، كما يمنع عليها القيام بأي حملة تواصلية تجارية لفائدة سلعة أو منتوج أو خدمة”.

[63] – المرسوم المتعلق بتحديد النظام الأساسي النموذجي لجمعيات حماية المستهلك التي يمكن الاعتراف لها بصفة المنفعة العامة، ج ر، عدد 6107، بتاريخ 10 دجنبر 2012 .

[64] – حيث أكد المشرع إمكانية الاعتراف لجمعيات حماية المستهلك بصفة المنفعة العامة متى استوفت شروطا معينة، على أنه و متى حصلت على تلك الصفة فإنها تصبح ملزمة بضرورة التكتل في إطار جامعة و طنية لحماية المستهلك بحيث تخضع لأحكام القانون المتعلق بحق تأسيس الجمعيات، وبالتالي يمكنها رفع دعاوى قضائية، أو التدخل في الدعاوى الجارية، أو أن تنصب نفسها طرفا مدنيا أمام قاضي التحقيق، للدفاع عن مصالح المستهلك، أو ممارسة كل الحقوق المخولة للطرف المدني و المتعلقة بالأفعال و التصرفات التي تلحق ضررا بالمصلحة الجماعية. أما الجمعيات غير المعترف لها بصفة المنفعة العامة، فلا يمكن أن تضطلع بذلك الدور التمثيلي أمام القضاء إلا بعد حصولها على إذن خاص بالتقاضي من الجهة المختصة بذلك .

[65] – إيمان بنشانة، المرجع السابق، ص 89 .

[66] – زكرياء خليل، دور جمعيات حماية المستهلكين في تمثيل المستهلكين و الدفاع عنهم بين المقتضيات القانونية و الواقع العملي، مقال منشور ضمن أشغال اليوم الدراسي حول: حماية حقوق المستهلك الاقتصادية و التمثيلية و الإنصات إليه، المنظم من قبل مختبر البحث قانون الأعمال، بكلية الحقوق بسطات، يوم الخميس 14 مارس 2013، مطبعة المعارف الجديدة، طبعة 2015، ص 94 .

[67] – إيمان بنشانة، المرجع السابق، ص 96 .

[68] –  حيث جاء في المادة الأولى من الباب الأول المعنون ب( اختصاصات المجلس الاستشاري الأعلى للاستهلاك) لمشروع مرسوم إحداث المجلس الاستشاري الأعلى للاستهلاك أن من بين اختصاصات المجلس”… الإدلاء بآراء استشارية في القضايا العامة أو الخاصة المتعلقة بالدفاع عن حقوق المستهلك، وحمايتها و احترامها و تعزيزها”، ومن خلال إمعان النظر في صياغة هذه الفقرة نجد أنه تم استخدام لفظ “الدفاع”، و لعل ذلك يوحي إلى إمكانية الدفاع عن حقوق المستهلك أمام القضاء عبر الاستشارة التي يقدمها إن تطلب الأمر ذلك .

[69] – عمر انجوم، المرجع السابق، ص 142 .