اختصاصات المحكمة الدستورية  بالمغرب

31 مايو 2020
اختصاصات المحكمة الدستورية  بالمغرب

اختصاصات المحكمة الدستورية  بالمغرب

مقدمة :

تزامنا مع مرور ما يسمى بالربيع العربي شهدت بعض الدول العربية حراكا اجتماعيا، فالمغرب بدوره نال نصيبه من هذا الحراك، الشيء الذي تفاعلت معه الدولة المغربية، من خلال اجراء تعديل دستوري الذي تم تتويجه بدستور يوليوز 2011، جاء بتعديلات واصلاحات مهمة على مختلف المجالات، ومن أهم المتغيرات التي تم ادراجها في النص الدستوري هو الارتقاء بالمجلس الدستوري المغربي إلى محكمة دستورية، هذه الأخيرة خصص لها باب كامل من الدستور( الباب الثامن)، فأبرز مهمة تمارسها المحكمة الدستورية هي الرقابة على دستورية القوانين من خلال النظر في مدى مطابقة التشريعات لأسمى تشريع ألا وهو الدستور، كما تم إدراج اختصاصات جديدة في مجال الرقابة على دستورية القوانين، وكذلك اختصاص الدفع بعدم دستورية القوانين ( الفصل 133 من الدستور) لما له من ارتباط وطيد بحماية الحقوق والحريات التي يكفلها الدستور.

فمن خلال هذا الموضوع يمكننا طرح الإشكال التالي:

إلى أي حد تساهم اختصاصات ومهام المحكمة الدستورية في الحفاظ على سمو الدستور والتوازنات وتكريس الأمن القانوني للبلد ؟

ومن خلال هذا الموضوع يمكن طرح التساؤلات التالية :

ماهي الحالات التي تلزم  المحكمة الدستورية ممارسة الرقابة الدستورية على القوانين بطريقة وجوبية  ؟

وفي أي حالة يمكن للمحكمة الدستورية ممارسة الرقابة الدستورية بطريقة اختيارية؟

فما هي الحالات التي تمارس المحكمة الدستورية من خلالها الرقابة القبلية ؟           وماهي الحالات التي يمكن من خلالها تمارس المحكمة الدستورية المراقبة البعدية ؟

المبحث الأول : اختصاصات المحكمة الدستورية

تقرر إحداث المحكمة الدستورية بالمغرب بمقتضى دستور 2011 (الفصل 129)، وتمارس المحكمة الدستورية الاختصاصات المسندة إليها بفصول الدستور، وبأحكام القوانين التنظيمية، وتبت بالإضافة إلى ذلك في صحة انتخاب أعضاء البرلمان وعمليات الاستفتاء، لا يمكن للمحكمة الدستورية أن تمارس أي رقابة كيفما كان نوعها دون أن تكون مسندة إليها صراحة بموجب من الدستور أو القوانين التنظيمية المنبثقة عنه .[1]

وتعد المراقبة الدستورية أهم اختصاص تمارسه المحكمة الدستورية، ويتعلق الأمر هنا بالتأكد من مطابقة النصوص التشريعية والأنظمة الداخلية لمجلسي البرلمان وبعض المؤسسات الدستورية المنظمة بموجب قوانين تنظيمية ، وكذا الالتزامات الدولية للدستور، وهذه المراقبة قد تكون قبلية أو لاحقة.

المطلب الأول : المراقبة القبلية

 تكون هذه المراقبة إلزامية فيما يخص القوانين التنظيمية، التي تحال إلى المحكمة الدستورية بعد مصادقة البرلمان عليها وقبل إصدار الأمر بتنفيذها ( وذلك بصفتها تشكل تتمة للدستور)، وكذلك الأنظمة الداخلية لبعض المؤسسات الدستورية، إذ تحال الأنظمة الداخلية، لكل من مجلس النواب، ومجلس  المستشارين، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والمجالس المنظمة بقانون تنظيمي، إلى المحكمة الدستورية قبل الشروع في تطبيقها ( الفصل 132 ) ،[2] لا يمكن إصدار القوانين التنظيمية، إلا بعد أن تصرح المحكمة الدستورية بمطابقتها للدستور.[3] بالتالي فجميع القوانين التنظيمية تحال إجباريا على المحكمة الدستورية قبل إصدار الأمر بتنفيذها للنظر في مدى مطابقتها للدستور.

أما بخصوص مراقبة دستورية الأنظمة الداخلية للبرلمان فينص الفصل 69 من الدستور على أن النظام الداخلي الذي يضعه كل من مجلسي البرلمان ويقره بالتصويت لا يجوز العمل به إلا بعد أن تصرح المحكمة الدستورية بمطابقتها لأحكام الدستور، والأمر الذي أكده الفصل 132 من الدستور، هذا وقد صدر عن كل من الغرفة الدستورية والمجلس الدستوري 39 قرارا بشأن مطابقة دستورية الأنظمة الداخلية لمجلسي البرلمان، وذلك منذ سنة 1963، تاريخ صدور أول مقررين بشأن النظامين الداخليين لكل من مجلس النواب ومجلس المستشارين، إلى غاية 21 يوليو2014، تاريخ صدور آخر قرار بهذا الشأن.[4]

وفيما يخص مطابقة الأنظمة الداخلية للمجالس البرلمانية للدستور، تتم بإحالة وجوبية قبل الشروع في العمل بها، فقد نص الفصل 132 على إلزامية إحالة الأنظمة الداخلية للبرلمان للنظر في مطابقتها في الدستور، كما أن المادة 22 من القانون التنظيمي للمحكمة الدستورية بين شروط ومسطرة تفعيله فنصت ” يحيل رئيسا مجلس النواب ومجلس المستشارين على الفور النظام الداخلي لمجلس النواب والنظام الداخلي لمجلس المستشارين المذكورين، قبل الشروع في تطبيقهما، إلى المحكمة الدستورية قصد البت في مطابقتها للدستور “.[5]

فالاختصاص الجديد هنا هو مراقبة الأنظمة الداخلية للمجالس المنظمة بموجب قوانين تنظيمية، نصت المادة 22 من القانون التنظيمي رقم 13_066 على أنه “تحال باقي الأنظمة الداخلية للمجالس المنظمة بموجب قوانين تنظيمية إلى المحكمة الدستورية للبت في مطابقتها للدستور، من لدن رئيس كل مجلس “.[6]

أما بخصوص سياسة القضاء الدستوري في مادة مراقبة دستورية الأنظمة الداخلية للمجالس البرلمانية تقوم على توجهين رئيسيين هما : المحافظة على الامتيازات الدستورية للحكومة التي تضمن استقرارها، وحماية حقوق البرلمانيين الجماعية والفردية باعتبارهم ممثلين للأمة يجسدون السلطة التشريعية .[7]

إذن نلاحظ طبقا لهذه الفقرة المشرع أضاف إلى جانب النظامين الداخليين لمجلسي البرلمان، الأنظمة الداخلية للمجالس المنظمة بموجب قوانين تنظيمية لتخضع بدورها لرقابة المحكمة الدستورية، كالأنظمة الداخلية لكل من المجلس الأعلى للسلطة القضائية والمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ومجلس الوصاية على العرش، حيث وسع المشرع من قاعدة اختصاص المحكمة بدل الاقتصار على أنظمة البرلمان فقط، وهي إضافة مهمة بالمقارنة مع اختصاصات المجلس الدستوري .[8]

أما بخصوص المراقبة الاختيارية فتشمل :

– القوانين، و يمكن أن تحال من لدن الملك أو رئيس الحكومة أو رئيس مجلس النواب أو رئيس مجلس  المستشارين، أو خمس أعضاء المجلس الأول، أو أربعين عضوا من أعضاء المجلس الثاني قبل دخولها حيز التنفيذ.[9]

– الالتزامات الدولية،  تختص المحكمة الدستورية بالبت في مدى مطابقتها للدستور، وإذا صرحت بأن  التزاما دوليا يتضمن بندا يخالف هذا الأخير، فإنه لا يمكن المصادقة عليه.[10]

بالتالي يتبين أن كل من الفصل 55 من الدستور والمادة 24 من القانون التنظيمي للمحكمة الدستورية أضافوا اختصاص جديد وجد مهم وهو اخضاع المعاهدات الدولية لمراقبة المحكمة الدستورية، والحق في إحالتها إلى المحكمة الدستورية قصد البت في طابقتها للدستور .

والجدير بالذكر، أن مجال المعاهدات يعتبر من المجالات الخاصة بالملك، فهو المختص دستوريا بالتوقيع والمصادقة عليها، حيث يعتبر هذا الاختصاص من أهم الاختصاصات الملكية ، لكن هناك نوع من المعاهدات تتطلب المصادقة عليها الحصول مسبقا على الموافقة عليها بقانون وهي التي تهم السلم أو الاتحاد أو المعاهدات التي تؤدي الى إحداث تكاليف مالية على ميزانية الدولة أو المعاهدات الخاصة بحقوق وحريات الأفراد .

وتتمثل أهمية مراقبة الالتزامات الدولية، من معاهدات واتفاقيات بشكل أساسي وبصفة عامة، في التأكد من عدم تعارضها وتناقضها مع الدستور والقوانين الداخلية، خاصة عدم تعارضها وتناقضها مع الثوابت الوطنية المنصوص عليها دستوريا [11]، كمسها بالنظام الملكي أو الوحدة الترابية للمملكة أو بالدين الإسلامي، لكن في حالة خلو هذه الثوابت، فإن المغرب ملزم بأقلمة قوانينه معها، وذلك استجابة لالتزاماته اتجاه المنتظم الدولي، من دول ومنظمات دولية، خاصة في مجال الديموقراطية وحقوق الانسان .[12]

يستفاد من الرقابة على مطابقة الالتزامات الدولية لنص الدستور كونها رقابة اختيارية وليس هناك الزام للأطراف التي لها الحق في الإحالة على إحالة التزام دولي على المحكمة الدستورية للنظر في مطابقته للدستور .[13]

المطلب الثاني : المراقبة اللاحقة

وتشمل : – نظر المحكمة في كل دفع متعلق بعدم دستورية قانون إذا ما أثير أثناء النظر في دعوى قائمة أمام القضاء ودفع أحد الأطراف بأن القانون الذي سيطبق في النزاع يمس بالحقوق والحريات التي يضمنها الدستور.[14]

– البت في كل ملتمس حكومي يرمي إلى تغيير النصوص التشريعية من حيث الشكل بمرسوم إذا كان مضمونها يدخل في مجال من المجالات التي تمارس فيها السلطة التنظيمية اختصاصها.

تجدر الاشارة أن من بين أهم المقتضيات الواردة في دستور المملكة 2011 ما نص عليه الفصل السادس من الفقرة الثالثة “تعتبر دستورية القواعد القانونية ، وتراتبيتها،….مبادئ ملزمة “. [15]

لا يمكن للحكومة أن تشرع بمرسوم في مجال القانون إلا بعد حصولها على ترخيص من البرلمان أو أحد البنيات / الأجهزة التابعة له ، فقد يأذن لها البرلمان (الفصل 70 الفقرة الثانية) كما قد تحصل على موافقة من اللجان التي يعنيها الأمر ( الفصل 81) وذلك كله وفق شروط واجراءات محددة، وإذا أرادت أن تغير نصا تشريعيا “نافذا” بمرسوم فما عليها إلا  أن تحصل بناء على الفصلين 177 و 73 من دستور المملكة المغربية ل 2011 على موافقة من المحكمة الدستورية “، كما أن التنظيم في غالبيته يخضع لرقابة القضاء، أما القانون فلا يخضع إلا لرقابة القضاء الدستوري . [16]

إن القراءة الحرفية للفصل 6 الفقرة 3 من دستور 2011، التي تتطرق لدستورية وتراتبية القواعد القانونية تعطي انطباعا أن لكل قاعدة قانونية  مجالها الخاص بها غير أن الممارسة واجتهادات المجلس الدستوري تثبتان أنه وإن كان لا يمكن لقاعدة قانونية أدنى أن تتوغل بالتشريع في مجال قاعدة قانونية أعلى منها  ف “ليس فيها ما يخالف الدستور ” إن تدخلت قاعدة قانونية أعلى في قاعدة قانونية أدنى منها .[17]

–  مراقبة صحة إجراءات مراجعة الدستور وإعلان نتيجتها :

تم تمكين المحكمة الدستورية من اختصاص جديد لم يكن ضمن صلاحيات المجلس الدستوري ألا وهو مراقبة صحة إجراءات هذه المراجعة، وإعلان نتيجتها، حيث نص الفصل 174 في فقرته الثانية من الدستور على أن “الملك بعد استشارة رئيس المحكمة الدستورية، أن يعرض بظهير، على البرلمان، مشروع مراجعة بعض مقتضيات الدستور[18]، حيث يصادق البرلمان المنعقد، بدعوة من الملك، في اجتماع مشترك لمجلسيه، على مشروع هذه المراجعة، بأغلبية ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم ” .[19]

ولتفعيل هذا النوع من الرقابة الجديدة، نصت المادة 42 من القانون التنظيمي للمحكمة الدستورية على أن هذه الأخيرة تتولى مراقبة صحة اجراءات المراجعة الدستورية التي تعرض بظهير على البرلمان، وتعلن نتيجتها .[20]

 – مراقبة صحة الانتخابات البرلمانية وعمليات الاستفتاء:

تقوم المحكمة الدستورية بالفصل في المنازعات الانتخابية وفقا لمقتضيات الفصل 132 من الدستور الفقرة الأخيرة حيث تؤكد على أن المحكمة الدستورية ” تبت في الطعون المتعلق بانتخاب أعضاء البرلمان داخل أجل سنة ابتداء من تاريخ انقضاء أجل تقديم الطعون اليها”.[21]  ولها أن تقضي إما بعدم قبول عرائض الطعن أو برفضها، وإما ببطلان الانتخابات جزئيا أو كليا مع إمكان تصحيح نتائجها. 

وتستند في ذلك إلى عدد من المقتضيات القانونية المتفرقة بين فصول الدستور ومواد القوانين التنظيمية الخاصة بالمحكمة الدستورية ومجلس النواب، ومجلس المستشارين والأحزاب السياسية وكذا مدونة الانتخابات بمختلف نصوصها، وتتيح القرارات الصادرة عن هذه المحكمة بشأن المنازعات الانتخابية بلورة العديد من المبادئ القانونية وتوضيح وتدقيق العديد من القواعد المسطرية والجوهرية التي تشكل الملامح الكبرى للقضاء الدستوري الانتخابي في بلادنا .[22]

هناك العديد من القرارات المتعلقة بالمنازعات الانتخابية فقد أشار السيد رئيس المجلس الدستوري محمد أشركي سابقا بأن القضاء الدستوري بالمغرب مطبوع بغلبة المنازعات الانتخابية، الشيء الذي يشكل تضخم في المنازعات داخل المجلس .[23]

من خلال هذا الجدول قمنا بجرد لحصيلة القرارات الصادرة عن المجلس الدستوري منذ سنة 1994 الى سنة 2016  في مجال الفصل في المنازعات الانتخابية وهي كالتالي:

السنة عدد قرارات المجلس الدستور  
1994 44  
1995 30  
1996 14  
1997 03  
1998 128  
1999 84  
2000 55  
2001 25  
2002 18  
2003 48  
2004 37  
2005 12  
2007 31  
2008 42  
2009 50  
2010 22  
2011 03  
2012 73  
2013 07  
2014 03  
2015 01  
2016 01  
مجموع القرارات هو 731 قرار في المنازعات الانتخابية .  
الاعداد شخصي استنادا إلى حصيلة قرارات المجلس الدستوري في المادة الانتخابية[24]

 

كما تتولى المحكمة مراقبة صحة الإحصاء العام للأصوات المدلى بها في الاستفتاء وتعلن بقرار عن نتائجه النهائية .[25]

–  البت في الخلاف بين البرلمان والحكومة:

– تبت المحكمة في الخلاف الذي يحدث بين البرلمان والحكومة بطلب من أحد رئيسي مجلسي البرلمان  أو من رئيس الحكومة، إذا دفعت الحكومة بعدم قبول كل مقترح أو تعديل ترى أنه لا يدخل في مجال القانون.[26]

– كما يحق لها أن تبت في الخلاف الذي قد يقع بشأن تطبيق أحكام القانون التنظيمي المتعلق بطريقة تسيير اللجان النيابية لتقصي الحقائق، خاصة إذا كان ذلك الخلاف يحول دون السير العادي لأعمال إحدى اللجان.

 

– المهام الاستشارية لرئيس المحكمة الدستورية

يستشير الملك رئيس المحكمة الدستورية في حالة اعتزام الملك إعلان حالة الاستثناء بظهير[27]، أو حل مجلسي البرلمان أو أحدهما، أو عرض مشروع مراجعة بعض أحكام الدستور على البرلمان.[28]

كما يستشار رئيس المحكمة الدستورية من طرف رئيس الحكومة إذا ما اعتزم هذا الأخير حل مجلس النواب بمرسوم.[29]

كذلك يعمل مجلس الوصاية كهيئة استشارية بجانب الملك حتى يدرك تمام السنة العشرين من عمره ، ويرأس مجلس الوصاية رئيس المحكمة الدستورية .[30]

المطلب الثالث :  الاجراءات المسطرية وحجية قرارات المحكمة الدستورية
الفقرة الأولى : الاجراءات المسطرية

تتميز المسطرة أمام المحكمة بكونها كتابية [31]، وجلساتها غير علنية،[32] ما لم ينص قانون تنظيمي على خلاف ذلك، ويجوز لها الاستماع إلى المعنيين بالأمر بحضور دفاعهم أو أي شخص من ذوي الخبرة. ولها أن تأمر بإجراء تحقيق بشأن ما يعرض عليها من منازعات في الطعون الانتخابية، مع تكليف عضو أو أكثر من أعضائها للانتقال إلى عين المكان إذا ما اقتضت ضرورة التحقيق ذلك.

تبت المحكمة في الإحالات المتعلقة بمطابقة القوانين التنظيمية والقوانين والأنظمة الداخلية لمجلسي البرلمان والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي داخل أجل شهر من تاريخ الإحالة، وفي غضون 8 أيام في حالة الاستعجال بطلب من الحكومة. 

تكون مداولات المحكمة صحيحة إذا حضرها تسعة من أعضائها على الأقل، كما تتخذ قراراتها بأغلبية ثلثي الأعضاء الذين تتألف منهم، يتم البت في حالات الدفع بعدم القبول التشريعي في أجل 8 أيام، كما تبت المحكمة في جميع الطعون المتعلقة بالانتخابات التشريعية داخل أجل سنة، يمكن تجاوزها بموجب قرار معلل.[33]

الفقرة الثانية : حجية قــــرارات المحكمــة الدستوريـــة

فتصدر قرارات المحكمة الدستورية باسم الملك وطبقا للقانون، وتتضمن في ديباجتها بيان النصوص التي تستند عليها، كما تكون معللة وموقعة من قبل الأعضاء الحاضرين بالجلسة التي صدرت خلالها.

قرارات المحكمة لا تقبل أي طريق من طرق الطعن، وتلزم كل السلطات العامة وجميع الجهات الإدارية والقضائية،[34] كما أنها تنشر بالجريدة الرسمية للمملكة.

يحول نشر قرار المحكمة القاضي بعدم مطابقة مادة من قانون تنظيمي أو قانون أو نظام داخلي أو بندا من التزام دولي للدستور دون إصدار الأمر بتنفيذ هذه القوانين أو تطبيق هذه الأنظمة، ودون المصادقة على هذا الالتزام الدولي إلا بعد مراجعة الدستور.[35]

فكل القرارات التي تتخذها المحكمة الدستورية قرارات تتوفر على” قوة الشيء المقضي به”، و”تكتسي حجية مطلقة “، سواء تعلقت بمراقبة الدستورية ومن ضمنها مطابقة النظام الداخلي لمجلسي البرلمان للدستور، أو تعلقت بالمنازعات الانتخابية .[36]

واستنادا إلى الحجية المطلقة التي تكتسيها قراراته، صرح المجلس الدستوري بأن الأحكام، سواء المأخوذة بنصها أو بمضمونها من النظام الداخلي الجاري به العمل، التي سبق له أن صرح بمطابقتها للدستور، لا محل لإعادة فحص دستوريتها .

كما أنه، مع مراعاة للحجية نفسها، صرح المجلس الدستوري أن حجية قراراته لا تقتصر على النص الذي صدرت في شأنه بل تمتد إلى أي نص آخر تجمعه وإياه وحدة الموضوع والسبب، وقد ورد هذا التصريح بخصوص أحكام وردت في النظام الداخلي لمجلس النواب سبق للمجلس الدستوري أن قضى بمطابقة مضمونها للدستور.[37]

كما أن قرار المجلس الدستوري رقم 408 بتاريخ 29 أغسطس 2000 ، “…اعتبر أن قرارات المجلس الدستوري لا تقبل أي طريق من طرق الطعن … الأمر الذي يضفي على هذه القرارات حجية مطلقة ويحول وبالتالي دون إعادة النظر فيها” .[38]

كما أكد ذلك عضو المجلس الدستوري سابقا الدكتور رشيد المدور واعتبر أن قرارات المجلس هي محصنة غير قابلة للطعن وهنا تتجلى الطبيعة السياسية لقرارت القضاء الدستوري، فيجب الحسم لأنه يمكن للبلد أن تقف على قضية معينة تنتظر حكم القضاء الدستوري لكي تنطلق الأمور، كما أن قرارات القضاء الدستور لا يعني أنها معصومة من الأخطاء لأن من يقررها بشر، فالمشرع يهيئ الظروف لتكون قراراتها أقرب إلى الصواب وإلى الصحة ما أمكن.[39]

خلاصة عامة

نستنتج بأن بالمحكمة الدستورية المحدثة بموجب دستور 2011، والتي حصلت في ثناياها توجها جديدا انطلاقا من فصول الدستور، حيث توسعت صلاحيات المحكمة الدستورية مقارنة بالمجلس الدستوري السابق، ومن بين أبرز الاختصاصات الجديدة اختصاص الدفع بعدم الدستورية الذي يعد آلية مهمة للرقابة البعدية، وتتميما لتنزيل مقتضيات الدستورية فقد تم إخراج القانون التنظيمي المتعلق بالمحكمة الدستورية إلى الوجود في انتظار صدور مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالدفع بعدم دستورية القوانين، إذ يتوقع العديد من الباحثين والمهتمين بمجال الرقابة على دستورية القوانين نجاح هذه التجربة الرقابية  شريطة توفير الظروف والإمكانيات اللازمة لسير المحكمة الدستورية، معتبريها مؤسسة دستورية عتيدة، تضمن الحريات والحقوق للأفراد عبر إمكانية الأشخاص بالدفع بعدم دستورية القوانين الماسة بحقوقهم وحرياتهم .

الإحالات

[1] رشيد المدور، اشكالية النظام الداخلي للبرلمان في ضوء الدستور ، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية ،عدد 111 ، الطبعة الأولى، 2016، ص 201 .

 [2] دستور المملكة المغربية ،ظهير شريف رقم 1.11.91  صادر في 27 من شعبان 1432 (29 يوليو 2011)،بتنفيذ نص الدستور، الفصل 132 .

[3]  الفقرة الأخيرة من الفصل 85 ، دستور 2011 .

[4]  رشيد المدور، مرجع سابق،  ص 182 .

[5]  نفس المرجع السابق ، ص 183 .

[6] الظهير الشريف رقم 139141 بتاريخ 16 شوال 1435 الموافق 13 غشت 2014 بتنفيذ القانون التنظيمي         رقم 13-066 المتعلق بالمحكمة الدستورية ، الجريدة الرسمية عدد 6288 بتاريخ 8 ذو القعدة 1435 شتنبر 2014، المادة 22 .

[7]  رشيد المدور ، مرجع سابق ، ص 275 .

[8]  طارق تلمساني ، القضاء الدستوري بالمغرب المحكمة الدستورية والنظم الرقابة على دستورية القوانين مجلة مسالك في الفكر والساسة والاقتصاد ،مطبعة النجاح الجديدة ، الدار البيضاء ، العدد 37-38 ، 2016 ، ص 76 .

[9]  الفقرة 3 ، الفصل 132 ، دستور 2011 .

[10]  الفقرة الأخيرة من الفصل 55 ، من دستور 2011 .

[11]  حسب الفقرة الأخيرة من المادة 27 من القانون التنظيمي رقم 13-066 المتعلق بالمحكمة الدستورية ، إذا صرحت المحكمة الدستورية أن التزاما دوليا يتضمن بند يخالف الدستور ، فإنه لا يمكن المصادقة عليه .

[12]  طارق التلمساني ، مرجع سابق ، ص 77 .

[13]  نفس المرجع السابق ، ص 80 .

[14]  الفصل 133  ، دستور 2011 .

[15]  الفقرة الثالثة ، الفصل 6 ، دستور 2011 .

[16]  عثمان الزياني ، تطور القضاء الدستوري بالمغرب ، البنية والوظائف ،منشورات مجلة الحقوق  ، دار نشر المعرفة ، الرباط ، المغرب ، طبعة 2017 ، ص 111.

[17]  مرجع سابق، ص 123 .

[18]  طارق التلمساني ، مرجع سابق ، ص 78 .

[19]  الفصل 174 من دستور المملكة المغربية 2011 .

[20]  المادة 42 من القانون التنظيمي للمحكمة الدستورية رقم 13_066

[21]  الفصل 132 من دستور 2011 .

[22]  دليل المنازعات الانتخابية ، المعين في المنازعات الانتخابية البرلمانية ، فريق العدالة والتنمية ، شتنبر 2016 ، ص 05.

[23]  مقابلة مع السيد محمد أشركي ، رئيس المجلس الدستوري ،المجلس الدستوري ، يوم 30 ماي 2016 .

[24]  الموقع الالكتروني الرسمي للمحكمة الدستورية  :    http://www.cour-constitutionnelle.ma/ar/ تاريخ الاطلاع ، 18/05/2017 ، لائحة بعدد القرارات المتعلقة بالفصل في المنازعات الانتخابية

[25]  الفقرة الأولى من الفصل 132 من دستور المملكة المغربية 2011 .

[26]  الفصل 79 من دستور 2011 .

[27]  الفصل 59 من دستور 2011

[28]  الفصل 96 من دستور 2011 .

[29]  الفصل 104 من دستور 2011 .

[30]  الفصل44 من دستور 2011 .

[31]  المادة 34 من القانون التنظيمي للمحكمة الدستورية

[32]  المادة 18 من القانون التنظيمي للمحكمة الدستورية  .066.13

[33]  الموقع الالكتروني الرسمي للمحكمة الدستورية  :    http://www.cour-constitutionnelle.ma/ar/ تاريخ الاطلاع ، 16/05/2017

[34]  الفصل 134 من دستور 2011 .

[35]  الموقع الالكتروني الرسمي للمحكمة الدستورية  :    http://www.cour-constitutionnelle.ma/ar/ تاريخ الاطلاع ، 16/05/2017 .

[36]  رشيد المدور ، الأنظمة الداخلية للبرلمان ، مرجع سابق ، ص 245 .

[37]  نفس المرجع السابق ، ص 245 .

[38]  قرار المجلس الدستوري ، رقم 408 أغسطس 2000 .

[39]  ندوة منظمة من ماستر القانون العام الداخلي وتنظيم الجماعات الترابية ، تطور القضاء الدستوري “قراءة مقارنة “،يوم السبت فاتح أبريل 2017 الساعة 9 صباحا ،جامعة القاضي عياض مراكش .