السند القانوني لمنح الجمعيات صفة الادعاء في دعاوى حماية المستهلك

18 يونيو 2020
السند القانوني لمنح الجمعيات صفة الادعاء في دعاوى حماية المستهلك

السند القانوني لمنح الجمعيات صفة الادعاء في دعاوى حماية المستهلك

 

لا يصح التقاضي إلا من ذي مصلحة وصفة في التقاضي بالإضافة إلى احترام الأجل القانوني لكل دعوى ثم شروط المقال الافتتاحي بدءًا بالأهلية اللازمة لتحرير مقال الخصومة ثم تبيان أطراف الخصومة وأساسها الواقعي والقانوني في حالة وجوده ثم التعريج صوب المطالب.
لا يخفى على أحد من الممارسين هذه الشروط التي في حالة عدم توفرها قد تنهي الخصومة قبل البدء في تصفح طياتها.
بالتالي كان لزاما على المتقاضي وبالضبط الممارس أن يتوخى الحذر من كل دعوى وما يستلزمها من شروط خاصة علاوة على الشروط العامة الواجب توفرها في كل دعوى وإلا كان المآل عدم قبولها من الأساس ويتعلق الأمر بالدرجة الأولى بصفة الإدعاء وبتعبير أدق، من أنت حتى تدعي حقا لك أو لغيرك؟

الصفة كما عرفها الفقه (1) هي ولاية مباشرة الدعوى وهي الصفة التي يتحلى بها طالب الحق في إجراءات الخصومة يستمدها المدعي من كونه صاحب الحق أو خلفا له أو نائبه القانوني.
وبعبارة أخرى، إن صفة الإدعاء تثبت لصاحب الحق نفسه، كما هو الشأن بالنسبة للدائن الذي يحق له رفع دعواه ضد المدين عن دينه الثابت والحال، أو من له صفة الإدعاء و الذي يمكن أن يكون النائب الشرعي عن فاقد الأهلية أو ناقصها أو أحد الورثة في الحالة التي ينتصب فيها خصماً عن الباقين بصفته ممثلاً لهم أو وكيل صاحب حق ما، أو الممثل القانوني للشخص الاعتباري سواء أكان شخصا اعتباريا خاصا أو شخصا اعتباريا عاما .(2)

وفي بعض الأحيان يتم التنصيص على بعض الأشخاص التي يعطيها القانون حق الترافع و التمثيل أمام القضاء و بقوة القانون من أجل مصالح معينة و لأشخاص محددة كما هو منصوص على ذلك في الفصل 33 من قانون المسطرة المدنية.
وفي بعض الأحيان يمنح المشرع صفة الإدعاء لأشخاص بعيدين عن المذكورين في الفصل 33 كما هو الحال بالنسبة للجمعيات التي تسعى للمنفعة العامة كما هو الحال بالنسبة لحماية المستهلك وسنرى بأن المشرع تخلى عن هذا الشرط الأخير ليمنح صفة الإدعاء بدون منفعة عامة فقط إذا كان المدعي مستهلكا.

حيث إن المشرع يعطي للجمعيات التي تهتم بحماية المستهلك -حق الترافع- على مصالح المستهلك أمام القضاء و يمكنها أن تتدخل في الدعوى و إن كانت جارية أمام القضاء و يمكنها أيضاً- أي جمعيات حماية المستهلك- أن تنصب نفسها كطرفاً مدنياً أمام قاضي التحقيق، كما نصت على ذلك المادة 157 من قانون تدابير حماية المستهلك.
” يمكن للجامعة الوطنية ولجمعيات حماية المستهلك المعترف لها بصفة المنفعة العامة طبقا لأحكام المادة 154 أن ترفع دعاوى قضائية، أو أن تتدخل في دعاوى جارية، أو أن تنصب نفسها طرفا مدنيا أمام قاضي التحقيق، للدفاع عن مصالح المستهلك، وتمارس كل الحقوق المخولة للطرف المدني والمتعلقة بالأفعال والتصرفات التي تلحق ضررا بالمصلحة الجماعية للمستهلكين.
غير أن جمعيات حماية المستهلك غير المعترف لها بصفة المنفعة العامة والتي يكون غرضها حصريا هو حماية المستهلك، لا يمكن أن تمارس الحقوق المخولة لها بمقتضى الفقرة الأولى أعلاه إلا بعد حصولها على إذن خاص بالتقاضي من الجهة المختصة وحسب الشروط التي يحددها نص تنظيمي.”

فبخصوص هذا المقتضى، أي المادة157 من القانون المحدد لتدابير حماية المستهلك كانت تعطي الحق فقط للجامعة الوطنية و لجمعيات حماية المستهلك المعترف لها بصفة المنفعة العامة الحق في الدفاع عن المستهلك نيابة عنه دون سواهم، إلى أن صدر المرسوم رقم 2.12.503 بتاريخ 11 شتنبر 2013 حيث تم التنصيص في أغلب مواده ، على حق باقي الجمعيات غير المعترف لها بصفة المنفعة العامة في الترافع هي أيضاً على حقوق المستهلك شريطة التقيد بمقتضيات المرسوم المذكور وفي ما يلي بعض مواد المرسوم المذكور التي تنص على الإذن الخاص بالتقاضي تماشيا مع المادة 157 المذكورة.
المادة 3…
“يسلم الإذن الخاص بالتقاضي المذكور في المادة 157‏ من القانون رقم 31.08 ‏ المذكور أعلاه، لجمعيات حماية المستهلك غير المعترف لها بصفة المنفعة العامة من طرف السلطة الحكومية المكلفة بالعدل بعد أخذ رأي السلطات الحكومية الوصية على قطاع النشاط المعني بطلب الإذن الخاص بالتقاضي.”
….
المادة 35
” يجب على جمعيات حماية المستهلك غير المعترف لها بصفة المنفعة العامة والمشار إليها في الفقرة 2 ‏ من المادة 157 من القانون رقم 31.08 ‏المذكور أعلاه، لكي تحصل على الإذن الخاص بالتقاضي أن تستجيب للشروط المحددة في المادة 153 ‏من القانون رقم 31.08 ‏ المذكور أعلاه وأن تحترم الشروط التالية:
– أن تتوفر على الموارد البشرية والمادية والمالية التي تمكنها من القيام بمهام الإعلام والدفاع والنهوض بمصالح المستهلك؛
-أن تثبت عند إيداع طلب الحصول على الإذن الخاص بالتقاضي، مرور سنتين على الأقل على إحداثها وذلك ابتداء من تاريخ تصريحها للسلطات؛
-أن تثبت خلال السنتين الأخيرتين، قيامها بنشاط فعلي للدفاع عن مصالح المستهلك ويتم تقييم هذا النشاط بالنظر إلى الأنشطة التي أنجزتها في مجال الإعلام والتحسيس ووضع شباك المستهلك لتوجيه ومساعدة المستهلكين؛
-أن تثبت قيامها بالتعاقد مع محام أو مكتب للمحاماة لتمثيلها أمام القضاء؛
-أن تنص أنظمتها الأساسية على قواعد الحكامة الجيدة التي تضمن لجميع أعضاء الجمعية مشاركتهم في تحديد توجهات الجمعية وأنشطتها وكذا مراقبتها.
يجب إيداع طلب الحصول على الإذن الخاص بالتقاضي مقابل وصل، لدى المصلحة المعينة لهذا الغرض من طرف السلطة الحكومية المكلفة بالعدل. يجب أن يكون هذا الطلب مرفقا بالأوراق والوثائق اللازمة للتعريف بصاحب الطلب والتحقق من كون الجمعية المعنية تستجيب للشروط أعلاه.”
المادة 36
” يمنح الإذن المشار إليه في المادة 35 ‏ أعلاه، لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد لنفس المدة وحسب نفس الشروط.
في حالة رفض منح الإذن المذكور، يجب أن يتضمن التبليغ الموجه إلى صاحب الطلب أسباب الرفض.”
المادة 37
” يمنح الإذن للجمعية داخل أجل شهرين ابتداء من تاريخ إيداع الطلب عندما تستجيب هذه الجمعية للشروط المحددة في المادة 35 ‏ أعلاه.”
المادة 38
” يسحب الإذن بعد مراقبة المطابقة التي قامت بها المصالح المختصة والتي أثبتت عدم استجابة الجمعية المستفيدة للشروط المحددة في المادة 35 ‏ أعلاه.”

وتبقى أبرز مادة جاءت في المرسوم المذكور القاضية بتعطيل تفعيل منح الإذن بالتقاضي بقرار وزاري، حيث تم التنصيص في المادة 39 من المرسوم المذكور على أنه سيتم إصدار قرار وزيري مشترك بين السلطة الحكومية المكلفة بالعدل و السلطة الحكومية المكلفة بالتجارة.
تنص المادة 39 من المرسرم المذكور ” تحدد بقرار مشترك للسلطة الحكومية المكلفة بالعدل والسلطة لحكومية المكلفة بالتجارة كيفيات إيداع ودراسة طلبات الحصول على الإذن الخاص بالتقاضي وكذا شكليات وكيفيات منح هذا الإذن وسحبه.”

وبعد مرور 5 سنوات على صدور هذا المرسوم، بالفعل صدر هذا القرار مؤخراً بالجريدة الرسمية عدد 6670 بتاريخ 3 ماي 2018 وهو القرار المشترك لوزير العدل ووزير الصناعة والإستثمار والتجارة والإقتصاد الرقمي رقم 895.18يتعلق بتحديد كيفيات ايداع جمعيات حماية المستهلك، غير المعترف لها بصفة المنفعة العامة، لطلبات الحصول على الإذن الخاص بالتقاضي ودراستها وكذا شكليات وكيفيات منح هذا الإذن وسحبه وهو الذي حُددت فيه شروط و طريقة منح الإذن لجمعيات حماية المستهلك غير المعترف لها بصفة المنفعة العامة و هو الإذن القاضي بمنح الصفة لهذه الجمعيات بأن تنصب نفسها كمدعي مُطالب بحقوق المستهلك أمام القضاء.

————————————————

1- موسى عبود و محمد السماحي- المختصر في المسطرة المدنية والتنظيم القضائي وفق تعديلات1993ط ردمك ص 121 .
2- راجع عبد الرحمن الشرقاوي الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية من 29 إلى .32 .