الاستغلال الجنسي للأطفال عبر وسائل الاتصال في القانون المغربي والقانون الأردني
مقدمة:
يعد الطفل المكون الأساسي للأسرة وأي اعتداء عليه وعلى سلامته هو بمثابة مساس بالأسرة والمجتمع ككل فحقوق الطفل تحضى بقدر كبير من الحماية سواء على الصعيد الداخلي في القوانين الداخلية أو على الصعيد الخارجي في المواثيق الدولية فهو في أمس الحاجة للحماية من الوقوع ضحية في براثن الجريمة نظرا لكونه أضعف حلقة في المجتمع لضعف قدراته العقلية والجسمانية في حماية نفسه ورد أي اعتداء قد يمسه، فضلا عن تشجيع ضعاف النفوس على الاعتداء عليه، وقد شهد العالم تطورا على مستوى أشكال النشاط الإجرامي شمل ميادين الاستغلال الجنسي للأطفال، فبعد أن كانت هذه الجريمة تظهر من خلال التحريض على الفسق والدعارة والتوسط فيه، أصبحت تمارس هذه الجرائم عبر وسائل الاتصال، كاستغلال الأطفال جنسيا من خلال الطباعة والصحافة والنشر والتواصل الورقي أو الالكتروني، وذلك بهدف تشغيل الأطفال في أعمال ذات بعد جنسي
و يكتسي هذا الموضوع أهمية بالغة لكونه من أهم المواضيع التي شغلت الفكر القانوني والفقهي والقضائي كما حضي بعناية فائقة من طرف المسؤولين والمهتمين على الصعيد الوطني والدولي، كما استقطب اهتمام العديد من الفعاليات الحقوقية والاجتماعية.
إن الاستغلال الجنسي للأطفال هو أخطر ما يمكن أن يتهددهم ويتهدد المجتمع برمته سواء في راهنيته أم مستقبله باعتبار أن خطورة ممارسته على الطفل هي من الفداحة والانتهاك لحقوقه ونظرا لأهمية موضوع الاستغلال الجنسي للأطفال عبر وسائل الاتصال في القانون المغربي والقانون الأردني وتشعبه وتعدد مجالاته وقصد معالجة هذا الموضوع وبشكل دقيق فإنه وبالضرورة فرش ما تنطوي عليه جريمة الاستغلال الجنسي للأطفال عبر وسائل الاتصال من إشكالات : فإلى أي حد توفق المشرع المغربي في توفير الحماية للأطفال من الاستغلال الجنسي عبر وسائل الاتصال مقارنة مع نظيره في القانون الأردني؟
وللإحاطة بهذا الموضوع واستجابة لدواعي منهجية ارتأيت الاسترشاد بالتصميم الآتي:
المطلب الأول: الاستغلال الجنسي للأطفال عبر وسائل الاتصال التقليدية.
المطلب الثاني: الاستغلال الجنسي للأطفال عبر وسائل الاتصال الالكترونية.
المطلب الأول: الاستغلال الجنسي للأطفال عبر وسائل الاتصال التقليدية
أدى التطور التكنولوجي إلى ظهور أنماط جديدة من الاستغلال أبرزها الاستغلال الجنسي للأطفال عبر وسائل الاتصال التقليدية، وعليه فقد عرفت الصحافة بالمغرب خلال السنوات الأخيرة طفرة كبيرة، كان من نتائجها ظهور عدة مقالات صحفية وخروج مئات من الجرائد والصحف الجديدة بصدور يومي، أو أسبوعي أو شهري، وبتوزيع محلي، أو وطني، أو دولي([1]).
ويعتبر البعض مصطلح الصحافة مرادفا لمصطلح الإعلام، أو بمعنى مقارب له، بحيث ينظر إلى الصحافة على أنها قديمة قدم الحياة الاجتماعية للإنسان، وهذا المعنى جاء نتيجة الخلط بين معنى الإعلام الذي يقوم على نقل المعلومات وتبادلها، وهو أقدم من الصحافة التي لم تظهر إلى مع اكتشاف المطبعة([2]).
ووراء كل ذلك، لا يتراءى قانون الصحافة إلا بالكاد، فالسيل الهائل من المقالات والأخبار الصحفية، وحدة المنافسة بين الصحف، والجري نحو الربح المادي يجعل الحس القانوني غائبا عند الكثير من الكتاب والناشرين، فينجم عن ذلك أن الصحفي قد يقترف مخالفات قانونية كثيرة، والمتمثلة في انتهاك حرمة الأفراد بصفة عامة، والأطفال بصفة خاصة، بالإضافة إلى النشرات المتنافية مع أخلاق هؤلاء، مما يؤدي ذلك الى مواجهة متابعات قضائية تحرك إما من طرف النيابة العامة، أو من طرف أفراد أو مؤسسات تنتصب للمطالبة بالحق المدني عن طريق شكاوى مباشرة.
لا يمكن التعامل مع جرائم الصحافة كجرائم الحق العام، بل لها خصوصياتها التي تجعلها متميزة وتبرز هذه الخصوصية جليا عندما يتعلق الأمر بجرائم تستهدف الأطفال، وهو الأمر الذي اقتضى تضمين قانون الصحافة الجاري به العمل في المغرب بمجموعة من القواعد القانونية الموضوعية والشكلية التي تنظم كيفية متابعة الصحفيين وشركائهم الخارجين عن القانون([3]).
وحرصا من المشرع المغربي على سلامة الطفل وكرامته وشعوره من جهة، وعلى مصلحته الفضلى من جهة أخرى، نص القانون رقم 88.13 بشأن قانون الصحافة والنشر على ضرورة حماية القاصر من انتهاك لحرمته (الفقرة الأولى)، وكذلك الأمر لحماية القاصر من استهدافه بواسطة نشرات متنافية مع أخلاقه (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: اختراق الآداب العامة وانتهاك حرمة الطفل
نص المشرع المغربي على هذه الجريمة في الفرع الأول من الباب الأول من القسم الثالث من القانون 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر المغربي حيث منعت المادة 73 منه كل ما يلي:
- صنع أو حيازة قصد الاتجار أو توزيع أو ضمان توزيع أو إيجار أو الإلصاق أو العرض.
- إيراد أو استيراد أو تصدير أو السعي في التصدير أو النقل أو السعي في النقل عمدا لنفس الغرض.
- تقديم ولو بالمجان وبطريقة عمومية أو غير عمومية، أو بأي وجه من الوجوه إلى أنظار العموم.
- توزيع أو السعي في توزيع أو التسليم قصد التوزيع.
- كل مطبوع مكتوب أو رسم منقوش أو صورة أو أي مادة إعلامية تنشر مواد إباحية أو خليعة أو تستغل في التحريض على البغاء أو الدعارة أو الاعتداء الجنسي على القاصرين مع مراعاة التشريعات الجاري بها العمل.
قدم المشرع المغربي قائمة بجملة الأشياء التي قد تكون مخلة بالأخلاق، وهي جميع المطبوعات أو الكتائب أو التصاوير أو المعلقات أو الصور المنقوشة أو الصور الشمسية أو الأفلام السينمائية أو أصول الصور المنقولة والمخجلة أو الرموز وجميع الأشياء أو الصور المخالفة للأخلاق أو الآداب العامة.
من الواضح أن هذه القائمة من الممنوعات ليست حصرية، بل جاءت شاملة في تعداداتها وفتحت الآفاق للاجتهاد باستعمالها عبارات ومصطلحات عامة، وذلك سعيا لتوسيع مبدأ حماية الأخلاق والآداب العامة، والتي تشمل في نطاقها حماية الأطفال من كل استغلال جنسي، وبذلك يمكن أن يكون نص المادة 73 من قانون الصحافة والنشر المغربي هو الأساس القانوني لتجريم كافة الكتاتب التي تحتوي تحريضا على الاتصالات الجنسية بالأطفال أو أي تشجيع أو ترغيب في استغلال جسد الطفل، فلا يجرم هذا النص مجالا ضيقا بل إنه يعاقب على الصنع أو حتى مسك الأشياء المخلة بالأخلاق.
تخاطب المادة 73 من قانون الصحافة والنشر المغربي، بمنع كل من يصنع أو يمسك بقصد التجارة أو التوزيع أو التعليق أو للعرض ومن استورد بنفسه أو بواسطة غيره أو نقل بنفسه أو بواسطة الغير ما ذكر لنفس الأغراض المذكورة قصدا، ومن علق أو عرض أو بسط على أنظار العموم ما ذكر ومن باع أو سوغ أو عرض للبيع أو التسويغ ما ذكر ولو من غير علانية، ومن بذل ما ذكر ولو مجانا ولو غير علانية، بأي كيفية كانت سواء كان ذلك مباشرة أو بطرق التحايل، ومن وزع أو سلم ما ذكر بقصد توزيعه بأي وسيلة كانت([4]).
والمقصود بالصنع هو الخلق والابتكار والإبداع بالإضافة إلى التقليد أو النقل عن شيء آخر، ويعني المسك السيطرة الفعلية على الشيء، أما الاستيراد فالمقصود به هو التوريد في مفهومه الاصطلاحي المعروف والذي يقابله التصدير، أي القيام بأعمال تجارية مع الخارج طبق التراتيب المعمول بها، لكن يعني الاستيراد أيضا كل جلب لتلك الأشياء خلسة ولو عن طريق التهريب([5]).
كما وقد منع النص المذكور تقديم ولو بالمجان وبطريقة عمومية أو غير عمومية، أو بأي وجه من الوجوه إلى أنظار العموم، كل مطبوع أو مكتوب أو رسم منقوش أو صورة أو أي مادة إعلامية تنشر مواد إباحية أو خليعة أو تستغل في التحريض على البغاء أو الدعارة أو الاعتداء الجنسي على القاصرين.
وتعاقب المادة 608 من القانون الجنائي المغربي بالاعتقال من يوم إلى خمسة عشر يوما وبغرامة من عشرين إلى مائتي درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط([6])، من عرض أو حمل غيره على أن يعرض على الطريق العام أو في محل عام إعلانات أو صورا منافية للآداب، ويـأمر في الحكم برفع الأشياء المعروضة، وإذا لم ينفذ هذا الأمر اختياريا من جانب المحكوم عليه، يجب تنفيذه على نفقته جبرا ودون أي إمهال، ولو كان الحكم قابلا للطعن بأي طريق من طرق الطعن.
وفي هذا المجال يمكن أن يتم استغلال الأطفال جنسيا من خلال جلب انتباه الأفراد إلى إمكانية الاتصال بهم جنسيا، ويتم استلفات النظر عن طريق القول أو الإشارة، ولكن قد يتم أيضا عن طريق نشر إعلانات بأي وسيلة كانت، سواء كان ذلك في الصحف أو الدوريات أو المجلات، وهنا يقع الاعتداء الجنسي عند تلاقي الأفعال المتعلقة بنشر المواد المنافية للأخلاق مع حضور القاصر.
وهذه الجريمة تتعلق بالفسق إذ أن هذا التقديم قد يكون من خلال نشر صور خليعة لأطفال بالتفوه بجمل وعبارات مخالفة للحياء، وتستوجب هذه الجريمة توفر ركن العلنية وقد يبدوا هذا الركن بديهيا، إذ لا يتصور أن يتم التقديم أو استلفات نظر العموم لفرض الفسق بشكل سري، بل يقتضي المنطق أن يكون السلوك علنيا([7]).
والجدير بالذكر أن المشرع المغربي لم يكتفي بمنع الأفعال التي تنتهك آداب الطفل بموجب النص المذكور، بل وفرض عليها عقوبة تتمثل بغرامة مالية عالية في حال ارتكاب هذه الأفعال، حيث عاقب قانون الصحافة والنشر المغربي([8]) على الأفعال المحظورة بالمادة السابقةّ، بغرامة من 50.000 إلى 100.000 درهم.
ويمكن لضباط الشرطة القضائية أن يحجزوا المطبوعات أو المكتوبات أو الرسوم أو المنقوشات أو الصور أو أي مادة إعلامية تحمل المضامين الممنوعة الواردة في المادة المذكورة، عند استيرادها أو عرضها عند تقديمها على أنظار العموم، وذلك فور اطلاعهم عليها بعد حصولهم على إذن مكتوب من وكيل الملك المختص وفي حالة الإدانة تأمر المحكمة وجوبا بحجز وإتلاف الأدوات التي استعملت في ارتكاب الفعل.
وعليه فقد أجاز المشرع المغربي لضباط الشرطة القضائية قبل أية متابعة أن يحجزوا المكتوبات والمطبوعات أو الكتب أو الرسوم أو المنقوشات التي عرضت على أنظار العموم، والتي قد تشكل خطرا عاجلا على الأخلاق العامة نظرا لصبغتها المنافية للحياء والحشمة، كما يحق للمحكمة أن تأمر بحجز وإتلاف الأشياء التي استعملت في ارتكاب جنحة، غير أنه يمكن أن تأمر بدفع هذه الأشياء إلى مستودع الدولة إذا ما دعت صبغتها الفنية إلى الاحتفاظ بها([9]).
ورد النص صراحة على تجريم الإعلانات التي تحرض على الفساد، ويعتبر هذا النص من حالات التشديد، لأن الأمر يتعلق بالمس بالأخلاق العامة، حيث إن له اتصال كبير بالنظام العام، بل هو في الحقيقة جزء لا يتجزأ منه ويقتصر على الناحية الخلقية في الجماعة([10]).
منع المشرع المغربي نشر المرافعات الخاصة بقضايا الأطفال أو القضايا التي يتورط فيها أحداث وكذلك تلك المتعلقة بالأشخاص الراشدين، كيفما كانت طبيعتها، والتي تسمح بالتعرف على الأطفال([11])، وعليه فقد عاقب المشرع من يخالف هذا المنع بغرامة مالية من 5000 إلى 50.000 درهم([12]).
وعلاوة على ما سبق ذكره في ضوء قانون الصحافة والنشر المغربي من عقوبات في المادتان 73 و74، فقد أورد في القانون الجنائي عقوبات على أنماط أخرى للاستغلال الجنسي، الذي قد يمس الطفل من خلال وسائل الاتصال التقليدية، وذلك في الفصلين 489 – 497.
لذلك، شدد القانون الجنائي المغربي([13]) العقوبات المنصوص عليها في جرائم الاستغلال الجنسي المنصوص عليها في الفصلين 497 و 498([14]) لتصل إلى الحبس من سنتين إلى عشر سنوات وغرامة من عشرة آلاف إلى مليوني درهم إذا ارتكبت الجريمة بواسطة توجيه بلاغات عبر وسائل الاتصال إلى جمهور غير محدد أو إلى أشخاص محددين([15]).
ويعاقب المشرع الجنائي المغربي([16]) بالحبس من شهر واحد إلى سنة وبالغرامة من عشرين ألف إلى مائتي ألف درهم([17])، من قام علنا بجلب أشخاص، ذكورا أو إناثا، تحريضهم على الدعارة، وذلك بواسطة إشارات أو أقوال أو كتابات أو أي وسيلة أخرى.
كما عاقب المشرع المغربي بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من عشرة آلاف إلى مليون درهم كل من حرض أو شجع أو سهل استغلال أطفال تقل سنهم عن ثمان عشرة سنة في مواد إباحية، وتطبق نفس العقوبة على كل من قام بإنتاج أو توزيع أو نشر أو استيراد أو تصدير أو عرض أو بيع أو حيازة مواد إباحية من هذا النوع.
ويعاقب على هذه الأفعال حتى ولو ارتكبت عناصرها خارج المملكة المغربية، وتضاعف هذه العقوبة إذا كان الفاعل من أصول الطفل أو مكلفا برعايته أو له سلطة عليه، وتطبق نفس العقوبة على محاولة الأفعال المذكورة، ويأمر الحكم الصادر بالإدانة بمصادرة وإتلاف المواد الإباحية، ويمكن للمحكمة أن تأمر بنشر أو تعليق الحكم الصادر بالإدانة، علاوة على ذلك، يمكن أن يأمر عند الاقتضاء في الحكم بالإدانة بسحب الترخيص الذي كان يستفيد منه المحكوم عليه كما يجوز أن يحكم بإغلاق المحلات بصفة نهائية أو مؤقتة([18]).
ويعتبر المشرع المغربي كل من أمعن في مضايقة الغير بواسطة رسائل مكتوبة أو صور ذات طبيعة جنسية أو لأغراض جنسية، مرتكبا لجريمة التحرش الجنسي، ويعاقب على ذلك بالحبس من شهر واحد إلى ستة أشهر وغرامة من 2.000 إلى 10.000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين([19]).
وزيادة على ما ذكر، يجوز الحكم على مرتكبي جنح التحرش الجنسي بواسطة وسائل الاتصال التقليدية كالرسائل المكتوبة أو الصور الورقية، بالحرمان من حق أو أكثر من الحقوق المنصوص عليها في الفصل 40 من القانون الجنائي المغربي وبالمنع من الإقامة من خمس إلى عشر سنوات ومحاولة هذه الجنح تعاقب بنفس العقوبات التي تعاقب بها الجريمة التامة([20]).
ويظهر موقف المشرع الأردني بحالة من الضعف والنقص مقارنة مع موقف المشرع المغربي، من حيث السياسة التجريمية التي انتهجها قانون الصحافة والنشر المغربي، في سبيل المحافظة على حياء الطفل وآدابه العامة، وما يؤكد هذا الضعف خلو قانون المطبوعات والنشر الأردني([21]) من النصوص المجرمة لنشر ما يمكن أن ينتهك حرمة الطفل ويفسد أخلاقه.
إلا أن قانون المطبوعات والنشر الأردني، قد نص في حد ضيق على حالة من حالات إمكانية رفض نشر يتعلق في رد أو تصحيح، حيث نصت المادة 28 من هذا القانون على أنه: ” لرئيس تحرير المطبوعات الصحفية أن يرفض نشر الرد أو التصحيح الذي يرده استنادا إلى المادة 27 من هذا القانون في أي من الحالات التالية:…. ج، إذا كان مضمون الرد أو التصحيح مخالفا للقانون أو النظام العام أو منافيا للآداب العامة”.
يتضح من خلال ما تقدم، مدى نجاح المشرع المغربي بانتهاج سياسة جنائية وخطة تشريعية نموذجية في سبيل مكافحة الاستغلال الجنسي للطفل عبر وسائل الاتصال التقليدية، سواء كان ذلك من خلال قانون الصحافة والنشر أو من خلال القانون الجنائي، وعليه كان على المشرع الأردني أن يحذو حذو المشرع المغربي بهذا الشأن ومعالجة النقص التشريعي الذي شابه، والنص على مواد تجرم استغلال الطفل جنسيا بأي وسيلة من وسائل الطبع والنشر وغيرها من طرق الاتصال التقليدية.
الفقرة الثانية: النشرات المتنافية مع أخلاق الطفل
تناول المشرع المغربي جريمة النشرات المتنافية مع أخلاق القاصر في الباب الأول من القسم الثالث في الفرع الثالث الخاص بحماية الأطفال من القانون 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر المغربي.
حيث نصت المادة 79 من هذا القانون على أنه: يعاقب بغرامة من 100.000 إلى 500.000 درهم كل من:
- عرض أو قدم أو باع للأطفال دون الثامنة عشر من عمرهم النشرات أيا كان نوعها، المعدة للبغاء أو الدعارة أو الإجرام أو استهلاك أو ترويج المخدرات والمؤثرات العقلية أو الكحول أو السجائر([22]).
- عرض هذه النشرات في الطريق العمومية أو خارج المتاجر أو داخلها أو قام بالدعاية لها في نفس الأماكن أو بأية وسيلة نشر أو بث أخرى في متناول العموم.
كما نصت المادة 80 من قانون الصحافة والنشر المغربي على منع النشرات التي تتضمن الأفعال السابقة في الطريق العمومية وجميع الأماكن المفتوحة في وجه العموم، وكذلك إذاعتها بأي وجه من الوجوه في الطريق العمومية، وذلك بأمر من وكيل الملك المختص داخل أجل لا يتعدى 12 ساعة من تاريخ توصله بطلب وزير الداخلية أو السلطة المحلية المعنية، وذلك بصرف النظر عن المتابعات القضائية التي يمكن القيام بها عملا بقانون الصحافة والنشر المغربي.
ويجوز لرئيس المحكمة المختصة بناء على ملتمس من النيابة العامة قبل البت في الموضوع أن يأمر بالحجز الفوري لعدد المطبوع الدوري، وفي حالة تكرار الفعل ثلاث مرات في نفس السنة يتم إيقاف المطبوع الدوري أو حجب الصحيفة الالكترونية لمدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر([23]).
بناء على ما تقدم، وحسب ما جاء في نص المادة 79 من قانون الصحافة والنشر المغربي، فإن المشرع عاقب كل من اقترف الأفعال الإجرامية المحددة في هذا النص، وذلك في حق القاصرين الذين هم دون سن الثامنة عشر عاما، لما تشكله من خطورة عليهم لحداثة سنهم، وسرعة انخداعهم، وافتقادهم للتجربة في الحياة، ووقاية للشباب الذي يعتبر رصيد ومستقبل الأمة([24]).
وحفاظا على الأخلاق والآداب ووقاية للأطفال من الإضرار بهم، فقد أجاز المشرع المغربي منع عرض كل نشرة متنافية مع الأهداف في الطرق العمومية، والأماكن المفتوحة في وجه العموم، أو إذاعتها بأية وسيلة من الوسائل في الطرق العامة.
وقد خول المشرع المغربي صلاحية المنع للوزير، أو السلطة التي يفرضها لهذا الغرض، أو السلطات الإدارية المحلية في نطاق دائرة نفوذها، شريطة أن يكون قرار المنع معللا، وذلك بغض النظر عن الإجراءات الأخرى والمتابعات القضائية الجارية.
كما أجاز المشرع المغربي لنفس السلطات- علاوة على منع النشرات – أن تمنع ضمن نفس الحدود العروض التي تتنافى والأخلاق والآداب، أو العروض المضرة بالأطفال سواء كان ذلك في الطرق العمومية، أم في جميع الأماكن المفتوحة في وجه العموم، وأخضع هذه القرارات للطعن أمام المحكمة الإدارية المختصة، والتي يجب أن تبت داخل أجل لا يتعدى 24 ساعة من تاريخ تقديم الطلب.
ويعاقب المشرع المغربي على المخالفات المنصوص عليها في الفقرات السابقة بغرامة يتراوح مقدارها بين 100.000 و500.000 درهما، بصرف النظر عما يقتضيه الحال من عقوبات أشد، ويمكن للمحكمة أن تأمر بمصادرة النشرات المحجوزة([25]).
وما يمكن ملاحظته، هو أن المشرع المغربي رفع الغرامة المالية التي كانت منصوص عليها في الفصل 66 القديم من 200 إلى 1200 درهم، ثم عدلت وأصبحت من 1200 درهم إلى 5000 درهم، كما ارتفعت الغرامة حسب آخر تعديل إلى المبلغ ما بين 100.000 و500.000 درهم، وذلك راجع إلى كثرة الجرائم التي أصبحت ترتكب من طرف الصحافة والنشر في حق الأطفال القاصرين.
أما بالنسبة للمشرع الأردني فقد تطرق إلى تجريم النشرات المتنافية مع الأخلاق بصورة عامة من خلال المادة 319/5 من قانون العقوبات الأردني، حيث نصت على أنه:” يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر أو بغرامة لا تزيد على خمسين دينارا كل من……. باع أو أحرز بقصد البيع أو التوزيع أية مادة بذيئة مطبوعة أو مخطوطة أو أية صورة شمسية أو رسم أو نموذج أو أي شيء أخر يؤدي إلى إفساد الأخلاق، أو طبع أو أعاد طبع مثل هذه الأشياء والمواد بأية طريقة أخرى بقصد بيعها أو توزيعها”، وعليه كان على المشرع الأردني أن يخص الطفل بحماية جنائية موضوعية تجرم النشرات المتنافية مع أخلاق القاصر، وتشديد العقاب على الناشر وإلزامه بغرامات مالية بسقف أعلى.
وخلاصة القول، إن موضوع استغلال الأطفال سواء كان عبر الوسائل التقليدية أو غيرها من الوسائل، أصبح يشكل مشكلة اجتماعية قائمة بذاتها، رغم أن المشرعين الجنائيين وخاصة المغربي، قد بدلوا مجهودات كبيرة في سبيل القضاء على هذه الظاهرة أو على الأقل الحد منها، على اعتبار أن الخطر الحقيقي لهذه الظاهرة هو صعوبة تشخيصها وبيان الإحصائيات الحقيقية لها، إلا أن هذه الإحصائيات يصعب ضبطها في الغالب، لأنه ببساطة من يستغل لا يصرح([26]).
المطلب الثاني: الاستغلال الجنسي للأطفال عبر وسائل الاتصال الالكترونية
خلافا للجرائم الجنسية المباشرة والتي تسلط مباشرة على جسد الطفل بهدف إشباع رغبة الجاني الجنسية أو بهدف إشباع رغبته في التشفي أو التحقير.
فإن جرائم الاستغلال الجنسي للأطفال عبر شبكة الانترنت تندرج في خانة الجرائم الجنسية غير المباشرة والتي لا تسلط مباشرة على جسد الطفل و تهدف إلى استغلال جسد هذا الأخير بالتحريض على ذلك بصفة مباشرة أو غير مباشرة بغاية تحقيق نفع مادي أو بدونه([27])، حيث يعتبر الاستغلال الجنسي من خلال وسائل الاتصال الحديثة يعد من أخطرها وأكثرها تأثيرا على أخلاق الطفل ومستقبله، ويقصد بوسائل الاتصال الحديثة: أي وسائل الاتصال غير التقليدية وهي التي تعتمد في عملها بشكل أساسي على تقنيات الانترنت.
في الحقيقة لم يعرف المشرع الأردني وكذلك المغربي الاستغلال الجنسي للطفل عبر الانترنيت، إلا أن البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل من خلال الفقرة (ج) من المادة الثانية عرف الاستغلال الجنسي للأطفال عبر الانترنيت بأنه:” يقصد باستغلال الأطفال في المواد الإباحية تصوير أي طفل بأي وسيلة كانت وهو يمارس ممارسة حقيقية أو بالمحاكاة أنشطة جنسية صريحة أو أي تصوير للأعضاء الجنسية للطفل لإشباع الرغبة الجنسية أساسا”([28]).
ويمكن تعريف الاستغلال الجنسي للأطفال عبر الانترنيت بأنه:” تصرف جنسي من قبل شخص بالغ موجه للطفل عبر الانترنيت مجبرا إياه على القيام بأفعال ذات بعد جنسي أو لتشجيعه على القيام بهذه الأفعال أو التوسط فيها أو الإفادة منها أو استغلالها عن طريق النشر أو التوزيع أو بأي شكل من الأشكال بهدف الحصول على منفعة مادية أو لغاية إشباع جنسي لبالغ أحيانا“([29]).
وقد ساهمت الوسائل الالكترونية في تسهيل الاستغلال الجنسي للأطفال ولاسيما الاستغلال الجنسي عبر شبكة الانترنيت التي اقتحمت حياتنا دون استئذان وأصبح الاتصال بهذه الشبكة الإعلامية رفيقا ملازما لأغلب الأشخاص في كل مكان ومكونا أساسيا لا يمكن الاستغناء عنه فالأطفال عرضة لاستغلالهم جنسيا من تجار الجنس وطالبي المتعة الطفولية خصوصا أنه يصعب أن نضمن دخول آمن للأطفال على المواقع الالكترونية.
ومن صور الاستغلال الجنسي للأطفال عبر شبكة الانترنت نجد:
- تحريض القاصرين على الأعمال الجنسية:
التحريض عن طريق الرموز أو الرسوم التي قد تكون دعوى صريحة أو تحمل في طياتها مما لا يدع مجالا للشك معنى التحريض على الفسق.
- عرض الصور والأفلام والمحادثات المنافية للآداب العامة:
جرائم إشاعة الصور والأفعال الفاحشة المخلة بالآداب العامة على شبكة الانترنت تتحقق من خلال العديد من الأفعال المادية التي تتجسد في غرض نشر أو توزيع أي صور أو أقوال أو أفعال فاحشة، كما تتحقق أيضا من خلال إنشاء العديد من المواقع الجنسية على شبكة الانترنت و الترويج لها أو استقطاب الزائرين لها خاصة الأطفال منهم([30]).
ومن الوسائل التي يمكن اللجوء إليها لاستدراج الأطفال، البريد الالكتروني Email حيث يتم خلاله إرسال صور ورسائل صوتية ومقاطع فيديو إباحية، وقد يطلب من هذا الطفل الاتصال برقم يتم تزويده به ومن الممكن أن يطلب منه إرسال صور له بأوضاع مخلة بالآداب مقابل مبالغ مالية، ويمكن استغلال الأطفال جنسيا عن طريق فتح غرف الدردشة Chat Rooms ، وهي عبارة عن مناقشات عامة عبر شبكة الانترنيت، يتم من خلالها التحدث في أي موضوع مع إمكانية تبادل الصور والمعلومات المقروءة والمكتوبة والصوتية، نظرا لإقبال الأطفال على هذه المواقع([31]).
وعليه تلعب هذه الأدوات والبرامج دورا لا يستهان به في استدراج الأطفال لاستغلالهم في الأعمال الإباحية الالكترونية، وذلك من خلال الصداقات مع أشخاص غير معروفين أو بأسماء مستعارة، وبعد أن تتوطد علاقة هؤلاء الأشخاص بالأطفال في العالم الافتراضي يتم استغلالهم وبأسلوب ممنهج، لاسيما إذا كان استهدافهم قد تم عن طريق عصابات الجنس الطفولي([32]).
وتستغل المواقع الترفيهية، التي تحتوي على ألعاب الكترونية للإيقاع بالأطفال، حيث إن بعض هذه المواقع يتطلب التسجيل أو الاشتراك بها إدخال بيانات تتعلق بالسن، والايميل والجنس، والجنسية، فيتم فرز هذه البيانات لاستغلال الأطفال، ناهيك عن المواقع الجنسية المتخصصة على شبكة الانترنيت التي تجذب الأطفال، ويمكن من خلالها أن يتم استدراجهم، وقد يتعدى الأمر ذلك، فظهر على شبكة الانترنيت مواقع تسمى مواقع إعلانات السياحة الجنسية للأطفال، حيث يتم عرض برنامج سياحي لدولة من الدول التي يتم فيها الاتجار الجنسي بالأطفال، ويكون من ضمن هذه البرامج تقديم هؤلاء الأطفال لطالبي المتعة الجنسية الطفولية، وينتشر هذا الأمر بشكل خاص في بعض دول أسيا الشرقية([33]).
ومن المؤكد أن هناك مظاهر سلبية عديدة ترتبط بمجال استخدامات الانترنت بالنسبة للأطفال، إذ تشير المعطيات إلى الكم الهائل من الأطفال الذين يتعرضون لخطر الاستغلال عن طريق الوسيلة التواصلية الحديثة الأمر الذي حدا بالمجتمع الدولي إلى إصدار عدد من القرارات الهادفة إلى ضمان سلامة الطفل، حيث إن علاقة الطفل بالأنترنت تبدو أكثر فاعلية وتأثير قياسا بكبار السن، بالنظر لما يمتلكه الطفل من ملكات خاصة في مجال الألعاب مما يجعله أكثر عرضة للاستغلال.
عند النظر إلى تجريم المشرع الجنائي المقارن لكل ما من شأنه التعرض للآداب العامة والأخلاق([34])، من خلال النصوص الموضوعية العقابية، يثور التساؤل حول مرونة هذه النصوص ومدى إمكانية تطبيقها على جرائم الاستغلال الجنسي للأطفال عبر الانترنيت؟ وهل يتم هذا التجريم يطال كافة أنماط الاستغلال الجنسي الذي قد يرتكب على الأطفال من خلال وسائل الاتصال الحديثة؟.
وللإجابة على هذه التساؤلات، لا بد من استعراض موقف القوانين العقابية العامة والخاصة لكل من التشريعين، الأردني والمغربي، وذلك على النحو الآتي:
الفقرة الأولى : موقف التشريع الأردني
لإبراز موقف المشرع الأردني في إطار تجريم الاستغلال الجنسي للطفل عبر الانترنيت لا بد من بيان القوانين الأردنية التي جرمت نصوصها هذا الاستغلال وعاقبت عليه وذلك على النحو التالي:
أولا: قانون العقوبات الأردني
تضمن الباب السابع من قانون العقوبات الأردني: ” الجرائم المخلة بالأخلاق والآداب العامة”، وجاء فيه بعض النصوص التي تجرم أي مواد تؤدي إلى الانحراف وفساد الأخلاق، ولكن قبل الحديث عن نصوص قانون العقوبات الأردني لا بد من استعراض المادة 15 من قانون الجرائم الإلكترونية، الأردني، والتي نصت على أنه:” كل من ارتكب أي جريمة معاقب عليها بموجب أي تشريع نافذ باستخدام الشبكة المعلوماتية أو أي نظام معلومات أو موقع إلكتروني أو إشترك أو تدخل أو حرض على ارتكابها يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في ذلك التشريع”.
وعليه لا بد من قراءة نصوص قانون العقوبات الأردني في هذا الصدد نص المادة 15 من قانون الجرائم الالكترونية، حيث إن هذا النص هو الأداة المفعلة للقوانين العقابية المجرمة للاستغلال الجنسي للأطفال عبر الانترنيت.
جرمت المادة 306 من قانون العقوبات الأردني، القيام بعرض فعل منافي للحياء على الأطفال، حيث نصت على أنه: ” من عرض على شخص لم يكمل الثامنة عشرة من عمره أو على أنثى مهما بلغ عمرها عملا منافية للحياء، أو وجه لأي منهما كلاما منافية للحياء، عوقب بالحبس… الخ”.
من خلال النص المطروح، وبدلالة المادة 15 من قانون الجرائم الالكترونية، يتبين أن هذه الجريمة تقوم إذا عرض الجاني على المجني عليه القيام بفعل منافي للحياء، أو طلب منه القيام بذلك، أو تلفظ له بأقوال منافية للحياء، وبذلك فإنه يسبب للضحية أضرار نفسية ومعنوية دون أن يمس جسده([35]).
ومن الأمثلة على صور الركن المادي لهذه الجريمة: أن يقوم الجاني بخلع ملابسه والتعري أمام الطفل، أو أن يقوم بكشف أعضائه التناسلية أمامه([36]).
وعليه يمكن القول أن الجاني باستطاعته أن يقوم بجميع الأفعال السابقة، وهي التي تشكل صور الركن المادي للجريمة، باستخدام الحاسوب وشبكة الانترنيت، فمن السهل إجراء حوار مع الطفل بالصوت والصورة عبر غرف الدردشة المنتشرة على الانترنيت، وفي خلال ذلك يستطيع الجاني أن يطلب من الطفل القيام بفعل منافي للحياء، أو أن يتلفظ بأقوال منافية للحياء في أثناء محاورته، أو أن يخلع ملابسه ويتعرى ويكشف أعضائه التناسلية أمامه بواسطة الكاميرا، وهذه هي إحدى صور جريمة الاستغلال الجنسي للأطفال عبر الانترنت، وبالتالي فقد نص المادة 306 من قانون العقوبات قد يكون ملائما ويمكن تطبيقه في هذه الحالة عند قراءته مع نص المادة 15 من قانون الجرائم الالكترونية.
وكما أسلفنا من ذكر، فقد جرمت المادة 319([37] )من قانون العقوبات الأردني التعرض للأخلاق والآداب العامة بعدة صور، وبالرجوع إلى نصوص هذه المادة يتضح لنا أن المشرع قد منع وجرم كل الأفعال والتعاملات المتعلقة بالمواد البذيئة والمفسدة للأخلاق سواء أكان ذلك ببيعها، أو بتوزيعها، أو بحيازتها بقصد البيع، أو بعرضها في مكان عام، أو بإدارة أو الاشتراك في إدارة محل يتم فيه بيعها أو عرضها، أو أعلن عن شخص يتعامل ببيعها أو طبعها.
وبالإضافة إلى تجريم الأفعال السابقة، فقد شمل المشرع كذلك الأنواع والأشكال التي يمكن أن تكون عليها هذه المواد البذيئة، سواء أجاءت على شكل مواد مطبوعة، أو مخطوطة، أو رسم، أو صور شمسية، أو نموذج، أو أي أشياء أخرى ما دامت سوف تؤدي إلى إفساد الأخلاق.
ومن خلال التحليل السابق لنص المادة 319 من قانون العقوبات الأردني وبقراءته مع نص المادة 15 من قانون الجرائم الالكترونية الأردني، نجد أن المادة 319 مرنة وملائمة للتطبيق على جريمة الاستغلال الجنسي للأطفال عبر الانترنت حيث إن كل الأفعال المجرمة الواردة فيها يمكن تصور القيام بها باستخدام الحاسوب وعبر الانترنت، وتوجيهها للأطفال أو استخدامهم فيها.
وكذلك الأمر في وسائل الاتصال الحديثة، فإنه يمكن اعتبار شبكة الانترنيت مكانا عاما حسب ما جاء في النص، لأن نشر أي مواد بذيئة عبر الانترنت يمكن الملايين من الناس بما فيهم الأطفال من الاطلاع عليها ومشاهدتها، وبالتالي تقوم الجريمة، وكذلك فإن الانترنت يعتبر وسيلة حديثة وفعالة للعرض أو التوزيع أو بيع هذه المواد البذيئة، وهذا يوافق عبارة: ” بأي وسيلة من الوسائل” وهي التي استخدمها المشرع في النص.
غفل المشرع الأردني عن تجريم فعل إحراز المواد البذيئة، واشترط بصريح النص لتجريمه أن يكون الإحراز مقرون بقصد البيع، وبالتالي فإن حيازة أي مواد بذيئة دون البيع أو التوزيع لا تشكل جريمة حسب النص، لا سيما أن الحاسوب والانترنت تعد من أحدث وأفضل الأماكن وأوسعها لإحراز وتخزين المواد البذيئة من صور وفيديوهات وتسجيلات وغيرها.
وعليه فمن الضرورة تعديل نص المادة 319 من قانون العقوبات الأردني، وتجريم فعل إحراز المواد البذيئة وحيازتها، لأن عدم تجريم هذا الفعل يجعله مباحا، وسيحتج الجاني دائما بأن حيازته لهذه الصور أمر في غاية الصعوبة ومن تم إفلاته من العقاب([38]).
وقد نصت المادة 320 من قانون العقوبات على أن: ” كل من فعل فعلا منافي للحياء أو أبدى إشارة منافية للحياء في مكان عام أو في مجتمع عام أو بصورة يمكن معها لمن كان في مكان عام أن يراه يعاقب”.
إن الفعل المنافي للحياء عبارة عن حركة عضوية إرادية منافية للحشمة، يقوم بها الجاني في مكان عام بعمل مادي أو جسدي أو حركة أو إشارة تخدش حياء الغير، ومن خلال تحليل نص المادة السابقة وقراءتها مع المادة 15 من قانون الجرائم الالكترونية، نجد أن المشرع الأردني قد جرم أي فعل أو إشارة منافية للحياء، يمكن أن تكون مشاهدة أو مرئية من العامة بمن فيهم الأطفال، فإن ذلك يمكن تصوره والقيام به من خلال استخدام الانترنت، فالإنترنت تكنولوجيا حديثة يمكن من خلالها عرض أي شيء مكتوب أو مصور على أنظار([39]).
- قانون الاتصالات الأردني([40])
تناول القانون الجنائي الأردني من خلال أحكام قانون الاتصالات([41])، تجريم الاستغلال الجنسي للطفل، عبر وسائل الاتصال الحديثة، وذلك من خلال البندين التاليين.
- كل من أقدم بأي وسيلة من وسائل الاتصالات، على توجيه وسائل تهديد أو إهانة أو رسائل منافية للآداب أو نقل أخبار مختلفة بقصد إثارة الفزع.
- كل من قام أو ساهم بتقديم خدمات اتصالات مخالفة للنظام العام أو الآداب العامة.
وعلى ذلك نرى بأن المشرع الأردني في البند الأول جرم فعل توجيه رسائل منافية للآداب بأي وسيلة من وسائل الاتصالات، والانترنت بطبيعة الحال من أهم وسائل الاتصالات الحديثة، ويمكن للجاني استخدامه وتوجيه رسائل منافية للآداب إلى طفل من خلاله سواء أكان ذلك بواسطة البريد الالكتروني، أو غرف الدردشة أو غيرها من الأدوات الالكترونية.
أما بالنسبة للبند الثاني، فهو يشير بشكل واضح إلى مزودي خدمات الانترنت وخدمات المحتوى وإلى مسؤولياتهم عن فعل تقديم أي خدمات اتصالات مخالفة للنظام العام أو الآداب العامة، حيث تضمنت المادة 40 من قانون الاتصالات، عقوبات بسحب الترخيص في حال مخالفة أحكام هذا القانون، وبالتالي فإن استهداف الطفل بالأفعال السابقة والواردة في المادة 75 من قانون العقوبات الأردني، تؤدي إلى قيام الجريمة بحقه.
- قانون المعاملات الالكترونية الأردني
جرم المشرع الأردني الجنائي من خلال أحكام المادة 38 من قانون المعاملات الإلكترونية[42]، كل من يرتكب فعل يشكل جريمة بموجب التشريعات النافذة بواسطة استخدام الوسائل الالكترونية، وبذلك فقد أحال المشرع الجرائم المرتكبة بالوسائل الالكترونية والمنصوص عليها في التشريعات النافذة إلى قانون المعاملات الالكترونية.
باستقراء القوانين العقابية السالف ذكرها، يمكن القول بأن نصوص هذه القوانين ومع تمتعها بالمرونة في إمكانية التطبيق على جرائم الاستغلال الجنسي للأطفال عبر الانترنت، وعلى الرغم من استحداث نص المادة 38 من قانون المعاملات الالكترونية، إلا أن ذلك يعتبر حلا مؤقتا ولا يفي بالغرض، إذ لا يمكن الاعتماد عليه لتجريم كافة أشكال الاستغلال الجنسي التي قد ترتكب عبر الانترنت وذلك لسببين رئيسيين وهما:
- إن هذه الجريمة تتسم بالحداثة وسرعة التطور تبعا لتطور وسائل ارتكابها، وهذا الأمر يؤدي إلى عدم قدرة النصوص التقليدية السابقة على الإحاطة بكل صورها، ومواكبة ما يستجد من وسائل وظروف تساعد على ارتكابها.
- إن تطبيق النصوص التقليدية يدعونا إلى القياس والتوسع في التطبيق على وقائع جريمة الاستغلال الجنسي للأطفال عبر الانترنت، وهذا الأمر لا يصح وروده على النصوص الجزائية لمخالفة مبدأ الشرعية الجزائية[43]، وهو الذي يقضي بعدم جواز القياس والتوسع في النصوص الجزائية.
ومن هذا برزت الحاجة إلى استحداث تشريعات خاصة لتشمل كل صور هذه الجريمة ولمواجهتها، فكان المشرع الأردني مدركا لذلك، الأمر الذي دفعه إلى استحداث قانون جرائم أنظمة المعلومات المؤقت[44]، والذي كان أول تشريع قد صدر بالأردن يعالج جريمة الاستغلال الجنسي للأطفال عبر الانترنت، وبعدها حل محله قانون الجرائم الالكترونية[45].
- قانون الجرائم الالكترونية الأردني
نسخت المادة التاسعة من قانون الجرائم الالكترونية عن المادة الثامنة من قانون جرائم أنظمة المعلومات القديم، حيث تنص على أنه: ” يعاقب كل من أرسل أو نشر عن طريق نظام معلومات أو الشبكة المعلوماتية قصدا كل ما هو مسموع أو مقروء أو مرئي يتضمن أعمالا إباحية يشارك فيها أو تتعلق بالاستغلال الجنسي لمن لم يكمل الثامنة عشرة من العمر بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على سنة وبغرامة لا تقل عن 300 دينار ولا تزيد عن 5000 دينار “.
كما يعاقب من قام قصدا باستخدام نظام معلومات أو الشبكة المعلوماتية في إنشاء أو إعداد أو حفظ أو معالجة أو عرض أو طباعة أو نشر أو ترويج أنشطة أو أعمال إباحية لغايات التأثير على من لم يكمل الثامنة عشرة من العمر أو من هو معوق نفسيا أو عقليا أو توجيهه أو تحريضه على ارتكاب جريمة بالحبس مدة لا تقل عن سنتي وبغرامة لا تقل عن 1000 دينار ولا تزيد عن 5000 دينار.
وفي حين يعاقب كل من قام قصدا باستخدام نظام معلومات أو الشبكة المعلوماتية لغايات استغلال من لم يكمل الثامنة عشرة من العمر أو من هو معوق نفسيا أو عقليا في الدعارة أو الأعمال الإباحية بالأشغال الشاقة المؤقتة وبغرامة لا تقل عن 5000 دينار ولا تزيد على 15000 خمسة عشر ألف دينار.
وتهدف هذه المادة إلى توفير الحماية للأطفال الذين لم يبلغوا الثامنة عشرة من أعمارهم، من الأفعال المخلة التي تستهدفهم عبر الانترنت، وهي التي تتميز بخطورتها وعمق تأثيرها عليهم، بسبب عدم وعيهم وإدراكهم وقلة خبرتهم واندفاعهم، وبالتالي يسهل الإيقاع بهم، مما يؤدي إلى إفساد أخلاقهم ووقوعهم ضحية للاستغلال الجنسي عبر الانترنت[46]، فقد عالجت المادة المذكورة جريمة الاستغلال الجنسي للأطفال ضمن ثلاث محاور، حيث قام المشرع من خلال كل فقرة ببيان أركان الجريمة، وتحديد ظروف ووسائل ونطاق ارتكابها على النحو التالي:
ثانيا: تجريم إرسال أو نشر محتوى إباحي لحدث.
لقد بين المشرع الأردني في المادة 9/1 من قانون الجرائم الالكترونية[47]، الركن المادي للجريمة وهو الذي يتمثل بفعل الإرسال أو النشر لأي محتوى إباحي لطفل، إذا شارك فيه أو تعلق العمل الإباحي باستغلاله، وحدد الوسيلة لذلك باستخدام نظام معلوماتي أو الشبكة المعلوماتية، وشمل نوع المادة الإباحية وشكلها بما هو مسموع كالتسجيلات الصوتية، أو مقروء مثل الرسائل والكتب الالكترونية، أو مرئي كالصور والفيديوهات.
ويستفاد أيضا أنه إذا تم النشر أو الإرسال بوسائل تقليدية أخرى، فإن النص هنا لا يسري عليها وذلك لاشتراط المشرع للوسيلة[48]، ويمكن أن يخضع هذا لما جاء في نصوص قانون العقوبات السالف ذكرها.
وينبغي الإشارة هنا إلى الركن المادي يتخذ شكل استغلال صورة طفل إذا وقع فعل الإرسال أو النشر أو صور إباحية لطفل، أما إذا وقع الفعل على ما هو مسموع كالتسجيلات الصوتية ومقروء كالرسائل أو مرئي كالفيديوهات فإنه يتخذ صورة ” إفساد طفل”.
أما بالنسبة للركن المعنوي للجريمة فإنه يتحقق بتوافر القصد الجرمي العام، وذلك بأن تتجه إرادة الجاني إلى فعل الإرسال أو النشر عبر الانترنت، وإرادة تحقيق النتيجة وهي الضرر المادي أو المعنوي للطفل، مع علمه أن ما ينشره أو يرسله يتضمن أعمالا إباحية يشارك فيها أو تتعلق بالاستغلال الجنسي لطفل، وبالنظر إلى العقوبة المقررة لهذه الجريمة، وهي الحبس لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد عن سنة، وبغرامة لا تقل عن 300 ثلاثمائة دينار، ولا تزيد عن 5000 خمسة آلاف دينار، فإن هذه الجريمة تعد من نوع الجنحة[49].
أ- تجريم الأعمال التحضيرية السابقة على فعل الاستغلال الجنسي
إن المشرع الأردني من خلال المادة 9/2 من قانون الجرائم الالكترونية[50]، يجرم استخدام نظام معلومات أو الشبكة المعلوماتية للقيام بفعل إنشاء أو إعداد أو معالجة أو عرض أو طباعة أو نشر أو ترويج أنشطة إباحية، يقصد من ورائها التأثير على الطفل أو توجيهه أو تحريضه على ارتكاب جريمة وتهدف هذه الفقرة إلى حماية الطفل من التعرض للاعتداء والتصرفات التي قد تؤثر على أخلاقه، وتتسبب له بالأذى النفسي والجسدي، وتشجعه على الخروج عن قواعد الأخلاق والحياء فتكون موجها ومحرض ودافعا لارتكاب جريمة[51].
يمتد الركن المادي لهذه الجريمة، بقيام الجاني بأي فعل من الأفعال السابقة للاستغلال، باستخدام نظام معلومات أو الشبكة المعلوماتية، ويشار هنا إلى أن المشرع جرم كل ذلك الأفعال إذا وجهت قصدا للطفل، حتى وإن كانت لا تخص الأطفال، كأن تكون أعمالا إباحية تتعلق بالبالغين[52]، ويتخذ الركن المادي هنا صورة إفساد الطفل.
عالج المشرع الأردني في هذا المقام إشكالا في قانون العقوبات، حيث تنص المادة 9/2 من قانون الجرائم الإلكترونية على تجريم حيازة مواد إباحية أو إحرازها، خلافا لما غفل عنه المشرع الأردني في المادة 319 من قانون العقوبات.
وعند التعمق بنص المادة 9/2 من قانون الجرائم الالكترونية الأردني، قد يحتاج الجاني في مرحلة أولى، وقبل القيام بعرض أو نشر المواد الإباحية بواسطة الحاسوب والانترنت، إلى إعدادها وحفظها وتخزينها بواسطة أدوات معدة لإنشاء البيانات الالكترونية، مثل القرص المضغوط CD أو Flash Memory أو غيرها من أدوات التخزين الرقمية، وبعد ذلك تأتي المرحلة الثانية عندما يقوم بتوصيل هذه الأدوات الالكترونية بالحاسوب لنقل المواد الإباحية وتحميلها عليه، وذلك ليتسنى له استخدام الانترنيت في عرضها أو نشرها أو ترويجها.
وبالرجوع إلى نص المادة 9/2 من قانون الجرائم الالكترونية، نجد أن المشرع جرم استخدام معلومات أو الشبكة المعلوماتية في إنشاء أو إعداد أو حفظ أنشطة أو أعمال إباحية…الخ، وقد وضح المشرع مفهوم نظام المعلومات بأنه:” مجموعة البرامج والأدوات المعدة لإنشاء البيانات الالكترونية، أو إرسالها أو تسلمها أو معالجتها أو تخزينها أو إدارتها أو عرضها بالوسائل الالكترونية“[53].
ومن هنا فإن تحميل المواد الإباحية باستخدام الأدوات الالكترونية في مرحلة لازمة لإتمام القيام بفعل ” الإعداد” وهو الذي يعني تهيئة المواد الإباحية المراد استخدامها وتحضيرها، وفعل ” الحفاظ” وهو الذي يعني تخزين هذه المواد وتأمين وجودها وتمكين العودة إليها بعد تهيئيها وتحضيرها، وعليه فإن هذه الأفعال معا تشكل فعل الحيازة للمادة الإباحية، فالجريمة تقوم بمجرد حيازة المواد الإباحية وإحرازها على أدوات معدة لإنشاء البيانات الإلكترونية، حتى لو لم يتم تحميلها على جهاز الحاسوب تمهيدا لنشرها أو ترويجها أو عرضها، متى كانت الفئة المستهدفة من ذلك هي الأطفال.
وتقوم هذه الجريمة وتكتمل بتوافر قصد خاص، بالإضافة إلى القصد الجرمي العام، فالقصد العام يكون بعلم الجاني بسلوكه، واتجاه إرادته للقيام بالفعل وإحداث النتيجة[54]، أما القصد الخاص والذي تطلبه المشرع هنا فهو أن تكون الغاية من الفعل في التأثير على الطفل أو توجيهه أو تحريضه على ارتكاب جريمة، ونلاحظ أيضا هنا أن الجريمة من نوع الجنحة وهي التي قرر لها المشرع عقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين وبغرامة لا تقل عن ألف دينار ولا تزيد على خمسة آلاف دينار.
- جناية استغلال الحدث في الأعمال الإباحية
جرمت المادة 9/3 من قانون الجرائم الالكترونية[55] استغلال الطفل في الدعارة أو في الأعمال الإباحية باستخدام نظام المعلومات أو الشبكة المعلوماتية، وتميزت هذه الفقرة بتشدد المشرع فيها والذي اعتبر الجريمة هنا من نوع الجناية، وجاء هذا التشدد نظرا لما يمثله الاستغلال الجنسي للطفل في أعمال الدعارة أو الأعمال الإباحية من انتهاك خطير لعرض الطفل وشرفه ولإرادته، والتي تجعل منه سلعة وبضاعة يتعامل بها تجار الرذيلة والشاذون لجني المال وإشباع غرائزهم المنحرفة[56].
ويتمثل الركن المادي في هذه الفقرة بفعل الاستغلال، ويشترط المشرع أن يقع الاستغلال على من لم يكمل الثامنة عشرة من عمره، أو أي شخص معوق نفسيا أو عقليا، وذلك باستخدام نظام معلومات أو الشبكة المعلوماتية، وهذا يعني أنه إذا وقع فعل استغلال الطفل بالدعارة أو الأعمال الإباحية بالوسائل العادية، فإنه لا مجال لتطبيق هذا النص، بل تسري النصوص التقليدية التي بيناها سابقا والواردة في قانون العقوبات[57].
أما الركن المعنوي هنا فيتمثل بالقصد العام، ويقوم بعلم الجاني بفعله المجرم، واتجاه إرادته إلى إحداث هذا الفعل وتحقيق النتيجة الضارة وهي استغلال الطفل.
وكما أشرنا في البداية فإن هذه الجريمة من نوع الجنايات، والتي قرر لها المشرع عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة، وغرامة لا تقل عن خمسة آلاف دينار ولا تزيد عن خمسة عشر ألف دينار، وينبغي الإشارة هنا إلى أن المشرع الأردني في المادة 16 من قانون الجرائم الإلكترونية، شدد العقوبة وجعلها مضاعفة في حال تكرار أي جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون.
ونرى من خلال ما تضمنه نص المادة 9 من قانون الجرائم الالكترونية الحالي بمحاوره الثلاثة، معالجة المشرع الأردني للفراغ التشريعي الحاصل في القوانين العقابية، وذلك بوضع القواعد والنصوص القان
ونية اللازمة لحماية الأطفال من الاستغلال الجنسي عبر وسائل الاتصال الحديثة، متجاوزا بذلك القصور التشريعي ومواكبا للتطور المستمر في تكنولوجيا المعلومات ووسائل الاتصالات التي تستخدم كأدوات في ارتكاب الاعتداءات الجنسية على الأطفال.
الفقرة الثانية: موقف التشريع المغربي
لم يواكب التشريع المغربي بعد، الاهتمام الدولي الكبير بمسألة حماية الطفل من الاستغلال الجنسي عند استخدام وسائل الاتصال الحديثة من خلال مواقع التواصل الالكترونية، ولكن هذا لا ينفي وجود بعض النصوص التشريعية القليلة المتصلة بهذا المجال، وخاصة بعد دخول القانون 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء[58] حيز التنفيذ، ومن الاعتداءات الجنسية الالكترونية التي طالها التجريم بصورة عامة.
أولا: التحرش الجنسي بالوسائل الإلكترونية
يجرم المشرع المغربي كل من أمعن في مضايقة الغير بأفعال أو أقوال أو إشارات ذات طبيعة جنسية أو لأغراض جنسية، ويعاقب المشرع على ذلك بالحبس من شهر واحد إلى ستة أشهر وغرامة من 2.000 إلى 10.000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين[59]، وعليه لقد نص القانون الجنائي المغربي على صيغة تسمح للقاضي الجنائي بتطبيقها على صور التحرش الجنسي التي تقع عبر وسائل الاتصال المختلفة.
أ – استغلال الأطفال في المواد الإباحية
جرم المشرع المغربي صور التحريض أو التشجيع أو تسهيل استغلال أطفال تقل سنهم عن ثمان عشرة سنة في مواد إباحية، وذلك بإظهار أنشطة جنسية بأية وسيلة كانت سواء أثناء الممارسة الفعلية أو بالمحاكاة أو المشاهدة أو تصوير للأعضاء الجنسية للأطفال، يتم لأغراض ذات طبيعة جنسية، وذلك تحت طائلة العقوبة بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من عشرة آلاف إلى مليون درهم وتطبق نفس العقوبة على كل من قام بإنتاج أو توزيع أو نشر أو استيراد أو تصدير أو عرض أو بيع أو حيازة مواد إباحية من هذا النوع ويعاقب على هذه الأفعال حتى لو ارتكبت عناصرها خارج المملكة كما تطبق نفس العقوبة على محاولة الأفعال المذكورة[60].
والمواد الإباحية هو ما يصطلح عليه في مجال القانون الالكتروني أو المعلوماتي بالبورنوغرافية الطفولية، التي يستخدم فيها الوسائل المعلوماتية بشكل مكتف، وعليه فقد حقق المشرع المغربي بدون شك حماية فعالة للطفل المغربي من مخاطر المواد الإباحية الموجودة على مواقع الانترنت بصورة خاصة، كما أحسن المشرع المغربي بذكر عبارة أية وسيلة أخرى في نص المادة 2-503 من القانون الجنائي، ليوسع بذلك من نطاق التجريم، بحيث أصبح يشمل أيضا الاستغلال الجنسي للطفل بطريقة الكترونية[61].
- النشر الإلكتروني للمواد الماسة بالأخلاق
يجرم قانون الصحافة والنشر المغربي[62] الذي سبق الحديث عنه عرض أو بيع أو تقديم للأطفال النشرات الالكترونية، متى احتوت على مادة معدة للدعارة أو البغاء أو الإباحية بصفة عامة، وذلك تحت طائلة المسؤولية الجنائية والغرامة بقيمة 100.000 إلى 500.000 درهم، وعلى ذلك فقد يسعفنا قانون الصحافة والنشر المغربي، في مواجهة بعض جرائم الاستغلال الجنسي للطفل في مجال الصحافة الالكترونية[63].
ثانيا: محدودية حماية الطفل من الاستغلال الجنسي عبر شبكة الانترنت.
نص المشرع المغربي من خلال الفصل 2-503 من القانون الجنائي على أنه يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من عشرة آلاف إلى مليون درهم كل من حرض أو شجع أو سهل استغلال أطفال تقل سنهم عن ثمان عشرة سنة في مواد إباحية، وذلك بإظهار أنشطة جنسية بأية وسيلة كانت سواء أثناء الممارسة الفعلية أو بالمحاكاة أو المشاهدة أو أي تصوير للأعضاء الجنسية للأطفال يتم لأغراض ذات طبيعة جنسية”.
بقراءة الفصل أعلاه يتضح أن المشرع جرم أي تحريض أو استغلال جنسي للقاصرين كيفما كانت الوسيلة المستعملة، فكان على المشرع أن يحدد الوسيلة المرتكبة بها الفعل الجرمي لحصرها في تلك الوسيلة بعينها.
كما أن المشرع المغربي في تجريمه لتحريض القاصرين، واستغلال صورهم، وتعريضهم لمواد جنسية، وكذلك بتجريمه للتحرش الجنسي المرتكب عن طريق التقنية الرقمية، قد سد بعض الفراغات التشريعية بخصوص حماية الأخلاق والآداب العامة نسبيا في هذا المجال، وتلافي بذلك الانتهاكات الأخلاقية للأطفال عبر شبكة الانترنت والتي كانت تظل بمنأى عن أي متابعة جنائية لغياب نص تجريمي خاص يعاقب على ارتكابها[64].
بالرغم مما تقدم، مازال التشريع الجنائي المغربي يعاني من فراغ تشريعي قد يحول دون حماية الأطفال من الاستغلال الجنسي الالكتروني، وخاصة ما يتعلق بتجريم الإباحية ضد الأطفال القاصرين والمرتكبة بوسائل الاتصال عن بعد، فقد اكتفى المشرع بذكر أوجه الحماية الجنائية المقررة للقاصرين في مواضيع تجريمية تقليدية مختلفة.
والواقع أن صور الحماية التي فرضتها النصوص القانونية التقليدية غير كافية لمواجهة الاستغلال الجنسي للأطفال في صورته المستحدثة، ولاسيما المرتكب بواسطة التقنية الرقمية والانترنت، والتي قد تعرض الطفل للانحراف أو تجعله محلا لهذا الاستغلال الجنسي، وتمثل بالتالي اعتداء ماديا ومعنويا على سلامة الأطفال وحقهم في ملكية صورهم والاستغلال المادي لها، فالنصوص العقابية المغربية السالف ذكرها لا يمكن التوسع في تطبيقها أو القياس عليها تجنبا لخرق القواعد الجنائية والمبادئ الجزائية العامة التي تقضي بالشرعية، فلا جريمة ولا عقوبة إلا بنص.
كما يلاحظ أن ندرة القوانين المنظمة لجرائم التحرش الجنسي بالأطفال عبر الانترنت دفعت بالقضاء إلى الاستنجاد بالقواعد المنظمة لهذه الجريمة في القانون الجنائي التقليدي من أجل سد الفراغ، لكون نصوص القانون الجنائي غير قادرة على استيعاب الجرائم الالكترونية وضمنها جريمة الاستغلال الجنسي للقاصرين عبر شبكة الانترنت.
كما يلاحظ أن المشرع تعامل مع الجرائم المتعلقة بالاستغلال الجنسي للقاصرين عبر الانترنت بتحفظ، إذ لا نجد أي فصل يعاقب على الاستغلال الجنسي للأطفال في السياحة الجنسية، ويساهم هذا الغموض في إفلات كل من سولت له نفسه ارتكاب هذه الجريمة.
وبخلاف المنهج الذي اتبعه المشرع المغربي يلاقي موقف المشرع الأردني من خلال إصداره لقانون الجرائم الالكترونية قدرا كبيرا من الاستحسان، حيث واكب المشرع الأردني بذلك الاهتمام الدولي الكبير بمسألة حماية الطفل عند استخدام وسائل الاتصال الحديثة، وسعى جاهدا إلى تجريم كافة أنماط الاستغلال الجنسي للطفل التي قد ترتكب عبر وسائل الاتصال الالكترونية وعلى الأخص شبكة الانترنت.
خاتمة
نخلص مما ذكرناه سالفا وشرحناه آنفا أن الاستغلال الجنسي للأطفال سواء كان عبر الوسائل التقليدية أو الوسائل الحديثة ، أصبح يشكل مشكلة اجتماعية قائمة بذاتها، رغم أن المشرعين الجنائيين المغربي والاردني ، قد بدلوا مجهودات كبيرة في سبيل القضاء على هذه الظاهرة أو على الأقل الحد منها ، فبخصوص الجرائم الحديثة يتضح جليا أن المشرع المغربي تعامل بتحفظ مع الجرائم المتعلقة بالاستغلال الجنسي للأطفال عبر شبكة الانترنيت على خلاف المشرع الأردني الذي عمل على إصدار القانون المتعلق بالجرائم الالكترونية لحماية الأطفال من الاستغلال الجنسي عبر شبكة الأنترنيت.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] . نظام دور إيواء المجني عليهم والمتضررين من جرائم الاتجار بالبشر الأردني رقم 30 لسنة 2012، منشور في الجريدة الرسمية عدد 5153، بتاريخ 16/04/2012، ص: 1624.
[2] . فاروق أبو زيد: ” مدخل إلى علم الصحافة “، مصر- القاهرة، عالم الكتب، الطبعة 2، 1998، ص: 47.
[3] . القانون رقم 88.13 والمتعلق بالصحافة والنشر المغربي، بموجب ظهير شريف 1.16.122، صادر في 6 من ذي القعدة 1437، 10 أغسطس 2016.
[4] . سناء بحرون : ” الجرائم الجنسية المرتكبة ضد الأطفال “، رسالة ختم الدروس بالمعهد الأعلى للقضاء، الجمهورية التونسية، وزارة العدل، السنة القضائية: 2001- 2002، ص: 126- 127.
[5]. عبد الله الأحمدي : ” قانون جنائي خاص، الجرائم الأخلاقية”، الرباط، شركة بابل للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 1998،ص: 284.
[6] .غير المقطع الأول من الفصل 608 من مجموعة القانون الجنائي، بموجب الفصل الأول من القانون رقم 380 المغيرة بموجبه بعض مقتضيات القانون الجنائي، السالف الذكر.
[7]. سناء بحرون :” الجرائم الجنسية المرتكبة ضد الأطفال “، مرجع سابق ، ص: 128.
. المادة 74 من القانون الجديد للصحافة والنشر المغربي.[8]
[9] . محمد بلحاج الفحصي :” استغلال الأطفال في المنظومة الجنائية، مقاربة سوسيو قانونية ” ، مطبعة دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع بالرباط، الطبعة الأولى، أكتوبر 2015، ص: 215.
[10] . محمد بلحاج الفحصي : ” استغلال الأطفال في المنظومة الجنائية، مقاربة سوسيو قانونية “، مرجع سابق ، ص: 215.
[11] . المادة 75 من قانون الصحافة والنشر المغربي.
[12] . المادة 78 من قانون الصحافة والنشر المغربي.
[13] . الفصل 499 من ق.م.ج.
[14] . نص الفصل 497 من ق.م,ج على أنه:” يعاقب بالحبس من سنتين إلى عشر سنوات وبغرامة من عشرين ألف إلى مائتي ألف درهم كل من حرض القاصرين دون الثامنة عشرة على الدعارة أو البغاء أو شجعهم عليها أو سهلها لهم”، كما نص الفصل 498 من ذات القانون على أنه:” يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وبالغرامة من خمسة آلاف إلى مليون درهم، ما لم يكن فعله جريمة أشد كل من ارتكب عمدا أحد الأفعال الآتية:
– أعان أو ساعد أو حمى ممارسة البغاء أو جلب الأشخاص للبغاء وذلك بأية وسيلة كانت.
– أخذ بأي شكل كان نصيبا مما يحصل عليه الغير عن طريق البغاء أو الدعارة أو أخذ معونات من شخص اعتاد على تعاطي البغاء أو الدعارة وهو يعلم بذلك.
– عاش مع شخص اعتاد على تعاطي البغاء وهو يعلم بذلك.
– استخدم أو استدرج أو سلم أو حمى شخصا بقصد ممارسة البغاء أو الدعارة برضاه أو مارس عليه ضغوطا من أجل ممارسة البغاء أو الدعارة أو الاستمرار في ذلك.
– مارس الوساطة، بأية صفة كانت، بين من يتعاطى البغاء أو الدعارة وبين من يستغل بغاء الغير أو دعارته أو يؤدي مقابلا عن ذلك.
– ساعد من يستغل بغاء أو دعارة الغير على إعطاء تبرير وهمي لموارده المالية.
– عجز عن تبرير مصادر مالية ملائم لمستوى معيشته في الوقت الذي يعيش فيه مع شخص اعتاد على تعاطي البغاء أو الدعارة أو له علاقات مشبوهة مع شخص أو عدة أشخاص يتعاطون البغاء أو الدعارة.
– عرقل أعمال الوقاية أو المراقبة أو المساعدة أو إعادة التربية التي تقوم بها القطاعات أو الهيآت أو المنظمات المؤهلة لذلك تجاه أشخاص يمارسون البغاء أو الدعارة أو معرضين لتلك الممارسة”.
[15] . تم تغيير وتتميم هذا الفصل بمقتضى المادة الثالثة من القانون 24.03 المتعلق بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي، السالف الذكر.
[16] . الفصل 499 من ق.م .ج.
[17] . تم تغيير هذا الفصل بمقتضى المادة الأولى من القانون 24.03 المتعلق بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي، السالف الذكر.
[18] . تما إضافة الفصل 2-503 من ق.م.ج بمقتضى المادة 5 من القانون 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، السالف الذكر.
[19] . الفصل 1-1-503 من ق، م.ج.م. تمت إضافته بمقتضى المادة 5 من القانون 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء.
[20] . الفصل 504 من ق.ج.م.
[21] . قانون المطبوعات والنشر الأردني وتعديلاته رقم 8 لسنة 1998، عدد الجريدة الرسمية 4300، الصفحة 3162، بتاريخ 1/9/1998.
[22] . إن أول ما يمكن ملاحظته بخصوص المقارنة بين هذا النص وبين الفصل 65 من القانون المتعلق بالصحافة والنشر المغربي الملغى، هو أن المشرع رفع سن القاصر من 16 سنة إلى 18 سنة، مما يوضح حرصه على حماية الشباب مما قد يصيبه من نشرات منافية مع أخلاقهم من جهة، وإصلاح المجتمع من جهة أخرى.
– محمد الفحصي : ” الاستغلال الجنسي للأطفال”، بحوث ومقالات المغرب ، مرجع سابق ، ص:16.
[23] . الفقرة الثانية من المادة 80 من قانون الصحافة والنشر المغربي.
[24] . محمد لمعشكاوي : ” المفيد في شرح قانون الصحافة والنشر بالمغرب “، الدار البيضاء، مطبعة النجاح، الطبعة الأولى، 2009، ص: 227.
[25] . الفصل 79 من قانون الصحافة والنشر المغربي.
[26] . محمد بلحاج الفحصي : ” حماية الأطفال ضحايا الاستغلال من خلال نصوص جنائية خاصة “، المجلة المغربية للقانون الجنائي والعلوم الجنائية، المغرب، وجدة، مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، المجلد/ العدد 4: 5، عدد الصفحات 39-125، 2017، ص: 139 و ما قبلها.
[27] . يوسف ربحي :” الحماية الجنائية للطفل ضحية الاستغلال الجنسي عبر شبكة الانترنت “، رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، سيدي محمد بن عبد الله، فاس، السنة الجامعية 2012/2013، ص : 38.
[28] . البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن بيع الأطفال واستغلال الأطفال في البغاء وفي المواد الإباحية، مرجع سابق.
[29] . نانسي النوابسه : ” جريمة الاستغلال الجنسي للأطفال عبر الانترنت: دراسة مقارنة بين التشريع البريطاني والفرنسي والمصري والأردني” ، اطروحة دكتوراه، الأردن، جامعة عمان العربية، كلية القانون، 2011، ص: 27.
[30] . سعيدة حليمي : ” الاستغلال الجنسي التجاري للأطفال بين الواقع والتشريع “، رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، فاس، السنة الجامعية : 2014/2015،ص: 71.
[31] . ومن أشهر مواقع وأدوات الاتصال الاجتماعي الالكترونية:
– الفيس بوك: Facebook
– الماسنجر:Messe nger
– تويتر: Twitter
– سنا بشات:Snapchat
– الانستجرام:Instagram
– الواتساب:Whattsapp
– بوتيم:Botim
– الأيمو: Imo
– الفايبير: Viber
– نبز: Nimbuzz
– لاين: line
– تانجو: Tango
– سكايب : Skype
– وغير ذلك من برامج التواصل الاجتماعي الالكترونية، التي ما زالت تصدر وتستحدث إلى وقتنا الحاضر، جعفر علي : ” جرائم تكنولوجيا المعلومات “، مصر- القاهرة: دار النهضة العربية، الطبعة الأولى، 2013، ص: 470.
[32] . والجدير بالذكر أن هذا الأمر قد وصل إلى بعض الدول العربية الإسلامية ومنها الأردن، وذلك من خلال بث أجزاء من ” مسلسل جن” الذي يروي قصة شباب وأطفال من خلال عرض سينمائي يمارسون به سلوكيات إباحية والتحدث بمصطلحات خادشة للحياء العام، حيث تم عرض الفيلم على المنصة الالكترونية العالمية ” نتفليكس” Netflix، وقد حقق مسلسل جن ضجة اجتماعية كبيرة في أول يوم لعرضه، واتهمه ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي بخدش الحياء العام من خلال اللقطات الجريئة والكلمات المستخدمة في المسلسل، وعليه أمر المدعي العام في العاصمة عمان بإيقاف عرض المسلسل بشكل فوري والإيجاز لوحدة الجرائم الالكترونية بمباشرة كافة الإجراءات الأمنية المطلوبة بهذا الشأن، لمخالفة المسلسل لقواعد الأخلاق والآداب العامة إضافة إلى وجود مقاطع إباحية، وقد نفت هيئة الإعلام الأردنية عن عرض أو دعم مسلسل جن وقالت أنها غير مسؤولة عن مراقبة المسلسل، وأعلنت الهيئة متابعتها لعملية منع عرض المسلسل داخل الأردن، كما وعدت إقليم البترا باتخاذ إجراءات قانونية ضد المسؤولين عن المسلسل على اعتبار أن المسلسل قد تم تمثيله على إقليمها، وذلك لما يتضمنه المسلسل من إساءة لأخلاق الشعب الأردني ومخالفته الشريعة الإسلامية ، وقال مفتي عام للمملكة الأردنية الهاشمية أن مسلسل جن ” انحدار أخلاقي وقيمي لا يمثل عادات الأردنيين وأخلاقهم وخروج عن التعاليم الإسلامية”، ودعى لوضع حلول تمنع عرض مثل هذه المسلسلات لاحقا، إلا أن شبكة نتفليكس وصفت ما حدث من ردود فعل على المسلسل والممثلين ، وأطلقت عبر برنامج تويتر Twitter تهديدا لكل من يطلق الألفاظ الجارحة على طاقم عمل المسلسل، ووضحت الشبكة أن أعمالها ترتكز حول قيم التنوع والشمولية وتوفير مشاهدة أمنة لمحبي المسلسلات، وذلك كله على حساب سلوك الأطفال وأخلاقهم.
– عبد الإله النوايسة :” الحماية الجنائية للأطفال من الإباحة في قانون الجرائم الالكترونية الأردني والتشريعات المقارنة “، مجلة جامعة الشارقة للعلوم الشرعية والقانونية، المجلد 14، العدد 2، 2017، ص: 240.
– نتفليكس بالانجليزية Netflix : هي عبارة عن شركة ترفيهية أمريكية أسسها ريد هاستنغز ومارك راندولف في أغسطس لسنة 1997، في سكوتش فالي- كاليفورنيا، وتتخصص هذه الشركة في تزويد خدمة البث الحي والفيديو حسب الطلب وتوصيل الأقراص المدمجة عبر البريد في عام 2013، توسعت شركة نتفليكس بإنتاج الأفلام والبرامج التلفزيونية، وتوزيع الفيديو عبر الانترنت، اعتبارا من سنة 2017، واتخذت شركة نتفليكس مدينة لوس غانوس- كاليفورنيا مقرا لها.
– موقع الكتروني، ويكيبيديا، الموسوعة الحرة تاريخ الزيارة: 14/04/2021، الساعة 23.09 الرابط المباشر :
https://ar.wikipedia.org/wiki/
– وحدة الجرائم الالكترونية: هي جهاز أمني يتبع إلى إدارة الباحث الجنائي لدى مديرية الأمن العام في المملكة الأردنية الهاشمية بالعاصمة عمان، ولها موقع رسمي على برنامج الفايسبوك: www.facebook.com/cybercrimesjordan/.
جن: هو مسلسل دراما وفنتازيا عربي أردني عرض على الانترنت الفيلم من إنتاج شركة نتفليكس الأمريكية، وتم إطلاقه لأول مرة في 13 يونيو 2019، وهو من تأليف وإنتاج ايلان وراجيف داساني، وإخراج المخرج اللبناني مير جان بوشعيا الحلقات 1،2،5 وإخراج المخرج الأردني أمين مطالقة الحلقات 3 و4 ويعتبر جن أول مسلسل عربي يعرض عبر شبكة نتفليكس العالمية حيث سيعرض ب 29 لغة مختلفة ويقدم في 190 دولة عبر الانترنت، وتتوقع نتفليكس أن يتابع المسلسل 150 مليون مشترك من حول العالم تدور القصة المسلسل في مدينة عمان العصرية والبتراء القديمة، ويحكي المسلسل قصة مجموعة من المراهقين وكيف تخضع صداقاتهم وأحاسيسهم الرومانسية للاختبار عندما يستدعون قوى الجن الخارقة إلى عالمهم دون قصد، ويصبح الجن أقوى ويزداد المشهد ضبابية بين الخير والشر، في الوقت الذي لا يعرف طلاب الثانوية بمن يثقون، فهل يتمكنون من إيجاد الإجابات المطلوبة لإنقاذ أصدقائهم، ويعد مسلسل “جن” الأول من عدة أعمال عربية أصلية من منطقة الشرق الأوسط المقرر إطلاقها في منصة نتفليكس مع إنظمام أخر هو مدرسة الروابي للبنات، ومسلسل ما وراء الطبيعة إلى قائمة الأعمال العربية التي ستعرض على نتفليكس، وقد ساهم بالمسلسل العديد من الممثلين الأردنيين، وكان أول ظهور لأبطال المسلسل على شاشة التلفاز.
[33] . عبد الإله النوايسة :” الحماية الجنائية للأطفال من الإباحة في قانون الجرائم الالكترونية الأردني والتشريعات المقارنة “، مرجع سابق ، ص: 240.
[34] . الباب السابع من قانون العقوبات الأردني.
[35] . محمد نجم وعبد الرحمن توفيق : ” الجرائم الواقعة على الأشخاص والأموال في قانون العقوبات الأردني “، عمان، ب.د.ن، 1987، ص: 217.
[36] . سفيان الخوالدة : ” الحماية الجزائية للطفل في قانون العقوبات الأردني- دراسة مقارنة “، رسالة ماجستير، الأردن، المفرق: جامعة آل البيت، 2010، ص:199.
[37] . للتذكير: نصت المادة 319 من ق،ع،ا، على أنه: ” يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر وبغرامة لا تزيد عن خمسين دينارا كل من:1- باع أو أحرز بقصد البيع أو التوزيع أية مادة بذيئة مطبوعة أو مخطوطة أو أية صورة شمسية أو رسم أو نموذج أو أي شيء أخر يؤدي إلى إفساد الأخلاق، أو طبع أو أعاد طبع مثل هذه الأشياء والمواد بأية طريقة أخرى بقصد بيعها أو توزيعها 2- عرض في محل عام أي تصوير أو صورة شمسية أو رسم أو نموذج بذيء أو أخر قد يؤدي إلى إفساد الأخلاق ، أو وزع مثل هذه الأشياء لعرضها في محل عام 3- أدار أو اشترك في إدارة محل بتعاطي بيع أو نشر أو عرض أشياء بذيئة مطبوعة كانت أو مخطوطة أو صورة شمسية أو رسوم أو نماذج أو أية أشياء أخرى قد تؤدي إلى إفساد الأخلاق. 4- أعلن أو أذاع بأية وسيلة من الوسائل أن شخصا يتعاطى بيع هذه المواد والأشياء البذيئة أو طبعها أو إعادة طبعها أو عرضها أو توزيعها”.
[38] . عمر المومني : “الحماية الجزائية للأطفال من الاستغلال الجنسي عبر الانترنت في التشريع الأردني/ دراسة مقارنة “، رسالة ماجستير، الأردن: جامعة جرش- عمادة البحث العلمي والدراسات العليا، 2016، ص: 87 وما قبلها.
[39] . محمد سعيد نمور : ” شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية “، الأردن- عمان دار الثقافة للنشر والتوزيع، الطبعة الرابعة، 2016، ص:219.
[40] . قانون الاتصالات الأردني رقم 13 لسنة 1995، عدد الجريدة الرسمية 4072، الصفحة 2939، بتاريخ: 1/10/1995.
[41] . المادة 75 من قانون الاتصالات الأردني.
[42] . قانون المعاملات الالكترونية الأردني رقم 15 لسنة 2015، منشور بالجريدة الرسمية عدد 5341، الصفحة 5292، بتاريخ: 17/05/2015.
[43] . مبدأ الشرعية الجزائية، وهو الذي يقضي بأنه: ” لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص” ، وقد نصت المادة 3 من ق،ع،ا على أنه: ” لا جريمة إلا بنص ولا يقضي بأي عقوبة أو تدبير ما لم ينص القانون عليهما حين اقتراف الجريمة، وتعتبر الجريمة تامة إذا تم تنفيذها دون النظر إلى وقت حصول النتيجة”.
[44] . قانون جرائم أنظمة المعلومات المؤقت الأردني رقم 30 لسنة 2010، الصادر في الجريدة الرسمية، عدد رقم 3056، بتاريخ 16/9/2010.
[45] . قانون الجرائم الالكترونية الأردني رقم 27 لسنة 2015، الصادر في الجريمة الرسمية، عدد رقم 5631، بتاريخ 4/5/2015.
[46] . المذكرة الإيضاحية لقانون جرائم أنظمة المعلومات الأردني المؤقت، رقم 30 لسنة 2010، ص: 12.
[47] . نصت على أنه : ” يعاقب كل من أرسل أو نشر عن طريق نظام معلومات أو الشبكة المعلوماتية قصدا كل ما هو مسموع أو مقروء أو مرئي يتضمن أعمالا اباحية يشارك فيها أو يتعلق بالاستغلال الجنسي لمن لم يكمل الثامنة عشرة من العمر بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على سنة وبغرامة لا تقل عن 300 دينار ولا تزيد على 5000 آلاف دينار”.
[48] . حمزة أبو عيسى : ” جرائم تقنية المعلومات “، الأردن- عمان، دار وائل للنشر، الطبعة الأولى، 2016، ص: 162 و ما بعدها.
[49] . الجنحة في التشريع الجنائي الأردني هي: الحبس، وهو وضع المحكوم عليه في أحد مراكز الإصلاح والتأهيل المدة المحكوم بها عليه وهي تتراوح بين أسبوع وثلاث سنوات، المادة 21 من ق.ع.ا.
[50] . نصت على أنه: “يعاقب كل من قام قصدا باستخدام نظام معلومات أو الشبكة المعلوماتية في إنشاء أو إعداد أو حفظ أو معالجة أو عرض أو طباعة أو نشر أو ترويج أنشطة أو أعمال إباحية لغايات التأثير على من لم يكمل الثامنة عشرة من العمر أو من هو معوق نفسيا أو عقليا، أو توجيهه أو تحريضه على ارتكاب جريمة بالحبس مدة لا تقل عن سنتين وبغرامة لا تقل عن 1000 دينار ولا تزيد على 5000 دينار”.
[51] . المذكرة الإيضاحية لقانون جرائم أنظمة المعلومات الأردني المؤقت، مرجع سابق، ص: 13.
[52] . حمزة أبو عيسى : ” جرائم تقنية المعلومات “، مرجع سابق، ص: 16 وما بعدها.
[53] . المادة 9/2 من قانون الجرائم الالكترونية الأردني.
[54] . رضا محمد عيسى :” النظام الجزائي في قانون العقوبات “، محاضرات في كلية الدراسات التطبيقية، قسم العلوم الإدارية والإنسانية، جامعة الملك سعود، المملكة العربية السعودية، بدون ذكر السنة، ص: 58.
[55] . نصت المادة 9/3 من قانون الجرائم الالكترونية الأردني على أنه:” يعاقب كل من قام عمدا باستخدام نظام معلومات أو الشبكة المعلوماتية لغايات استغلال من لم يكمل الثامنة عشرة من العمر أو من هو معوق نفسيا أو عقليا في الدعارة أو الأعمال الإباحية بالأشغال الشاقة المؤقتة وبغرامة لا تقل عن 5000 دينار ولا تزيد على 15000 خمسة عشر ألف دينار”.
[56] . أحمد محمد اللوزي ومحمد عبد المجيد الذنيبات : ” الجريمة الاباحية الالكترونية كما نظمها قانون جرائم أنظمة المعلومات الأردني “، مجلة دراسات، علوم الشريعة والقانون، الأردن- عمان- الجامعة الأردنية، مجلد 42، العدد 3، 2015، ص: 481.
[57] . حمزة أبو عيسى : ” جرائم تقنية المعلومات “، مرجع سابق، ص: 167.
[58] . القانون 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء ، ظهير شريف رقم 1.18.19 ، الصادر في 5 جمادى الاخرة 1439 ( 22 فبراير 2018 ) ، الجريدة الرسمية عدد 6655 بتاريخ 23 جمادى الاخرة 1439 ( 12 مارس 2018 ) ، ص : 1449.
[59] . ينص الفصل 1-1-503 من قانون محاربة العنف ضد النساء على أنه : ” يعتبر مرتكبا لجريمة التحرش الجنسي ويعاقب بالحبس من شهر واحد إلى ستة أشهر وغرامة من 2.000 إلى 10.000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من أمعن في مضايقة الغير في الحالات التالية :
- في الفضاءات العمومية أو غيرها ، بأفعال أو أقوال أو إشارات ذات طبيعة جنسية أو لأغراض جنسية .
- بواسطة رسائل مكتوبة أو هاتفية أو إلكترونية أو تسجيلات أو صور ذات طبيعة جنسية أو لأغراض جنسية.
تضاعف العقوبة إذا كان مرتكب الفعل زميلا في العمل أو من الأشخاص المكلفين بحفظ النظام والأمن في الفضاءات العمومية أو غيرها ” .
[60] . الفصل 2-503 من ق.ج.م.
[61] . ليلى حمى : ” انتهاك الأخلاق والخصوصية عبر شبكة الانترنت، في التشريع المغربي “، مجلة بحوث العلاقات العامة، للشرق الأوسط، مصر: الجمعية المصرية للعلاقات العامة، العدد 15، الصفحات241-264، 2017، ص: 253.
[62] . المادة 79 من قانون الصحافة والنشر المغربي.
[63] . أمين أعزان : ” حماية القاصر عند استخدام شبكة الانترنت “، مجلة الحقوق، المغرب: منشورات سلسلة المعارف القانونية والقضائية، الإصدار 44، الصفحات: 105- 113، 2016، ص: 110.
[64] . ليلى حمى : ” انتهاك الأخلاق والخصوصية عبر شبكة الانترنت، في التشريع المغربي “، مرجع سابق، ص: 254.