المحكمة كضامن لحقوق الزوجين على ضوء حكم قسم قضاء الأسرة بالرباط
بناء على الحكم الصادر عن قسم قضاء الأسرة بالمحكمة الابتدائية بالرباط، ملف رقم 19-1620-1269 بتاريخ 9-03-2020. والذي قضى برفض الطلب الذي تقدم به الزوج بصفته مدعيا، يطلب بمقتضاه الحكم له على زوجته بصفتها مدعى عليها، بتمكينه من الدخول بها دخولا شرعيا. وهو الأمر الذي ردت عليه المدعى عليها بأنها لا تمانع تنفيذه، مشترطة في ذلك المعاشرة بالمعروف وتبادل الاحترام والمودة تحت سقف واحد.
وهو الحكم الذي يجعلنا نتساءل حول مدى أحقية الزوج في تقديم طلبه وما الجدوى منه؟ وهل التزمت المحكمة بالقانون وجاء حكمها مصادف للصواب؟
وللإجابة عن هذه الأسئلة، سنحاول تقديم بعض التوضيحات في النقاط التالية.
أولا: من حيث طلب الزوج.
إن طلب الزوج مقبول شرعا وقانونا، تحقيقا للمقاصد الشرعية للزواج، وهو طلب أجازه المشرع في المادة 52 من مدونة الاسرة، حيث اعطى لطرفي عقد الزواج متى أخل أحدهم بواجباته إمكانية مطالبته بتنفيذ ما هو ملزم به. تلك الواجبات المحددة بمقتضى المادة 51 من نفس المدونة ولا سيما المساكنة الشرعية بما تستوجبه من معاشرة زوجية، التي تعد اساس طلب الزوج ولا تمانع الزوجة تنفيذه. والذي يعد غاية الزواج ولا سيما الإحصان والعفاف وإنشاء أسرة مستقرة، كما نص على ذلك المشرع في المادة 4 من مدونة الأسرة.
وعليه فإن الزوج له الصفة والمصلحة المشروعة ومحق في طلبه الرامي الى إلزام الزوجة بتمكينه من الدخول بها وحماية حق يعد من أهم الحقوق الشرعية للزوج بمجرد العقد. والمحكمة كانت ملزمة بقبول الطلب مادامت الزوجة نفسها لا تمانع بالرغم من انها تشرط لذلك المعاشرة بالمعروف وتبادل الاحترام والمودة تحت سقف واحد.
ثانيا: من حيث جدوى الطلب.
بالرغم من ان تنفيذ الحكم في هذه القضية هو تنفيذ ذو طبيعة خاصة، الا ان الزوجة ملزمة بتنفيذه. مع مراعاة شرط المعاشرة بالمعروف وتبادل الاحترام والمودة تحت سقف واحد كما أكدت الزوجة نفسها في ردها. لأن من شأن هذا الطلب والحكم بالاستجابة له والعمل على تنفيذه أن يمهد لاستحقاق مجموعة من الحقوق والالتزام بمجموعة من الواجبات تتحقق بالمساكنة الشرعية بما تستوجبه المعاشرة الزوجية. والتي لا يمكن المطالبة بها الا بالبناء، وإذا لم يتحقق البناء لا تستحقها الزوجة كلها او بعضها ومنها ما يسقط عن الزوج إذا لم يتحقق البناء.
كعدم استحقاق الزوجة الا نصف الصداق المسمى اذا وقع الطلاق قبل البناء. ولا تستحق الصداق كله قبل البناء إذا حدث الطلاق في زواج التفويض. المادة 32 من مدونة الاسرة. كما ان تحقق البناء أو إذا دعته للبناء فإن الزوجة تستحق النفقة، بعد ان يكون قد عقد عليها. المادة 194 من نفس المدونة.
وبالتالي فإن الاستجابة لطلب الزوج يثبت حق الزوجة في الصداق كله او بعضه بتحقق البناء أو إذا دعته للبناء كما أن النفقة تجبه، أو من شأنه أن يسقط عن الزوج الالتزام بالنفقة اذا امتنعت الزوجة عن تنفيذ الحكم وتعد ناشز، والنشوز سبب مسقط للنفقة بموجب المادة 195 من مدونة الأسرة. أو استرجاع نصف الصداق المسمى إذا وقع الطلاق قبل البناء.
ثالثا: من حيث التزام المحكمة بالقانون.
مدام الطلب مقبولا شرعا وقانونا وجدي، فالمحكمة عند حكمها برفض الطلب تكون حكمت بغير ما طلب منها وخرقت بذلك مقتضيات الفصل 3 من قانون المسطرة المدنية. ولم تلزم بطلبات الأطراف وغيرت تلقائيا الطلب ولم تلتزم بالقوانين المطبقة على النازلة. ولم تأخذ بعين الاعتبار روح الشريعة ومبادئ العدالة عند تفسيرها للنصوص وجاء حكمها منافيا لقيم الفضيلة وخارقا للقانون.
رابعا: بشأن الحديث المستدل به
تجدر الإشارة الى أن الحديث المستدل والذي ردت به المحكمة طلب المدعي هو حديث ضعيف لا يفيد العلم اليقيني ولا حتى أنه يفيد ظنا قريبا من اليقين وبالتالي لا يجب العمل به على فرض أن المحكمة استدلت به في محله، وكان على المحكمة التأكد من صحة سنده. لأن الأحكام الشرعية يجب أن تبنى على الأدلة القطعية الثبوت.
تلكم هي بعض النقاط القانونية التي يثيرها الحكم حاولنا توضيحها بشكل مقتضب لكل غاية مفيدة.