الشهادة الإدارية الممنوحة في إطار الإصلاح الزراعي (شهادة رفع اليد)
ورثت الدولة المغربية من الاستعمار الفرنسي أساليب التنظيم الزراعي العصرية، لكنها لم تشأ أن ترسيها كنظام شامل يهم كل المزارعين كباراً كانوا أم صغاراً، بحكم أن الزراعات كانت تفرض آنذاك واقعها الناتج عن ارتباطات اجتماعية (توارث الأرض، ونسق العائلة الممتدة…) وأخرى ثقافية متمثلة في تحكم القبيلة في نظام الزراعة والري، وأمام هذا المشهد وتجاوزا لمعيقات الارث الاستعماري الذي ضل يحول دون تطوير أساليب التنظيم الزراعي، عملت الدولة على إطلاق عدة برامج بغية وضع سياسات و يرامح الإصلاح الزراعي تهدف إلى استرجاع الأراضي المملوكة من المستعمرين الفرنسيين، وتأسيس زراعة تضامنية وتعاونية،على أساس إعادة توزيعها على المزارعين الصغار بشكل عادل،
فكما هو معلوم أقدمت الدولة قبل مطلع الستينات على توزيع جزء من الأراضي الفلاحية التابعة لملك الدولة الخاص علة صغار الفلاحين و قد تم إذا التوزيع إما بموجب نصوص تنظيمية خاصة تتعلق ببعض التجزءات، و إما قي غياب نص قانوني منظم لعملية التوزيع
فيعد إحداث نظام الإصلاح الزراعي الصادر يشأنه المرسوم الملكي بمثابة قانون رقم 66/267 الذي سيعوض فيما بعد بالظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.72.277 و النصوص الأخرى المصاحبة له ارتأت السلطات المحلية إدماج عمليات التوزيع في الإطار ألعام لهذا النظام حيث تم من اجل ذلك إصدار الظهير الشريف رقم 1.72.454 الذي يمدد بموجبه إلى القطع الأرضية الفلاحية أو القابلة للفلاحة الموزعة قبل 9 يوليوز 1966 التشريع و النظام المتعلقين بالإصلاح الزراعي ، غير انه بعد الشروع في عملية الاندماج تبينت صعوبات تتعلق بتطبيق التشريع الخاص بهذا الأخير هذه التوزيعات و لتسوية وضعية المستفيدين من هذه الأراضي تم إصدار مجموعة من القانونين المتعلقة باستصلاح الأراضي الزراعية المندرجة ضمن المساحات المحددة، من اجل إلزام المزارعين بتقوية إنتاجهم، مع استفادتهم من نظام منح وإعانات لتحفيزهم على مكننة الزراعة وعصرنتها.
ونظرا لأهمية الموضوع، نتساءل عن الشروط القانونية المتطلبة في المرشحين لنيل أراضي فلاحية واستغلالها في إطار عملية الإصلاح الزراعي؟ وما هي المسطرة المتبعة في شأن الشهادة الإدارية المتعلقة برفع اليد والوثائق الأساسية المطلوبة؟ والتزامات المستفيدين من تلك الأراضي؟
كما سنتطرق من خلال مقالنا هذا إلى الإجابة عن الإشكالية التي كان يطرحها القانون السابق و المتعلقة بحالة المستفيد الوحيد، وهل القانون الجديد، رقم 63.18 بتغيير وتتميم الظهير الشريف بمثابة قانون يتعلق بمنح بعض الفلاحين أراض فلاحية أو قابلة للفلاحة من ملك الدولة الخاص يطبق على الورثة الذين هم في دعوى قضائية منذ سنين مع الوارث الواحد الذي تم تمرير القطعة إليه بعد وفاة المستفيد الأصلي، ولا زالت المحكمة لم تفصل في الموضوع، أم أنه سيطبق على الحالات الجديدة فقط .
الفقرة الاولى: شروط المرشحين لنيل أراضي فلاحية
صدر بالجريدة الرسمية عدد 7006 ، المؤرخة و 2021.07.22 ، الظهير الشريف رقم 1.21.69 الصادر في 3 ذي الحجة 1442 ( 2021.07.14 )بتنفيذ القانون رقم 63.18 بسن أحكام جديدة لتسوية وضعية بعض الفلاحين المستفيدين سابقا من أراض فلاحية أو قابلة للفلاحة من ملك الدولة الخاص والذي يغير ويتمم بموجبه الظهير الشريف رقم 172.277 بتاريخ 22 من ذي القعدة 1392 ( 1972.12.29 ) بمثابة قانون يتعلق بمنح بعض الفلاحين أراض فلاحية أو قايلة للفلاحة من ملك الدولة الخاص كما تم تغييره وتتميمه ، وقد تضمن القانون المذكور عدة مقتضيات جديدة ذات صلة بمجال عملكم يمكن بيانها فيما يلي :
- – لتنصيص على الشروط الواجب توفرها في المرشحين لنيل أرض فلاحية ( الفصل 5 )
و هكذا قمن من خلال الاطلاع على القانون رقم 63.18 القاضي بتغيير وتتميم الظهير الشريف بمثابة قانون يتعلق بمنح بعض الفلاحين أراض فلاحية أو قابلة للفلاحة من ملك الدولة الخاص، يجب أن يستوفي المرشحون لنيل أراضي فلاحية، بعض الشروط التي حددها القانون كالتالي:
– أن يكونوا مغاربة، وأن يزاولوا بصفة رئيسية أو عادية، مهمة فلاح أو نشاط فلاحي تؤدى عنه أجرة،
– أن يكونوا قادرين بنية على استغلال أرض فلاحية، وبالغين من العمر أقل من 45 سنة،
– أن يكونوا ذوي مروءة، ويشترط فيهم أن يكونوا أيضا من سكان الناحية أو مقيمين منذ خمس سنوات على الأقل في إحدى الجماعات التي يقع اختيار الأفراد الموزعة عليهم الأراضي من بين سكانها،
– أن يكون لهم دخل أقل من الدخل الذي يمكن الحصول عليه من القطعة الأرضية المطلوبة، وأن يكونوا علاوة عن ذلك منتمين إلى أحد الأصناف
أ – عملة دائمين أو مستغلين للأرض التي هي موضوع التجزئة
ب – أعضاء في مجموعة سلالية مستقرة في إحدى الجماعات التي يقع اختيار الأفراد الموزعة عليهم الأراضي من بين سكانها،
ج – ملاكين مستغلين لأرض فلاحيه ذات مساحة ضئيلة.
كما ينص القانون على أنه لا يمكن أن تسلم قطعة أخرى لزوج الشخص المسلمة إليه قطعة أرضية، وإذا انعقد الزواج بين شخصين مسلمة إليهما قطعتان أرضيتان تعين عليهما إرجاع إحدى القطعتين، حسب اختيارهما، بطلب من اللجنة المنصوص عليها في الفصل السابع، وداخل الأجل المحدد من طرف هذه اللجنة، وعند عدم إرجاع القطعة في الأجل المذكور يعلن عن سقوط حق أحد الزوجين وفق الكيفيات المقررة.
ومن الضروري أن يتعهد المرشحون لنيل الأرض
1- بالتخلي للدولة عن الأراضي الفلاحية التي يملكونها والحقوق المشاعة التي يتوفرون عليها في أراض فلاحية ؛
2- التنازل عن حقوقهم في أرض الجماعة التي ينتمون إليها.
ويسري كذلك مفعول تنازل أعضاء الجماعات على فروعهم الذين لم يحصلوا بعد على صفة ذوي الحقوق، ويثبت التخلي في عقد يبرم بين الفرد المسلمة إليه الأرض ووزير الفلاحة والإصلاح الزراعي ووزير الداخلية ووزير المالية
الفقرة الثانية: مسطرة رفع اليد والوثائق الأساسية المطلوبة
تتم تسوية وضعية المستفيدين من القطع الأرضية الموزعة في إطار الإصلاح الزراعي بتنسيق مع القطاعات المعنية وفق الشروط التالية:
تقديم طلب رفع اليد: إذ يجب على المستفيد تقديم طلب رفع اليد للمصالح الجهوية لوزارة الفلاحة مرفوقا بمجموع الوثائق التي تفيد أداءه للأقساط السنوية و الفوائد و كدا الديون الاتفاقية سواء لفائدة التعاونية الفلاحية أو للمؤسسات البنكية.
دراسة الطلب: حيث تتم دراسة الطلب من قبل لجنة مكونة من ممثلين محليين لكل من وزارة الفلاحة ومديرية أملاك الدولة اعتمادا على الوثائق المدلى بها من طرف المستفيد.
إعداد المحضر: وذلك عن طريق إعداد محضر يتضمن رأي اللجنة.
إعداد قرار رفع اليد: بحيث في حالة الموافقة، يتم إعداد قرار رفع اليد و توقيعه من طرف المصالح المختصة ، ثم يتم إيداعه بالمحافظة على الأملاك العقارية من أجل التشطيب على التحملات التي تثقل الرسم العقاري للمستفيد من القطعة.
أما بخصوص الوثائق الأساسية اللازمة لسير المسطرة فهي على الشكل التالي:
1 طلب خطي
2 شهادة تسلم من قبل القابض المختص تثبت أداء المعني بالأمر لثمن القطعة الممنوحة له.
3 شهادة مسلمة من قبل المجلس الإداري للتعاونية التي ينتمي إليها المعني بالأمر تثبت الوفاء بالديون التي في ذمته اتجاه هذه الأخيرة بما فيها القروض الممنوحة من طرف القرض الفلاحي أو مؤسسات أخرى.
4 شهادة عقارية للقطعة الموزعة على المستفيد، وإذا تعددت القطع فشهادة لكل قطعة.
5 شهادة من بطاقة التعريف الوطنية مصادق عليها.
6 شهادة الحياة.
الفقرة الثالثة: التزامات المستفيدين من أراضي فلاحية
نص القانون الجديد على ان القطع الموزعة بموجب هذا الظهير الشريف، غير قابلة للقسمة والتفويت ما عدا إذا كان ذلك لفائدة الدولة كما أنها غير قابلة للحجز. وتعتبر العقود المبرمة خلافا لهذه المقتضيات باطلة، و في حالة وفاة الشخص المسلمة إليه القطعة، فإن هذه القطعة وأموال التجهيز اللازمة لاستغلالها تسلم لوارث واحد من ورثته ماعدا إذا استرجعت الدولة القطعة طبق الشروط المحددة في الفصول التالية، ويتحتم على الوارث المسلمة له القطعة الأرضية أن يؤدي لباقي الورثة قيمة حقوقهم، غير أن الورثة يكونون ملزمين على وجه التضامن باستثمار القطعة والمحافظة على عناصر استغلالها إلى أن يتقرر تسليمها أو استرجاعها، كما انه يجب على الشخص المسلمة له القطعة أن يفي بالالتزامات الملقاة على عاتقه أو التي تعهد بها لأجل استغلال القطعة أو استثمارها، وإلا تعرض للعقوبات المنصوص عليها في الفصل 24 من الظهير المنظم، ويلزم على الخصوص ب:
- في ما يخص القطع الفردية،استغلال القطعة شخصيا وبكيفية فعلية ومستمرة بمساعدة أفراد أسرته القاطنين معه وبدون أية شركة أو إيجار أو استعمال يد عاملة مأجورة دائمة؛ في ما يخص القطع الجماعية، المساهمة شخصيا وبكيفية فعلية ومستمرة في استغلالها
- الامتناع من مزاولة كل نشاط آخر تؤدى عنه أجرة إلا في حالة عرضية ؛
- الإقامة بالمكان المبين في كناش التحملات الموضوع عند تسليم القطعة ؛
- الانخراط في التعاونية المؤسسة بين الأفراد الموزعة عليهم الأراضي لتسهيل استغلال القطع وتسويق المنتوجات إذا كان المستفيد قد سلمت له قطعة فردية ؛
- – تسديد أقساط الثمن والسلفات المحصل عليها من مؤسسات القرض عند حلول أجل أدائها.
الفقرة الرابعة: إشكالية المستفيد الوحيد
أثار القانون رقم 06.01 العديد من المشاكل بين ورثة المستفيدين الذين وافتهم المنية، ولم يتمكنوا من الحصول على شهادة رفع اليد، حيث تبقى القطعة الأرضية خاضعة لنظام الإصلاح الزراعي ويعاد منحها إلى أحد الورثة فقط، عكس المستفيدين الذين حصلوا على شهادة رفع اليد،
و بعد صدور لقانون الجديد رقم 63.18 القاضي بتغيير وتتميم مقتضيات الظهير الشريف بمثابة قانون يتعلق بمنح بعض الفلاحين أراض فلاحية أو قابلة للفلاحة من ملك الدولة الخاص، حيث أصبح بمقتضاه تمنح القطعة إلى جميع الورثة وفق قواعد الإرث بعد وفاة المستفيد الأصلي، بدلا من وارث واحد بالتوافق وفق أحكام الميراث عوض تسليمها لوارث واحد كما كان من قبل الفصل 15 ) وقد تم على إثر ذلك نسخ الفصول 16 و 17 و 19 و 20 و 29 من الظهير المذكور ،حيث تصبح ملكا خاصا لهم، ويكون لكل وارث الحق في الاستفادة من حصته بعد وفاة مورث، وفي حالة عدم وجود وارث تسترجع الدولة القطعة وأموال التجهيز اللازمة لاستغلالها.
و وفقا لاحكام القانون رقم 18/63، أصبحت جميع القيود والالتزامات المقيدة بالرسوم العقارية الممنوحة للمستفيدين لتصبح القطعة خالية من أي تحمل عقاري وقابلة للاستثمار عبر الولوج إلى قروض، ومن إعفاء الفلاحين الصغار من أداء ما تبقى من ثمن البيع، كما جاء ذلك في مذكرة المحافظ العام عدد 11/2021 قي شأن القانون رقم 18/63 حيث نصت على امكانية رفع الموانع و الالتزامات المنصوص عليها في ظهير 1972 و في عقود البيع و كنانبش التحملات الملحقة بها و التشطيب عليها الرسوم العقارية من طرف المحافظ ، وبالنسبة للقطع الأرضية الواقعة قي مدارات فير مشمولة كليا او جزئيا بوثائق التعمير.
وأخيرا، و بخصوص مدى إمكانية تطبيق مقتضيات القانون رقم 63.18 بتغيير وتتميم الظهير الشريف بمثابة قانون يتعلق بمنح بعض الفلاحين أراض فلاحية أو قابلة للفلاحة من ملك الدولة الخاص على الورثة الذين هم في دعوى قضائية منذ سنين مع الوارث الواحد الذي تم تمرير القطعة إليه بعد وفاة المستفيد الأصلي، ولا زالت المحكمة لم تفصل في الموضوع، أم أنه سيطبق على الحالات الجديدة فقط ؟وفي هذا الصدد نقول مادام ان القانون الجديد يهدف الى تعميم الاستفادة من تلك الأراضي بين جميع الورثة و مادامت تلك القضايا لم يفصل فيها بعد، فإننا نرى أن القانون الجديد هو الأنسب من حيث تطبيقه لكونه أصلح للجميع من حيث أثاره الهادفة والعادلة وبين الورثة فيما بينهم مما يحقق لنا عدالة وامنا عقاريا في هذا الموضوع.