الهوية الوطنية الراسخة كضابط تشريعي – مقوم الدين الإسلامي نموذجا –
يعتمد القانون لتنظيم العلاقات الإنسانية في المجتمع المنظم سياسيا على فرض المبادئ التي يقتنع بها، سواء رجعت هذه المبادئ إلى المعتقدات الدينية التي تحدد الخير والشر والعدل والظلم، أو الأعراف، أو التشريعات التي يلزم ألا تتصادم مع هذه المعتقدات وتفسيراتها المتنوعة ومع المصالح الإجتماعية كذلك. ويحتاج التشريع من أجل هذا كله إلى ضوابط تضبطه، وقيود تقيده، حتى لا يتأثر بمصالح المشرع وأصحاب النفوذ ورؤاهم السياسية والأجتماعية، وقد اعتبر واضع الدستور المغربي لسنة 2011 كل ذلك في إطار مفهوم “الهوية الوطنية الراسخة”.
وتأسيسا على ذلك جاز لنا التساؤل حول المدى الذي يمكن فيه اعتبار الهوية الوطنية الراسخة ضابطا تشريعيا في النظام القانوني المغربي؟
للإجابة على هذا التساؤل سنحاول بداية الوقوف على ماهية الهوية الوطنية ودسترتها، ثم مدى إعتبار الهوية الوطنية ضابطا تشريعيا.
المحور الأول: ماهية الهوية الوطنية ودسترتها
لقد عمل الدستور على التنصيص في تصدريه وفصوله على الهوية وأنها ذات محتوى متعدد، فهي فضلا عن انفتاحها على الحداثة بمكوناتها الديمقراطية والحقوقية، فإن أصولها وجذورها الضاربة في القدم مما يشكل النواة الصلبة للمجتمع المغربي حاضرة في سياق اعتبار مفهوم الهوية، مما يثير التساءول حول ماهية الهوية الوطنية وأهمية دسترتها.
الفقرة الأولى: مفهوم الهوية الوطنية.
تشكل الهوية الوطنية الراسخة بمكوناتها الثلاثة “الوطن، اللغة، الدين” ولا سميا الدين منها أهم قيد على النظم القانونية. وإذا كانت الهوية هي ما به يكون الشئ هو هو، مما يحقق ذاته ويحدد تميزه، فإنها بالنسبة لأي مجتمع وعاء ضميره ومشاعره، وخلاصة فكره وذهنيته، ومجموع القيم والمقومات التي تكيف وعيه وإرادته وتطبع كيانه وشخصيته؛ إذ بإعتبارها ذاتا وطنية يبدأ تشكلها من البيئة في جانبيها الطبيعي والبشري، وما لها بالتعدد والتنوع من غنى يتجلى في مختلف مظاهر المجتمع. ثم لا يلبث هذا التشكيل أن ينصهر في الدين بما له من تأثير على النظم التي تربط سير المجتمع، وكذا على الفكر والسلوك بدءا مما تحدده شرائع هذا الدين، والذي يتحدد وفق اختيارات المغرب السنية، أي الموافقة لما عليه أهل السنة والجماعة في أربعة عناصر، العقيدة الأشعرية في التوحيد بما ترسبه عقيدته في المفاهيم والتصورات، المذهب المالكي في الفقه، التصوف السنى في السلوك، الإمامة العظمى التي يقول بوجودها أهل السنة، والتي تتمثل عند المغاربة في إمارة المؤمنين.
وإذا كانت المملكة المغربية حريصة، لدى وضعها لدستورها الجديد، على التعبير على الانخراط في الحداثة من خلال توطيد مؤسسات دولة مستوعبة لشروط ومعايير حداثية، وعن التشبت، في ذات الوقت، بخصوصية هويتها الوطنية خصوصا فيما تقتضيه تدويل وهيمنة حقوق الإنسان التي تتصف بالكونية.[1] الأمر الذي انتقل بالهوية الوطنية من مجرد أفكار ومعتقدات إلى معيار دستوري يوجب احترامه في شتى مناحي الحياة الخاصة والعامة.
الفقرة الثانية: دسترة الهوية الوطنية في دستور 2011
إن الحديث عن الهوية الوطنية يقتضي الحديث عن الهوية الدستورية للمملكة المغربية بكل مكوناتها، والتي تم التعبير عنها صراحة في سبع مواطن في الدستور تحت إسم الهوية الوطنية أو المغربية، وذلك في التصدير الذي ينص في فقرته الثانية على أن” المملكة المغربية دولة إسلامية ذات سيادة كاملة، متشبثة بوحدتها الوطنية والترابية، وبصيانة تلاحم وتنوع مقومات هويتها الوطنية، الموحدة بانصهار كل مكوناتها، العربية الإسلامية، والأمازيغية، والصحراوية الحسانية، والغنية بروافدها الإفريقية والأندلسية والعربية والمتوسطة، كما أن الهوية المغربية تتميز بتبوء الدين الاسلامي مكان الصدارة فيها.. “
وقد تكرر الحديث عن الهوية الوطنية أو المغربية في الفقرة الرابعة من التصدير بخصوص مسألة سمو الاتفاقيات الدولية، وفي الفقرة الثالثة من الفصل الخامس بشأن صيانة الحسانية، وفي الفقرة الأولى من الفصل 16 وفي الفصل 163 المتعلقين بصيانة الهوية الوطنية للمواطنات والمواطنين المغاربة المقيمين في الخارج، وفي الفصل 31 بشأن المسؤولية المنوطة بالدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية للعمل على” التنشئة على التشبت بالهوية المغربية والثوابت الوطنية الراسخة” بالإضافة إلى ما جاء في الفقرة الثالثة من الفصل الأول من كون الأمة تستند “في حياتها العامة على ثوابت جامعة، تتمثل في الدين الاسلامي السمح، والوحدة الوطنية متعددة الروافد، والملكية الدستورية، والإختيار الديمقراطية.” كما أنه نص في الفصل 175 ” لا يمكن أن تتناول المراجعة الأحكام المتعلقة بالدين الاسلامي، وبالنظام الملكي للدولة، وبالإختيار الديمقراطي للأمة، وبالمكتسبات في مجال الحريات والحقوق الأساسية المنصوص عليها في هذا الدستور.”
المحور الثاني: ضرورة توافق التشريع مع الهوية الوطنية
لا يخرج القانون، بحسبانه أحد أهم منتجات الحضارة البشرية عن هذه القاعدة، فالقانون كائن حي يتطور بتطور المجتمعات، وكثير من القوانين الحديثة هي امتداد لقوانين قديمة اهتدت إليها البشرية عبر مسيرتها كقواعد لنظم العيش المشترك، وتطورت إلى أشكال أكثر حداثة. وقد كان الدين في أصل القواعد القانونية لدى الأمم كافة، حتى ظهرت الدولة الحديثة ففصلت القانون عن أصله الديني، ومع ذلك ظل الدين ماثلا في القواعد القانونية لدى الدولة الحديثة بشكل أو بآخر، كمكون من مكونات الهوية ينشأ في القانون.
الفقرة الأولى: الهوية الوطنية الراسخة “الدين أنمودجا” مصدر رسمي للقاعدة القانونية
لقد نص الدستور المغربي في الفقرة الثانية من التصدير على أن “المملكة المغربية دولة إسلامية ذات سيادة كاملة متشبتة بوحدتها الوطنية والترابية … كما أن الهوية المغربية تتميز بتبوء الدين الإسلامي مكان الصدارة فيها…” وقد نصت الفقرة الأخيرة من التصدير على أن هذا الأخير يشكل جزءا لا يتجزأ من الدستور. وهو ما نصت عليه الفقرة الثانية من الفصل الأول من الدستورعلى أنه: ” تستند الأمة في حياتها العامة على ثوابت جامعة تتمثل في الدين الإسلامي السمح…” بالإضافة إلى ما أكده الفصل الثالث من الدستور على أن الإسلام دين الدولة، والدولة تضمن لكل واحد حرية ممارسة شؤونه الدينية”.
وعليه فإن النظام الأساسي الذي تقوم عليه الدولة المغربية هو الإسلام[2]، وأنه المصدر الذي تأخذ عنه، والمرجع الذي تنتهي إليه، والحاكم الذي تأتمر به وتنهي بنهيه. فوجود هذه النصوص في الدستور المغربي، وهو أسمى نص في تراتبية التشريعات والقوانين، يقتضي أن يتمثل المشرع مبادئ الشريعة الإسلامية وهو بصدد سن تشريعات جديدة، فلا يحل حراما، ولا يحرم حلالا، ملتزما في ذلك بمبادئ الشريعة وروحها في جميع التشريعات والأنظمة[3].
وبهذا تكون الهوية الوطنية الراسخة بكل مكوناتها ولا سميا الدين، صمام الأمان للحفاظ على الخصوصية في قوانين الهوية فيما يتعلق بتداول وهيمنة حقوق الإنسان. وعلى الرغم من رسوخها، تتعرض لمختلف عوامل التغييرية أو بالأحرى تتفاعل معها في نطاق بعض المظاهر القابلة للتطور والتجديد، دونما مس بما فيها من ثوابت، مهما يكن أثر تلك العوامل ومهما يصل هذا الأثر إلى درجة التحدي الذي لا شك أن الهوية تكون قادرة على مواجهته والصمود في وجهه. غير أن الهوية لن تكون قادرة على المواجهة والصمود إذا كانت مضربة في حالة مرضية، إلا بوجود آليات دستورية تراقب مدى احترام التشريعات للهوية الوطنية.
الفقرة الثانية: الاليات الدستورية لضمان سيادة الهوية الوطنية في التشريع.
إذا كانت الشريعة الإسلامية هي الدستور الأساسي للمسلمين، فكل ما يوافق هذا الدستور صحيح، وكل ما يخالف هذا الدستور فهو باطل مهما تغيرت الأزمان وتطورت الآراء في التشريع. بما أن الدين الإسلامي يتبوء الصدراة في الهوية المغربية فإن ذلك يقتضي مراقبة مدى موافقة التشريعات للهوية المغربية للحفاظ على ما حفظته الشريعة الإسلامية للوجود الإنساني بما يعرف في الفقه بالضروريات التي حددها علماء الأصول في حفظ الدين والنفس والعقل والمال والعرض، فضلا عن حفظ حاجيات هذا الوجود، وذلك بوضع أحكام العلاقات الإنسانية في سائر المعاملات، وحفظ تحسينات الوجود الإنساني من مكارم الأخلاق ومحاسن العادات، وبذلك أجملت الشريعة مقاصدها بالضرورية والحاجية والتحسينية.
مما يقتضي وجود آليات تحفظ الدين وتصون الضروريات، ولعل أهم هذه الآليات نجد البيعة التي تعتبر من أهم الثوابت التي يحرص الإسلام على بقائها ركيزة أساسية لنظامه الدستوري، وقاعدة صلبة لبناء الدولة. وبالبيعة يحمل أمير المؤمنين أمانة الحكم والمسؤولية، ويتعهد بحفظ حقوق الرعية والسهر على خيرها وصلاحها، وتلقي على كاهل أمير المؤمنين مجموعة من الالتزامات أبرزها حفظ الدين وصيانته كبعد أساسي في هويتنا الروحية التاريخية.
هذا بالاضافة إلى ترسيخ دور المحكمة الدستورية[4] في مراقبة مدى موافقة ومطابقة القوانين والاتفاقيات الدولية للدستور وخلوها من كل ما يخالف الهوية الوطنية الراسخة، وهو ما يستشف من تقييد سمو المواثيق الدولية بعدم مخالفتها للهوية الوطنية الراسخة[5]. الأمر الذي نصت عليه الفقرة الثالثة من الفصل 55 من الدستور في إطار الرقابة الدستورية القبيلة الاختيارية للالتزامات الدولية، والتي جاء فيها ” إذا صرحت المحكمة الدستورية، إثر إحالة الملك او رئيس الحكومة أو رئيس مجلس النواب، أو رئيس مجلس المستشارين، أو سدس أعضاء المجلس الأول، أو ربع أعضاء المجلس الثاني، الأمر إليها، أن التزاما دوليا يتضمن بندا يخالف الدستور، فإن المصادقة على هذا الالتزام لا تقع إلا بعد مراجعة الدستور”. وفي نفس السياق فإن المنطق الدستوري منع في الفصل 175 من “مراجعة الأحكام المتعلقة بالدين الاسلامي… ” الذي يشكل جوهر الهوية الوطنية.
وقد أبرز الدستور هذا الدور من خلال الاختصاصات المسندة إلى المحكمة الدستورية بمقتضى فصول الدستور خاصة تلك المنصوص عليها في الفصل 132 منه المتعلقة بالمراقبة القبيلة للقوانين ومدى مطابتها للدستور. أو في إطار المراقبة البعدية التي نص عليها الفصل 133 من الدستور. مما يعطي للمحكمة المذكورة صلاحية بسط رقابتها على مدى موافقة التشريعات للهوية الوطنية الراسخة للتصريح بمطابقتها للدستور او عدم مطابقتها له في نطاق أحكام الدستور.
وإلى جانب هذا أوجد الدستور حماية تشريعة للهوية الوطنية من خلال منع الأحزاب السياسية من المساس بالدين الإسلامي كما جاء في الفقرة الخامسة من الفصل 7 من الدستور أنه ” لا يجوز أن يكون هدفها المساس بالدين الإسلامي…” وهو ما أكده من خلال الفقرة الثالثة من المادة الرابعة من القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية على أنه ” يعتبر أيضا باطلا كل تأسيس لحزب سياسي يهدف إلى المساس بالدين الإسلامي…” [6]
وختاما:
إذا كان الاجتهاد هو مخزون الطاقة الأثري الذي أورث الشريعة المرونة والتجدد والاستمرار، وهو الذي يمد الأمة بثروة زاخرة من الأحكام العلمية والنظريات الحقوقية التي وجهت حياتها الخاصة والعامة ردحا من الزمن، وهو فسلفة التشريع الإسلامي، فهو بهذا المعنى يبقى مصدرا أساسيا من المصادر التي تقدم إجابات عن أسئلة مهمة تثار في وجه كل نظر تشريعي وفكر قانوني: أولها، مدى استجابة التشريع للنوازل الطارئة والقضايا المتجددة. وثانيها، ما مدى ملاءمة التشريع لمقتضيات التطور الاجتماعي وميزان مصالح الإنسانية. وفي كل ذلك لا يجب أن يخرج عن مقاصد الشريعة الاسلامية السمحة التي تشكل جوهر الهوية الوطنية الراسخة وبالنتيجة ضابطا تشريعيا يجعل من مقوم الهوية ضابطا تقاس به القوانين ذات الخصوصية في ظل تدويل وهيمنة حقوق الإنسان. وما صاحب ذلك من مطالب تمس جوهر الهوية الوطنية، خاصة تلك التي تدعو إلى مراجعة أحكام الميراث وتجاوز الأحكام الشرعية للنسب بالاعتراف بالنسب للأب البيولوجي[7] ورفض التجريم عن الاجهاض والعلاقات الجنسية الرضائية. وهو ما يستقيم وأحكام الدستور التي اعتبرت الهوية الوطنية كمعيار يجب أن تتوافق مع باقي التشريعات والا كانت باطلة.
المراجع المؤسسة للموضوع:
د: محمد أشركي، الحداثة والهوية الدستورية في المغرب أي علاقة، مداخلة في إطار سلسة الدورات الدورة 44 التي نظمتها أكاديمية المملكة المغربية، تحت عنوان من الحداثة الى الحداثات بالرباط : 24-26 يناير 2017
د: إدريس العلوي العبدلاوي، أساس مرجعية أحكام الشريعة الإسلامية كمصدر أساسي للقانون، مقال منشور بمجلة أكاديمية المملكة المغربية العدد 30 سنة 2013
د: رشيد المدور، مستجدات القضاء الدستوري المغربي في نطاق دستور 2011، مقال منشور بمؤلف جماعي تحت عنوان، تجربة الإصلاح الدستوري في المغرب، منشورات منتدى العلاقات العربية والدولية، الطبعة الأولى 2015
د: عبد الكبير العلوي المدغري، المفهوم الدستوري للبيعة في الإسلام،مقال منشور بمؤلف جماعي تحت عنوان مراجعة الدستور المغربي “1992” دراسات وتحاليل، الطبعة الملكية 1992
د: عبد الحميد عشاق، منهج الإجتهاد، مقاربة في منهجية الإجتهاد تفسيرا وتعليلا وتنزيلا، منشورات مركز الموطأ.
[1] الكونية: لا تعني أبدا التعبير عن فكر أو نمط وحيد، بل يجب أن تشكل في جوهرها، نتاجا لدينامية إنخراط تدريجي، عبر مراحل، تصل بها درجة من التملك الفردي والجماعي، تجد فيه التقاليد الوطنية والثقافية مكانها الطبيعي،حول غير قابلة للتقييد. دون تعارض اوتناقض معها. كما أن الكونية تكتسب مشروعية أكبر، حينما تمثل التنوع الإنساني وتحميه وعندما تتبناها كل شعوب وثقافات العالم، وتساهم في صنعها وبلورتها. وهي منظومة مشتركة بين الجميع، أما المسار الذي يؤدي إاليها فيتسم بالخصوصية. الرسالة الملكية الموجهة الى المشاركين في الدورة الثانية للمنتدى العالمي لحقوق الإنسان المنظمة ما بين 27 و30 نونبر 2014.
[2] لقد تم التنصيص على هذه المكانة التي يحظى بها الدين الإسلامي في النسق الدستوري المغربي منذ أول دستور اعتمدته المملكة المغربية والذي هو دستور 1962 والذي جاء في فصله السادس ما يلي: “الإسلام دين الدولة، والدولة تضمن لكل واحد حرية ممارسة شؤونه الدينية.”
[3] وقد سار أمير المؤمنين في هذا السياق من خلال ما جاء في خطاب العرض لسنة 2022 حيث قال جلالته: “وبصفتي أمير المؤمنين ، وكما قلت في خطاب تقديم المدونة أمام البرلمان ، فإنني لن أحل ما حرم الله، ولن أحرم ما أحل الله ، لاسيما في المسائل التي تؤطرها نصوص قرآنية قطعية.
ومن هنا، نحرص أن يتم ذلك ، في إطار مقاصد الشريعة الإسلامية ، وخصوصيات المجتمع المغربي، مع اعتماد الاعتدال والاجتهاد المنفتح ، والتشاور والحوار ، وإشراك جميع المؤسسات والفعاليات المعنية.” انتهى النطق الملكي.
[4] تم تأسيس المحكمة الدستورية بموجب القانون التنظيمي رقم 66.13 المتعلق بالمحكمة الدستورية،, قد تم نشره في الجريدة الرسمية عدد 6288 وتاريخ 04 سبتمبر 2014.
[5] انظر في هذ السياق:
عبد الحكيم الحكماوي: قيود سمو الاتفاقيات الدولية على التشريع الوطني ومحدودية تفعيل القضاء لها، مقال منشور على موقع الجامعة القانونية المغربية الافتراضية.
[6] بالرجوع إلى الفقرة الثانية من المادة الرابعة من القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية نجد أن المشرع حظر على الأحزاب السياسية أن تتأسس على مبادئ من شأنها المساس بالنواة الصلبة للهوية الوطنية الراسخة.
[7] وفي هذا الصدد أصدرت محكمة النقض قرارها عدد 275/1 المؤرخ في 29/09/2020 في الملف الشرعي رقم 365/2/1/2018 قضى بعدم الاعتراف بالبنوة البيولوجية وعدم ترتيب أية آثار قانونية عليها في مقابل الاعتداد بالنسب وفق القواعد الشرعية المستمدة من أحكام الشريعة الإسلامية. ويعتبر هذا التوجه تتويجا لنقاش طويل حول مدى إمكانية الأخذ بالبنوة البيولوجية ولو في أضيق الحدود، حيث انقسم الجدال بين فريقين أحدهما يدعو إلى الاستناد على الاتفاقيات الدولية للقول بحق الطفل الناتج عن علاقة غير شرعية في استحقاق تعويض يؤديه الرجل المتسبب في ولادته، بينما استند الفريق الثاني على مقتضيات مدونة الأسرة التي أحاطت موضوع النسب بقواعد صارمة حفاظا على الأنساب ورتبت آثارا قانونية مستمدة من صميم الشريعة الإسلامية وخاصة الفقه المالكي.