قراءة نقدية لأثر الذكاء الاصطناعي على مستقبل العمل القضائي
منذ مدة طويلة كانت النظم القضائية ولازالت تتبارى في البحث عن آليات تؤدي إلى تيسير التقاضي وتحقيق مرونة الإجراءات وعدم تعقدها، وترفع مستوى الاتصال بين القضاء من ناحية والخصوم ووكلائهم من ناحية أخرى، وترشد نفقات التقاضي على المتقاضين، ومن هنا برز استخدام النظم القضائية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في محاولة للاستفادة من خصائص التقنيات الحديثة، وأهمها السرعة والدقة في تيسير التقاضي وتبسيط إجراءاته تحقيقا للعدالة الناجزة[1].
ولكن ينبغي لتحديد نطاق بحثنا أن نميز بين ثلاثة صور من العدالة في مجال تكنولوجيا المعلومات: الصورة الأولى في العدالة تتجلى في رفع الدعوى وتقييدها وتقديم المدعي لمستنداته من خلال نظام تقني، دون انتقال فعلي إلى مبنى المحكمة، كما يمكن للمدعى عليه تقديم دفوعه وأوجه دفاعه ومستنداته وحضور الجلسات دون انتقاله أيضا إلى مبنى المحكمة، وتباشر إجراءات الدعوى كاملة وتصدر الأحكام عبر وسائل إلكترونية[2].
أما الصورة الثانية فتتجلى في أن يكون الحاسوب بذاته قاضيا إلكترونيا دون تدخل العنصر البشري بما له من سلطة تقديرية في إصدار الأحكام، فالأمر يتعلق بتفاعل المعلومات المدونة على قاعدة البيانات التي يختزلها القاضي الالكتروني مع البرامج المؤتمتة أو أنظمة الذكاء الاصطناعي وذلك بغرض إصدار حكم إلكتروني.
والصورة الثالثة، والتي تشكل نطاق بحثنا، تنحصر في “العدالة التنبؤية”، وهي صورة العدالة الآلية المؤتمتة جزئيا، وتعني صفة الجزئية، ان الأداة الخوارزمية تمثل أداة مساعدة للقاضي البشري في القضية ولا تحل محله في اتخاذ القرار بمفردها[3].
فالعدالة التوقعية ” التنبؤية” مزيج من القانون والذكاء الاصطناعي، بفضل خوارزميات التحليل في الاجتهادات القضائية وآلاف القرارات القضائية الصادرة عن مختلف المحاكم، فالعدالة التوقعية التي تقدم خدمات من خلال ” legaltech” (الشركات المتخصصة في المجال القانوني) ستمكن من تقييم فرص الفوز بالقضية أو المبلغ المحتمل للتعويض أو الحجج للدفاع عن المخاطر القانونية، وبالتالي فهي لا تشير إلى العدالة في حد ذاتها، بل فقط إلى الأدوات التحليلية التي من شأنها أن تجعل من الممكن التنبؤ بالقرارات المستقبلية في النزاعات المشابهة لتلك التي تم تحليلها.[4]
وقد أكدنا في مناسبات سابقة[5] على أن مفهوم العدالة التوقعية هو مفهوم غير دقيق ، إذ بالرغم من أنه حديث و بليغ و غني بالرموز، فإن اختيار التعامل معه يرجع أكثر إلى حقيقة أنه تعبير فرض نفسه بسرعة كبيرة في الاستخدام الاصطلاحي، بغض النظر عن قانونيته أم لا، و غموض المصطلح يسمح بالتمويه عن الغرض المحدد منه[6]، كما أنه يظل خاطئا حسب بعض الفقه[7]، إذ الحقيقة أنه يتعلق باستخدام الأدوات الرقمية لتحقيق قواعد البيانات و الاحتمالات و الاحصائيات المتعلقة ببعض مسائل القانون، و النتيجة المحتملة للتقاضي و تسهيل البحث الأساسي و عبور البيانات، بحيث يصبح عمل المحامين مبسطا باستغلال هذه المعلومات و بصورة أقل عشوائية، إنها ببساطة مساعدة في صنع القرار.
فمفهوم العدالة التوقعية يظل حرفيا غير دقيق، لأنه لا يهدف بأي حال من الأحوال إلى ” العدالة التي تتنبأ”، و لكن بالأحرى، و بصورة عامة “العدالة التي تتنبأ بها الخوارزميات”، التي تجري حسابات بناء على كتل كبيرة من البيانات(Big Data) المفتوحة (Open Data) ، من أجل تحديد التكرارات لغرض التوقع و التنبؤ، و بالتالي فالعدالة التوقعية لن تكون موجودة على هذا النحو، و لن توجد سوى أداة الخوارزمية التوقعية، و بالتالي نتيجة الحسابات المنجزة، لذلك اقترح البعض إدراج المفهوم أو الفكرة في علامات اقتباس، أو استخدام مصطلحات أخرى كالعدالة الحسابية، أو حتى ربطها بالتراث القضائي مثل العدالة الكمية[8].
فكما هو الحال في كثير من الأحيان مع ظهور التكنولوجيا الجديدة، يتم المبالغة في تقدير التأثير على المدى القصير، والتقليل من شأنه على المدى الطويل، إذ في هذا الصدد يبدو أن النقاش المقارن التقليدي قد يصبح من الماضي مستقبلا بسبب التطور المتزامن لأدوات العدالة التوقعية في العديد من البلدان القانونية، لاسيما دول القانون المدني (فرنسا) و دول القانون العام (الولايات المتحدة)، إذ بدأ التساؤل يظهر على وجه الخصوص حول إمكانية أدوات التحليل الكمي للاجتهادات القضائية أن تقارب بين النظم القانونية بسبب ميلها إلى تفسير جديد للقاعدة القانونية ، الأمر الذي من شأنه أن يجعل هذا التفسير يصبح ذا قوة معيارية، وبالتالي نصبح أمام ما يسمى بالقانون متساوي القياس[9].
وعلى أي، إذا ثبت أن التوقع يجب أن يتم بواسطة خوارزميات التعلم الآلي الخاضعة للإشراف والتي تؤدي مهام التصنيف في المعالجة الآلية للغة، فإن التساؤل يظل مطروحا حول جودة التعلم الذي تقوم به الخوارزمية وما إذا كان ذا صلة أم لا، فاقتراح طريقة للتوقع القضائي لابد أن يستجيب في النهاية لمشكلة الثقة في الخوارزميات، فالأمر في النهاية يتعلق بمعرفة قيمة النتائج التوقعية وما إذا كانت الخوارزمية بالفعل تؤدي النتائج التي صممت من أجلها.
هذا التساؤل لم يتم أخذه بعين الاعتبار من طرف الفقه الذي عالج الموضوع كأنه أمر مفروغ منه، فالنتائج الواضحة لا فائدة منها إذا كانت خاطئة، لذا من الضروري واللازم معرفة ما إذا كان النموذج المقترح يستخدم بالفعل تقنيات الذكاء الاصطناعي ويقوم بتنبؤات قضائية موثوقة ويضمن التوقع الجيد للبيانات المستقبلية، لذا يكون من اللازم مقارنة الفئة التي تنبأت بها الخوارزمية مع الفئة الفعلية لتحديد ما إذا كانت النتائج متماثلة أم مختلفة [10].
سنحاول في هذه الأسطر معالجة تأثير استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي على القطاع القضائي التقليدي، و زعزعت منطقه الوظيفي الاعتيادي، وتؤثر في طرق تصريف مضمونه، و في إعادة تشكيل عميق للمشهد القضائي، فالأمر لا يقتصر على كونه نتاجا للعلاقات الجديدة التي تقوم بين التقنية و القضاء، بل بالمجال الرقمي كسوق[11]، حيث تستحق آليات الاشتغال توضيحا للصورة إذا أردنا فهم نطاق الممارسة القضائية الجديدة التي ظهرت حديثا – في الدول التي تبنت المفهوم- و هذا الأمر يوجهنا إلى الميل نحو التحولات الحديثة للتحليل الاقتصادي للنظم القضائية .
1 -إطلالة تاريخية وفلسفية موجزة
تتطلب النظرة العلمية من الباحث ” المعالجة الشاملة للظواهر” حتى يحيط بكافة نواحي الموضوع المطروح للبحث، ويحصل على نتائج سليمة، فيربط بين الظواهر ربطا عاما وعالميا[12]، وفي المجال القانوني يمكن القول إن فهم النظم القانونية المعاصرة على وضعها الصحيح لا يمكن إلا في ضوء ما مرت به من تطورات وتعديلات آخذة بها صوب التقدم والارتقاء من أجل رسم فلسلفة قانونية فذة تكتب على جدار المستقبل التشريعي[13].
لذا يكون من اللازم والضروري تسليط الضوء على العلاقة بين اليقين والعلم والقانون في ضوء التاريخ والفلسفة، إذ لفترة طويلة جدا كان العلماء يحلمون باختراع علم قادر على التنبؤ بالعدالة[14].
إذ نجد في البداية الفيلسوف ” ليبنيز” شرع في تطبيق المنطق الشكلي على القانون وفرض عليه براهين من الصرامة الرياضية مصحوبة بالتمثيل العددي لمعامل اليقين، إذ حلم بحق مؤكد وكامل، خال من أي جدل. فعلى أساس القانون الروماني تخيل نظاما عقلانيا يتكون من نظريات يمكن من خلالها استنتاج كل شيء، إذ بحسبه يعد المنطق والفيزياء والرياضيات مكونات للقانون لا تقل أهمية عن الفلسفة والسياسة، لذلك تمكن من التوفيق بين رؤيته كعالم لاهوت، وكعالم منطق ورياضيات، مما أدى إلى غرس حبه للعلم في بناء القانون [15].
لكن انتصار الوضعية القانونية في القرنين 18 و19 في أوروبا بعد حركة علمنة القانون، أدى إلى اختفاء الدراسات الفلسفية للقانون والتحول إلى تناول القانون كما هو كائن، أي القانون الوضعي الذي يعبر عن إرادة السلطة والذي يكتسب شرعيته من الإجراءات الشكلية التي يصدر بها، فتراجع الفلسفة عن مجال القانون أدى إلى نشأت هذه التيارات الشكلية والوضعية المبررة والمقدسة للتشريعات، وهذا الإفراط أدى على انفصال القانون عن الواقع[16].
فظهور العقلانية في الفكر القانوني خلال هذه الحقبة سمح باستخدام تأثير العلوم الرياضية، وتبرير التفكير القانوني المنطقي القائم على الاستنتاج، مما سمح لهذا النموذج الجديد بظهور الفردية والذاتية، والتخلي عن الأساس الإلهي للقانون [17].
فالملاحظ أن العاملين في مجال الكيمياء مثلا ليسوا بحاجة إلى تحديد الكمياء، بينما علماء القانون لا يسعهم الإفلات من تحديد مفهومه (القانون)، وهذا الأمر يعود قبل كل شيء آخر إلى استحالة تطبيق قاعدة قبل التأكد من أنها فعلا قاعدة قانونية، لذلك فعقدة النقص لدى بعض علماء القانون اتجاه علماء العلوم الطبيعية أدى بهم إلى غرض التوصل من خلال الطريقة الإمبريقية والوصفية إلى معرفة نظام قانوني متجانس من القواعد، يكون هذا النظام خارج التأثير الذي تمارسه القيم الاجتماعية أو خارج التأثير الذي تمارسه غايات القانون والأخلاق[18]، فهو إذن المحرك للتفكير القانوني العلمي وإضفاء الطابع العلمي على القانون.
لذلك كان التعريف الفقهي للقانون ينحصر في أنه “مجموعة من القواعد الملزمة التي تحكم علاقات الناس في المجتمع”، فإن التساؤل يبقى مطروحا عن فحوى هذه القواعد وإلى أي هدف تسير وعن أي مصالح تدافع، لذلك كانت الثورة الصناعية هادفة إلى حماية مصالح البورجوازية الصناعية في أموالها، وهو ما جعل الصلة بين الشكل والواقع في العالم الرأسمالي وطبقا للمذهب الفردي، يسلط الأضواء على الجانب الشكلي في القانون، ويسدل الستار عن الواقع الاجتماعي الذي يعبر عنه القانون الرأسمالي، وهو حماية مصالح الطبقة المالكة[19].
فعدم الثقة في القاضي والخوف من تدخله في العقود والمساس بمصالح الرأسمالية، أدى إلى العدالة الشكلية والتطبيق الآلي للقانون والتعامي عن حاجيات الحياة[20]، والوسيلة المستخدمة في غل يد القاضي وربطه بالقانون الرأسمالي، هي اتباعه لمنهج المنطق الصوري المتسم بالحيادية، الذي يغض من خلاله الطرف عن المضمون بما يشمله من قيم سواء كانت أخلاقية أو سياسية أو قانونية [21].
2- الذكاء الاصطناعي ومعادلة العدالة (العدالة الجنائية نموذجا)
إن تقدير الأدلة وفهم الواقع في الدعوى الجنائية بالنسبة لكل متهم هو شأن لمحكمة الموضوع وحدها، وهي حرة في تكوين قناعتها حسب تقديرها، فلا عليها إن استرسلت بثقتها بالنسبة إلى متهم ولم تطمئن إلى الأدلة ذاتها بالنسبة على متهم آخر دون أن يعد هذا تناقضا في فهم الواقع يعيب حكمها مادام تقدير الدليل موكولا إلى اقتناعها وحدها بغير معقب عليها من محكمة النقض[22].
لذلك، لا تستطيع الخوارزميات الإدانة، فهي غير قادرة على موازنة حجج الدفاع والادعاء، أو تحليل الأدلة، أو تقرير إن كان المتهم نادما بحق، فلا يتوقع منها أن تحل محل القضاة في أي وقت قريب، لكن ما بوسع الخوارزم فعله، هو حساب خطورة إعادة ارتكاب الجريمة، ولأن كثير من القرارات ترتكز على احتمالية عودة الجاني إلى ارتكاب الجريمة، الأمر الذي يجعل هذه الأداة مفيدة جدا [23].
لكن مع هذه الفوائد المحتملة تأتي احتمالية كبيرة للنتائج السلبية، لأن هذه التقنيات والخوارزميات عند استغلالها قد تعرض حقوق الانسان الأساسية للمخاطر، فقد ثبت أن مخرجات خوارزمية “كومباس” كأداة لتقييم مخاطر التفاوت القضائي أو نهج بعض التوجهات، تبث أنها أقل دقة من البشر في التنبؤ باحتمالية عودة المتهم للإجرام، وبالمثل، قد تكون البيانات الضخمة التي تعتمد عليها الشرطة التنبؤية غير صحيحة أو قديمة، كما ثبت قيام الخوارزميات بإعادة إنتاج التحيزات والتمييزات العنصرية الثابتة في السوابق القضائية في حقب سابقة ضد بعض الأقليات، كما يعاب على الخوارزميات عدم شفافيتها وعتامتها الناتج عن ملكيتها للشركات الخاصة والتي تتذرع بحماية الأسرار التجارية خوفا من تسريب تصميمات الخوارزمية الداخلية أو آليات عملها، وهو ما يهدد العدالة الإجرائية، لعدم قدرة المتهم على الوصول إلى نتائج الخوارزمية أو مناقشة آلية عملها[24].
لا شك أن هذا الوصف يغدي قلقا لدى الفقه، إذ قد يسمح بتخيل جميع أنواع الانتهاكات، فهو يدل على الجهل التام بالتقنيات المطبقة، فعتامة الشبكات العصبية تعد خاصية جوهرية للطريقة المستخدمة، إذ على الخوارزمية وحدها إنشاء نموذج للارتباط الخاص بها بين بيانات الإدخال والإخراج، فأهمية خوارزميات التعلم الذاتي تمكن في أنها تقوم بمفردها باكتشاف انتظام بيانات التعلم لتحدد بمفردها الكلمات المناسبة التي سترتبط بالبيانات الجديدة التي ستتوفر عليها[25].
فبالإضافة لما تثيره خوارزميات الذكاء الاصطناعي من إشكالية تتعلق بجودة البيانات التي تشكل قاعدة بياناتها، لاسيما إذا كانت هذه البيانات مشوهة ومضللة، وهو ما يؤثر على جودة مخرجاتها، تثير هذه الخوارزميات أيضا إشكالية تتعلق بتأثيرها غير المباشر على القاضي الجنائي، أو ما يسمى بالتأثير الأدائي لها، فحتى مع كونها أداة مساعدة للقاضي الجنائي في اتخاذ القرار ، و هو ما يمنحه مكنة تعطيل مخرجاتها، إلا أن المخاوف الذاتية للقاضي في عدم صحة ما انتهى إليه عن الاتجاه العام للسوابق القضائية قد تجعله يميل على تبني ما انتهت إليه الخوارزمية ولو كان مضللا أو مشوها، وهو ما يثير انتهاكا لمبدا استقلال القاضي الجنائي وحياده الذاتي[26].
3-العدالة التنبؤية والمنطق القضائي
إن الصيغة التي تلخص سلطة القاضي هي مقتضيات الفصل 3 من ق م م، الذي ينص على أنه ” يتعين على المحكمة أن تبت في حدود طلبات الأطراف … وتبت دائما طبقا للقوانين المطبقة على النازلة …” فقراءة هذا المقتضى ستؤدي إلى اعتبار أن عملية اصدار الحكم تتلخص في التفكير المنطقي الذي يكون على النحو التالي: (تحليل الوقائع وتكييفها، وتحديد الوقائع هو المقدمة الصغرى أو الثانوية والقانون الواجب التطبيق هو المقدمة الكبرى أو الرئيسية، وبالتالي يتم الحصول على الاستنتاج أو النتيجة)، ومع ذلك فإن هذه العملية المعرفية في الحكم القضائي لا تكون بهذه البساطة[27].
ستبحث الآلة في معايير مختلفة يحددها المبرمجون (مثل مدة الزواج – الوضع المهني – التفاوت في الوضع المادي- العمر- الحالة الصحية للأطراف … للحصول على مزايا تعويضية) عن الروابط المحتملة مع النتائج التي أعلنتها المحكمة (المبلغ المستحق المعلن عنه وفقا لهذه المعايير)[28].
إن صيغة العدالة التوقعية غير دقيقة، إذ تنبني على الاعتقاد بأن استخدام الأدوات الخوارزمية لتحليل السوابق القضائية الحالية من شأنه أن يجعل من الممكن التنبؤ بما ستكون عليه القرارات و الأحكام في المستقبل، و هذا اعتقاد خاطئ، لأن الماضي لا يسمح لنا بالضرورة بالتنبؤ بالمستقبل، هذا من جهة، و من أخرى، فإن اللجوء إلى “التعلم الآلي” لا يسمح لنا بالضرورة بمعرفة الحجج القانونية التي يستند إليها الحكم أو القرار ، لذلك فإنه حسب البعض[29] يمكن فهم أن العدالة التوقعية تساعد فقط في تحديد حجم الخطر بدلا من التنبؤ بمحتوى القرار.
لذلك، فإذا كان من المرجح أن تتجنب العدالة التوقعية تقلبات العمل القضائي، الذي يختلف من محكمة إلى أخرى حول نفس القضية، فإن المراقبة والضبط المسبق للعمل القضائي ليست بالشيء البسيط، إذ لا أحد ينكر الفجوة الموجودة بين الارتباط والسببية، فارتباط الكلمات بالقرارات لا يعني بالضرورة أن لها دورا سببيا فيها، فالقياس المنطقي القضائي لا يترجم بالضرورة إلى احتمالات حسابية[30].
هذه الشكلية لا يمكنها الكشف عن مدى تعقيد الاستدلال القانوني الذي يتم إعماله، لذلك يجب التذكير كما أبرزت ذلك النظرية العامة للقانون، بأن الاستدلال القضائي هو قبل كل شيء مسألة تفسير، ذلك أن القياس المنطقي هو طريقة لتقديم المنطق القانوني أكثر من ترجمته المنطقية، إذ لا تأخذ طريقة عمل الآلة في الاعتبار مجمل المنطق الذي يتبناه القاضي والذي تتخلله مجموعة من الاعتبارات التقديرية، والتي لا يمكن إضفاء الطابع الشكلي عليها بشكل مسبق، فرغم قدرة تقنيات الذكاء الاصطناعي على التعلم الآلي فإنها تبقى عاجزة عن هذا التفسير، لذلك فأمل المبرمجون الأكبر هو أن ينجح اكتشاف الانتظام في السياقات المعجمية في إعادة إنتاج نفس التأثيرات التي تجسدها القرارات الحقيقة من خلال ما تنتجه هذه البيانات [31]. لهذا يجب إدراك أن البحث عن الإنصاف يمكن أن يدخل في الاستدلال القانوني عناصر من الشك وعدم اليقين، يصعب قبولها من قبل الأذهان المتشكلة بأكثر المنعرجات ذات الطابع العلمي، وبالأخص من قبل المناطقة.
وبهذا يمكن حسب البعض[32] تصنيف المشكلات القانونية على أنها مشكلات مفتوحة، فبقدر ما تقبل الحلول المستندة إلى الصيغة المعيارية المطبقة على النزاع ، فإنه من ناحية أخرى توجد اعتبارات خارج نطاق القانون تتدخل في عملية استدلال القاضي، لكن المشكلة تتجلى في معرفة درجة هذا الانفتاح، فالقيد الأول يأتي من الصيغة المعيارية في حالة وضوح النص الذي سيكون مقيدا، أما الثاني، فيأتي من الاعتبارات غير القانونية، والتي إن أعطت هامشا من الحرية، فإنها تكون مقيدة بسبب التلازم المنطقي، لذا فمعرفة درجة هذه الحرية هي التي ستجعل من الممكن تحديد مدى قابلية الأحكام والقرارات التنبؤ بدقة، وبالتالي القابلية للتنظيم.
إن وضع هذه العناصر بعين الاعتبار مع إشكالية التخوف من إصدار الأحكام بواسطة الذكاء الاصطناعي، يجرنا للحديث عن الطريقتين اللتين من الممكن من خلالهما استخدام الخوارزميات، الأولى، هي اعتبار أن الذكاء الاصطناعي يهدف إلى تقليد التفكير القضائي من خلال الأنظمة الخبيرة، ويثار التساؤل حول إمكانية إضفاء الطابع الشكلي عليه، والثانية، من خلال اعتبار هذه الطريقة تعمل من خلال تنظيم الاجتهاد القضائي بواسطة أنظمة تعتمد على التعلم الذاتي والبرمجيات القائمة على المعالجة التلقائية للغة الطبيعية، مما يجعل التساؤل يطرح أيضا حول إمكانية استبدال المنطق القضائي بنهج إحصائي يعمل على حل الإشكالات عن طريق التعرف على الأسباب.
إن حقيقة إعتبار عملية الحكم بمثابة منطق مادي معقد، الغرض منه ممارسة دور خلاق اتجاه القانون وعدم الاقتصار على الصياغة المعيارية البسيطة، يقود إلى الجواب على التساؤل الأول، بأنه من الصعب احتمال إضفاء الطابع الشكلي عليه من خلال الذكاء الاصطناعي الرمزي.
كذلك فإن القيود المنطقية والقانونية التي تتثقل كاهل القاضي هي التي تشكك في احتمال تنظيم قرارات المحاكم، لذلك يجرنا الجواب عن الفرضية أو التساؤل الثاني إلى القول بأن هناك عدد قليل من النزاعات التي يمكن التنبؤ بنتيجتها، لأن المعايير التي تحكمها لا توفر إلى هامشا قليلا من الحرية للقاضي، لذلك تبقى كمية الحالات التي تقبل التنظيم نظرا لقلة الاختلاف فيها قليلة جدا، فهي عبارة عن مجموعة من النزاعات ذات الخصائص المشتركة تطبق بشأنها معايير موحدة، واجتهاد قضائي راسخ، و يبقى الاختلاف فقط في الواقع الذي يمكن من أجله استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي. دون الحالات المعقدة التي للقاضي حرية وسلطة خلاقة بشأنها تجعل من الصعب التنبؤ بالمحتوى الناتج عنها .[33]
لا شك ان منهج المعالجة الشكلية للمفاهيم القانونية يحرم نظرية القانون من القيام بوظيفة تطوير المفاهيم الأكثر عمومية التي تستخدم في فروع القانون كلها، حيث أن تلك المفاهيم هي التي تضفي الطابع المنطقي على النظام القانوني، وفي التنسيق بين قواعده بصرف النظر عن المحتوى الواقعي الذي طبق بصدده.
4-العدالة التوقعية وتحول طبيعة التزام المحامي
إن الوصول إلى الحقوق بشكل واضح ومؤكد وآمن كان دائما نموذجا مثاليا، وهو ما يبدو أن الحسابات والإحصاءات والاحتمالات تدعمه إذ سيكون من المريح طبعا أن يقدم المحامي مشورته القانونية للمتقاضين بشكل يقيني حول استراتيجية التقاضي من خلال القدرة على التنبؤ بما سيحكم به القاضي (بطلان عقد – مسؤولية -طلاق مقدار التعويض – مبلغ النفقة…)، إذ من المفيد معرفة ميل بعض المحاكم إلى بعض التوجهات القضائية ، لتحديد عناصر الواقع والقانون التي لها أكبر وزن أمامها، فالهدف المعلن أو المفترض للأداة الرقمية هي إعطاء معلومات آمنة وموضوعية وشفافة للجميع حول النظام القانوني الذي يتجاوز ذاتية وإنصاف القضاة[34]، لذلك فإن قواعد البيانات والإحصاءات والاحتمالات كوسيلة جديدة توضع رهن إشارة المتقاضي المحتمل أو العميل( فردا أو شركة) لتوضيح المخاطر التي سيتكبدها ووضع المقترحات اللازمة لإدارة هذه المخاطر، أو ما يسمى الاستراتيجيات القانونية[35].
وبما أن المحامي أصبح ملزم قانونا بتقديم النصح والإرشاد لموكله طبقا لمقتضيات الفقرة الثالثة من المادة 43 من القانون المنظم لمهنة المحاماة[36]، فإنه يكمن القول حسب البعض[37] بإن التزامه بإخبار زبونه عن قانون معين أو عن اجتهاد قضائي معين هو التزام بنتيجة وليس فقط ببذل عناية[38]، فعلى المحامي أن يدلي لزبونه بالمعلومة الصحيحة سواء تعلق الأمر بالقوانين أو بالاجتهاد، تحت طائلة مسائلته عن المعلومة الخاطئة التي تسببت للزبون في الضرر[39].ويضيف[40] في معرض أخر بأن المتفق عليه فقها وقضاء هو عدم مسائلة المحامي الذي أبدى رأيا في مسألة محل نقاش أو مختلف فيها أو عن رأي أبداه ثم أصبح خطأ نتيجة التطور التشريعي أو القضائي.
فخسارة الموكل للدعوى نتيجة تقديم الاستشارة القانونية المبنية على اجتهاد قضائي قائم، لا تؤدي إلى مساءلة المحامي، مادام من الممكن نقض الاجتهاد، فهذا الأمر من طبيعة التباين في المواقف القانونية داخل ساحة القضاء[41]، لكن استخدام آلية العدالة التوقعية سيؤدي إلى تحويل عمل المحامي، إذ سيتم بواسطتها تعويض النقص في الخبرة والعمل الشاق بشكل جزئي في البحث عن الاجتهاد القضائي، ومن ثم تتغير طبيعة مسؤوليته من مسؤولية بناء على عدم بذل عناية المحامي المتبصر إلى مسؤولية مبنية على عدم تحقيقه للنتيجة.
والحق يقال أن الخروج بخلاصة حاسمة واستنتاج نهائي حول طبيعة هذه المسؤولية بإقناع هو من الصعوبة بمكان، فإذا كان بإمكان جميع الأطراف الوصول إلى أداة العدالة التوقعية، فيمكنهم بعد ذلك توقع حجج الطرف الخصم، وبالتالي ستكون الحجة الأقوى والأكثر تأثيرا هي التي لن تجدها هذه الأداة، لذا سيكون من واجب المحامي مواجهة هذا التحدي وإظهار مزيد من الخيال والإبداع لتحديد الحجة الصادمة و ذات الصلة وغير المتوقعة، وهكذا توجد لنا بفضل العدالة التوقعية طريقتين مختلفتين لممارسة مهنة المحاماة: الأولى، تتجلى في الاعتماد كليا على تقنيات الذكاء الاصطناعي، والثانية، في البحث عن العناصر المميزة[42] التي لن تتوقعها الآلة.
5-التحليل الاقتصادي لاستخدام البيانات الضخمة في عملية التقاضي
لا شك أن إرادة رجال الأعمال الاستفادة من نتائج التعلم الآلي لتطوير الحلول التجارية في العديد من القطاعات النشيطة بحثا عن أسواق جديدة دون وعي حقيقي بتعقد بعض الأشياء المعالجة، جعل القانون هدفا رئيسيا لهم، والمنطق الواضح للاستدلال القانوني ( بما في ذلك القياس المنطقي للقرارات القضائية) دفع علماء الرياضيات إلى الاعتقاد بأن هناك شيئا يمكن استغلاله بهذا الخصوص بالاقتران مع الحاجة (جعل الاستجابة القضائية أكثر قابلية للتوقع)، وتلقى البعض الأفكار الناتجة عنها مثل حقيقة أن الخطر القضائي سيكون فقط نتيجة تحيزات القضاة وليس محاولة إضفاء الطابع الفردي على القرارات، لذلك قام المستثمرون برعاية التطورات الباهظة لحلول التعلم الآلي بالقرارات القضائية [43].
فنشر قرارات المحاكم للعموم يمكن أن يكون مصدرا لفرص اقتصادية، فبقدر ما يتعلق الاهتمام الاقتصادي بالبيانات المفتوحة بالسوق القانوني فإنه يتعلق أيضا بالاقتصاد بأكمله، إذ أن هذا النشر والانفتاح يعد مهما للجهات الفاعلة في مجال القانون، ومن الأغراض الأساسية للبيانات المفتوحة تشجيع خلق القيمة حتى بالنسبة للمجالات التي لم تتغاياه السلطات العامة وقت فتح البيانات، كما تتحقق المصلحة الاقتصادية بشكل أوسع من خلال تجويد الأمن القانوني عن طريق هذه البيانات التي تجعل قرارات المحاكم متوقعة بشكل أفضل، مما يجعل الشركات والفاعلين الاقتصاديين بصفة عامة قادرين على تحديد حجم المخاطر القانونية المرتبطة باستثماراتهم في بيئة دولية تنافسية، وهو ما يجعل هذا التطور عاملا من عوامل القدرة على التنافسية والجاذبية الاقتصادية [44].
إن النظم القضائية تؤثر بلا شك في النمو الاقتصادي، فمبدئيا هناك طريقتان لزيادة أو توسيع الإنتاج، الأولى هي زيادة كمية المدخلات المستخدمة في الإنتاج، أي زيادة الكفاءة الإنتاجية، و الثانية هي تحسين طرق الإنتاج التي تستخدم بها هذه المدخلات، أي زيادة كفاءة تخصيص الموارد، وزيادة الإنتاجية قد تتحقق بدورها، إما عن طريق التقدم التكنولوجي، بمعنى انتقال منحنى خط الإنتاج، أو زيادة في الكفاءة التي تستخدم بها التكنولوجيا المتاحة[45]، فبالرغم من الخطر الكبير للعدالة التوقعية المؤدي إلى عدم الاستعانة بالقاضي، فإن هذا الخطر هو ميزة للمؤسسة القضائية، لأنه يعفي المحاكم من بعض النزاعات المتكررة، المؤدية إلى ضياع الوقت، و بدون فائدة قانونية[46].
فقد تؤدي العدالة التوقعية إلى تعطيل ممارسة حق التقاضي ، فإذا كان من البداهة أن فرص نجاح القضية بواسطة الخوارزمية لا يمنع اللجوء إلى القضاء حتى ولو كانت نسبة النجاح منعدمة، مادام أنه في الوقت الحالي لا يشكل عائقا امام قبول الطلب القضائي، ومع ذلك قد يميل المشرع في المستقبل إلى تأسيس عدم القبول بربطه بانخفاض نسبة نجاح القضية أو احتمال فشل الاجراء بنسبة 100%. كما أن استخدام الأطراف لبرنامج التوقع قد يؤدي إلى انتهاك حقهم في التقاضي خاصة في بعض الفرضيات التي تكون فيها فرصة النجاح 50 %، أما إذا أظهرت النتائج أن نسبة نجاح كبيرة في القضية فقد يجبر خصمه على التفاوض لتجنب بطئ التقاضي وتكاليفه وتعقيداته، ستؤدي العدالة التوقعية إلى تطوير أساليب بديلة لحل المنازعات ستعفي الدولة من التكاليف المالية وتخفيضها.
خاتمة.
لا توجد منهجية عالمية للتحقق من موثوقية صحة الأداء التوقعي للخوارزميات، لذلك كانت الدراسات التي تشرح بوضوح الطريقة المعتمدة للتوقع القضائي قليلة جدا، و المنهجيات المعتمدة فيها لم تحظى بالإجماع، كما أن الصلاحيات العلمية للتوقعات الخوارزمية قد تتعارض مع التطلعات الأخلاقية ، و هو ما جعل سهام النقد توجه ضد بعض الخوارزمية، كخوارزمية “كومباس” التي تقييم احتمالية العودة إلى الإجرام، ذلك أن المعطى الأخلاقي يقوم على تمثيل معالج و مصحح للواقع يجعله غير مناسب للتوقع القضائي.
فالاعتماد على تقنية الذكاء الاصطناعي رغم كل الفوائد التي ستعم البشرية من جراء تطويره واستخدامه، فمن المؤكد ان هذه التقنيات ستأثر حتما بشكل سلبي على الجنس البشري، وستؤدي في لحظة ما إلى أضرار خطيرة جدا في مجالات حساسة في حياة الانسان[47]، ومنها مجال العدالة.
[1] عبد الله عبد الحي الصاوي: تكنولوجيا القضاء وتطوير إجراءات التقاضي المدني- دراسة تحليلية في القانون المصري والإماراتي، مجلة قطاع الشريعة والقانون، العدد 12 – 2020/2021 ص 750
[2] عبد الله عبد الحي الصاوي: م.س، 719-720 .
[3]، [3] طارق أحمد ماهر زغلول: خوارزميات الذكاء الاصطناعي والعدالة الجنائية التنبؤية- دراسة وصفية تحليلية تأصيلية مقارنة، مجلة الدراسات القانونية والاقتصادية العدد 2- يونيو 2023 ص 40
[4] Auréa Martinay et Marie Mazens : Regards sur les « promesses » de la justice prédictive, sans autre documentation.
[5] إدريس القبلي: نظرات في العدالة التوقعية، مجلة المنارة للدراسات القانونية والإدارية- عدد خاص حول القضاء والتحكيم، أكتوبر 2022 ص 265
[6] Pascale DEUMIER: La justice prédictive et les sources du droit : la jurisprudence du fond , Archives de philosophie du droit N1-2018 p 49-50
[7] Valérie Lasserre : la justice prédictive et transhumanisme, revue Archives de philosophie du droit, N1, 2018 p 312
[8] Sylvie Lebreton-Derrien : op.cit, p 5
[9] Louis Larret-chahine : le Droit isométrique : un Nouveau Paradigme Juridique Né de la Justive prédictive, revue Archives de philosophie du droit, N1, 2018 p 288 .
[10] Anais Coletta : La prédiction judicaire par les algorithmes, Thèses pour obtenir le grade de Docteur, Université de Nimes, 2021 p 207
[11] ريمي ريفيل: الثورة الرقمية، ثورة ثقافية، سلسلة عالم المعرفة عدد 462 يوليو 2018، ترجمة سعيد بلمبخوت، ص 39-40
[12] ثروت أنيس الأسيوطي: نشأة المذاهب الفلسفية وتطورها (دراسة في سوسيولوجيا الفكر القانوني)، مجلة العلوم القانونية والاقتصادية- جامعة عين شمس -كلية الحقوق، عدد 1 سنة 1966 ص 71
[13] فيصل محمد البحيري: أثر النهضة العلمية الحديثة على الفكر القانوني- دراسة في فلسفة القانون، مركز الدراسات العربية -الطبعة الأولى 2015 ص54
[14] Valérie Lasserre : la justice prédictive et transhumanisme, revue Archives de philosophie du droit, N1, 2018 p 313
[15] Valérie Lasserre : la justice prédictive et transhumanisme, revue Archives de philosophie du droit, N1, 2018 p 313
[16] فيصل محمد البحيري: أثر النهضة العلمية الحديثة على الفكر القانوني- دراسة في فلسفة القانون، مركز الدراسات العربية -الطبعة الأولى 2015 ص68-69 .
[17] Valérie Lasserre : la justice prédictive et transhumanisme, revue Archives de philosophie du droit, N1, 2018 p 313
[18] إدريس القبلي: التأثير الاجتماعي لعمل القضاء المدني، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، 2017-2018 ص 12
[19] ثروت انيس الأسيوطي: المنهج القانوني بين الرأسمالية والاشتراكية، مجلة مصر المعاصرة، عدد 333، سنة 1968 ص 661.
أحمد حسن البرعي: الثورة الصناعية وآثارها الاجتماعية والقانونية، دار الفكر العربي، ص 344
[20] ثروت أنيس الأسيوطي: المنهج القانوني بين الرأسمالية والاشتراكية، مجلة مصر المعاصرة، عدد 333، سنة 1968 ص 674
[21] أحمد علي ديهوم: مدخل إلى دراسة المنطق القانوني، مجلة كلية الحقوق للبحوث القانونية والاقتصادية، العدد 2 سنة 2017 ص 1271
[22] مصطفى السعداوي: دور قواعد المنطق في تكوين اليقين القضائي للقاضي الجنائي دراسة مقارنة، بحث مقدمة إلى كلية الحقوق جامعة المنيا -قسم القانون الجنائي، ص 424 .
[23] هانا فراي: أهلا بالعالم – أن تكون إنسانا في عصر الخوارزميات، ترجمة محمد أ. جمال طبعة 2021 ص 77-78
[24] طارق أحمد ماهر زغلول: خوارزميات الذكاء الاصطناعي والعدالة الجنائية التنبؤية- دراسة وصفية تحليلية تأصيلية مقارنة، مجلة الدراسات القانونية والاقتصادية العدد 2- يونيو 2023 ص 47
[25] Anais Coletta : op.cit, p84
[26] طارق أحمد ماهر زغلول: خوارزميات الذكاء الاصطناعي والعدالة الجنائية التنبؤية- دراسة وصفية تحليلية تأصيلية مقارنة، مجلة الدراسات القانونية والاقتصادية العدد 2- يونيو 2023 ص52
[27] Cédric AGUZZI : le juge et l’intelligence artificielle : la perspective d’une justice rendue par la machine, annuaire international de justice constitutionnelle N35 -2019-2020 p 625
[28] Yannick Meneceur et Clementina Barbaro : intelligence artificielle et mémoire de la justice : le grand malentendu, Les cahiers de la justice, N2- 2019 p282
[29] Adrien Basdevant /Aurélie Jean/ Victor Storchan: Mécanisme d’une justice algorithmisée , Rapport; fondation jean jaurès édition, p4
[30] OLIVIER LEURENT : la justice prédictive vue par le juge judicaire, annuaire international de justice constitutionnelle, N35/ 2019 p : 585
[31] Yannick Meneceur et Clementina Barbaro : intelligence artificielle et mémoire de la justice : le grand malentendu, Les cahiers de la justice, N2- 2019 p283
[32] Cédric AGUZZI : le juge et l’intelligence artificielle…, op,cit . p 627
[33] Cédric AGUZZI : le juge et l’intelligence artificielle, op.cit, p 627-628
[34] Valérie Lasserre : op, cit, p 314
[35] Valérie Lasserre : op, cit, p 315
[36] ظهير شريف رقم 1.08.101 صادر في 20 شوال 1429 (20 أكتوبر 2008) بتنفيذ القانون 28.08 الجريدة الرسمية عدد 5680 بتاريخ7 ذو القعدة 1429 (6 نوفمبر 2008) ص 4044
[37] خالد خالص: المحامي والاستشارة القانونية، المجلة المغربية للدراسات والاستشارات القانونية، عدد 4 سنة 2013 ص 156
[38] جاء في قرار لمحكمة النقض ” …. لكن حيث إن التزام المحامي هو التزام ببذل عناية وليس ضمان تحقق ما يصبو إليه الموكل من نتيجة…” قرار عدد 140 الصادر بتاريخ 15 فبراير 2022 في الملف المدني رقم 1733/1/1/2019، منشور بالموقع الرسمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية.
[39] جاء في قرار لمحكمة النقض ” … لكن ردا على ما أثير، … أن عمل المحامي مشروط بأن يكون ما يجريه من إجراءات التقاضي نيابة عن موكله مطابقا لأصول القانون المقررة، فإذا أهمل اتباع هذه الأصول، أو خالفها بعدم بدل عناية الرجل المتبصر حي الضمير، وأثر ذلك في المركز القانوني لموكله، وفوت عليه فرصة التي وإن كانت أمرا محتملا، فإن تفويتها عن المضرور أمر محقق، فإنه يكون مسؤولا عن الضرر المادي والمعنوي الذي أحدثه لا بفعله فقط ولكن بخطئه ، وذلك عندما يثبت أن هذا الخطأ هو السبب المباشر في ذلك الضرر…“، قرار عدد 87 المؤرخ في 4/01/2006 الملف المدني عدد 2877/1/3/2004 ، منشور بالموقع الرسمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية.
[40] خالد خالص: م.س، ص 158
[41] رايس محمد/ حمادي عبد النور: المشورة القانونية كأساس لمسؤولية المحامي المدنية، مجلة الدراسات الحقوقية، العدد 8 سنة 2017 ص 58
[42] Auréa Martinay et Marie Mazens : Regards sur les « promesses » de la justice prédictive, sans autre documentation.
[43] Yannick Meneceur et Clementina Barbaro : intelligence artificielle et mémoire de la justice : le grand malentendu, Les cahiers de la justice, N2- 2019 p 281 .
[44] Paolo Giambisasi : Les perspectives ouvertes par la mise à disposition du public des décision de justice, revue Archives de philosophie du droit, N1, 2018 p 121
[45] عيد عشري جابر: التحليل الاقتصادي للنظم القانونية و القضائية، طبعة 2022 ص 68 دون توثيق آخر.
[46] OLIVIER LEURENT : la justice prédictive vue par le juge judicaire , annuaire international de justice constitutionnelle, N35/ 2019 p : 582
[47] علي احمد إبراهيم: تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مواجهة الجرائم الالكترونية، المجلة القانونية- كلية الحقوق-جامعة القاهرة- فرع الخرطوم، العدد 8 سنة 2021 ص 2831