ميزانية النوع الاجتماعي : الإطار المرجعي الوطني والدولي
يعنى تقرير الميزانية القائمة على النتائج من منظور النوع الاجتماعي، والذي يصدر منذ 2006 كل سنة، بتفصيل حصيلة أداء القطاعات الوزارية في هذا المجال، ومدى التقدم الذي حققته السياسة العمومية المتبعة في المغرب. وﺇﺩﻤﺎﺝ ﺍﻟﻨﻭﻉ الاجتماعي في الميزانية يتوخى منه ﺘﺤﺩﻴﺩ ﺍﻟﻔﻭﺍﺭﻕ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻭﺍﻟﺭﺠﺎل ﻋﺒﺭ ﺍﺴﺘﻌﻤﺎل ﻤﻌﻁﻴﺎﺕ ﻤﻔﺼﻠﺔ ﺤﺴﺏ ﺍﻟﺠﻨﺱ ﻭﻭﻀﻊ ﺍﺴﺘﺭﺍﺘﻴﺠﻴﺎﺕ ﻤﻥ ﺃﺠل ﺇﺯﺍﻟﺔ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻔﻭﺍﺭﻕ ﻭﺘﻌﺒﺌﺔ ﺍﻟﻤﻭﺍﺭﺩ ﻟﺘﻔﻌﻴل ﻫﺫﻩ ﺍﻻﺴﺘﺭﺍﺘﻴﺠﻴﺎﺕ ﻭﻀﻤﺎﻥ ﻭﺘﺘﺒﻊ ﺘﻔﻌﻴﻠﻬﺎ وﺘﻭﻋﻴﺔ ﺍﻷﻓﺭﺍﺩ واﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺒﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺎﺘﻬﻡ ﻗﺼﺩ ﺍﻟﻭﺼﻭل ﺇﻟﻰ ﺸﻔﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﻨﺘﺎﺌﺞ ﺍﻟﻤﺤﺼل ﻋﻠﻴﻬﺎ. وﻋﺭﻑ ﺍﻟﻤﺠﻠﺱ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﻬﻴﺌﺔ ﺍﻷﻤﻡ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﺴﻨﺔ 1997 ﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻹﺩﻤﺎﺝ ﺍﻷﻓﻘﻲ ﻟﻠﻨﻭﻉ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ (Gender Mainstreaming) أنها ﺇﺴﺘﺭﺍﺘﻴﺠﻴﺔ تهدف إلى ﺠﻌل ﺍﻫﺘﻤﺎﻤﺎﺕ ﻭﺘﺠﺎﺭﺏ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻭﺍﻟﺭﺠﺎل ﺒﻌﺩﺍ ﺸﻤﻭﻟﻴﺎ لتصور وتتبع ﻭﺘﻔﻌﻴل ﻭﺘﻘﻴﻴﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﻭﺍﻟﺒﺭﺍﻤﺞ ﻓﻲ ﻜﺎﻓﺔ ﺍﻟﻤﺠﺎﻻﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻴﺔ ﺒﺎﻟﺸﻜل ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻤﻜﻥ ﻤﻌﻪ ﻟﻠﻨﺴﺎﺀ ﻭﺍﻟﺭﺠﺎل ﺃﻥ ﻴﺴﺘﻔﻴﺩﻭﺍ ﻤﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﻗﺩﻡ ﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ﻭﻴﻤﻜﻥ ﻤﻌﻪ ﻭﻀﻊ ﺤﺩ ﻻﺴﺘﻤﺭﺍﺭ ﻋﺩﻡ ﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ﺒﻴﻥ الجنسين. والإطار المرجعي الدولي الذي تعمل على أساسه السياسات العمومية في هذا المجال يتمثل في ما جاء في اتفاقية CEDAW لسنة 1979، ومؤتمر بيكين لسنة 1995… ﻣﻴﺰاﻧﻴﺔ النوع اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮر ﺣﻘﻮق الإﻧﺴان ومدى استجابتها ﻷﻫﺪاف التنمية المستدامة لما ﺑﻌﺪ 2015: تتجلى أهم التصورات والتوصيات في مجال ميزانية النوع الاجتماعي في علاقتها مع أهداف التنمية المستدامة لما بعد 2015، والتي تتجه بالخصوص نحو الإستدامة والإنصاف واحترام حقوق الإنسان، وذلك ﺑﺎﻻﻟﺘﺰام ﺑﺘﺤﻤﻞ المسؤولية ودﻋﻢ اﻟﻘﺪرات والمعطيات واﻟﺘﺘﺒﻊ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺮﺳﻴﺦ المساواة ﺑﻴﻦ اﻟﺮﺟﺎل واﻟﻨﺴﺎء، في: ﺗﺒﻨﻲ اﻹﻃﺎر المعياري ﻟﺤﻘﻮق اﻟﻔﺮد، وﺧﻠﻖ اﻟﺘﻮاﻓﻖ ﺑﻴﻦ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﻌﻤﻮﻣﻴﺔ على أساس عدم ﺗﺠﺰيء اﻟﺤﻘﻮق، وﺗﻌﺰﻳﺰ الميزانية اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ على اﻷداء عبر ﻣﺄﺳﺴﺔ الميزانية المرتكزة على اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺑﺸﻜﻞ داﺋﻢ في إﻃﺎر ﻣﻬﺎم وﺑﺮاﻣﺞ ﻣﻨﻔﺘﺤﺔ على ﺗﺪﺑﻴﺮ اﻟﻘﺮب وﻣﺴﺘﺠﻴﺒﺔ ﻟﻠﻨﻮع اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ، واﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﺑﻴﻦ ﻋﻤﻞ ﻣﺨﺘﻠﻒ المتدخلين (الجهازين اﻟﺘﻨﻔﻴﺬي والتشريعي والمجتمع المدني والشركاء اﻟﺘﻘﻨﻴﻴﻦ والماليين) المستند على ﻧﻈﺎم ﻟﻠﺘﺘﺒﻊ واﻟﺘﻘﻴﻴﻢ، عبر الإشتغال بمؤشرات ﻣﺮاﻋﻴﺔ ﻟﻠﻨﻮع اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ. إضافة إلى ﺗﻌﺒﺌﺔ الموارد المالية واعتماد برامج ﺘﻨﻤﻮﻳﺔ قائمة على احترام اﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺎت واﻻﻟﺘﺰاﻣﺎت اﻟﺪوﻟﻴﺔ المتعلقة ﺑﺤﻘﻮق الإﻧﺴﺎن تحترم مبدأ المساواة ﺑﻴﻦ اﻟﺠﻨﺴﻴن والبيئة المستدامة واﻷﺷﺨﺎص المعاقين، وتعزيز شراكة دوﻟﻴﺔ متبنية لميزانية اﻟﻨﻮع اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ من منظور ﺣﻘﻮق الإﻧﺴﺎن. إصلاح القانون التنظيمي للمالية: منذ سنة 2012، تبنى تقرير النوع الاجتماعي مقاربة منهجية جديدة تقوم على تحليل السياسات العمومية من منظور حقوق الإنسان، وذلك بتقييم السياسات والبرامج العمومية من خلال ما تم تحقيقه في مجال حقوق الإنسان ومدى احترام المعايير الواردة في الآليات الدولية لحقوق الإنسان، خاصة مدى استجابتها لأهداف الألفية للتنمية السبعة عشر. يأتي إصلاح القانون التنظيمي لقانون المالية في إطار الدينامية التي أطلقها المغرب بهدف تعزيز آليات الحكامة الجيدة، وكفاءة وفعالية العمل الحكومي. وذلك ترجمة لما به الفصل 75 من الدستور الذي يدعو السلطات العمومية إلى تدعيم كفاءة التدبير العمومي، وإرساء المبادئ والقواعد المالية المتعلقة بالتوازن المالي لقانون المالية، ووضع مجموعة من القواعد الرامية إلى تحسين شفافية المالية العمومية، وتعزيز دور البرلمان في مناقشة الميزانية والرقابة على المالية العمومية. وركز إصلاح القانون التنظيمي لقانون المالية على الانتقال إلى برمجة للميزانية تمتد على ثلاث سنوات يتم تحيينها سنويا. وهكذا يكون على القطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية إعداد إطار متوسط الأجل للنفقات القطاعية. وإضافة إلى ذلك، سيتم هيكلة الميزانيات بناء على برامج تغطي مجموعة من المشاريع أو الأعمال التي تأخذ بعين الاعتبار البعد الجهوي. واستجابة لأحكام الدستور التي تدعو إلى تعزيز آليات الحكامة الجيدة والمساءلة، يجب مصاحبة أي برنامج تابع لأي وزارة أو مؤسسة عمومية بأهداف ومؤشرات مرقمة ومحددة جيدا تأخذ بعين الاعتبار النوع الاجتماعي، وذلك بهدف ضمان مراقبة أفضل لتحقيق النتائج المتوقعة وتقييم التكاليف المعتمدة. وهكذا يجب على القطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية أن تقدم للبرلمان مشروعا وزاريا للنجاعة يضم عرض الإستراتيجية العامة للقطاع، والبرامج الموضوعة والموارد المخصصة، والأهداف المسطرة التي ترافقها مؤشرات النجاعة، بالإضافة إلى ذلك، يجب على كل وزارة إعداد تقرير للنجاعة يرافق مشروع قانون التصفية للسنة. ويقر هذا التقرير الإنجازات المحققة مع التوقعات الأولية لكل برنامج ويقدم شروحا حول الفوارق المسجلة. وتتكلف وزارة الاقتصاد والمالية بتجميع تقارير النجاعة لمختلف الوزارات في تقرير موحد قصد عرضه على أنظار البرلمان بمناسبة دراسة مشروع قانون التصفية. واستجابة لمقتضيات الدستور المتعلقة بتعزيز العلاقة بين الحكومة والبرلمان، أكد القانون التنظيمي لقانون المالية رقم 13-130، لـ 18 يونيو 2015، على تقديم نتائج السنة المالية للستة أشهر الأولى من السنة، قبل نهاية 31 يوليوز من كل سنة، وذلك بهدف بدء المناقشات حول فعالية التوجيهات الميزانياتية المعتمدة والتوجيهات المرتقبة. وتنص المادة 39 على أن: “البرنامج عبارة عن مجموعة متناسقة من المشاريع أو العمليات التابعة لنفس الوزارة أو المؤسسة تقرن به أهداف محددة وفق غايات ذات منفعة عامة، وكذا مؤشرات مرقمة لقياس النتائج المحصل عليها والتي ستخضع للتقييم قصد التحقق من شروط الفعالية والنجاعة والجودة المرتبطة بالإنجازات. يعين بكل قطاع وزاري أو مؤسسة مسؤول عن كل برنامج يعهد إليه بتحديد أهداف ومؤشرات القياس المرتبطة به وتتبع تنفيذه. وتضمن أهداف برنامج معين والمؤشرات المتعلقة به في مشروع نجاعة الأداء المعد من طرف القطاع الوزاري أوالمؤسسة المعنية. ويقدم هذا المشروع لدى اللجنة البرلمانية المعنية رفقة مشروع ميزانية القطاع الوزاري أوالمؤسسة المذكورة. يؤخذ بعين الإعتبار معيار النوع في تحديد الأهداف والمؤشرات المشار إليها أعلاه”. وذلك لأجل تعزيز المساءلة بالنظر إلى الالتزامات المتخذة في مجال دعم المساواة بين الجنسين. وحددت المادة 48 مختلف التقارير المصاحبة لمشروع قانون المالية ومن ضمنها تقرير النوع الاجتماعي. وقد كرس القانون التنظيمي تقرير النوع الاجتماعي كأداة أساسية لتقييم مراعاة السياسات العمومية للنوع الاجتماعي، تفعيلا لإلتزامات وزارة الاقتصاد والمالية في إطار الخطة الحكومية للمساواة من خلال تحقيق الهدف الأول المتعلق بتتبع وتقييم وضعية المساواة، وذلك من خلال إحداث اللجنة الوزارية للمساواة. والهدف الثاني الذي يروم إدماج مقاربة النوع الاجتماعي في التخطيط وبرمجة الميزانية في مختلف القطاعات، وذلك من خلال تأهيل الفاعلين في مجال إعداد الميزانية المدمجة للنوع وإعداد إطار النفقات حسب النوع الاجتماعي. ويرتكز تنفيذ مقتضيات القانون التنظيمي لقانون المالية حول جدول زمني يمتد على مدى خمس سنوات مع الإدماج التدريجي لأحكام نص المشروع ابتداء من فاتح يناير 2016. ويهم الإصلاح، كذلك، تفعيل مركز الامتياز الخاص بالميزانية المراعية للنوع الاجتماعي، وإغناء نظام المعلومات الوطني بمعطيات تأخذ النوع الاجتماعي بعين الإعتبار، وتعزيز المسلسل التشاركي عبر إحداث تحالف المنظمات غير الحكومية لفائدة ميزانية النوع الاجتماعي، وتقاسم التجربة والمعارف المتراكمة خلال عشر سنوات من ممارسة ميزانية النوع الاجتماعي، بإحداث أرضية لتدبير المعارف (KM-BSG) ومركز التميز في مجال ميزانية النوع الاجتماعي. وتظل كل هذه الإجراءات والتحديثات غير ذات فعالية إذا لم تؤتي أكلها على أرض الواقع هيئة المناصفة ومحاربة كل أشكال التمييز.