اليات استمرار المرفق العمومي في زمن كورونا
التواصل عن بعد والحق في الحصول على المعلومة نموذجا
تمر بلادنا وسائر دول العالم في الوقت الحاضر بظرف استثنائي أرخى بظلاله على حياة المغاربة بمختلف فئاتهم و مدنهم و قراهم و على جميع مستوياتهم و أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية والمؤسساتية ، بحيث أن فيروس كورونا أحدث صدمة شديدة في قطاع الأعمال المغربي، بفعل تأثيره السلبي على مناخ الاستثمار والأنشطة الصناعية والتجارية والمؤسساتية، و تراجع حركة المواطنين وانشطتهم ، فهذه الظروف لم يعرف الاقتصاد العالمي مثيلا لها ([1]) منذ الأزمة المالية العالمية لسنة 2008 ([2]) فهذا الظرف الاستثنائي ببلادنا اثر على السير العادي للمرافق العمومية والتي يجب ان تستمر في تقديم خدماتها بغض النظر عن الظروف الاستثنائية التي تمر منها البلاد فعندما نقول المرفق العمومي فان هذا المصطلح يدل في القانون الإداري على معنيين الأول يتعلق بمعنى عضوي يفيد الهيئة التي تدير النشاط المتعلق بإشباع الحاجيات العامة، ومعنى مادي موضوعي يرتكز على النشاط الذي يصدر عن الدولة أو إحدى هيئاتها لإشباع الحاجيات العامة ،لذلك فالدولة لا تكتفي بإنشاء المرافق العمومية فقط بل تسعى إلى ضمان استمرارها وتقديمها للخدمات قصد اشباع حاجيات مواطنيها وهذا الاشباع لا يتم الا باستمرارية المرافق في تقديم خدماتها .
فالمرفق العمومي في الدولة يعتبر مكونا حيويا أساسيا ورئيسيا في بناء النسيج الاجتماعي داخل الدول والأنظمة السياسية لان له دور كبير في ربط العلاقة بين المواطنين والدولة فهذه الأخيرة تتواصل مع المواطنين عن طريق المرافق العمومية التي هي في احتكاك دائم معهم والذين يجدون انفسهم دائما مخيرين او مجبرين على التعامل معها من يوم الميلاد كواقعة مادية وتسجيله في سجلات الحالة المدنية في مكان الازدياد الى يوم وفاتهم وتسجيلهم في سجلات الوفيات فهذه الخدمات عمومية تقدمها الإدارة لهم الى جانب الخدمات العمومية الأخرى المقدمة لهم كالتعليم والصحة و الامن …
لذلك فمبدأ استمرارية المرفق العمومي حسب بعض الفقه ([3]) يعتبر من استمرارية الدولة فهذه الأخيرة لا تتحمل عبء توفير المرافق العمومية فقط وإنما هي ملزمة ومطالبة بتأمين سيرورتها واستمراريتها لأن هذا المبدأ حاجة ضرورية للدولة وضرورية أيضا بالنسبة للمواطن.
فالموضوع الذي بين أيدينا يكتسي أهمية بالغة تتجلى في كون أن المرفق العمومي يعتبر هو المحرك الأساسي لمختلف المعاملات التي تدور في فلك الدولة في الظروف العادية أما في الحالات الاستثنائية كما الان في إطار جائحة كورونا فإن دور المرفق العمومي يتغير ويصبح بين مطرقة حماية الموظفين من جائحة كورونا من جهة وتلبية مصالح المواطن من جهة ثانية، فلتنظيم حالة الطوارئ اصدر مرسوم رقم: 2 – 20 – 269 الصادر بتاريخ: 16 / 03 / 2020 بإحداث حساب مرصد لأمور خصوصية يحمل اسم “الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا “كوفيد- 19 ([4]) أصدر المشرع مرسوم بقانون يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها ([5]) ومرسوم رقم 2.20.293 صادر في 29 من رجب 1441 ( 24 مارس 2020) بإعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كرونا كوفيد 19 ([6]) وظهير 15 فبراير 1977 المتعلق باختصاصات العامل كما غير وتمم ([7]) بالإضافة الى منشور وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة رقم 1 / 2020 الصادر بتاريخ 16 مارس 2020 بشأن التدابير الوقائيــــــــــــة
من خطر انتشار وباء كورونا المستجد بالإدارات العمومية والجما عات الترابية والمؤسسات والمقاولات العمومية ومنشور وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة رقم 2 / 2020 الصادر بتاريخ 01 أ بريل 2020 الخدمات الرقمية للمراسلات الإدارية ومنشور وزير الاقتصاد والمالية واصلاح الإدارة رقم 3 / 2020 بتاريخ 15 أبريل 2020، المتعلق بالعمل عن بعد بإدارات الدولة ومنشور وزير الاقتصاد والمالية واصلاح الإدارة رقم 4 / 2020 بتاريخ 22 ماي 2020، المتعلق بإجراءات وتدابير العمل بالمرافق العمومية بعد رفع حالة الطوارئ الصحية.
كما تتجلى أهمية الموضوع أيضا في كون أن المغرب يتوفر على قانون 13.31 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومة والذي يعتبر آلية لاستمرارية المرافق العمومية خاصة فيما يتعلق بالشق المتعلق بالنشر الاستباقي بالنسبة للمعلومة فهذا الموضوع تطرح في إطاره عدة تساؤلات من قبيل : ما هي حالة الطوارئ ؟ وما موقع المرفق العمومي في إطار إجراءات النظام العام الصحي المتبع في البلاد؟ وما دور قانون 13.31 فيما يتعلق بالحق في الحصول على المعلومة واستمرارية المرفق العمومي في تقديم خداماته؟
-
حالة الطوارئ والقانون؟
إن الدستور المغربي لم ينص على حالة الطوارئ وهذه الحالة تعني قانونا مختلف الإجراءات المتخذة من طرف الحكومة في حالة حدوث أمر يستدعي تدخلا مستعجلا أملته ظروف استثنائية جانبية غير متوقعة ذات تداعيات مدمرة على أمن وسلامة الأشخاص وأملاكهم إضافة إلى هذا فإن حالة الطوارئ تختلف عن الحصار وحالة الاستثناء ([8]) الذي نص عليه الدستور في الفصل 49 و74 من دستور 2011 حيث لم يتم التنصيص عليها ولكن تم التنصيص على حالة الاستثناء في الفقرة الأولى من الفصل 59 من الدستور المغربي لسنة 2011 على أنه” إذا كانت حوزة التراب الوطني مهددة، أو وقع من الأحداث ما يعرقل السير العادي للمؤسسات الدستورية، أمكن للملك أن يُعلن حالة الاستثناء بظهير، بعد استشارة كل من رئيس الحكومة، ورئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس المستشارين، ورئيس المحكمة الدستورية، وتوجيه خطاب إلى الأمة.”. وبالتالي فإن إعلان حالة الاستثناء بالبلاد ترتبط بتحقق مجموعة من الشروط الموضوعية ووفقا لمجموعة من الشروط الشكلية.
فبخصوص الشروط الموضوعية المتعلقة بإعلان حالة الاستثناء، ربط المشرع الدستوري إعلان حالة الاستثناء بتهديد حوزة الوطن، أو وقوع أحداث من شأنها عرقلة السير العادي للمؤسسات الدستورية. ومنه فحالة الاستثناء هي حالة تمنح للملك صلاحية اتخاذ الإجراءات التي يفرضها الدفاع عن الوحدة الترابية، ويقتضيها الرجوع، في أقرب الآجال، إلى السير العادي للمؤسسات الدستورية (الفقرة الثانية من الفصل 59) أما فيما يتعلق بالشروط الشكلية لإعلان حالة الاستثناء فقد حددها المشرع الدستوري في استشارة الملك لكل من رئيس الحكومة، ورئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس المستشارين، ورئيس المحكمة الدستورية، وتوجيه خطاب إلى الأمة كما أن حالة الاستثناء ترفع (تنتهي) باتخاذ الإجراءات الشكلية نفسها المقررة لإعلانها في الفقرة الأخيرة من الفصل المذكور.
وفي هذا الصدد ينبغي الإشارة إلى أن المشرع الدستوري نص صراحة على أن الحريات والحقوق الأساسية المنصوص عليها دستوريا تبقى مضمونة خلال مدة سريان حالة الاستثناء. إضافة إلى ذلك فإنه لا يتم حل البرلمان رغم أن جميع السلطات تتركز بين يدي المؤسسة الملكية طيلة هذه الفترة (الفقرة الأخيرة من الفصل 59).
إلا أن نقطة الالتقاء بين هاتين الحالتين (الحصار وحالة الطوارئ) هي أن الدولة تتخذ اجراءات من شأنها الحد من الحريات والحقوق والنظام وهذا الحد لا يعني حرمان الاشخاص من حقوقهم وإنما تنظيمها والحد منها بشكل يجعل ممارستها في إطار القانون وعندما نقول في إطار القانون نعني أن هناك جهات تضبط المخالفات التي تتم خارج القانون، فمن بين الجهات المحددة في المادة 2 من مرسوم القانون 22 مارس2020 وبكل دقة نجد وزارة الصحة ووزارة الداخلية حيث تختص الأولى في المجال الصحي والثانية في المجال الأمني.
فإذا كان الدستور لم ينص على حالة الطوارئ ولكن مقابل ذلك ألقى على عاتق السلطات العمومية مسؤولية ضمان سلامة السكان وسلامة التراب الوطني في الفصل 21 منه الذي ينص فيه على أنه: “تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية على تعبئة كل الوسائل المتاحة لتسيير اسباب استفادة المواطنين والمواطنات على قدم المساواة من الحق في:
– العلاج والعناية الصحية؛
– تحقيق الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية والتضامن التعاضدي أو المنظم من طرف الدولة؛
– …”
كما ينص أيضا في الفصل 21 منه أيضا على أنه: “… تضمن السلطات العمومية سلامة السكان وسلامة التراب الوطني في إطار إحترام الحريات والحقوق الأساسية المكفولة للجميع”.
إلا أن الملاحظ ان هذه النصوص القانونية ليست فيها أية إشارات تتعلق بحالة الطوارئ الصحية ومن هنا فإن المشرع يميز بين الحالات العادية أو الحالات الغير العادية لذلك ففي غياب تحديد الجهة المسؤولة عن إعلان حالة الطوارئ فإنه يمكن القول على أن الحكومة هي المسؤولة عن هذه الحالة والبرلمان في جانبها أيضا في الشق المتعلق بالتشريع، والغاية من هذا هو ضرورة تأمين السير العادي للمرافق العمومية التي لا تقبل التوقف مهما كانت الظروف مع ابتكار طرق جديدة لمواجهة المستجدات التي تكتسي صبغة الاستعجال ولا تحتمل التأخير.
فما دام الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية يعتبر إجراء تنظيميا يدخل في صميم اختصاصات الحكومة قصد الحفاظ على أمن وصحة المواطنين، فإنه يمكن القول أن السند الدستوري لحالة الطوارئ بشكل غير مباشر ما نجده في الفصل 20 من الدستور الذي ينص على الحق في الحياة، والفصل31 الذي يضمن الحق في العلاج والعناية الصحية، والفصل40 الذي يؤكد على تحمل الجميع للأعباء الناتجة عن الآفات والكوارث الطبيعية، والفصل 72 حيث يختص المجال التنظيمي بكل ما لا يشمله اختصاص القانون مثل تدبير الكوارث الطبيعية والصحية.
– دور المعلومة في استمرارية المرفق العمومي في تقديم خدماته بشكل منتظم (وزارة الصحة والسلطات العمومية نموذجا) ([9])
ان المغرب تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس من أوائل الدول التي نهجت نهجا استباقيا في مواجهة المخاطر المحتملة لفيروس كورونا من خلال اعتماد إجراءات وتدابير وقائية ناجعة وفعالة ابانت عن الأهمية التي توليها دولتنا لصحة مواطنيها فالإدارة لعبت دورا محوريا خلال هذه الفترة الاستثنائية والتي تستدعي تعاملا خاصا لضمان استمرارية مرافقها وتامين الخدمات التي تقدمها للمرتفقين وذلك اعتماد على التقليص من تداول الوثائق الورقية واعتماد التدبير الاليكتروني للخدمات عن بعد.
فهذين المرفقين (وزارة الصحة والسلطات العمومية نموذجا) لم يتم اختيارهما بشكل عشوائي وإنما تم اختيارهما كنموذجين للدراسة باعتبارهما أهم المرافق التي لعبت دورا أساسيا في فترة الحجر الصحي حيث أن وزارة الصحة كان لها دورين أساسيين يتجلى الأول في كونه وقائي وذلك عن طريق القيام بالنشر الاستباقي ([10]) للمعلومات التي يكون المواطن في حاجة ماسة لها ومن بين الأمثلة التي يمكن طرحها في هذا الشأن النشرة الإخبارية التي يقدمها مدير علم الأوبئة ومحاربة الأمراض بوزارة الصحة فعن طريقها يتم تمكين المواطن من المعلومات التي تهمهم في حياتهم اليومية وتمكنيهم بالنتائج المتوصل إليها والتي تتعلق بعدد الوفيات والمتعافين والنسب الجديدة من المصابين بجائحة كورونا كما قامت بوضع رقم أخضر حتى يتم الاتصال به في حال وجود حالات جديدة كما قامت أيضا وزارة الصحة بإحداث بوابة إلكترونية رسمية خاصة بفيروس كورونا كوفيد 19 تتضمن فسحة خاصة بالبلاغات والاستشارات الطبية وفضاء خاصا بالمهنيين ومراكز الاتصال عن بعد كما تقوم بتقديم جميع المعطيات والإحصائيات المتعلقة بالوضعية الوبائية كما عملت وزارة الصحة على استغلال وسائل الإعلام (الراديو-التلفاز-المواقع الاخبارية..) لنشر الفسحات الاشهارية التحسيسية حول هذه الجائحة وكيفية الوقاية منها هذا فيما يتعلق بالنشر الاستباقي للمعلومة فماذا عن نظام اشتغالها؟
إن وزارة الصحة باعتبارها مرفقا حيويا فان خدماتها ضرورية للمواطن وموظفيها يشكلون حزاما امام المصابين بالفيروس ووعيا منها بخطورة الامر فإنها خصصت مجموعة من الفنادق كمأوى لموظفيها حفاظا على عائلاتهم من الجائحة وقسمت مهامهم إلى عدة خلايا سواء كانت مكلفة بقسم المستعجلات أو أقسام أخرى وتضاعفت مهام هذه الخلايا الطبية لان مهامها مستمرة 7 أيام على 7 أيام و24 ساعة على 24 ساعة أي ليل نهار وبشكل مستمر وهي تترصد مستجدات هذه الأزمة.
أما فيما يتعلق باستمرارية مرفق السلطات العمومية ، فإننا أيضا يجب أن نتطرق إلى كيفية اشتغالها ونقصد هنا المديرية العامة للأمن الوطني والسلطات المحلية والدرك الملكي والقوات المساعدة فقد لعبت هذه الأجهزة باعتبارها مرفقا امنيا دورا مهما في تحسيس المواطن بخطورة وباء كورونا كوفيد 19 وقد شكل هذا الجهاز (أقصد كل الأجهزة المذكورة أعلاه) حزاما خاصا في إيصال المعلومة المتعلقة بكيفية التعامل مع هذه الجائحة وكيفية ممارسة الحجر الصحي و ذلك بداية من النموذج الذي تم اعتماده من طرف الدولة كترخيص استثنائي للخروج والذي يتم منحه من طرف أعوان السلطة المحلية وذلك من خلال البحث قصد معرفة من يستحق أن يمنح له هذا الترخيص من عدمه هذا في البداية وبعد هذه المرحلة انتقلت السلطات إلى عملية التحسيس بخطورة الخروج إلى الأسواق والتجمعات العمومية والمساجد والمدارس وأن الأمر لا يقتصر على مدينة من مدن المغرب وإنما في سائر أرجاء التراب الوطني وهذا من أجل مواجهة تفشي فيروس كورونا كوفيد 19 تطبيقا للمادة الأولى من مرسوم 24 مارس 2020 ومن بين الآليات التي تم اعتمادها في المرحلة الأولى هي سياسة التواصل والإصغاء للمواطن وعن طريق ذلك يتم إيصال فكرة خطورة الفيروس كوفيد 19 بالرغم من قيام الكثير من الأشخاص سواء بكتاباتهم أو منشوراتهم في صفحاتهم الإليكترونية أو بفيديوهاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي بتبخيس أعمال السلطات العمومية وتكذيب وجود ما يسمى بفيروس كورونا كوفيد 19 ([11]) ومطالبتهم برفع الحجر الصحي ، لذلك فمهام السلطات العمومية حسب البعض ([12]) لا تتوقف مهامها في حالة الطوارئ الصحية كتدبير استثنائي على الأمن والصحة فقط بل تتعداه إلى كل ماله علاقة بالصحة العامة سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الدولي كما أن أعمالها تكون لها مراجع قانونية يتم الرجوع إليها ويتم العمل في اطارها سواء كانت في شكل قوانين او مراسيم أو مقررات تنظيمية أو إدارية أو دوريات النيابة العامة والبلاغات التوجيهية خاصة الصادرة عن المديرية العامة للأمن الوطني التي تحارب بها الاخبار الزائفة والاشاعات التي تحاول التأثير على ضمان استمرار المرافق العمومية الحيوية وتأمين الخدمات الأساسية للمواطنين .
باب لا يعذر أحد بجهله للقانون قامت المديرية العامة للأمن الوطني بإصدار مجموعة من البلاغات تقوم فيها بتكذيب منشورات المواقع التواصلية كالفايسبوك أو الواتساب أو الفيديوهات التي تنشر الإشاعات وأمام هذا الوضع تبذل المديرية العامة للأمن الوطني دورا كبيرا في مواجهة ومحاربة الأخبار الزائفة نظرا لما لها من تأثير بالغ على حسن سير عمل الجهات الرسمية المكلفة بحماية الصحة العامة والأمن والنظام العام، إذ أصبحت منصات التواصل الاجتماعي أداة انتشار الأخبار الزائفة ومقاطع الفيديو والصور المفبركة خصوصا مع انتشار جائحة كورونا المستجد، الأمر الذي جعل منها مجالا خصبا وأرضية لنشر الأخبار الزائفة التي تؤدى إلى بث الهلع و الذعر والزيادة في تهويل التهديدات المجتمعية، وذلك بهدف التأثير في السلوك المجتمعي وزعزعة التماسك الاجتماعي وخلق الإحساس بالخوف،ذلك فنظرا لخصوصية الظرفية فان المديرية العامة للأمن الوطني تقوم بتصحيح الرأي العام من الإشاعات الكاذبة وذلك بعد قيامها بالبحث والتحري والتأكد من الأخبار ومن حقيقتها ومن مصادرها لتصدر في الأخير بلاغا توضح فيه ذلك السلوك لتنوير الراي العام.
إلا أن التساؤل الذي يطرح في هذا الإطار هو ما طبيعة القرارات التي تتخذها السلطات العمومية في ظل جائحة كورونا؟ وما علاقتها بحقوق الإنسان؟ وهل تعد القيود المفروضة عن طريق تدابير الحجر الصحي وإعلان الطوارئ الصحية انتهاكا لحقوق الإنسان؟
إن السلطات العمومية اتخذت جملة من القرارات قصد مواجهة فيروس كورونا كوفيد 19 والتي لقيت مجموعة من الانتقادات من طرف البعض على اعتبار أن قرار إغلاق الحدود مثلا تم قبل صدور المرسوم المعلن لحالة الطوارئ إلا أن القول هنا هو أن طبيعة هذا القرار حتى وإن كان قد اتخذ قبل إعلان حالة الطوارئ إلا أنه يبقى قرارا سياديا وغير خاضع للرقابة القضائية الا فيما يتعلق بالحلات الاستعجالية وقصد حماية حقوق الافراد فقط و في سياق تدابير الحجر الصحي و حالة الطوارئ الصحية المعلنة ببلادنا أتيحت الفرصة للقضاء المغربي في سابقة هي الأولى من نوعها منذ تنفيذ قرار إغلاق الحدود الجوية و البرية و البحرية أن تصدى لبعض حالات الأجانب و أقر حماية خاصة لهم في ظل إغلاق المجال الجوي الوطني من بينها حالة مواطن ليبي الجنسية أخذ رحلة إلى تونس متوجهة عبر مطار محمد الخامس غير أنه لما وصل إلى هذا المطار صادف فترة الحظر الجوي الذي فرضته السلطات المغربية مما تعذر معه إقلاع الطائرة التي كانت ستتوجه الى تونس و هكذا بقي عالقا بقاعة العبور بالمطار بدون أي مبرر لما يزيد عن ثلاثة أيام إلى أن فوجئ بالمصالح المختصة بالمطار و هي تمنعه من الدخول الى المغرب فتقدم أمام السيد رئيس المحكمة الإدارية بالدار البيضاء بطلب رام إلى الإذن له بولوج التراب الوطني من مطار محمد الخامس بالدار البيضاء فأصدر السيد رئيس المحكمة الإدارية أمرا بأحقيته في الولوج إلى التراب المغربي بعد التأكد من عدم إصابته بفيروس كورونا المستجد كوفيد 19 ذلك طيلة فترة الحظر الجوي مع تحديد مكان إقامته بالدار البيضاء وتسجيل تعهد القنصل العام للقنصلية العامة الليبية بالدار البيضاء بالسهر على إجراءات سفره مباشرة برفع الحظر الجوي و لا شك أن هذه القرار القضائي الذي أقر حق الاجنبي في الدخول إلى التراب المغربي رغم قرار السلطات المغربية بإغلاق الحدود و فرض حالة الطوارئ الصحية لمواجهة خطر تفشي فيروس كورونا وهنا يبرز مدى مساهمة القضاء المغربي و دوره الايجابي في حماية الحريات العامة للأفراد و مراكزهم القانونية غير أن محكمة الاستئناف الإدارية باعتبارها مرجعا استئنافيا قضت بإلغاء الأمر القضائي الاستعجالي المذكور بالتعليل التالي:
“حيث إنه من جهة أخرى، فإن البادي من أوراق الملف أن استمرا تواجد المستأنف عــــــــــــــــليه في منطقة العبور بمطار محكمة الخامس بعدما كان قادما من دولة ليبيا في اتجاه دولة تونس إنما يرجع إلى قرار السلطات المغربية بفرض حظر جوي في إطار التدابير الاحترازية المتخذة لمحاربة انتشار وباء كورونا المستجد كوفيد 19 (،وهو قرار سيادي بامتياز لا يمكن تعطيل آثاره القانونية او الخروج على مقتضياته إلا في الحالات التي يقررها قرار الحظر نفسه أو قرارات لاحقة متخذة من نفس السلطة المختصة ،ولا مجال في ظل هذا الوضع للدفع بخرق المقتضيات الواردة في المادة 38 من القانون رقم 02.03 المتعلق بدخول و إقامة الجانب بالمملكة المغربية و بالهجرة غير المشروعة ، والتي تخص الإجراءات المواكبة للاحتفاظ بالأجنبي في منطقة الانتظار لأسباب فردية تخص هذا الأخير و يسري تطبيقها في الحالات العادية و ليس استنادا الى أوضاع استثنائية ومن جهة أخرى فإن الإذن للأجنبي للدخول الى التراب الوطني يقتضي تواجده في وضعية نظامية حيال القانون المذكور ولاسيما توفره على السند القانوني الذي يسمح له بذلك الدخول ، و هو معطى غير متوافر في حالة المستأنف عليه الذي لم يستظهر بما يفيد حصوله على تأشيرة للدخول للتراب الوطني مسلمة له بصفة قانونية وفق الضابط الجاري بها العمل، و الأمر المستأنف بعدم مراعاته لجميع ما ذكر حينما أجاز للمستأنف عليه بالدخول ، يكون قد جانب الصواب و يتعين إلغائه و تصديا للتصريح برفض الطلب.” ([13])
لأن هذا القرار (قرار حالة الطوارئ) الهدف منه التوفيق بين الحالة الداخلية للدولة والحالة الخارجية لها كما أنه قرار يكتسي صبغة وقائية من الحالات المحتملة التي يمكن أن تتوافد على المغرب من الخارج([14]) وهذه القرارات تعتبر قرارات سيادية جريئة تعتمد على مقاربتين الأولى تسير في اتجاه الانغلاق على الذات قصد تحقيق التوازن الاجتماعي داخل الدولة والثانية هي مقاربة السيادة بمفهومها الحديث والتي تتجلى في الانفتاح على الدول الأخرى والاستفادة من تجاربها في محاربة هـذه الجائحة وبالتالي حماية المواطنين من الإصابة بها([15]).
لذلك فالسلطات العمومية فقد قامت هي الأخرى بأعمالها معتمدة في ذلك على المعلومة التي تمكن بها المواطنون سواء تعلق الأمر بما يتعلق بالحجر الصحي أو مدته أو أوقات الخروج من المنازل او تحسيسهم عن طريق مجموعة من الحملات التحسيسية مشتركة فيما بينها والتي تعتبر وسيلة لإيصال المعلومة التي يحتاجها المواطن لان هذا الأخير بتوصله بالمعلومات التي تعتبر إجابات لمجموعة من الأسئلة التي كانت تتبادر الى ذهنه دون ان يجد لها إجابات يصبح متعايشا مع الوضع وذلك بإحساسه بالراحة النفسية وحتى تنجح هذه الاجهزة في تحقيق نتائج ملموسة في مكافحة هذا الوباء وغيره من الأوبئة فإنها اعتمدت على إشراك الأفراد والجماعات من المواطنين ووضعهم في كامل صور مراحل اتخاذ القرارات المتعلقة بالصحة وكيفية تطبيقها واحترامها، وهذا ما ادى الى ظهور نتائج ايجابية
خاصة عند التزام الأفراد حيث تنخفض معدلات الإصابة بينما في حالات ضعف التزام الأفراد تتصاعد نسبة المصابين الضحايا ففي هذه الحالة فان الامر يستوجب التدخل لزجر المخالفين في إطار المشروعية.
فحالة الطوارئ هي حالة استثنائية بامتياز والمؤسسات المكلفة بفرضها تقوم بذلك في إطار القانون ولا مجال لإدخال حقوق الإنسان كذريعة لانتقاد اعمال السلطات العمومية لأن عمل السلطات العمومية أصلا يقوم على احترام مبادئ حقوق الإنسان وهذا ما يجعل مرافقها قائمة ومستمرة طيلة فترة الحجر الصحي، لذلك فالسلطات العمومية دعت المواطن إلى جعل قضية مواجهة الوباء قضية وطنية سامية ومتعالية عن الصراعات والاختلافات واختلاف التوجهات بغض النظر عن أنواعها وقد أبانت فترة هذه الجائحة عن بروز وجه جديد للسلطة (طريقة تنفيذ قواعد الحجر الصحي وتطبيقه من طرف الشرطة والسلطة محلية والدرك الملكي والقوات المساعدة وباقي الأجهزة المتدخلة ) والتي تتمثل في كونهم ابانوا عن قدرات تواصلية كبيرة وخصال إنسانية عالية في توجيه المواطن وذلك طيلة أيام الأسبوع منذ بداية الظرفية وفي المقابل عملت هذه السلطات أيضا على ضبط المخالفين للحجر الصحي الذين يقومون بمخالفة مقتضيات المرسوم المتعلق بإعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا كوفيد 19 ويلاحظ ان السلطات العمومية اعتمدت على مبدا التدرج في التعاطي مع فرض الحجر الصحي وذلك باحترام نوع من التنسيق فيما بينها.
ختاما يمكن القول على أن هذه الجائحة أزالت الغطاء على مجموعة من القطاعات الحيوية التي كانت هذه التجربة وسيلة لتظهر مكامن قوتها في مواجهة هذا الوباء كما أكدت هذه التجربة أيضا على أهمية بعض القطاعات وأولويتها على قطاعات اخرى، مع الإهتمام باستعمال التكنولوجيا في الإدارات العمومية كوسيلة لارساء حق المواطن في التوصل بالمعلومة سواء بطلب منه او بالنشر الاستباقي وهذا ما يكرس مبدأ الثقة بين الإدارة والمرتفق بغض النظر عن الظرفية التي تتم فيها هذه العلاقة بينهما.
بالإضافة إلى ما سبق أيضا فإن هذه الجائحة أبانت عن دور النشر الاستباقي للمعلومة في تأطير الرأي العام والتأسيس لمفهوم جديد للسلطة والقائم على التواصل والتنسيق والتأطير للمواطن والتضامن معه وان اعمال السلطات العمومية بخصوص فرض الحجر الصحي لا تشكل انتهاكا لحقوق الانسان بقدر ما هي اعمال في سبيل المصلحة العليا للبلاد فاللهم ارفع عنا هذا الوباء.
الإحالات
[1]-اميمة غندوري:”. أثير فيروس كوفيد-19 على الاقتصاد المغربي “مقال منشور بالموقع الاليكتروني ملكية بريس تم الولوج اليه بتاريخ 26-05-2020 على الساعة 01و51 دقيقة.
[2] -للمزيد من التفاصيل حول هذه الازمة راجع:
– فتح الله ولعلو، “نحن والأزمة الاقتصادية العالمية” المركز الثقافي العربي. الطبعة الأولى سنة 2009.
[3] – محمد زنون : مداخلة في اشغال ندوة ا جهوية “تحت عنوان :”قراءة في مستجدات القانون المتعلق بمحاربة الاشاعة والاخبار الزائفة “ نظمت من طرف رابطة نبراس الشباب والاعلام والثقافة بشراكة مع الوسيط بريس والمجلس الجماعي لأكادير بقاعة الندوات بغرفة الصناعة والتجارة والخدمات لأكادير بتاريخ 01 دجنبر 2018 على الساعة 16و30 دقيقة .
[4] – منشور بالجريدة الرسمية عدد 6865 مكرر بتاريخ 17 مارس 2020 ص 1540.
[5] – مرسوم بقانون رقم 2.20.292 صادر في 28 من رجب 1441 بتاريخ 23 مارس 2020 سن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها بالجريدة الرسمية عدد 6867 مكرر بتاريخ 24 مارس 2020 ص 1782.
[6] – منشور بالجريدة الرسمية عدد 6867 بتاريخ 24 مارس 2020 ص 1783.
[7] -غير وتمم بمقتضى ظهير شريف معتبر بمثابة قانون رقم 1.93.293 صادر في 19 من ربيع الآخر 1414(6 أكتوبر 1993) الجريدة الرسمية عدد 4223 بتاريخ 06/10/1993 الصفحة: 1911.
[8] – محمد الغالي: “حالة الطوارئ ليست حصار” ، حوار منشور في موقع أخبار شيشاوة ، تم الولوج إليه بتاريخ 22-05-2020 على الساعة 15و58 دقيقة.
[9] -اختيار هذين المرفقين فقط لا يعني انهما اللذين استمرا في تقديم خدماتهما فقط خلال فترة الجائحة وانما هناك مرافق اخرى حيوية كالمرافق التابعة لوزارة التعليم مثلا الا ان الاختيار وقع عليهما قصد تدقيق الدراسة عليهما فقط لا أكثر.
[10] – النشر الاستباقي هو عملية منصوص عليها في المادة 10 من قانون 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومة والذي ينص في مضمونه على أنه يجب على المؤسسات المعنية في إطار تدابير النشر الاستباقي أن تقوم بنشر كل ما لديها في حدود الأقصى من المعلومات التي في حوزتها بجميع وسائل النشر المتاحة خاصة الاليكترونية باستثناء ما يندرج ضمن الاستثناءات القانونية التي تهدف إلى حماية المصالح العليا للبلاد.
[11] – من بين القضايا المعروفة في هذا الاطار نجد القضية المعروفة ب “مي نعيمة ” التي حكمت عليها المحكمة الابتدائية بمدينة الدار البيضاء بُحكمها في حق ها باعتبارها “يوتوبر” إذ أدانتها بسنة سجنا نافذة، نتيجة اتِّهامها بنشر محتويات زائفة بواسطة أنظمة معلوماتية وعدم تنفيذ أشغال أمرت بها السلطات العمومية وكانت عناصر الفرقة الوطنية قد اعتقلت المعنية بالأمر في الـ19 من شهر مارس 2020، بعدما ظهرت في مقطع فيديو منشور على قناتها بموقع “يوتوب” تُحرِّض فيه على عدم الامتثال لمبادئ الحجر الصحي التي أقرَّتها السلطات المغربية بسبب فيروس “كوفيد19”..
[12] –سمير آيت ارجدال : مقاربة حقوقية قانونية ، مثال منشور في موقع هيسبريس تم الولوج إليه بتاريخ 24-05-2020 على الساعة 12س30 دقيقة.
[13] – امر استعجالي عدد: 239 صادر بتاريخ: 23 / 03 / 2020 في الملف عدد: 358 / 7101 / 2020 صادر عن السيد رئيس المحكمة الادارية بالدار البيضاء اشار اليه الباحث المختار العيادي في مقاله“الحجر الصحي للمصابين بأمراض معدية في سياق محاربة جائحة كورونا الإطار القانوني -الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الجائحة -علاقة التدابير المتخذة بحقوق الانسان” المنشور في سلسلة احياء القانون عدد الدولة والقانون في زمن جائحة كورونا – مؤلف جماعي -عدد ماي 2020 الصفحة :48.
[14] – وفي هذا الإطار قضت المحكمة الإدارية بالرباط برفض طلب مواطنين مغربيين ظلا عالقين بالجزيرة الخضراء الإسبانية بالولوج إلى التراب المغربي عبر ميناء طنجة المتوسطي رغم التزامهما بالامتثال لجميع الإجراءات الوقائية والاحترازية التي أمرت بها السلطات العامة خاصة منها الخضوع لإجراءات الحجر الصحي وعدم مغادرة المنزل بالتعليل التالي:
” وحيث لئن كان الطالبان يحملان الجنسية المغربية وقاطنين بالمغرب ولهما حق الخروج والدخول من وإلى التراب الوطني المكفول دستوريا استنادا لمقتضيات الفقرة الرابعة من الفصل 24 من الدستور التي تنص على أن “حرية التنقل عبر التراب الوطني والاستقرار فيه والخروج منه والعودة إليه مضمونة للجميع وفق القانون” ، إلا أن ذلك يبقى في الحالات العادية ، أما في نازلة الحالة فإن استمرار تواجد الطالبين في منطقة العبور بالجزيرة الخضراء بعدما كانا قادمين من اسبانيا إلى المغرب إنما يرجع إلى تدابير احترازية سريعة وحاسمة اتخذتها السلطات المغربي بفرض حظر جوي وبحري استنادا للسلطة التقديرية الواسعة الممنوحة لها في هذا المجال لمواجهة موقف خطير صونا وحماية للصحة العامة وذلك لمنع انتشار داء وباء فيروس كورونا المستجد كوفيد 19 و هي تدابير أخذت بالفعل شكلها و صيغتها القانونية بصدور مرسوم بقانون رقم 2.20.292 بتاريخ : 28 رجب 1441الموافق ل 23 مارس 2020 يتعلق بسن احكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية و اجراءات الاعلان عنها ، والمرسوم رقم 2.20.293 الصادر بتاريخ 29 رجب 1441 الموافق ل 24مارس 2020 بإعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا كوفيد 19 ،والمنشوران بالجريدة الرسمية عدد 6867 بتاريخ : 29 مارس 2020 وعليه فإن هذه التدابير لا يمكن تعطيل آثارها القانونية أو الخروج على مقتضياتها إلا في الحالات التي يقررها تدبير الحظر نفسه أو قرارات لاحقة متخذة من نفس السلطة وذلك في إطار قاعدة توازي الشكليات نفس الاتجاه قرار محكمة الاستئناف عدد 210المؤرخ في 26 / 03 / 2020 في الملف عدد 422 / 7202 / 2020 ،مما يجعل حالة الحظر الجوي الساري المفعول في حق الطالبين أعلاه مجرد تدبير تنظيمي غير مخل بمبدأ حرية الدخول و الخروج من و إلى التراب الوطني كأصل عام خاصة وأن سنده نفس مقتضيات الفقرة الرابعة من الفصل 24 من الدستور المشار إليها أعلاه والتي أكدت على أن التعامل مع حرية الدخول والخروج للتراب الوطني سوف تتم من خلال ضوابط يؤسسها القانون نفسه، ذلك انه بالرغم من أن هذه الحرية مضمونة إلا أنه من نتائج الظروف الاستثنائية الصحية التي تعيشها المملكة المغربية ضرورة فرض قيود خاصة على هذه الحرية حماية للصحة العامة.
وحيث إنه عطفا على ما ذكر أعلاه فإن طلب خرق حالة الطوارئ الصحية عن طريق الإذن للطالبين بالدخول إلى التراب الوطني المغربي يبقى مستند على غير ذي أساس، خاصة وأن ما قامت به السلطات المغربية يمثل المشروعية النية في ظل الوضع السائد، وأن القاضي الإداري الاستعجالي يحمي المشروعية في كل الأحوال ، مما يتعين معه رفض الطلب و إبقاء الصائر على عاتق رافعه”.
– أمر قضائي استعجالي عدد: 955 صادر عن السيد رئيس المحكمة الادارية بالرباط بتاريخ: 31 / 03 / 2020 في الملف عدد: 667 / 7101 / 2020، أمر قضائي منشور اشار اليه الباحث المختار العيادي في مقاله «الحجر الصحي للمصابين بأمراض معدية في سياق محاربة جائحة كورونا الإطار القانوني -الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الجائحة -علاقة التدابير المتخذة بحقوق الانسان”مرجع سابق الصفحة :72.
[15] – خالد الغازي:”اثار جائحة كورونا على المشهد السياسي والمؤسساتي بالمغرب “مداخلة في اشغال ندوة افتراضية مباشرة على صفحة “citoyen universels”تحت عنوان “جائحة كورونا بالمغرب واثارها على الحياة الاجتماعية والاقتصادية السياسية والقانونية “نظمت من طرف جمعية مواطنون المغرب عالمنا بتاريخ 17 ماي 2020 على الساعة 22و00 دقيقة.