قضية المانع الديني في الزواج
بين النص القانوني والفقه الإسلامي[1]
(دراسة نقدية)
“يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا”
(الحجرات،13)
تقديم
لا شك أن موضوع زواج المسلمة بغير المسلم من المواضيع التي يحتدم الصراع بشأنها، بين تصور حداثي وآخر محافظ، إذ يعد من أهم قضايا المرأة التي تشغل العديد من الباحثين والمهتمين بالشأن الحقوقي والقانوني، ذلك أن قضية زواج المسلمة بمن يختلف عنها في الدين أصبحت تفرض نفسها بقوة أكثر من أي وقت مضى، وذلك بالنظر إلى الوشائج والروابط الكثيرة والمتعددة التي باتت تربط سكان المعمورة بفعل تنامي ظاهرة الهجرة التي انفجرت في العقود الأخيرة كالسيل الجارف والتي تتشابك أسبابها بين ما هو اجتماعي واقتصادي وسياسي…إلخ، وأصبحت المرأة تشكل من العدد الإجمالي لهذه الظاهرة حوالي 50 في المائة[2]، خاصة بعد أن اكتسبت حظها من التعليم والتكوين خول لها إمكانية البحث عن فرص العمل خارج أرض الوطن. وإذا ما أضفنا إلى ذلك، أي إلى ظاهرة الهجرة، التنقل السريع من أقصى الأرض إلى أقصاها بفضل ما وفرته الصناعة الحديثة من وسائل النقل، وكذا التواصل السهل مع العالم عبر الفضاء السبراني/الأنترنيتي الذي اختلطت فيه الملل والأجناس، فإنه يمكن القول أن كل هذه العوامل كانت لها انعكاسات مباشرة على ارتفاع نسبة الزواج المختلط بصفة عامة وزواج المسلمة بغير المسلم بشكل خاص، وهذا يجعله موضوعا يستوجب الاهتمام والدراسة.
يبدو هذا الموضوع وكأنه قد حسم من طرف الفقه التقليدي وليس هناك داع للبحث فيه، إذ يوجد ما يشبه الإجماع بين الفقهاء المسلمين على حرمة زواج المسلمة بغير المسلم، مستندين في ذلك على أدلة من الكتاب والسنة والإجماع. لكنني أرى عكس ذلك، أن هذا الموقف اتسم بالكثير من التشدد، وإن أردنا أن نجد له بعض المبررات، قلنا أن ذلك كان في سياق تاريخي خاص، وتميزت فيه العلاقة الاجتماعية بين المسلمين وغيرهم بالتوتر والارتباك، وذلك بفعل سيادة مفاهيم تنتمي للعالم القديم، عالم ما قبل دولة الحق والقانون من قبيل، مفهومي “دار الإسلام” و”دار الحرب” ، فانتهى الفقه التقليدي إلى تحريم زواج المسلمة بغير المسلم، على اعتبار أن هذا الأخير ينتمي لدار الحرب، وزواج المسلمة منه فيه خطر على الدين الإسلامي.
غير أن هذا السياق قد تغير، وشمل معه تغير العلاقات الاجتماعية التي بات يحكمها – على الأقل منذ الإعلان عن ميثاق حقوق الإنسان – البعد الإنساني على حساب البعد الديني، الأمر الذي جعل موضوع زواج المسلمة بغير المسلم يعود مؤخرا ليكون من بين قضايا المرأة المطروحة للنظر، سيما أن القضية كما يؤكد بعض الفقه[3] الحديث جزئية، ثم بالتالي اجتهادية، والمنهج الإسلامي لا يمنع من إمكانية إعادة النظر في مثل الأحكام، بل إنه في تراثنا الفقهي نفسه اتجاهات بدت في الغالب الأعم مغيبة تماما تحمل منظورا مخالفا لما هو سائد بشأن هاته المسألة[4]
إن الحديث عن موضوع زواج المغربيات المسلمات بأجانب غير مسلمين بموجب عقود مدنية ليس ترفا فكريا، فكل المؤشرات والدلائل تصب في كون هذا الزواج في ارتفاع متزايد سنة بعد أخرى ، فأصبح بذلك ظاهرة بادية للعيان ولابد من إيجاد حلول عملية لها. وبالرغم من أن مدونة الأسرة قد سعت في حدود ما سمحت به المنهجية التوافقية التي تحكمت في صياغة نصوصها إلى التيسير قدر الإمكان على مواطنينا في الخارج، غير أن ذلك لم يكن كافيا لتفادي أوجه العنت التي يكشف عنها العمل باستمرار[5].
ترتبط بهذا الموضوع جملة من الإشكالات المتشعبة، منها التصادم بين مقتضيات الاتفاقيات الدولية وأحكام مدونة الأسرة بالنظر للاختلاف المرجعي لكل منها، وهذا لن نتطرق له في هذا المقام، لأن ما يهمنا هنا يتعلق أساسا بمدى صحة زواج المسلمة بغير المسلم سواء من وجهة نظر القانون المغربي أو الفقه الإسلامي؟ وكيف يتعامل القضاء المغربي مع هذا النوع من الزيجات؟ وهل يوجد في القرآن نصوص تحسم في حرمة زواج المسلمة بغير المسلم؟
للإجابة على هذه التساؤلات ارتأينا أن نسلط الضوء على الموقف القانوني الذي يحكم التعامل مع زواج المسلمة بغير المسلم، وكذا توجهات العمل القضائي بخصوصه في (الفقرة الأولى)، على أن نتعرض في (الفقرة الثانية) للموقف الشرعي من زواج المسلمة بغير المسلم. كل ذلك، مع إبراز المشاكل التي يطرحها الموضوع والتعليق عليها كلما سمحت الفرصة بذلك.
الفقرة الأولى: زواج المسلمة بغير المسلم من منظور قانون الأسرة والقضاء المغربيين
إن مقاربة موضوع زواج المسلمة بغير المسلم تستوجب أولا التطرق لموقف المشرع المغربي وسرد النصوص القانونية التي تنظمه، ثم ثانيا التوقف لموقف القضاء باعتباره الوجه العملي الذي يجسد مدى فعالية وصلاحية هذه النصوص في تأطير هذا النوع من الزواج.
أولا: موقف قانون الأسرة من زواج المسلمة بغير المسلم
كان المشرع في ظل مدونة الأحوال الشخصية الملغاة يعتبر اختلاف الدين من موانع الزواج المؤقتة بالنسبة للمرأة، بحيث كانت الفقرة الخامسة من المادة 29 منها تنص على أن المحرمات حرمة مؤقتة: “زواج المسلمة بغير المسلم”. ورغم أن المجتمع المغربي قد حقق مكتسبات مهمة في مجال الحقوق نتج عنها إلغاء مدونة الأحوال الشخصية وتعويضها بمدونة الأسرة[6] التي حملت في طياتها العديد من التغييرات المتعلقة بحقوق المرأة، إلا أن موضوع زواج المسلمة بغير المسلم بقي على حاله ولم يطله أي تعديل. فالمشرع المغربي وكغيره من تشريعات الدول الإسلامية[7] احتفظ بنفس الموقف، واعتبر صراحة أن الدين من موانع الزواج المؤقتة التي تقتصر على المرأة فقط، إذ يمنع القانون المرأة المغربية المسلمة أن تتزوج من يخالفها ديانتها، في حين يسمح نفس القانون للرجل أن يتزوج من تخالفه ديانته، بشرط ألا تكون مشركة، مع التنبيه إلى أن المشرع لم يشترط في زواج المسلم بالكتابية أن تدلي هذه الأخيرة بوثيقة تثبت تدينها بالمسيحية أو اليهودية أو دين آخر، عكس ما فعله مع زواج المسلمة بغير المسلم. وهكذا نقرأ في المادة 39 في فقرتها الرابعة ما يلي: ” موانع الزواج المؤقتة: …..4- زواج المسلمة بغير المسلم، والمسلم بغير المسلمة ما لم تكن كتابية…”. وبهذا تكون مدونة الأسرة قد أكدت صراحة على عدم حلية زواج المسلمة بغير المسلم، حتى ولو كان هذا الزواج صحيحا في نظر القانون الأجنبي، خاصة في حالة إبرام عقد الزواج بالخارج أمام ضابط الحالة المدنية.
والمشرع – كما يبدو من نص المادة 39 – منع المسلمة من الزواج بغير المسلم من دون أن أي تعيين، فعبارة “غير المسلم” جاءت عامة دون تخصيص، مما يفيد أنه ” مانع يمتد ليشمل غير المسلم عموما، يستوي في ذلك أن يكون المعني بالأمر كافرا أو مشركا أو من أهل الكتاب”[8]، غير أن هذا المنع يظل مؤقتا، حيث يمكن رفعه بواسطة إعلان الزوج الأجنبي اعتناقه للإسلام، بحيث إذا أعلن إسلامه زال المانع وجاز له الزواج من المسلمة. وذلك بصرف النظر عن جدية إسلامه وما إذا كان قد فعل ذلك من أجل الزواج فقط[9]. وقد أوجد المشرع المغربي مساطر خاصة لزواج معتنقي الإسلام والأجانب، وذلك من أجل الحيلولة دون الاعتناق الصوري للإسلام، قصد تحقيق غايات ومصالح شخصية وآنية، مما يجعل الرابطة الزوجية تتنافي والمقاصد الشرعية[10]، ولتحقيق ذلك فرضت وزارة العدل مجموعة من الإجراءات بمقتضى مناشير إدارية تتلخص – بناء على منشور عدد 3501 بتاريخ فبراير 1955- في إجراء بحث يقوم به وكيل الملك لدى المحاكم الابتدائية ثم تكوين ملف يحتوي على الوثائق الضرورية، أهمها نسخة طبق الأصل من عقد اعتناق الأجنبي للإسلام ورفعه إلى وزارة العدل التي لها حق الإذن في إبرام هذا الزواج أو رفضه، وعمل وزير العدل على إسناد صلاحية النظر في هذه القضايا وتخويل الإذن في عقد هذا الزواج من عدمه، للوكلاء العامين لدى محاكم الاستئناف وذلك بمقتضى منشور عدد 854 بتاريخ 1979.05.17 بشأن زواج معتنقي الإسلام[11].
ورغم هذه الإجرءات للتأكد من جدية إسلام الزوج الأجنبي، إلا أنه لا يمكن الحكم على الشخص بالإسلام إلا بالظاهر، فليس بمستطاع القضاء أن يطلع على سريرة الطرف الأجنبي ونواياه، وهو ما أكدته ابتدائية مراكش حينما عللت حكمها بقولها: “… وحيث أن عقد الزواج المبرم بين الطرفين أشار إلى أن المدعى عليه اعتنق الإسلام بمقتضى رسم الإسلام… وحيث أن الاعتقاد بالدين الإسلامي يعتبر من الأمور الشخصية التي تربط الفرد بخالقه عز وجل ولا يمكن نفيها عنه خاصة إذا تشبث علنا بعقيدته…”[12]. وهو نفس ما يؤكد عليه القضاء المقارن، فقد جاء في حكم لمحكمة النقض المصرية أن ” الاعتقاد الديني مسألة نفسانية وهو من الأمور التي تبنى الأحكام فيها على الإقرار بظاهر اللسان والتي لا يسوغ لقاضي الدعوى التطرق إلى بحث جديتها أو بواعثها، ولما كان قد أقر بأنه مسلم ونطق بالشهادتين بين يدي القاضي، فإنه لا يجوز التعرض لحقيقة إسلامه وصحة إيمانه به”[13]، وهو ذات الموقف الذي نهجته محكمة التعقيب التونسية والتي جاء في أحد قراراتها أنه: “… وحيث أن اعتناق الدين الإسلامي هي ظاهرة يستدل عليها بما يعبر عنه عند الفقهاء بظاهر الحال ذلك أن ظاهر الحال المستند على ما في الباطن هو ما يعلمه الناس…”[14].
يتضح إذن أن الزواج من هذا القبيل، أي زواج المسلمة بغير المسلم، غير جائز في قانون الأسرة المغربي، ويعتبر محرما بالمعنى الشرعي وباطلا بالمعنى القانوني، فلا تترتب عليه الآثار القانونية للزواج الصحيح، وهذا ما نصت عليه المادة 57 من مدونة الأسرة، حيث جاء فيها أنه: ” يكون الزواج باطلا: ….2- إذا وجد بين الزوجين أحد موانع الزواج المنصوص عليها في المواد 35 إلى 39 أعلاه…”، وبهذا يكون الزواج الذي يخالف مقتضيات المادة 39 باطلا في نظر القانون المغربي، ويعمد القضاء إلى إبطاله.
ثانيا: موقف قضاء الموضوع بشان زواج المسلمة بغير المسلم
يسجل على الموقف القضائي ، للأسف الشديد، تشددا كبيرا في التعامل مع هذا النوع من عقود الزواج عندما تعرض عليه لأجل تذييلها بالصيغة التنفيذية أو لإثبات العلاقة الزوجية، فكما هو معلوم جل هذه العقود – إن لم نقل كلها – تبرم خارج المغرب أمام ضباط الحالة المدنية، وذلك بالنظر للرقابة القضائية الصارمة ورفض العدول توثيق عقود الزواج المختلط داخل المغرب، ما لم تتوفر فيه الشروط المتطلبة، فتظطر معه غالبية المغربيات المسلمات إلى التحايل على القانون عن طريق توثيق عقود زواجهن بالأجانب أمام ضباط الحالة المدنية، وذلك تجاوزا للمادة 14 من مدونة الأسرة المتعلقة بزواج المغاربة بالخارج، وكذا تفاديا للمانع الديني الوارد في المادة 39 من نفس القانون. لذلك عُرِضَت على القضاء المغربي زيجات عديدة لم يحترم فيها المانع الديني، وذلك بهدف تذييلها، وهكذا جاء في حكم لابتدائية الحسيمة أنه لما ” تبين من خلال اطلاعها على وثائق الملف أن المدعية قد أبرمت عقد الزواج بأجنبي غير مسلم، مما يعد من الموانع المؤقتة لهذا الزواج، وبالتالي تجعل عقد الزواج المدني الرابط بين المدعية والسيد ج.ف الذي لم يثبت كونه مسلما عقدا باطلا”[15]، كما أن المحكمة الابتدائية بالناظور صرحت في حكم لها برفض تذييل عقد زواج بالصيغة التنفيذية تم بين زوجة مسلمة وزوج غير مسلم فقضت ببطلانه[16]، غير أن هذا لا يعني أن القضاء قد أجمع على بطلان الزيجات المبرمة أمام موظف الحالة المدنية بديار المهجر، فهناك بعض محاكم المملكة ذهبت إلى إعطاء الصيغة التنفيذية لمثل هذه الزيجات، فقد وافقت ابتدائية البيضاء على تذييل عقد زواج بين فرنسي ومغربية مبرم أمام ضابط الحالة المدنية بفرنسا رغم أن الملف لم يكن يتضمن ما يفيد إعلان الأجنبي لإسلامه[17]، ولكنه يبقى توجها ضعيفا تتبناه القلة القليلة من محاكم المملكة.
بخلاف ما يعتقده بعض الباحثين من أن منع زواج المسلمة بغير المسلم ورفض المحاكم تذييل عقود الزواج التي لم تحترم المانع الديني فيه حكمة تتمثل – حسب اعتقادهم – في غالب الأحيان في تكوين أسرة متماسكة ومستقرة تتوافق فيها العقيدة الدينية، وأنه إذا ” تزوجت المسلمة من غير المسلم ولو كان كتابيا، فإن ذلك سيؤدي به إلى دفعها وأولادها إلى مفارقة دينهم واتباع دينه”[18]، فإني أرى أن الموضوع أحيانا قد ينقلب من الحكمة إلى النقمة، إذ أنه كثيرا ما يكون هناك زوجين يختلفان عقائديا يعيشان في استقرار وانسجام بعقد زواج مدني أبرم في موطن الهجرة تفاديا للمانع الديني، وعندما يعرض على القضاء المغربي لتذييله بالصيغة التنفيذية تحكم المحكمة ببطلانه، فيؤدي ذلك إلى تعقيد الوضعية القانونية للأسرة ويكون الزوجان في نظر القانون المغربي تجمعهما علاقة غير شرعية وباطلة ومن ثم غير مرتبة لآثارها القانونية، قد يبدو هذا احتمالا مستبعدا، ولكنه عرض بالفعل على القضاء المغربي، فقد ردت المحكمة الابتدائية بتمارة بمقتضى حكمها دعوى ثبوت الزوجية بين مغربية مسلمة وفرنسي مسيحي بدعوى أن الطالب حسب رسم اعتناق الإسلام لم يدخل للإسلام إلا في 12 مارس 2003 وأن العلاقة الزوجية المزعومة كانت سنة 1999 أي أن قيامها كان بين مغربية مسلمة وفرنسي غير مسلم[19]، وفي حكم آخر لابتدائية العرائش جاء في حيثياته أنه: ” بتاريخ 06/04/2001 كان وضع الطالبين على الشكل التالي، الطالبة مغربية مسلمة والطالب إسباني معتنق المسيحية (كاثوليكي)، وهذا الأخير لم يعتنق الإسلام إلا بتاريخ 13/07/2005 أي أربع سنوات بعد إبرام العقد بين الطرفين…وحيث أنه استنادا على ما ثبت من بطلان العقد الرابط بين الطرفين يكون الطلب – إثبات العلاقة الزوجية – غير مرتكز على أساس قانوني أو شرعي سليم”[20]. وهذا يظهر تشدد القضاء غير المبرر، إذ بدل أن يقبل بتصحيح عقد الزواج بعد أن اعتنق الأجنبي الإسلام بحيث تصبح علاقة صحيحة ومرتبة لأثارها، يقرر الحكم بإبطالها، على أساس أن العلاقة كانت قائمة قبل دخول الزوج في الإسلام مما يجعل منها علاقة باطلة.
بل أحيانا نسجل تعجبنا من بعض القضاء المغربي، إذ يذهب إلى إبطال عقود الزواج التي تتضمن المانع الديني بالرغم من أنه يبت في طلب تذييل حكم يتعلق بإنهائها، ومن ذلك مثلا رفض قسم قضاء الأسرة بالرباط تذييل حكم أجنبي قضى بالطلاق بالصيغة التنفيذية، وذلك لكون العقد الذي تم بين مغربية مسلمة ورجل أجنبي لم يحترم فيه الضابط المتعلق بمنع زواج المسلمة بغير المسلم الذي يعد من النظام العام[21].
ولست أدري كيف يمكن المساس بالنظام العام المغربي والحال أن عقد الزواج الذي يجمع بين الزوجة المسلمة والزوج غير المسلم قد انتهى بموجب حكم أجنبي، ولا يحتاج إلا لتذييله بالصيغة التنفيذية ليكتسب الحجية أمام القانون المغربي، فهل تذييل حكم قضى بالتطليق بالصيغة التنفيذية فيه خرق للنظام العام؟
الرأي فيما أعتقد أن المسألة ليس فيها مساس بالنظام العام المغربي، لأنه سواء تم تذييل الحكم القاضي بالتطليق بالصيغة التنفيذية أو الحكم ببطلان عقد الزواج لكونه لم يستوفِ شرط الإسلام، فالأمر سيان، كلاهما يؤدي إلى وضع حد للعلاقة الزوجية، وأكثر من ذلك أرى بأن رفض القضاء تذييل الأحكام الأجنبية التي قضت بالطلاق قد يؤدي إلى اضطراب في حياة الأسر المعنية. وقد تنبه القضاء لهذا الأمر، وحاول إعمال ذلك عبر قراراته، وكمثال على ذلك، ما جاء قي قرار لمحكمة الاستئناف بالقنيطرة من أن: “…هذا التطليق بالضبط هو المعني بتذييله بالصيغة التنفيذية، والذي يرغب الطرفان في نشره أمام النظام العام المغربي بقصد تنفيذه على تراب المملكة وليس عقد الزواج الذي تم وضع حد لسريانه خارج رقابة النظام العام المغربي…وحيث يتجلى مما ذكر أن أوجه الاستئناف غير مرتكزة على أساس، وأن ما انتهى إليه الحكم المستأنف صادف الصواب وفي محله ويتعين تأييده[22].
يرفض أحد الباحثين[23] هذا التوجه ويدافع على قاعدة “لا اجتهاد مع وجود النص” في إشارة منه إلى رفضه لاجتهاد القضاء في تذييل إما عقود الزواج التي حضر فيها المانع الديني، أو تذييل الحكم القاضي بالطلاق والذي صدر بالخارج، على اعتبار أن النص القانوني كان صريحا في منع زواج المسلمة بغير المسلم. ونحن لا نجادل في وضوح النص أبدا، ولكننا لا نوافقه الرأي فيما ذهب إليه بقوله لا اجتهاد مع النص، وذلك لعدة أسباب منها، أن هذا النص الوارد في المادة 39 وإن كان واضح الدلالة، فإنه يبقى نص وضعي يمكن إعادة النظر فيه ونقده وفق تحديات العصر وما يعيشه مهاجرونا المغاربة بالخارج، كما أنه في حالة عدم وجود النص لن يكون هناك داع أصلا للخوض في هذا النقاش، هذا بالإضافة إلى أن النص القانوني يجد مرجعيته في النص الديني، وهو – أي النص الديني – غير قطعي في تحريم زواج المسلمة بغير المسلم، وذلك عكس ما ذهب إليه الباحث من أن زواج المسلمة بغير المسلم مسألة تم الحسم فيها، واعتبره زواج باطل مستندا إلى مجموعة من النصوص الدينية[24] (سنعرض لذلك في الفقرة الثانية).
إن زواج المسلمة بغير المسلم هو واقع قائم تعيشه شريحة واسعة من المغربيات المسلمات وهو في تزايد مطرد، ومنع هذا النوع من الزيجات لا يقدم حلولا بقدر ما يعقد الموضوع، بل أكثر من ذلك هو موقف لا يخدم مصلحة المهاجرات المغربيات، ذلك أن اعتبار المشرع في المادة 57 أن الزواج الذي لم تراع فيه مقتضيات المادة 39 هو زواج باطل، من شأنه أن يتحول إلى سلطة في يد الزوج الأجنبي الذي يستطيع التخلص من علاقته الزوجية التي لم يعد يروق استمرارها متى شاء ذلك، ويكفي لفعل ذلك إثارة كونه غير مسلم لتحكم المحكمة ببطلان العقد، وذلك رغم تشبث الزوجة بدعوى ثبوت الزوجية، فتضيع حقوق الزوجة. علاوة على أن هذا المنع قد يؤول إلى مشكلة حقيقة بالنسبة للبلدان التي تعيش تعددا دينيا وطائفيا مثل مصر وسوريا والعراق، بل حتى المغرب، أو كما يقول أحد الفقهاء هي عقبة دون التآخي الوطني الأكمل[25]، إذ حينها لا يقتصر المنع على زواج المسلمة بغير المسلم الأجنبي فقط، وإنما يمتد إلى المواطنين في نفس البلد حين اختلاف ديانتهم.
إن القضاء مدعو اليوم وبعد مرور ستة عشر سنة على صدور مدونة الأسرة إلى تبني موقف آخر أكثر مرونة تراعى فيه الاختلافات العقائدية وتغير الزمان ومصالح الأزواج، بحيث سيشكل ذلك بداية لرسم معالم موقف قضائي جديد يحد من مشاكل الزواج المختلط في مجموعه وزواج المسلمة بغير المسلم على وجه الخصوص، وما يستتبعه ذلك من معاناة الأزواج والأهل على السواء.
الفقرة الثانية: زواج المسلمة بغير المسلم من منظور الفقه الإسلامي
تجد غالبية أحكام مدونة الأسرة، ومنها الحكم الوارد في المادة 39 القاضي بمنع زواج المسلمة بغير المسلم، أساسها في قواعد الشريعة الإسلامية، وبالدرجة الأولى في النص القرآني، باعتباره مصدرا مؤسسا لنصوص مدونة الأسرة، ولذلك نرى أن تلمس أبعاد هذه المسألة والتعليق على موقف قانون الأسرة المغربي لا بد أن يكون بالتعرض للنص التأسيسي لهذا الموقف. فهل حقا هناك نص قرآني قاطع في حرمة زواج المسلمة بغير المسلم بنى عليه المشرع حكمه وأغلق الباب أمام أي اجتهاد؟ أم أن ما يمثل حكما شرعيا في نظر البعض لا يعدو كونه تأويل فقهي تبلور عبر مراحل تاريخية؟
بالرجوع إلى القرآن، وهو المصدر الاستدلالي الأول للفقه، نجد ثلاث آيات يمكن أن تنير أمامنا طريق البحث:
1) ” ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم، ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم” (سورة البقرة، الآية 221).
2) ” يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن” (سورة الممتحنة، الآية 10).
3) ” اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم” (سورة المائدة، الآية 5).
فالآية الأولى واضحة الخطاب حيث يتعلق أساسا بالمشركين والنهي فيه يتوجه إلى النساء والرجال على السواء، ولذلك فهي لا تنهض دليلا على منع زواج المسلمة بالكتابي، وإنما فقط منعها من الزواج بالمشرك، وهو منع يشمل المرأة والرجل على السواء. ولكن المشكل لا ينتهي هنا، لأن الفقهاء درجوا على اعتبار أن لفظ المشركين الوارد في الآية هو لفظ عام فيمتد إلى أهل الكتاب، ومن ثم يكون زواج المسلمة بالكتابي محرما ! وهذا هو الخلط الخطير الذي يجب رفعه. فمن هو المشرك؟ وهل حقا يدخل أهل الكتاب في زمرة المشركين؟ وهل لفظ المشركين عام أم خاص المورد فيقتصر على مشركي العرب؟
اختلف المفسرون حول لفظ المشرك، فأشار لذلك الشيخ ابن جرير الطبري فقال: ” اختلف أهل التأويل في هذه الآية {يقصد آية ولا تنكحوا المشركات/ المشركين} هل نزلت مرادا بها كل مشركة أم مرادا بحكمها بعض المشركات دون بعض؟ وهل نسخ منها بعد وجوب الحكم بها شيء أم لا؟ فقال بعضهم: نزلت مرادا بها تحريم كل مشركة على كل مسلم من أي أجناس الشرك كانت عابدة وثن أو كانت يهودية أو نصرانية أو مجوسية أو غيرهم من أصناف الشرك ثم نسخ تحريم نكاح أهل الكتاب، وقال آخرون بل نزلت هذه الآية مرادا بحكمها مشركات العرب لم ينسخ منها شيء ولم يستثن…”[26]
وجاء في تفسير المنار للشيخ محمد رشيد رضا أن ” ما روي في الآية التي نفسرها الآن متفق على أن المراد بالمشركات فيها غير الكتابيات من نساء العرب، وذهب بعضهم إلى أن المراد بالمشركين والمشركات عام يشتمل أهل الكتاب لأن بعضهم ما هم عليه شرك…وذهب الأكثرون إلى أن المراد بالمشركات مشركات العرب اللائي لا كتاب لهن لأن هذا هو عرف القرآن في لقب المشرك”[27].
وأول سؤال يتبادر إلى الذهن هو لماذا سمح المشرع للمسلم بالزواج من الكتابية إذا كان لفظ المشرك عام يشتمل أهل الكتاب؟
في معرض الرد على هذا التساؤل يذهب البعض إلى القول بأن آية البقرة الواردة في المشركات مخصصة بآية المائدة القاصرة على الكتابيات، بمعنى أن آية المائدة نسخت حكم آية المشركات فأجازت للمسلم التزوج من الكتابية دون المسلمة التي لا يجوز لها الزواج من الكتابي، لكن هذا الرأي ضعيف الحجة وأغلب الفقهاء يتفقون على أن سورة المائدة لا تنسخ ما ورد في آية البقرة، فهذه الأخيرة ثابتة لم ينسخ منها شيء[28] وقول القائل أن آية المائدة ناسخة آية البقرة دعوى لا برهان له عليها[29] وقد جاء في أحكام القرآن للجصاص أن قوله تعالى: ” ولا تنكحوا المشركات…” و ” المحصنات من الذين أوتوا الكتاب…” لا تنسخ إحداهما بالأخرى ما أمكن استعمالها[30] وجاء في تفسير الطباطبائي أن قوله تعالى: ” ولا تنكحوا المشركات” إنما يشمل المشركات من الوثنيين وقوله: ” والمحصنات” يفيد حلية نكاح أهل الكتاب، فلا تدافع بين الآيتين حتى تنسخ إحداهما الآخرى[31]. وهذا يؤكد على أنه إذا كان لفظ المشركات والمشركين الوارد في سورة البقرة يشتمل على أهل الكتاب فإنه لزم تحريم زواج المسلم بالكتابية على غرار تحريم زواج المسلمة بالكتابي، أو العكس، لآن آية المائدة لم تنسخ آية البقرة، وبالتالي فما يسري على الرجل ينسحب على المرأة أيضا. ولكننا مع ذلك لا نقتنع بهذا الرأي وسنمضي أكثر في تفنيده.
بالرجوع إلى القرآن نجد فيه ما يدحض الرأي القائل بأن المراد من المشركين والمشركات عام يشمل أهل الكتاب، فنقرأ مثلا قوله تعالى: { ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين}[32] وأيضا قوله: { لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة}[33] و استعمال “واو” العطف كما هو معلوم يقتضي المغايرة والمخالفة مما يعني أن أهل الكتاب لا يدخلون ضمن زمرة المشركين، بل أبعد من ذلك، القرآن يميز بين المجوس والصابئين والمشركين والمؤمنين، فيقول {إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والمجوس والذين أشركوا أن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شيء شهيد}[34] وهذا بدوره يقتضي المغايرة بين الأجناس لتوظيف العطف. فإذا سلمنا أن زواج المسلمة بالمشرك حرام – مع مراعاة أن لفظ المشرك حوله خلاف ومحل اجتهاد في اعتباره عام أو خاص بمشركي العرب – فمن أين للفقهاء بحكم تحريم زواج المسلمة بالكتابي؟ أو حتى الزواج من أهل الطوائف الأخرى ما دام القرآن لم يعتبرها من طائفة المشركين؟
هذا الخلط بين الكتابي والمشرك في نظري يعزى إلى مشكل آخر أراه أساسي ولا بد من الوقوف عنده، ويتعلق بتحديد المقصود بالإسلام، فكثيرون يعتقدون أن المسلمين هم أتباع الرسول محمد (ص) وهذا خطأ شائع الاستعمال، لأن المسلم ليس بالضرورة من أتباع محمد (ص) بل قد يكون الشخص من ملة أخرى ومع ذلك يكون مسلما، أما أتباع محمد فيطلق عليهم الله لفظ المؤمنين[35]، ودليلنا في ذلك هو القرآن نفسه، حيث نقرأ فيه ما يلي:
- إبراهيم :{ ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما…} آل عمران 67.
- يعقوب :{ ووصى إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون} البقرة 132.
- الحواريون :{ فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون} آل عمران 25.
- سحرة فرعون :{ وما تنقم منا إلا أن آمنا بآيات ربنا لما جاءتنا، ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين} الأعراف 126.
نفهم من كل هذه الآيات – وغيرها كثير- شيئا أساسيا، وهو أن المسلمين ليسوا أتباع محمد حصرا، فلم يكن إبراهيم ويعقوب والحواريون وسحرة فرعون من أتباع محمد، بل لم يكن محمد الرسول (ص) موجودا حينئذ، ومع ذلك كانوا من المسلمين، فسحرة فرعون من أتباع النبي موسى والحواريون من أتباع عيسى، ولذلك فالمسلمون ليسوا دائما من أتباع محمد، بل قد يكونوا من ملل أخرى، بينما أتباع محمد يطلق عليهم الله لفظ المؤمنين، وهذا ينسجم مع قوله تعالى: { قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم..}[36]. فالإسلام لا يعني الإيمان، إذ الإسلام يسبق الإيمان وأشمل منه، فهو كان قائما قبل مجيء الرسالة المحمدية. إنه دين عام إنساني لكل أهل الأرض، لذلك كان النصارى واليهود حسب الآيات أعلاه مسلمون لا مؤمنون وهذا يؤكد قوله تعالى: { إن الدين عند الله الإسلام وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم }[37]. فالإسلام هو الحد الأدنى المطلوب من الناس باعتباره الفطرة التي فطر الله عليها كل الناس، وذلك واضح في قوله تعالى: { فأقم وجهك للدين حنيفا فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون}[38]. فالإسلام هو الأصل في نفس البشر مذ خلقهم الله من آدم جميعا يقرون ذلك[39].
ونصل إلى خلاصة أساسية من التحليل أعلاه مفادها أن النصارى واليهود هم مسلمون بنص القرآن كما رأينا ولم يعتبرهم القرآن من المشركين، ومن ثم ليس هناك ما يمنع زواج المسلمة بالنصراني أو اليهودي، لأنهم مسلمون أيضا.
هذا التوجه الذي أشرنا إليه ظل مغيبا في الفكر الإسلامي فسيطر بدلا منه التصور النمطي السائد اليوم على علاقة المسلمين بغيرهم، وهو توجه جدير بالتبني لما فيه من حل لمشاكل الجالية المسلمة بالخارج، وقد حاول بعض القضاء المغربي تلمس منافع هذا التوجه وإحياؤه، ولكن سرعان ما جوبه بالرفض من طرف محكمة النقض، فقد جاء في قرار استئنافية الحسيمة وهي تبت في أحد أسباب استئناف النيابة العامة المتمثل في كون المحكمة الابتدائية قضت باعتماد الزواج من غير أن يؤكد الزوج إسلامه، فرد القرار المذكور على الدفع المثار باعتبار أنه: ” بالرجوع إلى القواعد الشرعية وقول الرسول (ص) أن الإنسان يولد على الفطرة، والتي هي فطرة الله التي فطر الناس عليها ألا وهي الإسلام، فإن الأصل أن كل إنسان هو مسلم إلى أن يثبت من وثائقه ما ينافي الإسلام وعندها يطلب منه (ولا يلزم) تأكيد إسلامه…”[40] وفي قرار آخر ردت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء دفع النيابة العامة بإبطال عقد زواج لكون أحد طرفي العقد أجنبيا وليس بالملف ما يفيد إعلانه لإسلامه، وأيدت الحكم الابتدائي بقولها: ” إن إدلاء الطرف الأجنبي بما يفيد إعلانه لإسلامه ليس من الوثائق الجوهرية في الزواج المنعقد بالخارج طالما أن إسلامه لم يكن محل أي منازعة، ولم يثبت خلافه، والإسلام دين الفطرة ولا غضاضة في عدم إعلان الأجنبي المسلم إسلامه بدليل كتابي في عقد مبرم ببلد يخضع النكاح فيه للشكل المدني”[41]، غير أن هذا القرار لم يكتب له أن يرى النور، إذ استأنفته النيابة العامة استنادا إلى نفس العلة، فقرر المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) في قرار له[42] أنه يجب أن يتوفر في عقد زواج المغربية المسلمة ما يؤكد إسلام الزوج الأجنبي غير المسلم كما تقضي بذلك المادة 39 من المدونة وبذلك نقض قرار محكمة الاستئناف. كما رفض المجلس الأعلى في أحد قراراته أنه الاتجاه السابق يقوله: ” لما عللت المحكمة قرارها بتذييل عقد الزواج الأجنبي بالصيغة التنفيذية بأن إدلاء الطرف الأجنبي بما يفيد إسلامه ليس من الوثائق الجوهرية فإنها قد خرقت المادتين المذكورتين، أي المادتين 14 و39، وعرضت قرارها للنقض.”[43]
انطلاقا مما جاء في تعليل المحكمة الابتدائية ومحكمة الاستئناف نفهم أنه أرادتا جعل التدين بالإسلام هو الأصل كما أكدنا ذلك بنصوص القرآن ومن ثم يكون كل الناس مسلمين بالفطرة، من منطلق أن الإسلام هو دين البشرية جمعاء، لكن هذا الموقف تم نقضه، للأسف، من طرف محكمة النقض.
أما آية الممتحنة التي جاء فيها ” يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن” فيتفق المفسرون على أن مناسبة نزول الآية هي إبطال واحد من البنود التي تضمنتها اتفاقية صلح الحديبية المبرمة بين المسلمين وكفار قريش في السنة السادسة للهجرة[44] وهو البند الذي كان يقضي ” أن لا يأتيك منا أحد وإن كان على دينك إلا رددته إلينا”. فالآية تتعلق بالمهاجرات، فإذا عطف عليها حديث “لا هجرة بعد الفتح” انتفت الصفة وبانتفائها ينتفي الحكم، ولا يمكن أن يفسر الكفر هنا إلا بالشرك فقط لا مطلق المخالفة في الدين (بمعنى لا يشمل أهل الكتاب) لأنها بغير هذا التفسير تتناقض مناقضة صريحة مع آية المائدة، فآية الممتحنة هذه تنص على “لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن” بينما آية المائدة تبيح الكتابيات صراحة…[45]، وكان الحكم بعدم إرجاع النساء المؤمنات إلى الكفار له مسوغاته في ذلك العصر، لأن الأمر يتعلق بنساء أسلمن في ظل قوم مشركون وبالتالي فإرجاعهن يعني الارتداد عن دين الرسول (ص) لا محالة، ناهيك عما قد يطلهن من بطش واضطهاد من كفار قريش. من هنا نفهم أن الآية كان لها سياق تاريخي خاص يختلف عن السياق المعاصر، وأنها نزلت في واقعة محدد حكمتها أسباب لم يعد لها وجود اليوم، ولذلك فهي لا تنهض حجة على الحاضر بعدما أن انتفت الأسباب التي استوجبت نزولها، فضلا عن أنها تخص المشركين فقط وليس أهل الكتاب.
بقي أن نحلل الآية الثالثة (سورة المائدة) التي جاء فيها ” اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم”، فهي صريحة في حلية الطعام بتبادل، وفي الزوجية صريحة في حليتها بين مسلم ومحصنة من أهل الكتاب[46]، وسكت القرآن عن تزويج الكتابي بالمسلمة، وقالوا أنه على أصل المنع وأيدوه بالسنة والإجماع[47] والقياس، ونحن نعلم أن هذه الأدوات، أي الإجماع، القياس… لا يكونان إلا حيث لا يوجد نص أو كون ذلك النص ظني الدلالة. ولكن يمكن القول أن الأصل في الزواج الإباحة وليس المنع/التحريم. وذلك لأن البنية النصية للقرآن على وجه الإجمال، مكونة من حيث التشريع التكليفي من شقين اثنين. الأول: المصرح به. والثاني: هو المسكوت عنه… وهذا المسكوت عنه جزء لا يتجزأ من محيط النص لأن الشرعية التي يتأسس عليها إنما هي شرعية نصية مستمدة من مجموع النص وإحالته، فكما أن المنصوص عليه يستمد حكمه من منطوق النص. فإن المسكوت عنه يستمد حكمه من إحالة النص.[48] وفي ذلك يقول ابن حزم ” إن قولهم: هذه مسألة لا نص فيها قول باطل وتدليس في الدين. لأن كل ما لم يحرمه الله تعالى على لسان نبيه إلى أن مات فقد حلله بقوله تعالى {وقد فصل لكم ما حرم عليكم}. وكل ما لم يأمر به فلم يوجبه”[49]. وجاء في حديث الرسول بصيغة الحسم: ” إن الله فرض فرائص فلا تضيعوها. ونهى عن أشياء فلا تنتهكوها. وحد حدودا فلا تعتدوها. وسكت عن أشياء رحمة بكم لا عن نسيان فلا تسألوا عنها”[50] وهذا يبين أن المسكوت عنه في النص كان مقصودا من الله رحمة بعباده، فالغرض من سكوت النص إنما هو على وجه التحديد إنشاء دائرة الحرية والإباحة، فإذا ما ثبت السكوت في حق شيء، كان ذلك إيذانا بدخوله في دائرة الإباحة ويمتنع القول فيه بحرمة ربانية. فالله عدد في كتابه الكريم المحرمات وترك الحلال لتدبير الناس حسب مصلحتهم في الزمان والمكان، وذلك واضح في قوله تعالى: “قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم…” أي تعال أقرأ عليكم ما حرم عليكم ولم يقل الله عز وجل “تعال أتل عليكم ما حلل لكم”، على اعتبار أن القاعدة هي الإباحة والاستثناء هو المنع.
إن سكوت النص القرآني عن زواج المسلمة بغير المسلم معناه أنه مباح ولم يرد بشأنه نص يحرمه، فالأصل في الأشياء الإباحة إلى أن يرد فيها نص بالمنع وليس العكس، وكل ما قيل حول زواج المسلمة بغير المسلم، يدخل في إطار الاجتهاد الفقهي، والمجتهد قد يصيب أو يخطئ في اجتهاده. والمسألة حين تكون محل اجتهاد لا يصدق عليها الحكم بالتحريم[51]. فالأحكام الشرعية تؤخذ من أدلتها، وأصل هذه الأدلة القرآن، ويجب أن يكون النص الدال عليه قطعي الدلالة.
يظهر مما سبق، أنه لا وجود لنص قرآني قاطع يحرم زواج المسلمة بغير المسلم، والتحريم الذي ينادي به بعض الفقهاء إنما هو مستنبط من الإجماع والقياس، وإذا كان المسكوت عنه مقصودا – كما رأينا – كان القول بإلزامية الإجماع والقياس وما ألحق بهما من مرجعيات مفارقة للنص، مناقضا لمقصود الشارع العليم[52]، وكثير مما يمثل حكما شرعيا في ذهن الكثير من الفقهاء هو في الواقع نتيجة تأويل معين قد تبلور عبر التاريخ وفي ظروف خاصة، وإن اتخذ بفعل التقليد صبغة الحكم الديني، وهذا واحد من مصادر اللبس في المرجعية الشرعية[53]. هذا فضلا عن كون القرآن يقر صراحة بأن الإسلام هو دين الفطرة البشرية، وإلا فكيف يصح إسلام القدماء الذين أوردناهم أعلاه وهم لم يعرفوا الرسول (ص)؟ مما يفيد أن أهل الكتاب هم أيضا مسلمون شأنهم شأن المؤمنين. فهم أيضا يؤمنون بالله ويعبدونه ويؤمنون بالأنبياء وبالحياة الأخرى. الفرق بينهم هو الإيمان بنبوة النبي ومزاياها في التوحيد، والتعبد والتهذيب، والذي يؤمن بالنبوة العامة لا يمنعه من الإيمان بنبوة خاتم النبيين إلا الجهل بما جاء به وكونه قد جاء بمثل ما جاء به النبييون وزيادة اقتضتها حال الزمان في ترقيه[54].
خاتمة
لقد حاولنا من خلال هذه المقالة التطرق لمختلف الإشكالات التي يثيرها زواج المسلمة بالأجنبي الذي لا يدين بالإسلام، وقد توصلنا – في نظرنا – إلى أن زواج المسلمة بغير المسلم جائز ولا وجود لنص يدل على تحريمه، وهذا يبقى مجرد رأي قابل للمناقشة نسعى من خلاله إلى فتح نقاش جدي بخصوص المانع الديني في الزواج وما يترتب عنه من معاناة المغاربة المقيمين بالخارج، حيث يظل زواجهم غير معترف به من وجهة نظر القانون المغربي.
إن مدونة الأسرة لم تبن موقفها على نص قرآني قاطع، وإنما على جملة من الاجتهادات الفقهية التي لا يمكن النظر إليها بعيدا عن حركة التاريخ وسياقاته، وهي لا تصلح لتقرير حكم التحريم في المسألة، فالحرام لا يقوم إلا على دليل قطعي، بينما الأحكام الاجتهادية لا ترقى أبدا إلى مرتبة اليقين الجازم، وإنما تكون في معظم حالاتها من قبيل الظنون.
وتشبث المشرع المغربي في هذا المانع الديني هو في نظري خيار شديد القسوة يتنافى مع مبادئ الشريعة السمحاء التي من أولوياتها اليسر لا العسر، ومراعاة مصالح العباد. وما دام أن المسألة مختلف حولها، فإن المشرع يملك هامش من الحرية الشرعية لمراجعة موقفه وتقويمه بما يجعله يتناسب مع التحولات التي عرفتها المجتمعات المعاصرة ومكانة المرأة فيها بعد انخراطها التام في الحياة الاجتماعية والاقتصادية. وهذا رهان نعلقه على مشجب القضاء بالدرجة الأولى لتجاوز الصعوبات التي تواجهه بمناسبة تطبيق بعض نصوص مدونة الأسرة، وذلك من خلال تبني موقف مغاير يتسم بالمرونة ويحفظ مصالح المواطنين دون أن يعني ذلك تجاوز المبادئ التي تشكل النظام العام.
أما الاحتجاج بأن توافق الدين يشكل أساس التفاهم والانسجام الأسري، فذلك لا يكفي دليلا للقول بعدم جواز المسلمة بغير المسلم، وإلا كيف يمكن تفسير ارتفاع نسبة الطلاق بالمغرب بشكل مهول؟ مع العلم أن الزواج يتم بين شخصين من نفس الثقافة والبيئة ولهم نفس العقيدة، في حين قد نجد علاقات زوجية ناجحة بالرغم من اختلاف الدين بين الزوجين. إن الدين لا يشكل عاملا حاسما في نجاح العلاقات الزوجية، وإنما العوامل الاجتماعية والاقتصادية إلى جانب العامل العاطفي هي التي تحدد مسار أية علاقة زوجية.
ولا يخفى عن أحد اليوم أن التشريعات الأوربية ذات المرجعية العلمانية أصبحت تصون إلى حد كبير حرية المعتقد، ومن ثم ليس هناك تخوف من ارتداد المرأة عن دينها أو تنشئة الأولاد على غير الإسلام. فهذه التخمينات هي – كما يقول أستاذنا الحسين بلحساني ونوافقه في ذلك – مجرد محاذير افتراضية لا تكفي سندا للتحريم…وهي على كل حال نفس المحاذير المفترضة في زواج المسلمين بالكتابيات المباح شرعا، بل يمكن التأكيد على أنها في الأولى أهون بعد أن تعاظم دور المرأة في الأسرة على حساب مركز الزوج في كل البلدان الغربية.[55]
الإحالات
[1] – سنقتصر في موضوعنا على الشق المتعلق بزواج المسلمة بغير المسلم، لكونه الأكثر إثارة للإشكالات والاختلافات الفقهية.
[2] – راجع المؤشرات الإحصائية المتعلقة بهذا الموضوع للباحثة حفصة الوهابي: أثر اختلاف الدين على الزواج المختلط في القانون المغربي، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية طنجة السنة الدراسية 2013-2012، ص: 8 و10 (الهامش رقم 3).
– راجع كذلك الأستاذ الحسين بلحساني: أثر اختلاف الدين على الزواج المختلط في النظام القانوني المغربي، المجلة المغربية للاقتصاد والقانون، العدد الخامس 2002، ص:83.
[3] – عبد الله العلايلي، أين الخطأ ؟ تصحيح مفاهيم ونظرة تجديد… دار العلم للملايين، بيروت، الطبعة الأولى، حزيران 1978، ص: 127.
[4] – الحسين بلحساني: أثر اللبس المرجعي على وضعية المرأة في النظام القانوني المغربي: النساء ودولة الحق والقانون، أشغال الملتقى الدولي المنظم يومي 19-20 أبريل 2002 بمقر كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي، الرباط، دار القلم الرباط 2004، ص: 23.
[5] – الحسين بلحساني: موقف القضاء من الإشكالات المرتبطة بالدين في زواج المغاربة بالخارج، أعمال الندوة التي نظمها مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية بوجدة بعنوان: مدونة الأسرة وإكراهات العمل القضائي، الطبعة الأولى 2019، ص:103.
[6] – ظهير شريف رقم 1.04.22 صادر في 12 من ذي الحجة 1424 (03 فبراير 2004) بتنفيذ القانون رقم 70.03 بمثابة مدونة الأسرة، الجريدة الرسمية عدد 5184 بتاريخ ذي الحجة 1424 (5 فبراير 2004)، ص:418.
[7] – أنظر على سبيل المثال لا الحصر:
– المادة 30 من قانون الأسرة الجزائري التي تنص على أنه: “… كما يحرم مؤقتا…زواج المسلمة من غير المسلم”.
– أيضا المادة 46 من مدونة الأحوال الشخصية الموريتانية التي جاء فيها: ” لا يجوز تزوج المسلمة بغير المسلم…”.
– أيضا المادة 17 من قانون الأحوال الشخصية العراقي التي نصت على أنه: ” لا يصح زواج المسلمة من غير المسلم…”
[8] – الحسين بلحساني: زواج المسلمة بغير المسلم بين أحكام مدونة الأسرة ومقتضيات الاتفاقيات الدولية، مجلة الحقوق، العدد الخامس عشر 2014، ص: 18.
[9] – حفصة الوهابي: أثر اختلاف الدين على الزواج المختلط في القانون المغربي، المرجع السابق، ص: 175.
[10] – حسن فتوخ: الزواج المختلط على ضوء مدونة الأسرة والاتفاقيات الدولية، المسطرة والإجراءات، مدونة الأسرة تقييم ومعالجة، مجلة المنتدى، العدد الخامس يونيو 2005، 171-172.
[11] – الحسين بلحساني: موقف القضاء من الإشكالات المرتبطة بالدين في زواج المغاربة بالخارج، مرجع سابق، ص: 85.
[12] – حكم صادر عن ابتدائية مراكش بتاريخ 14//06/2004، أورده حسن فتوخ، المرجع السابق، ص: 172.
[13] – نقض مصري عدد 105 بتاريخ 3 دجنبر 1936، أوردته حفصة الوهابي، مرجع سابق، ص: 165.
[14] – قرار تعقيبي مدني عدد 3396 مؤرخ في 2 جانفي 2001، مجلة القضاء والتشريع 2002، ص: 208.
[15] – حكم عدد 156 صادر عن المحكمة الابتدائية بالحسيمة بتاريخ 2007/03/01 في الملف عدد 837/ 2006، أورده الأستاذ الحسين بلحساني: موقف القضاء من الاشكالات المرتبطة بالدين في زواج المغاربة بالخارج، مرجع سابق، ص:88.
[16] – حكم المحكمة الابتدائية بالناظور صادر بتاريخ 31/05/2010، في الملف الشخصي عدد 422/2010، أورده الحسين بلحساني: زواج المسلمة بغير المسلم بين أحكام مدونة الأسرة ومقتضيات الاتفاقيات الدولية، مرجع سابق، ص: 20.
[17] – حكم عدد 11219 صادر عن المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء بتاريخ 13/12/2006 في الملف الشخصي عدد 5963/1998، أورده الحسين بلحساني، نفس المرجع، ص: 21.
[18] – إبراهيم زعيم: الزواج المختلط: ضوابطه وإشكالاته، مجلة المحاكم المغربية، العدد 96، شتنبر/أكتوبر 2002،ص: 44.
[19] – حكم المحكمة الابتدائية بتمارة بتاريخ 04/03/2008 في الملف عدد 130/01/30، أورده الأستاذ الحسين بلحساني: موقف القضاء من الإشكالات المرتبطة بالدين في زواج المغاربة بالخارج، م،س، ص: 93.
[20] – حكم عدد 258 صادر عن المحكمة الابتدائية بالعرائش بتاريخ 10/07/2007 في الملف عدد 203/07/5، أوردته حفصة الوهابي، مرجع سابق، ص: 196.
[21] – حكم عدد 1647 صادر عن قسم قضاء الأسرة بالرباط بتاريخ 19/12/2005، في الملف الشرعي رقم 10/1561، أشار إليه، نبيل وحياني، اختلاف الدين بين الزوجين: دراسة فقهية وقانونية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بوجدة، السنة الجامعية 2008-2009، ص:49.
[22] – قرار عدد 82 صادر عن محكمة الاستئناف بالقنيطرة بتاريخ 06/02/2007، في الملف رقم 665/06، مجلة الإشعاع العدد 32 سنة 2007، ص: 284 إلى 287.
[23] – نبيل وحياني: اختلاف الدين بين الزوجين: دراسة فقهية وقانونية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بوجدة، السنة الجامعية 2008-2009، ص: 56.
[24] – أنظر هذا الرأي في الصفحة 32 وما بعدها والصفحة 43 وما بعدها من نفس المرجع.
[25] – عبد الله العلايلي، مرجع سابق، ص: 127.
[26] – أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: جامع البيان في تفسير القرآن، دار الفكر بيروت، 1978، الجزء الثاني، ص: 221و222.
[27] – الشيخ محمد رشيد رضا: تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار)، الجزء الثاني، الطبعة الثانية، دار المعرفة بيروت، ص: 348و349.
[28] – الطبري، الجزء الثاني، مرجع سابق، ص: 377.
[29] – الطبري، الجزء الثاني، مرجع سابق، ص: 377-374.
[30] – الجصاص: أحكام القرآن، الجزء الأول، مطبعة الأوقاف الإسلامية 1335 هجرية، ص: 333.
[31] – محمد حسن الطباطبائي: الميزان في تفسير القرآن، الجزء الثامن والعشرون، مؤسسة الأعلمي للطباعة، بيروت 1991، ص: 255.
[32] – سورة البقرة، الآية 105.
[33] – سورة البينة، الآية 1.
[34] – سورة البقرة، الآية 62.
[35] – للإطلاع بتفصيل على هذا الرأي راجع كتاب الدكتور محمد شحرور، الإسلام والإيمان: منظومة القيم، دار الأهالي للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى 1996.
[36] – سورة الحجرات، الآية 14.
[37] – سورة آل عمران، الآية 19.
[38] – سورة الروم، الآية 30.
[39] – الطبري: مرجع سابق، ص: 407.
[40] – قرار محكمة الاستئناف بالحسيمة الصادر بتاريخ 14/06/2007 في الملف عدد 798/2006، المنتقى من عمل القضاء في تطبيق مدونة الأسرة، منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية، العدد 10، فبراير 2009، ص: 100.
[41] – قرار رقم 1413 صادر عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء بتاريخ 23/05/2007، في الملف الشخصي عدد 71/2007، منشور بمجلة المحاكم المغربية العدد 109، غشت 2007، ص: 146.
[42] – قرار عدد 450 صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 08/10/2008 في الملف الشرعي عدد 706/2/1/2007، إبراهيم بحماني، العمل القضائي في قضايا الأسرة، مرتكزاته ومستجداته، 2008، مطبعة دار السلام، ص: 265.
[43] – قرار عدد 450 صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 08/10/2008 في الملف الشرعي عدد 706/2/1/2007، إبراهيم بحماني، مرجع سابق، ص: 265.
[44] – الحسين بلحساني: أثر اختلاف الدين على الزواج المختلط في النظام القانوني المغربي، مرجع سابق، ص: 95.
[45] – عبد الله العلايلي: مرجع سابق، ص:130.
[46] – عبد الله العلايلي: مرجع سابق، ص: 131.
[47] – الشيخ محمد رشيد رضا: تفسير المنار، الجزء الثاني، مرجع سابق، ص: 351.
[48] – عبد الجواد ياسين: السلطة في الإسلام، الجزء الأول، دار التنوير للطباعة والنشر، الطبعة الرابعة 2012، ص: 51-52.
[49] – ابن حزم: الإحكام في أصول الأحكام، الجزء الرابع، مكتبة عاطف، القاهرة، الطبعة الأولى 1978، ص 253.
[50] – حديث حسن رواه مسلم في صحيحه والدارقطني في سننه وغيرهم.
[51] – محمد أحمد خلف الله، القرآن ومشكلات العصر، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت 1982، ص: 248.
[52] – عبد الجواد ياسين، الجزء الأول، مرجع سابق، ص: 52.
[53] – الحسين بلحساني: أثر اللبس المرجعي على وضعية المرأة في النظام القانوني المغربي، مرجع سابق، ص: 23.
[54] – الشيخ محمد رشيد رضا: الجزء الثاني، مرجع سابق، ص: 352.
[55] – الحسين بلحساني: أثر اختلاف الدين على الزواج المختلط في النظام القانوني المغربي، مرجع سابق، ص: 102.