وضع الكراء التجاري والسكني والمهني في ضل جائحة كورونا
كثيرة هي التداعيات التي جرتها جائحة كورونا على مختلف مشارب الحياة وكثيرة هي القرارات التي اخدتها الدولة من جراء انتشار هدا الوباء في ربوع المملكة مند 2 مارس 2020 تاريخ أول حالة داخل المغرب لكن السؤال المطروح هل التشريع المغربي يستطيع أن يحيط بجميع المفاجئات التي تعتري التطبيق اليومي والسلس لمختلف القوانين والتي تمس بشكل مباشر أو غير مباشر المواطن الذي يستغل محلا تجاريا أو مهنيا أو سكنيا وبالتبعية اثار هدا الاستغلال أمام القضاء من خلال تطبيق النصوص القانونية من جهة ومن خلال إعمال المساطر من طرف المحامين بصورة عامة من جهة أخرى لأنه وإذا كانت مختلف النقابات المهنية كانت قد عمدت إلى توجيه منشورات للسادة المحامين تحتهم من خلالها على ضرورة احترام الوضع السائد في البلاد بسبب تفشي الوباء وأحجمتهم عن تبليغ وتنفيذ الأحكام الصادرة في مواجهة الأشخاص من جهة وكدا تبليغ الاندارات الخاصة بالمادة الكرائية من جهة أخرى حفاظا على حقوق ومصالح الأطراف المتخاصمة بطبيعة الحال ودلك تزكية منها للمساهمة في تدبير مرفق العدالة في هاته الظرفية وخيرا فعلت إلا أن السؤال المطروح وبشدة والدي يلوح في أفق رفع الحجر الصحي ولو تدريجيا حسب المناطق كما هو الحال بالنسبة لمجموعة من دول العالم .
فهاهو مآل الإندارات المتعلقة بالكراء سواء كان الأمر يتعلق بالكراء التجاري آو السكني أو المهني وماهو الموقف الذي سيتخذه الدفاع من هاته الإنذارات وماهو الموقف الذي سيذهب فيه القضاء ودلك بخصوص المدة التي كانت فيها الدولة برمتها تعيش الحجر الصحي والتي اتخذت فيها الحكومة قرارا بإغلاق جميع المقاهي والمطاعم على سبيل المثال وهل القانون المغربي برزنامته التشريعية يعطي حلا او مخرجا سلسا يوافق من خلاله بين المصالح المتعارضة لأطراف الخصومة في شقها المدني والتجاري دون الزجري كون هدا الأخير ضل مستمرا وعلى مضض عن طريق ابتداع تقنية الفيديو للإجراء محاكمات عن بعد لادليل على وجودها لا في قانون المسطرة الجنائية ولا حتى في إطار مرسوم مستقل صادقت عليه الحكومة بل عن طريق القيام بالقياس على تقنية التقاضي الالكتروني الذي مازال مجرد مشروع لا أقل ولا أكثر على اعتبار انه وبتصفح القانون 67/12[1]من فصله الأول إلى أخر فصل فيه وهو الفصل 75 وكدا القانون رقم 16/49 [2]من فصله الأول إلى فصله 38 مرورا بالقواعد العامة وخاصة قانون الالتزامات والعقود ودلك من خلال الكتاب الثاني المتعلق بمختلف العقود المسماة وفي أشباه العقود التي ترتبط بها وخاصة القسم الثالث المتحدث عن الإجارة من الفصول 626 إلى 722 منه لم نجد لامن قريب ولا من بعيد أي إشارة إلى وضع العلاقات الكرائية والالتزامات المترتبة عنها في حالة وجود وباء أو جائحة تضرب البلاد أتناء نفاد هدا القانون من عدمه باستثناء مجموعة من الإشارات البسيطة المنتشرة هنا وهناك والتي سنعمد على القيام بالقياس فيها لإسقاطها على نازلة الحال ودلك في محاولة للتصدي لهاته الإشكالية التي مافتئت تنتابني كلما حملت كتابا أو حاولت الخلود للنوم وعليه سيكون الإشكال المحوري لهدا الموضوع كالتالي هل استطاع المشرع المغربي تحيق التوازن المرجو من خلال التشريعات التي تعنى بالكراء بين طرفي العلاقة التعاقدية حفاظا على السلم الاجتماعي في حالة بروز جائحة أو وباء أتناء سريان العقد أم أن القواعد العامة كفيلة بدلك أم أن هيئتي الدفاع والقضاء يجب أن يتصديا للظاهرة آم أن الحكومة ملزمة من خلال أحزابها سواء في الأغلبية الحكومية أو في المعارضة والتي يقع على عاتقها الحسم بمرسوم فريد لهدا الوضع الأمر الذي سنحاول إبرازه من خلال تقسيم البحت للحديث في نقطة أولى عن الكراء السكني والمهني على أن نفرد النقطة الثانية للحديث عن الكراء التجاري محاولين في آخر المطاف الخروج بتوصيات وعلى قلتها للحد من الفراغ التشريعي لا أقل ولا أكثر
المحور الأول : الجائحة والكراء السكني والمهني
من المعلوم ان الجائحة فرضت مجموعة من التدابير على الناس بصورة عامة وعلى المكترين بصفة خاصة سواء كان هؤلاء يستغلون محلات سكنية أو محلات مهنية تزيد من عبئهم اليومي في مواجهة الجائحة من جهة وأرباب المساكن من جهة أخرى والدين هم بدورهم قد يكون دلك المحل المكترى هو الذي يقيهم شح الرزق ومد اليد للغير بطبيعة الحال حتى لانكون متحاملين في حقهم وأمام هاته المقاربة الصعبة جدا والتي غالبا ماسوف تنتهي بالإجحاف في حق طرف على حساب الآخر كون مغزى اجتماعية القاعدة القانونية في هاته الحالة يروم عن غايته ومغزاه في ضل روح القانون وفلسفته اد كيف يمكن هنا تحقيق العدل المنشود والمراد التوصل إليه من خلال سن التشريع ولا ربما أن الوضعين مختلفين بين الكرائين وان نظمهما ظهير واحد والتساؤل المطروح هل الكراء السكني يختلف وضعه في ضل الجائحة عن السكن المهني الأمر الذي سنحاول ابرازه تباعا من خلال النقطتين المواليتين
أولا : الكراء السكني
من المعلوم أن الظهائر والقوانين المنظمة للعلاقة الكرائية في إطارها السكني عرفت تطورا كرونولوجيا بداية من اعتماد قواعد الشريعة الإسلامية وخاصة قواعد المذهب المالكي في فترة تاريخية معينة وصولا بسنة 1913 تاريخ صدور قانون الالتزامات والعقود والدي خصص حيزا مهما كما سبق معنا في إطار التقديم من الفصول 626 إلى 722 مرورا بظهير صادر بتاريخ 26 صفر 1360موافق 25 مارس 1941 يتعلق بزجر من يمتنع عن الكراء وظهائر أخرى وصولا إلى ظهير 25 /12/1980 المنسوخ بظهير 12/67 المعمول به حاليا لكن هل هاته الظهائر حاولت حماية المكتري آم لا الجواب بالإيجاب بطبيعة الحال كون أن المشرع حاول التصدي لكل مستجد وتركيزنا هنا سيقتصر على القانون 12/67 والدي حدد التزامات المكري والمكتري بشكل مفصل لا أقل ولا أكثر بداية من المادة 12 لكن المادة التي ستكون موضع تمحيص فهي المادة 14 والتي تحدتث عن محافظة المكتري على المحل المستعمل وفقا للغرض المخصص له طبقا لما هو وارد في العقد كما أنه اعتبر المكتري مسؤولا عن العيوب التي تلحق المحل المكترى ادا كان العيب ناتجا عن خطئه أو فعله ليورد الاستثناءات الثلاث والتي يهمنا فيها هنا هو القوة القاهرة والحادث الفجائي [3]
إلا أنه وبالاضطلاع على هاته المادة وبتفحص باقي المواد فإن مناط القياس لايمكن تصوره ولو بجزء ضئيل ادا ما أردنا أن نربطه “بجائحة كورونا “[4] لنقول أن الأمر يسير في نفس النهج لاعتبار الوباء الذي حل بالبلاد والعباد وأهلك الأرواح يمكن اعتباره حائلا دون الاستغلال لما تم التعاقد بخصوصه على اعتبار أن الكراء السكني مستمر في الزمان والاستغلال كذلك وبالتبعية فالالتزام المتعلق بواجب أداء الوجيبة الكرائية التزام تابت لامحال لكن التساؤل المطروح في نفس الوقت ماهو الوضع الاجتماعي والإنساني للمجموعة عريضة من المكترين والدين فقدو شغلهم بسبب الجائحة وهل توجيه الاندارات إليهم بعد رفع الحجر الصحي المفروض وكدا استرسال الدفاع والقضاء في الاشتغال في الملفات سيؤدي إلى إفراغهم في ضل تواجد هاته المقتضيات فقط سيكون الجواب بالإيجاب سيتم إفراغ مجموعة من العائلات والتي سيكون مآلها الشارع لامحال على اعتبار أن القاضي يلزمه النص ولا يستطيع الحياد عليه فهو ملزم بتطبيقه وإلا تعرض حكمه للنقض بطبيعة الحال وهو معذور في دلك كون السلطة التقديرية في إطار هدا القانون لم تمنح له إلا في حالة تحديد التعويضات وشمول الحكم بالنفاد من عدمه لا اقل ولا أكثر
لكن ألا يمكن للقاضي أن يتصدى وفي ضل غياب أي تشريع من الحكومة في ضل هاته الجائحة بخصوص العلاقات الكرائية في إطار روح القانون وفلسفته ويقضي في الاندارات التي تتعلق بالمدة التي تم فيها الحجر الصحي بالأداء دون الإفراغ لوجود قوة قاهرة تمتلت في فقدان الشغل متى اتبت المدعى عليه هدا الفقدان وبكافة وسائل الاتبات لأن الحديث دائما عن القطاعات الغير المهيكلة أو تلك المهيكلة وسرحت عمالها ليكون بدلك القاضي قد حقق نوعا من التوازن بين الطرفين ضمان استمرار الكراء بالنسبة للمكتري حتى لايصبح عرضة للشارع هو وأبنائه من جهة والحفاظ على حقوق المكري عن طريق ضمان الوجيبة الكرائية المتعاقد بخصوصها من جهة أخرى وحبذا لو أن أحكام الاداء لم تكن مشمولة بالنفاد المعجل حتى يتسنى لهدا الطرف الضعيف تحصيل مبالغ الكراء موضوع الحكم في إبانها وعموما إدا كانت هاته هي وضعية الكراء السكني فاهو وضع السكن المهني الأمر الذي نتناوله تباعا
ثانيا : الكراء المهني
من المعلوم أن المشرع قد عمد إلى جعل الكراء المهني رديفا للكراء السكني وجعلهم في واد واحد اد كيف يمكن للشخص العادي أن يميز النصوص التي تتحدث عن هدا أو عن داك وأصلا هل هناك تمييز بين الكرائين آم أنهما يختلفان وهل الظهير خص الكراء المهني بقواعد خاصة الجواب سيكون بالإيجاب بطبيعة الحال على اعتبار أن الأمر ليس سيان بينهما كون المشرع قد افرد هدا الأخير بمقتضيات خاصة ميزته عن الكراء السكني فمثلا الكراء المهني يمكن توليته وبشروط في حين أن الأخر لايمكن توليته وادا كان هدا الفرق قائما بينهما من حيث النشاط فالفرق قائما بينهما أيضا من حيث الاستغلال فالمهن الحرة برمتها بداية من المحامين مرورا بالسادة العدول والموثقين والمهندسين والمحاسبين إلى غيرها من المهن الأخرى تكتري دلك المحل من أجل ممارسة نشاطها المهني لا أقل ولا أكثر ولاتستغل المحلاة المكثرات للسكن ومعلوم أن الجائحة كما اترت في باقي الناس اترت على المهن الحرة برمتها إن لم يكن بالشيء الكثير فعلى الأقل أثرت على شريحة واسعة من المهنين بطبيعة الحال اد أن اغلبهم تأثروا بناءا على قرار السلطات العامة فمثلا فمهنة المحاماة اغلب المكاتب إن لم نقل أن جلها أغلقت بناءا على ما قررته وزارة العدل من تعليق للجلسات وللعمل المحاكم وان كان الشق الزجري قد ضل مستمرا كما سبق معنا في التقديم وهنا يطرح السؤال هل أصحاب المهن الحرة والتي تبت عن مكاتبهم الإغلاق والتوقف ملزمون بأداء الوجيبة الكرائية أم أنهم عكس دلك قد يقول قائل بالفعل أمام عدم الاشتغال وأمام عدم ولوج المكاتب من قبل أصحابها فيمكن التمسك بعدم أداء الوجيبة الكرائية عن فترة الجائحة لكن في حقيقة الآمر فالأمر عكس دلك كون العلاقة الكرائية ماتزال مستمرة بين المهنيين بجميع أصنافهم والأشخاص سواء كانو داتين أو معنويين و الالتزامات هنا متقابلة بطبيعة الحال خاصة ادا ماكان المكري يمتلك تلك الشقة أو المحل المكترى وهو مصدر رزقه الوحيد لكن في نفس الوقت وكما هو معلوم ولدى عموم الناس فالكراء المهني يمتاز بنوع من المغالات في قدر الوجيبة الكرائية وكمثال ادا كانت مثلا شقة سكنية كرائها في منطقة معينة وهو 2000.00 درهم فالأكيد أن الكراء المهني سيقفز إلى ضعفها إن لم يكن أكثر على اعتبار انه ومن خلال السؤال الموجه للزملاء المقيدي حديثا في جداول المحامين الرسمين أصبح الجميع يتفاجئ بمبالغ كراء المكاتب لكن هل المشرع تصدى للأداء الوجيبة الكرائية المهنية في ضل الكوارث أو الجائحة من عدمه الجواب هو النفي لكن وبالاضطلاع على القانون 12/67 استوقفتني مقتضيات المادة 36 منه والتي تنص { يمكن للمكتري المطالبة بتخفيض الوجيبة الكرائية إدا طرأت ظروف أثرت على استعمال المحل للغرض الذي اكتري من أجله ودلك وفق أحكام الفصلين 660و661 من قانون الالتزامات والعقود }
وبتمحيص هدا الفصل فأصحاب جميع المهن الحرة وبمن فيهم المحامون والدين تبت توقفهم عن الاشتغال خلال فترة الجائحة لهم أن يتقدموا بطلباتهم إلى المحاكم الابتدائية التي تتواجد مكاتبهم أو عياداتهم او دواوينهم أو شركاتهم المهنية في دائرة نفوذها للمطالبة بخفض مبالغ الوجيبة الكرائية إلى الحد المعقول عن فترة الجائحة لا اقل ولا أكتر على اعتبار أن الالتزام الرابط بين الطرفين سيتوقف لتدخل القضاء بحكم عن هاته الفترة ولا يتعداها لمراجعة الالتزام لا بالخفض ولا بالرفع كون ما أنشأته إرادة الأطراف في ظل مبدأ سلطان الإرادة هو الأساس ولا يمكن الحيد عنه إلا برضاهما معا إعمالا لمقتضيات المادة 230 من قانون الالتزامات والعقود[5] بطبيعة الحال وما يسري عن الحكم في حالة الاندار السكني وتصدي القضاء يسري على السكن المهني باعتبار أن التماطل الناتج عن فترة الحجر الصحي والالتزام بمقتضيات السلطة العامة خارج عن إرادة المتعاقد الذي أصلا لم يستغل المحل المكترى لما خصص له ألا وهو استقبال الزبائن في جميع الأحوال خاصة وأن المهن الحرة تؤدي مجموعة من الالتزامات التي تقع على عاتقها في إطار تحمل الأعباء العامة بطبيعة الحال
لكن قد يقول البعض إن النقابات المهنية وخاصة نقابة المحامين قد عمدت إلى صرف مجموعة من المبالغ لفائدة المحامين من صندوق الودائع والاداءات وبالتبعية فإنهم لايمكن أن يكونو مشمولين بهدا التخفيض القول عكس دلك تماما على اعتبار أن ماتم صرفه من خلال صندوق الودائع والاداءات لفائدة السادة المحامون لايشملهم جميعا أولا من جهة ومن جهة أخرى فالمبالغ المصروفة لايمكن البتة أن تغطي كافة المصاريف المهنية فقط التي تحل في ثناياها أجرة الكاتبة آو الكتاب إن وجدو والتصريحات الضريبية المتراكمة بالإضافة إلى الحد الأدنى من العيش بطبيعة الحال
وخلاصة القول فالمادة 36 المذكورة اعلاه واجبة الإعمال والتطبيق من أجل اقتسام الأعباء بين الطرفين وحتى لايكون هناك إجحاف في حق طرف مقابل طرف أخر لم يتأثر بالجائحة وادا كان هدا هو الوضع بالنسبة للكرائين السكني والمهني فالتساؤل يطرح نفسه عن مأل الكراء التجاري والدي يعتبر بمثابة القطب من الرحى في نازلة الحال الأمر الذي سنحاول توضيحه من خلال المحور الموالي ودلك كالتالي
المحور الثاني : الكراء التجاري وجائحة كورونا
من المعلوم أن المشرع المغربي عني بتنظيم كراء الأملاك والأماكن نتيجة الطفرة الملحوظة في إنشاء المقاولات مع تصاعد الاستثمار في المشروعات الاقتصادية والتجارية كون الكراء التجاري هو الأداة التي تمكن من إنشاء الأصول التجارية بما يرافقها من خلق لمناصب الشغل بطبيعة الحال لكن إن كان المشرع قد تدخل بموجب القانون 24ماي 1955 لتنظيمه والدي عمر زهاء 61 سنة كاملة بدون أي تغير اللهم احدات المحاكم التجارية التي أصبحت متخصصة في هدا النوع من الكراءات بالإضافة إلى بعض المقتضيات المتناثرة هنا وهناك في ضل مقتضيات القانون رقم 95/15 المتعلق بمدونة التجارة والتي تحدثت عنه في كل من المادة 6 التي تحدد طريقة اكتساب الصفة التجارية و المواد 79و80و 81و 84 عند حديثها عن عناصر الأصل التجاري وحديثها عن رهنه في المادة 112 وفي المادة 152 إلى غاية 158 حينما تحدثت عن التسيير الحر للأصل التجاري وفي المادة 431 إلى غاية 442 حينما تحدثت عن الائتمان التجاري وكدا في الفصول 606 و607 و610و611و612و621و661 حينما تحدثت عن مساطر صعوبات المقاولة لكن وبتفحص كل هاته الفصول والمواد سواء في شقها التقليدي أو التشريع الحديث ولا حتى من خلال مدونة التجارة لم نجد المشرع قد تحدت من قريب أو من بعيد عن الحالة التي يستحيل فيها تنفيذ الالتزامات أو الوفاء بها ناهيك انه ورغم دقة المساطر والآجال المقتضبة في المادة التجارية والتي حاول من خلالها المشرع حماية الأصول التجارية وتحقيق نوع من التوازن بين الطرفين في أخر قانون وهو القانون 16/49الا أنه لم يتصدي لحالة تعذر تنفيذ الالتزامات بين الطرفين بصورة نهائية تاركا الأمر للقواعد العامة وللنصوص المتناثرة والتي سبق أن اشرنا إليها أعلاه على اعتبار أن القاعدة الفقهية تقضي بان العام يبقى على عموميته إلى أن يأتي الخاص ويقيده لكن العكس هو الحاصل هنا كون الخاص لم يقيد القواعد العامة وان بقيت القواعد العامة هي الحل على الأرجح لا أقل ولا اكتر وكدا من خلال الرجوع إلى قواعد الكراء السكني والمهني واستعمال قواعد القياس على المادة الفريدة التي سبق وناقشناها أعلاه
ادن وأمام غياب نص يتصدى لحالة بروز كارثة آو جائحة فماهو مأل الكراءات التجارية وماهو مأل أصولها التجارية والقروض المأخوذة من جراء الأنشطة التجارية والموقعة على السجلات التجارية لهاته المقاولات أو الأشخاص المادية في إطار الممارسة التجارية وهل سيكون نصيب كل هؤلاء التجار الإفراغ أم أن المشرع سيتصدى بقانون خاص لتوفير الحماية الواجبة
فبالرجوع مثلا إلى مساطر صعوبات المقاولة وأتناء سير هاته الأخيرة يحضى الكراء التجاري بوضع خاص ودقيق جدا فما يمكن أن يقوم به المكتري في إطار فتح هاته المساطر في مواجهة التاجر المتوقف عن الدفع هو تصريحه بديونه والتي لاتحضى بالامتياز القبلي بطبيعة الحال بل أكثر من دلك ففي إطار الفصل 621 وفي حالة التصفية فان هاته الأخيرة لاتؤدي الى فسخ الكراء من طرف السنديك بل يمكنه تفويت الكراء للغير وللقياس ان امكن وجه القياس في اطار التعاملات التجارية افرز القانون 08/31 الخاص بحماية المستهلك نصا خاصا وهو الفصل 149 والدي جاء فيه على أنه وبالرغم من أحكام الفقرة الثانية من الفقرة 2 الفصل 243 من قانون الالتزامات والعقود بمثابة قانون الالتزامات والعقود يمكن ولاسيما في حالة الفصل عن العمل أو حالة اجتماعية غير متوقعة أن يوقف تنفيذ التزامات المدين بأمر من رئيس المحكمة المختصة ويمكن أن يقرر في الأمر على أن المبالغ المستحقة لاتترتب عليها فائدة طيلة مدة المهلة القضائية ويجوز للقاضي علاوة على دلك أن يحدد في الأمر الصادر عنه كيفية أداء المبالغ المستحقة عند انتهاء اجل وقف التنفيذ دون أن تتجاوز الدفعة الأخيرة الأجل الأصلي المقرر لتسديد القرض بأكثر من سنتين غير انه له أن يؤجل البت في كيفيات التسديد المذكورة إلى حين انتهاء أجل وقف التنفيذ [6]
وهنا يتبدى لنا جليا بان المشرع حاول من خلال هاد القانون حماية الأطراف المتعاقدة في المجال التجاري والدين هم غالبا مايكونون أشخاصا عادين فما بالك بالنسبة للتجار الدين يكترون محلات تجارية بوجيبة شهرية باهظة وعليه وأمام غياب النص في إطار القوانين المنظمة للعملية الكرائية في المجال التجاري وأمام وجود الجائحة وكدا أمر السلطات العامة بالإغلاق ونخص بالذكر المقاهي والمطاعم على سبيل المثال فالقاضي الذي سيعرض عليه النزاع لن يجد بدا من العودة للقواعد العامة وإعمال السلطة التقديرية سيكون هو الواجب الإعمال وان كانت النصوص لاتسعفه في نفس الوقت لكن ما يمكنه الاعتماد عليه وهو كما مر معنا في الكراء للسكن وفي الحالة التي يثبت من خلالها توقف النشاط أن يعمد إلى الحكم بالأداء دون الإفراغ عن جميع المدد التي كانت الجائحة مهيمنة والتي كانت سببا في الإغلاق مع اعتبار الأحكام الصادرة عنها أحكاما ابتدائية غير مشمولة بالنفاد المعجل مع تطبيق مقتضيات المادة 36 من القانون 12/67 السابق الإشارة إليها في الحالة التي يتقدم فيها التاجر الذي توقف نشاطه التجاري أتناء فترة الجائحة وخاصة أن الإغلاق كان بأمر من السلطات العامة أن يقضى بتحفيظ الوجيبة الكرائية إلى قدر معقول حتى يتسنى له حفظ ماء الوجه للجميع بطبيعة الحال على اعتبار أن المساهمة في الكوارث[7] يجب أن تكون على حساب الجميع وليس على حساب جهة على جهة أخرى ونتمنى صادقين أن تسير محاكم الاستئناف في حالة ماطبق قاضي أول درجة السلطة التقديرية وأحسن فيها أن تزكي طرحه مساهمة منها في تحقيق الأمن القانوني والأمن الاجتماعي في نفس الوقت .
عموما وانطلاقا مما سبق سرده وفي ضل النقص الذي يعتري التشريع المنظم للكراء في جميع المناحي المتعلقة بالعلاقات بين الأطراف في ضل بروز الجوائح آو الكوارث الطبيعية فإنه ومن باب أولى أن تتدخل الدولة عن طريق سن قانون خاص ينظمها يبرز من خلاله حدود العلاقات الرابطة بين الأطراف المتعاقدة وكدا المساعدات التي تقع على عاتق الحكومة من أجل مد يد المساعدة لشريحة عريضة من المجمع خاصة أن الصندوق المحدث للمواجهة الجائحة قادر على تغطية ولو نسبة من الأضرار لهاته الفئة المتضررة لامحال خاصة وأن الإغلاق في المجال التجاري كان بأمر من السلطات نهايك أن الإغلاق المهني ايضا كان من خلال تعليق عمل مختلف الإدارات في إطار التدابير الاحترازية اما مقترح القانون الذي تقدمت به العدالة والتنمية وكدا الأصالة والمعاصرة واللذين اطلعنا عليهما بخصوص تعديل القانونين 12-67 و16-49 والدي احتوى على مادتين لا أقل ولا أكثر والدي اعتبر الوجيبة الكرائية دينا عاديا بعد 60 يوما من رفعها لايرقى الى الدرجة المرجوة من التشريع وهي مد يد المساعدة وتحمل الحكومة لالتزاماتها في مواجهة فئة شملها الإغلاق بأمر من أوامرها حتى يتسنى الإحساس بالعدالة الاجتماعية لأنه قد يتخرس البعض على ان القانون بمعناه الضيق le droit دون معناه الواسع la loi انه علم يقوم في مخيلة الأشخاص ليصيغو نصوصا قانونية بما أوتوا من حبكة في صياغة النصوص نقول لهم لا إن قانونا مثل هادا سيولد ميثا وسيأبى المخاطبون التعامل به وسيأتون عمدا مايخالفه كون القانون بمعنييه السابقين هو اجتماعي بالدرجة الأولى ويجب أن ينصب على واقع وعقل معاشين حتى يتسنى لاجتماعية القاعدة القانونية والتي تشكل ركنا من أركانها آن تؤدي الدور المنوط بها وتستطيع إعطاء حلول تلامس الواقع ليس مائة بالمائة بطبيعة الحال حتى يتسنى لأطراف هاته العلاقة الخروج إلى بر الأمان بأقل الأضرار .
الإحالات
[1] ظهير شريف رقم 1.13.111 صادر في 51 محرم 1435 موافق19نوفمبر 2013 بتنفيد القانون 67.12 المتعلق بتنظيم العلاقات التعاقدية بين المكري والمكتري للمحلات المعدة للسكنى والاستعمال المهني
ظهير شريف رقم1.16.99 صادر في 13من شوال 1437 موافق 18يوليو2016 بتنفيذ القانون رقم 49.16 المتعلق بكراء العقارات او المحلات المخصصة للاستعمال التجاري أو الصناعي أو الحرفي [2]
[3] عرفها المشرع المغربي في الفصل 269 من قانون الالتزامات والعقود بانها كل امر لايستطيع الانسان أن يتوقعه كالظواهر الطبيعية الى الخر الفصل وشروطها عدم التوقع واستحالة الدفع وعدم صدور خطأ من المدين المتمسك بالقوة القاهرة
[4] مند الوهلة الاولى الحسم سيكون مصير هدا الوباء بأنه قوة قاهرة والدليل على دلك الخسائر الاقتصادية والاجتماعية البشرية التي نتجت عنه بطبيعة الحال ودهب القضاء الفرنسي في احد أحكامه بتاريخ 17 دجنبر 2018 في الملف عدد 17/00739 الى قاعدة قضت بأنه لاوجود لقوة قاهرة عندما يكون الوباء معروفا وغير قاتل أي انه وبخلاف مادهب إلى دلك القضاء الفرنسي فالموت حتمي في ضل هدا الوباء ليلصق به صفة القوة القاهرة
[5]الالتزامات التعاقدية المنشأة على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة الى منشئيها ولايجوز الغائها الا برضاهما معا او في الحالات المنصوص عليها في القانون
[6] الجريدة الرسمية عدد5932 بتاريخ 7 ابريل 2011
[7] للتوسع يرجى الرجوع الى الفصل 40 من دستور 2011″ على الجميع ان يتحمل بصفة تضامنية وبشكل يتناسب مع الوسائل التي يتوفرون عليها التكاليف التي تتطلبها تنمية البلاد وكدا تلك الناتجة عن الاعباء الناجمة عن الافات والكوارت الطبيعية الى اخر الفصل