المواكبة التشريعية لجائحة كورونا
مما لا شك فيه أن الأمراض والأوبئة هي ليست وليدة اليوم، وإنما لها جذور تاريخية ، بحيث أن العالم كان يشهد انتشار مجموعة من الأمراض والأوبئة، فمن أهم الأوبئة التي كانت أكثر انتشارا منذ زمن بعيد هو “الطاعون”، أو ما كان يسمى “بالموت الأسود” ، بحث أن مثل هذه الأوبئة كانت المجتمعات تواجهها بمجموعة من التدابير لوضع حد لها.
ففي عهد الرسول عليه الصلاة والسلام كان من أهم التدابير التي يوصي بها، كما جاء في حديثه الشريف قال عليه الصلاة والسلام “إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها”. ويتضح من هذا الحديث أن نبينا الكريم، كان سباقا في وضع الحجر الصحي الذي هو اليوم من أهم التدابير التي تتخذها جل الدول من أجل مواجهة جائحة فيروس “كورونا”، هذه الأخيرة التي هزت كل أرجاء العالم، والتي جاءت مفاجأة جعلت جل الدول تتخبط بين هذا وذاك ، فالانطلاقة لهذا الوباء كانت من مدينة ووهان الصينية وذلك في أواخر سنة 2019 .
كوفيد 19، صنفته المنظمة العالمية للصحة في11مارس 2020؛ بأنه من أخطر الفيروسات بالعالم، وقد ارتقى هذا الفيروس من درجة الوباء إلى مستوى الجائحة، كما أن المنظمة العالمية للصحة قد عرفت كوفيد 19(covid-19) بأنه يعد فصيلة كبيرة من الفيروسات التي تسبب اعتلالات تتنوع بين الزكام وأمراض أكثر وخامة، مثل متلازمة الشرق الأوسط التنفسية(MERS-COV)، ومتلازمة الالتهاب الرئوي الحاد الوخيم ( SRS-COV). ويمثل فيروس كورونا المستجد (NCOV) سلالة جديدة لم يسبق تحديدها لدى البشر من قبل[1].
فبعد أن تسربت جدور هذا الفيروس إلى كل دول العالم، أصبحت هذه الأخيرة تصارع وتبحث عن ما هو مضاد لهذه الجائحة التي ليست بالهينة، لأن كوفيد -19 زعزع أمن كل الدول وهدد اقتصادها الداخلي و كذا الاقتصاد العالمي الذي لا محال أنه سيتأثر من هذه الجائحة.
والمملكة المغربية من الدول التي تواجه هذا الفيروس ، بحيث اتخذت تدابير وإجراءات أبانت فعلاً على أنها ليست طرفا ضعيف أمام هذه الوضعية الصعبة ، حيث أن الانطلاقة كانت من خلال تفعيل المقتضيات التشريعية وتطويرها لتواكب بذلك التطوير الملحوظ الذي بات يعرفه هذا الفيروس، فبين الحين والآخر يتم رصد مقتضيات جديدة في إطار التعاون المشترك بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. وتنزيل هذه المقتضيات عبر كل الجهات المسؤولة والمشرفة على حماية المواطنين وحماية النظام العام ككل.
وعموما فإن موضوع فيروس كورونا Covid_19 هذا، يطرح إشكال أساسي يرتبط، ببروز تعارض بين مجموعة من المصالح الاقتصادية والاجتماعية وبعض الحقوق الذي كان من الضروري تقييدها من خلال تفعيل بعض المقتضيات التشريعية من أجل حماية سلامة المواطنين والحق في الحياة[2] بالدرجة الأولى، مما جعل الضرورة تفتي بتفعيل مجموعة من النصوص واتخاذ مجموعة من التدابير الاحترازية ، إذا ما مدى مساهمة المقتضيات التشريعية في مواكبة الأزمة المتعلقة بجائحة كورونا؟
وللإجابة عن هذا الإشكال ارتأينا معالجته من خلال مبحثين:
المبحث الأول: المقتضيات التشريعية المفعلة في ظل فيروس كورونا
المبحث الثاني: التدابير الاحترازية المتخذة للقضاء على فيروس كورونا
المبحث الأول: المقتضيات التشريعية المفعلة في ظل جائحة كورونا
إن فيروس كورونا المستجد استفز المقتضيات التشريعية، بحيث جعل من صناع القاعدة القانونية يتجهون نحو إصدار مجموعة من القوانين أو المراسيم للحد من انتشار فيروس كورونا(المطلب الثاني) وتفعيل مجموعة من المقتضيات الدستورية(المطلب الأول )
المطلب الأول: المقتضيات الدستورية المفعلة في ظل فيروس كورونا
منذ تسجيل أول حالة مصابة بفيروس كورونا التي تم الإعلان عنها في 2مارس 2020، بدأت المملكة المغربية في اتخاذ التدابير اللازمة وتفعيل مجموعة من النصوص التشريعية لمواجهة هذه الجائحة والحد من انتشارها، فمن أهم التدابير التي تم إجراءها هو إحداث صندوق خاص لمواجهة كوفيد-19(covid-19)، واتخاذ هذا الإجراء جاء بمبادرة ملكية حيث أن الملك محمد السادس نصره الله أعطى أوامر لإحداث حساب مرصد لأمور خصوصية[3] يحمل اسم “الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19)[4] ، هذه المبادرة يمكن القول على أنها بمثابة تفعيل لمقتضيات الفصل 40 من دستور المملكة المغربية لسنة 2011 الذي ينص على أنه “على الجميع أن يتحمل، كل على قدر استطاعته، التكاليف العمومية، التي يتوفرون عليها، التكاليف التي تتطلبها تنمية البلاد، وكذا تلك الناتجة عن الأعباء الناجمة عن الآفات والكوارث الطبيعية التي تصيب البلاد”.
فمن خلال هذا الفصل فإن جميع المواطنين و كل الجهات و المؤسسات يجب أن تساهم على قدر الإمكان في مواجهة هذه الجائحة والحد من انتشارها؛ أي أن جميع المغاربة يجب أن يتحملون المسؤولية على قدم المساواة خصوصا أصحاب رؤوس الأموال و المشاريع الكبرى، لأن مساهمة الجميع في الصندوق المتعلق بكرونا هو بمثابة تعبير عن روح المواطنة وهي تفعيل وتجسيد لروح المقتضيات الدستورية، غير أن هناك من يعتبر أن إحداث هذا الصندوق لا علاقة له بمقتضيات الفصل 40 من الدستور، لأن بلاغ الديوان الملكي المحدث لصندوق جائحة كورونا، لم يتطرق نهائيا للفصل 40 من الدستور، ولم يستند عليه أساسا، كما أن المرسوم المتعلق بإحداث هذا الحساب لم يستند على الفصل 40 من الدستور، وإنما استند على التوجيهات الملكية وعلى القانون التنظيمي للمالية وعلى قانون المالية[5].
إلا أن ما يمكن قوله في ما قيل هو أن مقتضيات الفصل 40من الدستور حتى ولو لم يتم التنصيص عليها بطريقة مباشرة في المرسوم المتعلق بإحداث الصندوق لمواجهة كورونا فإنها حاضرة وبقوة ويمكن استنتاجها بطريقة ضمنية، لأن عبارة الجميع يتحمل بصفة تضامنية كل ما قد يصيب البلاد، هي ترجمة للواقع الذي يعيشه مغربنا اليوم، بحيث أنه اصيب بجائحة عالمية، والجميع مسؤول مسؤولية تضامنية إلى حين تجاوز هذه الأزمة والوصول إلى بر الأمان.
وعموما إن إحداث هذا الصندوق هو تفعيل للمقتضى التشريعي الدستوري .
فالمجهودات الجبارة التي تقوم بها المملكة المغربية لم تقف هنا وإنما تجاوزت ذلك حيث أنه في إطار تفعيل المقتضيات التشريعية الدستورية في ظل جائحة كورونا، فإن العاهل المغربي محمد السادس نصره الله، بصفته أمير المؤمنين طبقا لمقتضيات الفصل 41 من دستور المملكة المغربية لسنة 2011، فإنه بناءً على طلب منه للهيئة العلمية للإفتاء بالمجلس العلمي الأعلى الذي يترأسه الملك محمد السادس تفتي بما يلي:” ضرورة إغلاق المساجد سواء بالنسبة للصلوات الخمس أو صلاة الجمعة، إبتداءا من يوم الاثنين 16 مارس 2020 الموافق ل21 رجب 1441، وطمأنة المواطنين والمواطنات بأن هذا الإجراء لن يستمر، وستعود الأمور إلى نصابها بإقامة الصلاة في المساجد بمجرد قرار السلطات المختصة بعودة الحالة الصحية إلى وضعها الطبيعي؛
وجوب استمرار رفع الأذان في جميع المساجد.”
فإجراء إغلاق المساجد، قد يذكرنا بالرسالة الملكية التي أصدرها الملك الحسن الثاني رحمه الله إلى الشعب المغربي، تلاها عنه وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية آنذاك، عبد الكبير العلوي المدغري، قال فيها إن سنوات الجفاف التي مرت بالمغرب، خاصة عام 1995، تدفع إلى قرار إلغاء الأضاحي، متحدثا عن أن “ذبح الأضحية سنة مؤكدة لكن إقامتها في هذه الظروف الصعبة من شأنه أن يتسبب في ضرر محقق”[6]، وهذا ما يسري اليوم على الإغلاق المساجد، كما أن شريعتنا السمحاء تأكد على أن دفع المفسدة أولى من جلب المصلحة.
بالإضافة إلى كل هذا فإنه من المفاجآت التي ساهم فيها فيروس كورونا هو استفزاز قانون المالية حيث أن هذا الأخير لم يصمد بتنبؤاته أمام جائحة كورونا وتم اللجوء إلى تعديل قانون مالية السنة، هذا التعديل الذي لم يطرأ منذ سنة 1983، حيث كانت آخر سنة مالية عرف فيها المغرب اقدام الحكومة على تعديل قانون مالية السنة.
حيث أكد المندوب السامي للتخطيط، أن تداعيات الجفاف وفيروس كورونا سيكون لهما وقع جد سلبي على الاقتصاد الوطني، حيث في هذا الصدد يتوقع ألا تتعدى نسبة نمو هذه السنة 2%، وهي نسبة النمو الأقل خلال عشرين سنة الماضية، وفي نفس الاتجاه توقع بنك المغرب، تحقيق نسبة نمو في حدود 2,3%، وذلك نظرا لتأثير المزدوج للظروف المناخية غير الملائمة، وانتشار في فيروس كورونا على الصعيد الدولي فإن هذه التغيرات جعلت مجموعة من الدول تعدل قوانين مالية السنة[7]، ومنها المغرب وبالتالي فتعديل قانون مالية السنة هو أمر مفروض أمام هذه الظروف الصعبة.
كما أنه في هذه الظرفية تم تفعيل مقتضى دستوري مهم وهو الحق في التقاضي الذي ينص عليه الفصل 118 من دستور المملكة المغربية والذي جاء فيه “حق التقاضي مضمون لكل شخص للدفاع عن حقوقه وعن مصالحه التي يحميها القانون …” غير أن التمسك بهذا المقتضى في الظرفية الراهنة الاستثنائية التي يمر منها المغرب كان بكيفية معصرنة لأنه من أجل الحفاظ على صحة وسلامة المتقاضين، تم تبني ما يسمى بالتقاضي عن بعد، حيث أن وزارة العدل فعلت هذا الأمر من أجل أن تكون مواكبة لتطورات العصر و صعوبة الظرفية التي يمر منها المغرب. فاتخاذ هذا الإجراء يمكن أن يكون بداية لتبني نظام التقاضي عن بعد أو التقاضي الإلكتروني. ويمكن أن يصبح الأصل هو اعتماد المحاكم الرقمية.
المطلب الثاني: المقتضيات القانونية العادية المفعلة في ظل جائحة كورونا
في ظل جائحة كورونا أصدرت الحكومة مجموعة من المراسيم[8]، من أجل ضبط الموازين والحد من انتشار فيروس كورونا، ومن بين هذه المراسيم هناك مشروع مرسوم بقانون رقم 2.20.292 يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية و إجراءات الإعلان عنها، ويندرج مشروع هذا المرسوم، المتخذ طبقا لأحكام الفصل 81 من الدستور[9]، في إطار التدابير الوقائية الاستعجالية التي تتخذها السلطات العمومية من أجل الحد من تفشي جائحة فيروس كوفيد”19″[10].
فهذا المرسوم يشكل السند القانوني للسلطات العمومية من أجل اتخاذ كافة التدابير المناسبة و الملائمة وكذا الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية لأي جهة أو عمالة أو إقليم…، أو مجموع أرجاء التراب الوطني عند الاقتضاء، كلما كانت حياة الأشخاص و سلامتهم مهددة من جراء انتشار أمراض معدية أو وبائية وذلك بمقتضى المادة الأولى من مشروع المرسوم نفسه ألا وهو المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها، كما أن مشروع المرسوم نفسه في مادته الرابعة ينص على العقوبات المقررة لكل شخص لم يتقيد بالأوامر والقرارات الصادرة عن السلطات العمومية، وهذه العقوبات تتمثل في الحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر وبغرامة تتراوح بين 300 و 1300 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين، وذلك دون الإخلال بالعقوبة الجنائية الأشد.
كما أنه في هذه الظرفية الاستثنائية التي تمر منها المملكة المغربية و في إطار المواكبة التشريعية لجائحة كورونا، فإن الحكومة أصدرت مشروع مرسوم رقم 2.20.293 يتعلق بإعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا “كوفيد19″، حيث جاء هذا المرسوم بخمسة مواد تفصل في التدابير المتخذة التي يجب الخضوع إليها من أجل الحد من انتشار الوباء، فحسب المادة الأولى من هذا المرسوم فإنه يهدف إلى الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني أي أن حرية وحركة المواطنين أصبحت مقيدة من أجل ضمان سلامتهم ولا يمكن الخروج إلا للضرورة القصوى، أي إلا في حالة المرض أو العمل…، وذلك بتصريح كتابي يتم تسليمه من السلطات المعنية، وذلك إلى غاية يوم 20 أبريل 2020 في الساعة السادسة. كما أن المرسوم نص على أن السلطات العمومية، أصبحت تمنع أي تنقل لكل شخص خارج محل سكناه، إلا في حالة الضرورة القصوى، منع الأشخاص من مغادرة محل سكانهم، ومنع أي تجمع أو تجمهر أو اجتماع لمجموعة من الأشخاص، إغلاق المحلات التجارية وغيرها من المؤسسات التي تستقبل العموم خلال فترة حالة الطوارئ الصحية المعلنة.
المبحث الثاني: التدابير الاحترازية المتخذة للقضاء على فيروس كورونا
مما لا شك فيه أن المملكة المغربية بعد انتشار فيروس كورونا اتخذت مجموعة من التدابير لمنع استمرارية تفشي الوباء في أرجاء المملكة، وتمثلت هذه التدابير في تدابير عامة (المطلب الأول ) تهم جميع المواطنين المغاربة بدون استثناء، وهناك تدابير خاصة(المطلب الثاني)، وتتعلق بفئة معينة وهي تلك المتضررة بشكل مباشر من هذه الجائحة.
المطلب الأول: التدابير العامة لمواجهة “كوفيد-19”
من المعلوم أن الاقتصاد الوطني هو الركيزة الأساسية لكل دولة، والأنشطة الاقتصادية في المملكة المغربية متعددة، فهذه الأخير هي المحرك الاقتصادي وتوقيفها هو بمثابة توقيف الحركة الاقتصادية، فبالرغم من هذا فإن المغرب وعلى غرار العديد من الدول التي أحاط بها الوباء من كل الجوانب، فإنه في إطار التدابير و والإجراءات الاحترازية المتخذة للتصدي لخطر تفشي وباء كورونا المستجد ببلادنا، وضمانا لصحة وسلامة المواطنين، تم إقرار إغلاق المقاهي، والمطاعم، والقاعات السنيمائية، وقاعات الحفلات و الأعراس، والحمامات، وكل ماله علاقة بالتجمعات وذلك من يوم 16 مارس 2020، وأيضا إغلاق المساجد سواء بالنسبة للصلوات الخمس أو صلاة الجمعة كما سبقت الإشارة إلى ذلك أعلاه، غير أنه في إطار هذه التدابير استثناء الأسواق والمحلات التجارية، ومحلات بيع المواد والمنتجات الغذائية الضرورية للمعيشة اليومية.
كما أنه تم تعليق الرحلات الجوية إلى حين تجاوز هذه الأزمة الصحية التي أصابت المغرب والعالم بأسره.
وأيضا تم تأجيل جميع مباريات التوظيف والترقيات التي كان قد تم الإعلان عنها، وإلغاء جميع التظاهرات واللقاءات الرياضية و الثقافية إلى حين تجاوز هذه الوضعية الصعبة.
وأيضا توقيف حركة حافلات نقل المسافرين بين المدن، كما أن وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، أصدرت قرار يتعلق بتعليق الدراسة بجميع الأقسام والفصول وذلك ابتداء من يوم الاثنين 16 مارس 2020 إلى أجل غير مسمى، غير الموضوع هنا لا يتعلق بإقرار عطلة مدرسية استثنائية، ولكن الدروس الحضورية ستعوض بدروس عن بعد تسمح للتلاميذ والطلبة والمتدربين بالمكوث في منازلهم ومتابعة دراستهم عن بعد[11]. ففي هذه الظرفية الاستثنائية فإن الوسائل الإلكترونية فرضت وجودها بشكل كبير حيث تم اعتماد بعض المواقع الإلكترونية مثل telmidetice، وأيضا إلقاء الدروس عبر القنوات التلفزة المغربية، ومن ضمن التدابير المتخذة أيضا في هذا الإطار أكد سعيد أمزازي بصفته وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي على أنه سيتم إلغاء الامتحانات الاشهادية للسنة السادسة ابتدائي والثالثة إعدادي، بحيث سيتم اعتماد نقط المراقبة المستمرة المنجزة حضوريا للنجاح إلى قسم آخر وهذا أيضا ما سيسري على جميع المستويات الأخرى، باستثناء المستويين الأولى بكالوريا و الثانية بكالوريا سيتم إجراء الامتحان الوطني والامتحان الجهوي وذلك بتوفير السلامة الصحية لجميع التلاميذ .
وعموما فهذه التدابير هي تدابير عامة و مجردة تطبق على جميع المواطنين و بدون استثناء.
المطلب الثاني : التدابير الخاصة المتخذة لحماية الأطراف المتضررة من جائحة كورونا
من المعلوم أن التدابير التي أخذها المغرب من أجل الحد من انتشار فيروس كورونا، سواء تلك التي أشرنا إليها سابقا أو التي سنتطرق إليها وهي المتعلقة بحماية الأطراف الضعيفة و المتضررة من جائحة كورونا؛ فكل هذه التدابير المتخذة أعطت صورة إيجابية على المغرب بالنسبة لكل الدول بحيث عبر المغاربة عن مسؤوليتهم وروح المواطنة.
فمن أهم الحماية التي تم رصدها للفئة المتضررة من هذه الجائحة هو أن الصندوق الذي تم إنشائه لمواجهة كورونا الذي سبق وأن أشرنا إليه، تم تخصيص نسبة منه لفائدة الأجراء الذين توقفوا عن العمل، وكذا الفئة المسجلة بصندوق الضمان الاجتماعي، والفئة التي لديها بطاقة “راميد” فنسبة الدعم لكل فئة تتناسب مع أفراد كل أسرة، فهذه الإعانات تقدم لهذه الفئات لأنهم متضررون بشكل مباشر من هذه الجائحة، وهذه الإعانات تم تحديد مدتها في ثلاثة أشهر متتالية. وتم فتح موقع إلكتروني تقدم في شكايات كل الأسر التي لم تتسلم الإعانة المخصصة لها.
كما أنه في إطار المساعدات المقدمة للأطراف المتضررة أو ما يمكن أن نطلق عليهم بالأطراف الضعيفة فإنه تم إنشاء مجموعة من الوكالات البنكية المتنقلة من أجل خدمت العالم القروي، وفي هذه النقطة يمكن أن ننوه بالمجهودات الجبارة التي يقوم بها المغرب بناء على التعليمات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.
وأيضا من الحمايات التي تم ضمانها للأطراف المتضررة، هو أن لجنة اليقظة الاقتصادية قررت تمكين الأجراء المتوقفين عن العمل من الاستفادة من تأجيل سداد القروض البنكية المتعلقة بقروض الإيجار، وتأجيل سداد أقساط سلفات الاستهلاك والسكن، وهذه إجراءات للتخفيف عن المواطنين في ظل هذه الجائحة.
كما أنه نظرا للوضعية التي تمر بها البلاد فإنه تم تأجيل أقساط التأمين فيما يخص التأمين الإجباري على السيارات وعلى الناقلات بصفة عامة.
ودائما في إطار حفظ صحة وسلامة المواطنين وأيضا حماية الموظفين العاملين بالمرافق العمومية وأيضا صحة وسلامة المرتفقين مع الإدارة فإنه تم توقيف احتساب الآجال القانونية للتصريح بالولادات والوفيات وذلك إلى غاية انتهاء رفع حالة الطوارئ الصحية، بحيث في إطار التدابير الاحترازية المتخذة، تم سن مرسوم المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها والذي صدر بتاريخ 23 مارس 2020، حيث نص على إيقاف سريان جميع الآجال المنصوص عليها في النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، خلال فترة حالة الطوارئ الصحية المعلن عنها. ويستأنف احتساب هذه الآجال ابتداءً من اليوم الموالي لرفع حالة الطوارئ. غير أن هذا التوقيف لا يشمل آجال الطعن بالاستئناف الخاصة بقضايا الأشخاص المعتقلين ومدد الحراسة النظرية و الاعتقال الاحتياطي.
كما أنه في ظل هذه الجائحة فإنه في إطار حماية المستهلك أصدرت الحكومة قرار تحديد سقف المطهرات الكحولية وتدابير تتعلق بالكمامات الصحية، وهذا نظرا لارتفاع الأسعار الذي أصبحت تعرفه هذه المواد كما أن وزير الاقتصاد و المالية، أصدر قرار باتخاذ تدابير مؤقتة ضد ارتفاع أسعار المطهرات الكحولية، وذلك بمقتضى قرار لوزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة رقم 20.986 صادر في 21 من رجب 1441(16مارس 2020)، وهذا إن دل فإنما يدل على أن حماية المستهلك و الأطراف الضعيفة فوق كل اعتبار، و صحة المواطن أولى من صحة الاقتصاد الوطني.
خاتمة:
وعموما ما يمكن أن نستنتجه هو أن هذه الأزمة أبانت عن مجموعة من الإمكانيات التي تتوفر عليها الدولة على المستويين القانوني من خلال إصدار قوانين مواكب لهذه الفترة الراهنة، وأيضا على المستوى الاجتماعي والاقتصادي من خلال تنزيل استراتيجيات لدعم الاقتصاد، وكذلك دعم الفئة المتضررة من هذه الجائحة. ولعل الهدف من هذه التدابير المتخذة هو تخطي هذه الأزمة بأقل الخسائر. لكن هل الدولة المغربية ستنجح في تجاوز أزمة كورونا من خلال هذه التدابير الاحترازية التي اتخذتها؟
[1] – موقع منظمة الصحة العالمية: http://www.emro.who.int/ar تاريخ الاطلاع 06.06.2020 على الساعة 16:00
[2] – الحق في الحياة هو من الحقوق الطبيعية للإنسان وهو من أهم الحقوق التي أقرتها الشريعة الإسلامية للإنسان، وله حماية دستورية بمقتضى الفصل 20، حيث ينص على أنه:” الحق في الحياة هو أول الحقوق لكل إنسان. ويحمي القانون هذا الحق.”
[3] – حسب المواد المدرجة في الفصل الخامس من قانون المالية التنظيمي، تنص على إمكانية إحداث الحسابات الخصوصية، بحيث أنه جاء فيها يجوز في حالة الاستعجال والضرورة الملحة وغير المتوقعة أن تحدث خلال السنة المالية حسابات خصوصية للخزينة بموجب مراسيم طبقا للفصل 70 من الدستور . وإحداث الحسابات الخصوصية للخزينة بقانون المالية يتم داخل أحد الأصناف المحددة لهذه الحسابات وهي كالتالي:
1- الحسابات المرصدة لأمور خصوصية
2- حسابات للانخراط في الهيئات الدولية
3- حسابات التمويل
4-حسابات العمليات النقدية
5- حسابات النفقات من المخصصات التي تبين عمليات متعلقة بصنف خاص.
وتهدف الحسابات الخصوصية للخزينة:
-إما إلى بيان العمليات التي لا يمكن إدراجها بطريقة ملائمة في الميزانية العامة نظرا لطابعها الخاص أو لعلاقة سببية متبادلة بين المدخول والنفقة؛
– وإما إلى بيان عمليات مع الاحتفاظ بنوعها الخاص وضمان استمرارها من سنة لأخرى.
– وإما إلى الاحتفاظ بأثر عمليات تمتد على ما يزيد عن سنة دون تمييز بين السنوات المالية.
[4] – مرسوم رقم 2.20.269 المتعلق بإحداث صندوق خاص بتدبير جائحة كورونا “كوفيد-19” الصادر في 21 من رجب 1441(16 مارس 2020).
[5] – المصدر : صحفي الأسبوع ” ما هو السند الدستوري لإحداث الصندوق الخاص بتدبير جائحة “كوروناhttps://www.alousboue.com
تاريخ الاطلاع 06.06.2020 على الساعة 21:15.
[6] – المصدر CNN بالعربية ” قبل 20 … العاهل المغربي الحسن الثاني يلغي ذبح الأضاحي بسبب الجفاف htt://arabic.cnn.com.
[7] – مقال ” الحاجة لتعديل قانون مالية سنة 2020، أيت الشيخ محمد، مغرب القانون، 21 مارس 2020، تاريخ الاطلاع 07.06.2020 على الساعة 18:00.
-[8] المراسيم التنظيمية تعتبر بمثابة تشريع فرعي، وترتقي لنفس القيمة القانونية للتشريع العادي، والجهة التي تصدر عنها المراسيم هي السلطة التنفيذية.
-[9] ينص الفصل 81 من الدستور على أنه:
“يمكن للحكومة أن تصدر، خلال الفترة الفاصلة بين الدوريات، وبإنفاق مع اللجان التي يعينها الأمر في كلا المجلسين، مراسيم قوانين، يجب عرضها بقصد المصادقة عليها من طرف البرلمان، خلال دورته العادية الموالية.
يودع مشروع المرسوم بقانون لدى مكتب مجلس النواب، وتناقشه بالتتابع اللجان المعنية في كلا المجلسين بغية التوصل داخل أجل ستة أيام، إلى قرار مشترك بينهما في شأنه. وإذا لم يحصل هذا الإتفاق، فإن القرار يرجع إلى اللجنة المعنية في مجلس النواب.”
-[10]بلاغ مجلس الحكومة يوم 27 رجب 1441 الموافق ل22مارس 2020.
-[11]البلاغ الصحفي الصادر عن وزارة التربية الوطنية و التكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي المتعلق بتوقيف الدراسة.