الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام على ضوء التشريع المغربي و المقارن، أية ضمانات قانونية لإعادة التوازن العقدي بين المستهلك و المهني؟
لما كانت العلاقة التعاقدية بين المهني[1] و المستهلك[2] تتسم بطابع خاص هو اللاتوازن العقدي، فإن التطور الاقتصادي عموما و التجاري على وجه الخصوص، و ما كان له من تأثير على المعاملات القانونية قد أدى بالضرورة إلى تعميق ذلك اللاتوازن بين الطرف المهني القوي و الطرف المستهلك الضعيف، بشكل أصبحت معه القواعد القانونية التقليدية التي تسعى من خلالها تشريعات دول العالم إلى حماية رضا المستهلكين أثناء التعاقد عاجزة عن إعادة التوازن العقدي بين طرفي العقد الاستهلاكي[3].
هكذا و أمام هذا العجز التشريعي عن حماية المستهلك ظهرت توجهات فقهية واكبتها توجهات تشريعية هي الأخرى فيما بعد تحاول إعادة التوازن العقدي بين طرفي العقد الاستهلاكي، بناءا على ضمانات قانونية للمستهلك في مرحلة ما قبل التعاقد، و ذلك في إطار ما سمي بالالتزام قبل التعاقدي بالإعلام.
بذلك نتساءل، ما المقصود بالالتزام قبل التعاقدي بالإعلام ؟ و أية ضمانات قانونية تلك التي يوفرها هذا الالتزام للمستهلك في مرحلة ما قبل التعاقد على ضوء التشريع المغربي و المقارن ؟ و إلى أي حد توفق كل من التشريع المغربي والمقارن في تحقيق التوازن بين طرفي عقد الاستهلاك؟
و عليه سنبحث تبعا لذلك إشكالية الموضوع على مستويين، التأصيل النظري للالتزام قبل التعاقدي بالإعلام في التشريع المغربي و المقارن (المبحث الأول)، لنعرج فيما بعد على ذكر الضمانات القانونية التي يوفرها كل من التشريعين للمستهلك عند الإخلال به (المبحث الثاني).
المبحث الأول: مضمون الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام
لقد أدى التطور الاقتصادي و العلمي الحاصل في مجالات مختلفة، و الذي صاحبته ثورة صناعية غير مسبوقة، إلى إغراق الأسواق الاستهلاكية بمجموعة من المنتجات المبتكرة، و التي يصعب على المستهلك فك رموزها و المواد المستعملة في صناعتها و تأثيرها على صحته، و هو ما أدى بالضرورة إلى تعميق ذلك اللاتوازن العقدي بين المراكز القانونية لطرفي عقد الاستهلاك.
فإقبال المستهلك على التعاقد بهدف إشباع رغبة حقيقية لديه دون معرفة تامة منه بكيفية تحقيق ذلك على الوجه المأمول، خاصة عندما يكون في مواجهة منتج محترف ذي علم و دراية واسعتين بموضوع العقد، ينم عن تفاوت كبير في درجة العلم و المعرفة بين طرفي العقد المزمع إبرامه[4].
و إذا كان من المنطقي إلزام الشخص العاقل و المسؤول بأن يسهر على مصالحه و أن يكون حذرا و يتخذ الاحتياطات اللازمة، و ذلك بالبحث عن المعلومات الضرورية و المتعلقة بالعملية التعاقدية التي يود الدخول فيها، فإن المنطق و الأخلاق المتمثلان في حماية الثقة التي يقتضيها الضمير في المعاملات المختلفة، يفرضان أيضا على الشخص الذي يتوفر على معلومة أو معلومات من شأنها أن تؤثر في اختيار المتعاقد الآخر أن يخبره بها، و لذلك عرف هذا الالتزام بالإعلام الذي يقع على الشخص الذي يتوفر على معلومات حاسمة في الآونة الأخيرة ازدهارا كبيرا، خاصة مع بروز مشكل عدم تساوي الأطراف في إمكانية الوصول إلى المعلومة بشكل واضح في إطار العلاقة بين المحترفين أو المهنيين و المستهلكين[5].
بهذا، سوف نحاول بحث ماهية الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام (المطلب الأول)، و كذا بيان شروطه و محله(المطلب الثاني).
المطلب الأول: ماهية الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام
تتطلب دراسة ماهية الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام ضرورة بحث، مفهومه و أساسه التاريخي و أطرافه و خصائصه(الفقرة الأولى)، و كذا مبرراته و طبيعته القانونية(الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام: المفهوم و الأساس التاريخي، الأطراف والخصائص
سنحاول تقسيم هذه الفقرة إلى محورين، مفهوم الالتزام بالإعلام و أساسه التاريخي(أولا)، أطراف الالتزام قبل التعاقدي و خصائصه(ثانيا).
أولا: مفهوم الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام و أساسه التاريخي
تقتضي دراسة هذا المحور لزوما، تحديد المقصود بالالتزام قبل التعاقدي بالإعلام و تمييزه عن المفاهيم المشابهة له(أ)، و كذا بحث أساسه التاريخي في الشريعة و القانون(ب).
- المقصود بالالتزام قبل التعاقدي بالإعلام و تمييزه عن المفاهيم المشابهة له
أمام الغموض الذي يعتري مفهوم الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام، سنحاول تحديد المقصود به(1)، فضلا عن تمييزه عن المفاهيم المشابهة له(2).
- مفهوم الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام
الإعلام في اللغة هو الإفضاء[6]، و أما اصطلاحا يراد به الإفضاء بالأمور الخاصة[7]، إذ هو التزام يفرض على أحد المتعاقدين، أي المدين، إعلام المتعاقد الأخر، أي الدائن، بكافة الوقائع و المعلومات التي تكون منتجة و لازمة لتكوين رضاء حر مستنير، أو لضمان تنفيذ العقد[8].
و بالرجوع إلى مقتضيات القانون 31.08 ق.ح.م نجد بأن المشرع المغربي شأن المشرع المصري لم يعط تعريفا للالتزام بالإعلام، و هو بذلك يكون قد ترك المجال للفقه لتعريفه. بحيث عرفه بعض الفقه بأنه إحاطة المتعاقد الأخر بالمعلومات الهامة و المؤثرة في إقدامه أو إحجامه على التعاقد[9]، كما عرفه البعض الآخر بأنه الالتزام بالإدلاء المعاصر لتكوين العقد و السابق على ابرامه بكافة المعلومات و البيانات الجوهرية و المؤثرة المتعلقة بالسلعة أو الخدمة محل التعاقد، و التي يجهلها الدائن و يتعذر حصوله عليها عن غير طريق المدين، و ذلك بهدف تكوين رضا سليم لديه حال إقباله على التعاقد[10].
- تمييز الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام عن بعض المفاهيم المشابهة له
و قد يحدث أن يتشابه الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام مع بعض المفاهيم التي قد تكون على مقربة من دلالته، و بهذا وجب علينا التمييز بينها:
½- تمييز الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام عن الالتزام بالتحذير
و يعني التحذير لفت نظر المتعاقد الآخر إلى المخاطر المادية أو القانونية المترتبة على التعاقد[11]،إنه يوجد في منطقة وسطى بين الالتزام بالإعلام و الالتزام بالنصح، فهو أقوى من مجرد الإعلام و لكنه لا يصل درجة النصح[12]، فالتحذير يتطلب من المدين به التشديد على الآثار المترتبة على المعلومات، و توضيح المخاطر التي يجب تفاديها، و على هذا الأساس يفرق الفقه التقليدي بين الالتزام بالإعلام و الالتزام بالتحذير[13].
كذلك يقوم الخلاف بينهما من حيث الغاية حيث أن غاية الالتزام قبل التعاقدي بالإفضاء هي إيجاد رضى حر و مستنير لدى المستهلك لضمان صحة و سلامة الرضا، بينما غاية الالتزام بالتحذير هي ضمان سلامة المستهلك في جسده و أمواله[14].
2/2- تمييز الالتزام بالإعلام عن تقديم الاستشارة أو النصيحة
فالالتزام بالإعلام التزام قانوني لا يحتاج إلى عقد يقرره بل يلتزم به المهني قبل ابرام العقد، و هدفه إعلام الموجه إليه بالعناصر و الشروط الجوهرية التي يتم على أساسها التعاقد، يجد أساسه في انعدام التوازن في المعرفة بسبب الكفاءة المهنية الموجودة لدى المهني أو المورد، و هو كذلك التزام يحكمه وقت لطلبه و وقت لتنفيذه. أما الالتزام العقدي بتقديم الاستشارة و النصيحة الفنية فهو التزام ناشئ عن عقد، محله التزام المتعاقد المحترف صاحب الخبرة الفنية بتقديم معلومات محددة في العقد و مطلوبة لأجل عملية معينة يحددها المتعاقدان سلفا، مثال ذلك: التزام المهندس المعماري بتقديم معلومات فنية وفقا لأصول علم الهندسة، و هو التزام يستلزم وجود اتفاق خاص يقرره، و مع ذلك في بعض الأحيان يضاعف الالتزام بالإعلام بالالتزام بتقديم النصيحة، فلا يكفي إحاطة المتعاقد بالمعلومات بل يجب نصحه بما يخدم مصلحته[15]، ناهيك على أن الالتزام قبل التعاقدي بالإفضاء يمون بدون أجر في حين يكون تنفيذ الالتزام بتقديم المشورة الفنية مقابل أجر[16].
2/3- تمييز الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام عن الدعاية و الإشهار
و تختلف الدعاية عن الإعلام في كونها وجها من وجوه ممارسة نشر الأفكار و الآراء الخاصة بأفكار معينة و محاولة تجميع مؤيدي هذه الأفكار، كالدعاية لنشاط جمعية من الجمعيات المناصرة لحماية البيئة أو الحيوان، و هدف الدعاية غير مادي فهي لا تسعى إلى تحقيق الربح من وراء الأنشطة الممارسة. أما الإعلان(الإشهار) فإنه يهدف بصفة أساسية إلى ترويج السلع و الخدمات من أجل تحقيق الربح، عكس الإعلام فهو لا يهدف إلى ترويج المنتجات و الخدمات، و إنما يسعى إلى نشر الحقائق و المعلومات و الأخبار بين الجمهور بقصد نشر الثقافة و تنمية الوعي و الارتقاء بالمدارك[17].
2/4- تمييز الالتزام بالإعلام قبل التعاقدي عن الالتزام بالإعلام التعاقدي
إن تقديم المعلومات في الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام يكون في المرحلة السابقة للتعاقد و من ثم فإن الإخلال بهذا الالتزام يثير المسؤولية التقصيرية، في حين أن الالتزام التعاقدي بتقديم المعلومات يكون بعد إبرام العقد و إن الإخلال به يثير المسؤولية العقدية[18].
هذا و بالرجوع للقانون 31.08 نجد المشرع المغربي قد تعمد في إطار مقتضيات المتعلقة بإعلام المستهلك، أن يأخذ بالمفهوم المزدوج للإعلام حتى يكون المشتري على بينة من أمره في فترة ما قبل و ما بعد إبرام العقد، وهذا الوضع من شأنه أن يمكن المستهلك من قبول فكرة التعاقد على بينة و اختيار[19].
- الأساس التاريخي للالتزام قبل التعاقدي بالإعلام في الشريعة و القانون
و سنحاول تحديد الأساس التاريخي للالتزام قبل التعاقدي بالإعلام على مستوى كل من الشريعة الإسلامية(1)، و القانون الوضعي(2).
- في الشريعة الإسلامية
أفاضت الشريعة الإسلامية في بيان التزام المدين قبل التعاقدي بإعلام الدائن بكافة المعلومات و البيانات عن السلع و الخدمات محل التعاقد بصورة من شأنها نقاء رضائه و تصحيح إرادته، و اتخذت في سبيل تحقيق ذلك العديد من مناهج المخاطبة بشقيها العام و الخاص. فعلى سبيل العموم، نذكر على سبيل المثال لا الحصر قوله تعالى في الآية 29 من سورة النساء” يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما”، فقد تضمنت هذه الآية الكريمة النهي عن إتيان أي تصرف أو سلوك من شأنه تحقيق الكسب دون وجه حق، مثل الغش و الخداع و الكذب في الأقوال و الأفعال، سواء بطريق الإيجاب، أم بطريق السلب متمثلا في الكتمان في مواطن كان الإدلاء فيها واجبا، و التي من صورها الالتزام محل الدراسة، كما أن هذه الآية تحمل في وجهها الآخر الحث على التزام جانب الصدق في جميع المعاملات، و أداء واجب النصيحة في مختلف التصرفات[20]. أما على سبيل الخصوص، فقد أولت الشريعة الإسلامية عناية خاصة للالتزام قبل التعاقدي بالإعلام، إيمانا منها بدوره الوقائي في العمل على استقرار المعاملات و سلامتها، متخذة من أساليب الترغيب و الترهيب ما يتسق مع مقومات أهدافها العليا المأمول تحقيقها في جميع المجالات. فقد روى عن حكيم بن حزام رضي الله عنه أن النبي صل الله عليه و سلم قال:” البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدق البيعان و بينا، بورك لهما في بيعهما، و إن كذبا و كتما محقت بركة بيعهما، و إن كتما و كذبا فعسى أن يربحا ربحا، و يمحقا بركة بيعهما، اليمين الفاجرة منفقة للسلعة ممحقة للكسب”[21].
و عن عقبة بن عامر رضي الله عنه عن النبي صل الله عليه و سلم قال:” المسلم أخو المسلم ولا يحل لمسلم إذا باع من أخيه بيعا فيع عيب أن لا يبينه”[22].
و أيضا ما روى عن أبي سباع رضي الله عنه أنه قال” اشتريت ناقة من دار وائله بن الأسقع، فلما خرجت بها أدركني يجر إزاره، فقال اشتريت ؟ قلت: نعم، قال: أبين لك ما فيها: قلت: وما فيها؟ قال إنها لسمينة ظاهرة الصحة. قال: أردت سفرا، أو أردت بها لحما ؟ قلت: أردت بها الحج. قال: فارتجعها، فقال صاحبها: ما أردت إلى هذا، أصلحك الله تفسد على؟ قال: إني سمعت رسول الله صل الله عليه و سلم يقول:” لا يحق لأحد يبيع شيئا إلا بين ما فيه، ولا يحل لمن يعلم ذلك ألا يبينه”[23].
ووجه الاستدلال في هذه الأحاديث في ضوء موجبات الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام أن الشريعة الإسلامية ألزمت المسلم المقبل على التعاقد، أن يدلي للطرف الآخر بكل ما يعلمه من حقائق و بيانات حول ماهية السلعة أو الخدمة محل التعاقد، و كيفية الإفادة المثلى منها، حتى يقرر عن بينة، مدى ملاءمة هذا التعاقد لإشباع حاجته التي يرمي إليها، حتى يكون إبرام العقد في ظل إرادة حرة خالية من العيوب المبطلة لها، و بالتالي تخلو المعاملات من عوامل انهيارها و مقومات ابطالها، وهو ما تهدف إليه الشريعة الإسلامية إجمالا[24].
- في القانون الوضعي
و يجد الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام أساسه في القانون الوضعي، و ذلك على مستويين:
½- على مستوى القواعد العامة
و قد حاول الفقه التأسيس للالتزام قبل التعاقدي بالإعلام في القواعد العامة، وذلك بناءا على كل من مبدأ حسن النية، ونظرية عيوب الرضى، و كذا نظرية عدم المساواة في العلم بين المتعاقدين، و عليه سنحاول دراسة كل أساس على حدة.
– مبدأ حسن النية
و يرى جانب من الفقه بأن الالتزام قبل التعاقدي بالإفضاء إنما يجد أساسه في مبدأ حسن النية قبل التعاقدي الذي يوجب على التاجر المحترف أثناء المفاوضات أن يقوم بتقديم المعلومات الكافية المتعلقة بالوضع القانوني للشيء أو بصفاته المادية أو عن كيفية استخدامه و خصائصه و هي معلومات تبدو لازمة لإيجاد رضا حر و سليم لدى المستهلك مما يقتضي أن يعلم بها قبل التعاقد[25]، لأن إحاطة المستهلك علما بهذه البيانات تجعل القرار بيد هذا الأخير من حيث الإقدام أو الإحجام عن التعاقد، إذ أن الإفضاء شرط لحرية الاختيار فعدم الإفضاء أو المعرفة المزيفة أو غير الكافية تحول دون استقلال القرار لدى المستهلك، أي أن عدم الالتزام بالإفضاء من جانب التاجر المحترف يقابله حق المستهلك[26]. هذا و قد أيدت المحاكم الفرنسية في العديد من أحكامها هذا الاتجاه، و استندت على مبدأ حسن النية كأساس لمساءلة الطرف الذي أخل بالتزامه قبل التعاقدي بالإعلام، حيث ذهبت في إحدى القضايا إلى أنه إعمالا لمبدأ حسن النية قبل التعاقدي، يلتزم البائع بأن يفضي إلى المشتري بكافة البيانات و المعلومات التي تعتبر عناصر تقدير يتوقف عليها رضاؤه بالعقد[27].
و قد نص المشرع المصري صراحة في القانون المدني على مبدأ حسن النية في المادة1/148(المقابلة للمادة 3/1134 مدني فرنسي)، و التي تقضي بأنه: “يجب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه و بطريقة تتفق مع حسن النية”، بحث علقت المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي على تطلب حسن النية بأن “العقد و إن كان شريعة المتعاقدين، فليس ثمة عقود تحكم المباني دون المعاني كما الشأن في بعض العقود عند الرومان، فحسن النية يظلل العقود جميعا سواء فيما يتعلق بتعيين بمضمونها أو فيما يتعلق بكيفية تنفيذها، و بذلك أصبحت كافة العقود- في القانون الحديث- تستظل بمبدأ حسن النية[28]، و هو نفس التوجه الذي تبناه المشرع المغربي في الفصل 231 من قانون الالتزامات و العقود[29].
- نظرية عيوب الرضى
و يتحدد مجال الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام في المرحلة السابقة للتعاقد، و هي المرحلة التي يجول فيها الرضا بحثا عن مصادر صحته و سلامته، و لذلك ذهب بعض الفقه إلى أن هذا الالتزام يجد أساسه في نظرية صحة و سلامة الرضا[30]، و عليه فإنه يلزم لانعقاد العقد، و بوصفه أحد أركانه، وجود رضاء حر مستنير، و لن يكون ذلك إلا إذا تحقق للمتعاقد خلال هذه المرحلة إمكانية الإلمام بجوهر العقد المزمع إبرامه و تفصيلاته، و أن في إلزام المدين بهذا النوع من الإعلام في مواجهة الدائن أمر يستطيع به الأخير تحديد موقفه من التعاقد عن علم و دراية، و بالتالي يأتي رضاؤه سليما معافيا معبرا عن إرادة حرة و واعية و خالية من العيوب المبطلة لها[31].
و يؤكد اتصال هذا الالتزام بسلامة الرضا، أن عيوب الإرادة شأنها شأن هذا الالتزام يدوران في الفترة السابقة على ابرام العقد، و أخص هذه العيوب التدليس لما يمثله من عدم تبصر و كذب و احتيال، و هو الفرض الذي يحمل في جانبه الأخر إخلالا عقديا بالتبصير و الإعلام[32].
و عليه فإنه في المرحلة السابقة للتعاقد، و لكي يقدم المستهلك على التعاقد يجب أن تكون إرادته طليقة من قيد الجهل، و ذلك بإحاطته علما من قبل التاجر المحترف بالأمور الأساسية الجوهرية التي يجهلها عن العقد الذي يروم إبرامه، و ببياناته التفصيلية و بمدى ملائمته للغرض الرئيس من إبرام هذا العقد[33].
و مما تجدر الإشارة إليه في هذا الصدد أن المشرع المغربي شأن المشرع المصري[34] تبنى في ق.ل.ع ما يسمى بنظرية الكتمان التدليسي كعيب من عيوب الرضى، بأن نص في الفصل 52 منه على أن:” التدليس يخول الإبطال، إذا كان ما لجأ إليه، من الحيل أو الكتمان، أحد المتعاقدين…”، و ذلك بخلاف المشرع الفرنسي الذي لا يأخذ بعين الاعتبار إلا الأعمال التدليسية[35]. و هو توجه فريد للمشرع المغربي الذي غالبا ما يسير على ذات النهج التشريعي الفرنسي، أم أن ذلك ليس إلا ظاهرا يخفي الارتباط الضمني الحقيقي لظهير الالتزامات و العقود المغربي بالفقه الإسلامي عموما و فقه الإمام مالك على وجه الخصوص الأمر الذي يفسر الأخذ بنظرية الكتمان التدليسي ؟
و في هذا الصدد فقد تعددت الاتجاهات الفقهية بين موقف يزعم بأن ق ل.ع المغربي منبثق عن القانون الفرنسي و لا علاقة له بالفقه الإسلامي[36]، و موفق آ خر يعتبر أن ق.ل.ع اقتباس مباشر للقانون الفرنسي بعد تكملته ببعض الأحكام التي اقتبست من القوانين الأوروبية، و هذه حقيقة تكشف عنها الدراسة المقارنة المنهجية، و تنطق بها صراحة مختلف التقارير المتعلقة به…أما بالنسبة لمصادره فإن ظ.ل.ع، و إن كان قد تضمن بعض الحلول التي يقضي بها الفقه الإسلامي، فقد ظل وفيا لأسلوب الصياغة المتبع في قوانين العائلة الرومانية الجرمانية، و بالأخص في القانون الفرنسي[37]. و لعل هذا التوجه الأخير ما يفسر خروج المشرع المغربي عن التشريع الفرنسي بخصوص الأخذ بالكتمان التدليسي كعيب من عيوب الرضى[38]، و إن كان القضاء الفرنسي قد ساير التوجه التشريعي للمغرب بالأخذ بنظرية الكتمان التدليسي و هو ما سنراه في فيما بعد على مستوى بعض قرارات محكمة النقض الفرنسية.
كما و قد حاول بعض الفقه[39] البحث عن أساس قانوني للالتزام قبل التعاقدي بالإعلام في نظرية الغلط الحديثة، بحيث أنها لا تعتد بالغلط إلا إذا كان مشتركا أو كان أحد المتعاقدين يعلم أو كان من السهل عليه أن يتبين أن المتعاقد الآخر لم يتعاقد إلا تحت تأثير الغلط الذي كان فريسة له[40]، و هو ما يجعل من هذه النظرية أقرب إلى تجسيد أساس قانوني للالتزام قبل التعاقدي بالإعلام.
وقد تبنى كل من التشريع المصري و التشريع السوري هذه النظرية الحديثة من حيث عدم التمييز بين الغلط الواقع في الشخص و الغلط الواقع في الشيء و قرر أن المتعاقد، إذا وقع في غلط جوهري جاز له أن يطلب إبطال العقد، إن كان المتعاقد الآخر قد وقع مثله في هذا الغلط، أو كان على علم به، أو كان من السهل عليه أن يتبينه[41].
هذا و إنه بالرجوع للمقتضيات القانونية المنظمة لنظرية الغلط في القانون المغربي، نجد بأن المشرع المغربي لا يزال يأخذ بالنظرية التقليدية للغلط التي لا تتطلب بالضرورة أن يكون الغلط مشتركا أو أن يكون الطرف غير الغالط سيء النية، و بالتالي فإن الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام لا يجد أساسه في نظرية الغلط التقليدية التي يأخذ بها التشريع المغربي.
و عموما فإن بعضا من الفقه يرى بأنه على القضاء المغربي تبني نظرية الغلط الحديثة فلا يعتد بالغلط كسبب للإبطال سواء كان الغلط تناول الشيء أم تناول الشخص إلا إذا وقع فيه الطرفان معا أي كان مشتركا، أو وقع فيه أحد الطرفين وكان الطرق الآخر يعلم أو كان من السهل عليه أن يتبين هذا الغلط الذي دفع بالمتعاقد إلى التعاقد، فذلك أدعى لاستقرار المعاملات و أنجع لتعزيز الثقة في العهود و العقود[42].
- نظرية عدم المساواة في العلم بين المتعاقدين
و قد أدت التطورات العلمية و التكنولوجية الحديثة، إلى اكتشاف أن هناك جمهورا كبيرا من المتعاملين، لم تعد لديهم القدرة الكافية للإحاطة بظروف التعاقد و ملابساته، سواء من حيث ملاءمة السلعة محل العقد للأغراض المخصصة لها، أم من حيث خطورة السلعة محل الاستخدام[43]، و قد أدى ذلك بطبيعة الحال إلى خلق نوع من عدم التكافؤ بين المتعاقدين في مجال المعلومات المتصلة بالعقد[44].
و لذلك كان اهتمام الفقه و القضاء بالبحث عن وسيلة تعيد التوازن المفقود في العلم بين المتعاقدين، لا سيما في المرحلة السابقة للتعاقد، لأهمية ذلك بالنسبة للمستهلك عند اقدامه على التعاقد و كانت تلك الوسيلة هي إحلال معيار رجل الحرفة أو الخبرة محل معيار الرجل المعتاد، أو رب الأسرة في التزام المهنيين و الحرفيين في مواجهة المستهلكين[45]، و هو ما حدا ببعض الفقه[46] إلى القول بأن الإذعان قد اتخذ شكلا جديدا، اختلف به عن صورته التقليدية، تمثل ذلك في خضوع هذا الطرف قليل الخبرة و الدراية للطرف الآخر ذو المعرفة الواسعة، فيقبل على ابرام العقد و هو جاهل إلى حد كبير بالجوانب الهامة المتصلة به، و التي لو كان علم بها قبل التعاقد لكان له موقف آخر.
و بذلك فإن الرضا اللازم لانعقاد العقد لن يتحقق في هذه الفروض إلا من خلال تأصيل قانوني لتحقيق المساواة في العلم بين المتعاقدين في المرحلة قبل التعاقدية، وما يؤدي إليه من خلق نوع من التوازن العقدي بين مركزي كل منهما، تحقيقا للعدالة العقدية القائمة على الثقة المشروعة و المتبادلة بينهما، و أن أفضل النتائج التي يمكن أن تتحقق في هذا الصدد تكون من خلال تقرير التزام قبل تعاقدي بالإعلام[47].
2/2- في القواعد الخاصة
و قد اهتم المشرع المغربي بضمان الحق في الإعلام بشكل عارض على مستوى بعض القوانين الخاصة، من قبيل ما جاء في المادة 59 من قانون حرية الأسعار و المنافسة[48]، و كذا المادة 16 من قانون الزجر عن الغش في البضائع[49]، ليسير على هذي بعض التشريعات المقارنة من خلال سن أحكام قانونية خاصة بحماية حق المستهلك في الإعلام و هو ما تأتى مع القانون 31.08 المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك، بأن خص المشرع إعلام المستهلك بقسم خاص به. و عليه نتساءل، من هم أطراف الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام ؟ وما هي أبرز خصائصه ؟
ثانيا: أطراف الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام و خصائصه
و سنحاول تبعا لذلك التعريف بأطراف الالتزام قبل التعاقدي(أ)، و بيان خصائصه(ب).
- أطراف الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام
الأصل أن الالتزام بالإفضاء يقع على كل بائع محترف يستوي في ذلك المنتج أو الموزع، و إن كان القضاء يبدو أكثر تشددا في مواجهة المنتج، و الأصل أن يقوم الالتزام بالإفضاء لمصلحة كل مشتر يستوي في ذلك المهني و المستهلك و إن كان يلاحظ أن مهنة (المشتري) يمكن أن تكون سببا في تخفيف حدة الالتزام كما أن خطورة الشيء يمكن أن تؤدي على العكس إلى توسيع محله و لو كان المشتري مهنيا[50].
و عليه سنحاول تبعا لذلك بحث و دراسة كل من الدائن بالالتزام قبل التعاقدي بالإعلام(1)، و المدين بالالتزام قبل التعاقدي بالإعلام(2).
- الدائن بالالتزام قبل التعاقدي بالإعلام
و يعد دائنا بالالتزام بالإعلام كل مشتر لا دراية له بالبيع، و يعد هذا الالتزام من حيث المبدأ واحدا بالنسبة لكل المشترين يستوي في ذلك المستهلك و المشتري المتخصص متى كانت حرفة هذا الأخير لا تمكنه من الإلمام بكل خصائص و دقائق الشيء المبيع. فإذا كنا إزاء المستهلك فإن نطاق الالتزام بالإعلام يتسع لأقصى حد ممكن، إذ أن مثل هذا المستهلك لا يمكن افتراض علمه بأي بيانات عن المبيع، و يعد جهله به جهلا مشروعا، و من ثم فإنه يتعين على البائع أن يحيطه علما كافيا بكافة البيانات التي تلزمه سواء فيما يتعلق باستعمال المبيع أم بالوقاية من أخطاره[51].
و يأخذ الحكم السابق(المشتري) الذي يباشر تخصصا لا يسمح له بمعرفة خصائص الشيء المبيع، فهو و إن لديه بعض المعلومات إلا أنها معلومات ناقصة و تفتقر إلى الدقة و التحديد، ولا جدال في أن اكمال هذه المعلومات و ايضاح الغامض منها يقع على عاتق البائع الذي يلتزم تبعا لذلك بالإفضاء لهذا المشتري بكافة المعلومات المتوفرة لديه[52].
و عموما فإن الدائن بالالتزام بالإعلام في عقد الاستهلاك، هو المستهلك الذي عرفه المشرع بمقتضى المادة 2 من القانون 31.08 ق.ح. م بأنه: “يقصد بالمستهلك كل شخص طبيعي أو معنوي يقتني أو يستعمل لتلبية حاجياته غير المهنية منتوجات أو سلعا أو خدمات معدة لاستعماله الشخصي أو العائلي”، و بالتالي فإن الدائن بالالتزام بالإعلام يشمل كلا من المستهلك بمفهومه الضيق أي ذلك الذي يهدف من وراء تعاقده تلبية حاجته الشخصية و العائلية، كما يشمل على وجه الخصوص المهني الذي يقدم على التعاقد لكن ليس في نطاق نشاطه المهني.
- المدين بالالتزام قبل التعاقدي بالإعلام
ما دام الالتزام بالإعلام عبارة عن رابطة قانونية فإنه يتطلب طبعا وجود شخصين على الأقل، دائن و مدين، فالمدين بالالتزام بالإعلام هو المتعاقد الذي يقع على عاتقه الالتزام بالإدلاء بالبيانات المتعلقة بالعقد و بالشيء أو الخدمة محل العقد[53].
هكذا يقع الالتزام بالإعلام بصورة رئيسة على عاتق المنتج، و يرجع ذلك إلى حجم المعلومات المتوفرة لديه عن السلع التي يقوم بإنتاجها، فهو بالتأكيد يعرف كل صغيرة و كبيرة عن مكوناتها و خصائصها و كيفية استعمالها و الأخطار التي تحيط بها عند الاستعمال، فضلا عن ذلك أن المنتج يملك الوسائل التي تمكنه من اعلام المستهلك بهذه الأمور(سواء بالكتابة على السلعة نفسها أو على غلافها أو بإرفاق نشرات معها)، و أخيرا فإن المنتج ينتظر عادة من المنتج أن يكشف له بوضوح عن كيفية استعمال السلعة أو الاستفادة منها و الوقاية من مخاطرها[54].
و على العموم يقصد بالمدين بالالتزام بالإعلام المورد أو المهني في نطاق العقد الاستهلاكي، و قد عرفه المشرع المغربي في المادة 2 من القانون 31.08 ق.ح.م بأنه:” كل شخص طبيعي أو معنوي يتصرف في إطار نشاط مهني أو تجاري”، و عليه فإنه بمفهوم المخالفة و متى تصرف المهني أو التاجر في غير إطار نشاطه المهني أو التجاري فإنه يكاد لا يتعدى وصفه مستهلكا ليس إلا.
ب- خصائص الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام
و يمكن رد خصائص هذا الالتزام إلى العمومية و الوقائية و الاستقلالية إلى معايير التفرقة بين التزام و آخر، وهي النطاق(1) و الهدف(2) و النشأة(3)، و ذلك على النحو التالي:
- الخاصية الأولى: من حيث النطاق، هو التزام يتصف بالعمومية
هو التزام سابق على ابرام جميع أنواع العقود، فهو ليس التزاما خاصا بعقد معين، إلا أن التطبيق العملي أفرز أهمية وجوده في بعض العقود، أكثر من بعضها الآخر، و مثالها تلك التي محلها أشياء معقدة فنيا، أو ينطوي استعمالها على خطورة ما، عملا على تحقيق الفائدة المرجوة منها، و حفاظا على أمن و سلامة المستهلكين[55].
- الخاصية الثانية: من حيث الهدف، هو التزام ذو طبيعة وقائية
إن النشأة القضائية لهذا الالتزام تحمل في طياتها الأهداف المرجوة من تقريره، و هي العمل على حماية العقود في المستقبل من مقومات الانهيار و دواعي الإبطال، و ذلك في ضوء ما تكشف لهذا القضاء من عوامل باتت تهدد هذه العقود في أمر سلامتها و استقرارها، و هذا ما يعكس الدور الوقائي لهذا الالتزام في مجال العقود، إذ أن أداء المدين لالتزامه بالإعلام قبل التعاقد، يؤدي إلى تنوير رضا الطرف الآخر، الأمر الذي يؤدي إلى تفادي الحكم بإبطال العقد خاصة في مجالي الغلط و التدليس[56].
- الخاصية الثالثة: من حيث النشأة، هو التزام مستقل
و هو ما أكده بعض الفقه[57] من خلال اعتبارهم أن الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام التزام مستقل، يقع على عاتق من ينوي التعاقد مع غيره، و هو لا يقوم لحماية رضا الطرف الآخر، بل لتحقيق التكافؤ بين الطرفين، اعمالا لمقومات العدالة العقدية.
الفقرة الثانية: مبررات الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام و طبيعته القانونية
و سنحاول تبعا لذلك بحث مبررات الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام(أولا)، و كذا تحديد طبيعته القانونية(ثانيا)
أولا: مبررات الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام
لا يستقيم الاعتراف بنشوء التزام ما-إن جاز هذا التعبير- دون أن يكون مصحوبا بمبرراته. و لذلك فإن مبررات نشوء التزام جديد في ظل أي نظام قانوني، إنما يجب أن يستند إلى واقع عملي يكون قد شهد تفاعلا بين النصوص القانونية المعمول بها في مجال معين، و بين معاملات الأفراد الدائرة في هذا المجال بصورة أسفرت عن وجود ملامح لقصور في تطبيقها، إلى حد ينبغي معه ضرورة القيام بمعالجته.
وكان طبيعيا أن يكون محراب القضاء خير شاهد على تداعيات هذا التفاعل التي تنامت إلى درجة أصبح يتهدد معها مبدأ سلامة العقود، و لعل ذلك ما يبرر النشأة القضائية للالتزام قبل التعاقدي بالإعلام[58].
بذلك سنحاول بحث كل من المبررات الواقعية و القانونية للالتزام قبل التعاقدي كل على حدة:
- المبررات الواقعية[59]
لا يشك أحد في تأثير تحولات النظام الاقتصادي على تطوير القانون الوضعي. فإذا كان الإطار المادي و الإنساني الذي نشأ في ظله القانون الوضعي المغربي يختلف عن الإطار الذي يوجد فيه اليوم، فإن الضرورة تدعوا إلى تكييف هذا القانون مع الحقائق الجديدة خوفا من تخلفه عنها و نعته بالقصور.
و بالفعل، فبالإضافة إلى الأشكال التقليدية التي يتم التعاقد بها ظهرت عقود جديدة، و تقنيات للتعامل القانوني لم تكن معروفة من قبل نتيجة التطور العلمي و الاقتصاد المذهل الذي أصبح معه العالم اليوم، و من ثم حل مجتمع الوفرة محل مجتمع الحاجة[60].
و قد أشارت الدراسة إلى أن مبررات نشوء التزام جديد بصفة عامة يجب أن تستند إلى وقائع لها صفة الحداثة، و فيما يتعلق بالالتزام قبل التعاقدي بالإعلام، نجد أن التطور العلمي و التقدم التكنولوجي أديا إلى اختراع العديد من الآلات و الأجهزة التي ساعدت على وجود كم هائل و متدفق من السلع و الخدمات المعقدة فنيا، فأصبح المستهلك في مواجهة العديد من المنتجات ذات التقنيات العالية و الحديثة. و هو ما أدى إلى وجوب تزايد في درجة التفاوت في المعرفة بشكل ملحوظ بين منتجي هذه السلع و مستهلكيها، حتى أصبح في حكم المستحيل على أي متعاقد أن يدعي علمه بكافة التفاصيل و الدقائق الفنية في مثل هذه العقود. كما أصبحت الاستفادة من المعلومات المتعلقة بالسلع و الخدمات حكرا على المستهلك الأكثر وعيا و احترافا.
لذلك كان اهتمام القضاء بالبحث عن وسيلة يعيد بها هذا التوازن المفقود في العلم بين المتعاقدين، خاصة في المرحلة قبل التعاقدية، لأهمية ذلك في حماية المستهلك لدى اقباله على التعاقد[61].
ب- المبررات القانونية
أشارت الدراسة إلى أن محل الحماية في المرحلة قبل التعاقدية هي الإرادة، وكانت الحماية بطريقة محددة و دقيقة، عملا على استقرار المعاملات، إلا أن ذلك أدى بصورة غير مباشرة إلى تضييق في نطاقها، و تشديد في الشروط اللازمة لتطبيقها مما نتج عنه صعوبة في إثباتها، و بالتالي لم تتحقق النتائج المرجوة منها و كان ذلك هم القضاء أيضا في البحث عن وسيلة قانونية جديدة يساهم بها في تحقيق حماية موضوعية للمستهلك في المرحلة قبل التعاقدية، و يواجه بها الفروض التي تعجز فيها نظرية عيوب الإرادة عن بسط حمايتها عليها[62].
وفي هذا الصدد فقد ذهب لعض الفقه إلى أن تقرير الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام من شأنه أن يعالج بعض أوجه القصور التي قد تعتري نظرية عيوب الإرادة، خاصة فيما يتعلق بإمكانية رجوع المتعاقد الدائن بهذه المعلومات بالتعويض على المتعاقد الآخر، لدى إخلاله بالالتزام بتقديم المعلومات الجوهرية المتصلة بالعقد المراد إبرامه، و ذلك وفقا للقواعد العامة في المسؤولية المدنية[63].
ثانيا: الطبيعة القانونية للالتزام قبل التعاقدي بالإعلام
من المسائل التي أثارت جدلا طويلا في الفقه هو تحديد الطبيعة القانونية للالتزام قبل التعاقدي بالإعلام، فمنهم من يذهب إلى أن هذا الالتزام يستمد وجوده من العقد و منهم من ينكر الطبيعة العقدية لهذا الالتزام و يقول بأنه يستمد وجوده من مصادر أخرى ليس من بينها العقد[64].
و قد أشارت دراسة ماهية الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام إلى أن المعلومات المطلوب الإدلاء بها في هذه المرحلة تهدف إلى تنوير رضا الأطراف المقبلة على التعاقد المطلوب الإدلاء بها في هذه المرحلة تهدف إلى تنوير رضا الأطراف المقبلة على التعاقد من خلال الوقوف على مدى ملاءمة شروط العقد و جدواه في إشباع رغباتهم التي يرمون إليها، و ذلك تمييزا لها عن المعلومات المطلوب تقديمها بعد إبرام العقد و أثناء تنفيذه.
ولا نجد من ينكر الطبيعة العقدية للالتزام بتقديم المعلومات بعد التعاقد، إنما الخلاف يثور حول الطبيعة القانونية له في الفترة قبل التعاقدية. و يرجع هذا الاختلاف إلى الخلاف حول المصدر الذي ينشأ عنه هذا الالتزام، فمن رأى أن هذا الالتزام يستمد وجوده من العقد اللاحق عليه، نظر إليه على أنه ذو طبيعة عقدية، و من رأى أنه يجد ذلك في مصادر أخرى، كالمبادئ العامة للقانون، أو في نصوص القانون نفسه، فإنه ينظر إليه حينئذ بوصفه التزاما قانونيا غير عقدي[65]. و سنحاول تبعا لذلك الحديث عن كل موقف و بيان مبرراته:
- الطبيعة العقدية للالتزام قبل التعاقدي بالإعلام
و يستند أنصار هذا الرأي(الفقيه اهرنج الألماني) إلى نظرية الخطأ في تكوين العقد، التي تعتبر أن الالتزامات السابقة على التعاقد التزامات عقدية تأسيسا على قيام المسؤولية العقدية كأثر للأخطاء التي تقع بمناسبة ابرام العقد، أو تلك التي حالت دون انعقاده، بافتراض وجود عقد سابق على العقد الأصلي، عبارة عن عقد ضمان مفترض لكل متعاقد، يعد مصدرا لهذا الالتزام و هو ما يأخذ به القانون السويسري[66].
وفي إطار هذا الاتجاه ذهب بعض الفقه إلى أنه من الناحية العملية، و وصولا إلى تحقيق حماية أكثر موضوعية للمستهلك، ينبغي أن نؤثر الطبيعة العقدية للالتزام قبل التعاقدي بالإعلام، لما يؤدي ذلك من إمكانية الاستفادة بقواعد الإثبات المعمول بها في المسؤولية العقدية، إذ أنه يكتفى حينئذ حتى تتقرر مسؤولية المدين بهذا الالتزام، قيام الدائن بإثبات أمر عدم تنفيذه، كما أنه من الناحية الواقعية ينبغي في مجال الالتزام بالمعلومات إهمال التفرقة بين الالتزام العقدي و الالتزام غير العقدي، و التي لا تستند إلى أساس من الواقع، و أنه من الأفضل بسط الطبيعة العقدية على كل منهما[67].
ب- الطبيعة غير العقدية للالتزام قبل التعاقدي بالإعلام
و يستند أنصار هذا الرأي إلى أن الرضا الذي هو أحد أركان العقد لم يتحقق بعد، حيث أن الالتزام بالإفضاء قبل التعاقدي يتم في مرحلة سابقة على التعاقد، و بالتالي فليس من المعقول أن ينشأ فرع قبل نشوء أصله أو أن ينشأ التزام قبل نشوء مصدره، فالعقد لم يبرم حتى يمكن القول بأن هذا الالتزام هو التزام تعاقدي[68].
و يذهب أنصار هذا الرأي إلى أن المسؤولية الناشئة عن الإخلال بالالتزام قبل التعاقدي بالإفضاء هي مسؤولية تقصيرية[69]، تقوم بحكم القانون و ليس على أساس التصرف الباطل و هذه المسؤولية تستوجب التعويض كأثر ناتج عن العقد الباطل، و لكن بوصفه واقعة مادية و ليس باعتباره عقدا، و من ثم يجب إثبات جميع أركان المسؤولية التقصيرية[70].
ففيما قيل بشأن وجود عقد مفترض لكل عقد أو تعهد تعاقدي يسبق عملية التعاقد، فقد رد أنصار هذا الرأي بأنه فضلا عن عدم وجود ما يدل على تعهد تعاقدي يسبق عملية التعاقد، فإن افتراض وجود مثل هذا التعهد السابق يضر أكثر مما ينفع، فالتعهد السابق سوف يعد تعهدا ثانويا و تابعا للتعاقد الأصلي مما يعني بطلانه في حالة بطلان العقد الأصلي، و هو الأمر الذي يهدر كل قيمة موضوعية لهذا الالتزام في تحقيق حماية المستهلك[71].
أما بالنسبة لما أثير حول نظرية الخطأ في تكوين العقد، فإنهم يرون أن الخطأ السابق على التعاقد ينفصل عن العقد، ولا يمكن توقيع جزاء بشأنه إلا من خلال أحكام المسؤولية التقصيرية، و ليس أحكام المسؤولية العقدية[72].
المطلب الثاني: شروط الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام و محله
و سنحاول في هذا الصدد بحث و دراسة شروط الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام(الفقرة الأولى)، و كذا محله(الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: شروط الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام
أشارت الدراسة إلى أن الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام، التزاما إلى الآن لم يجد له مصدرا عاما مباشرا من نصوص القانون، لذلك اجتهد كل من الفقه و القضاء في بيان شروطه التي يقوم عليها. و التي تتحدد إجمالا لما نكون بصدد عقد يتضح فيه وجود اختلال في المراكز العقدية بين طرفيه، فيما يتعلق بالمعلومات الواجب توافرها قبل أو أثناء التعاقد، بصورة أدت إلى وجود عدم التكافؤ بينهما في مستوى العلم و المعرفة بالعناصر الجوهرية المتعلقة بهذا العقد، فهو عدم تكافؤ تتحقق فيه حيازة أحد الطرفين المقبلين على التعاقد لمعلومات هامة يجهلها الطرف الآخر، رغم أنها ذات تأثير كبير على رضائه. وهو ما يدل بمفهوم المخالفة على أنه إذا لم يكن هناك اختلالا في مستوى العلم و المعرفة بين الأطراف المقبلة على التعاقد، فليس هناك حاجة ملحة لتقرير الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام في هذه الحالة[73].
و تطبيقا لذلك قضت محكمة النقض الفرنسية في إحدى قراراتها، بأن البائع لمنتج من المنتجات التي تحمل اسما خاصا بها، لا يكون ملتزما بأن يرفق طريقة الاستعمال في مواجهة شخص المشتري، الذي يجب عليه بحكم صفته المهنية أن يعرف جيدا صيغة هذا الاستعمال إذا كان بوسعه أو بإمكانه أن يستعلم عنها[74].
و هو ما يتضح معه أن الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام يجد شروط قيامه، في جهل المستهلك بالمعلومات و البيانات العقدية اللازمة لإبرام العقد(أولا)، إضافة إلى علم المورد أو المهني بهذه المعلومات (ثانيا).
أولا: جهل المستهلك بالمعلومات و البيانات العقدية اللازمة لإبرام العقد
من الأهمية بمكان عملا على استقرار المعاملات، و حتى لا يكون تقرير مثل هذا الالتزام دعوة إلى تخاذل الدائن في الحصول على المعلومات المؤثرة و الأساسية فيما يتعلق بالعقد المراد إبرامه، أن يكون هناك ما يحول دون إلمام هذا الدائن بتلك المعلومات، حتى يعتد به كشرط لقيام هذا الالتزام، و هو ما يعبر عنه بأنه يجب أن يكون هذا الجهل مشروعا، و هو ما عبرت عنه محكمة النقض الفرنسية برفضها إبطال العقد للكتمان التدليسي، استنادا إلى أن المتعاقد كان يتعين عليه الاستعلام بنفسه عن البيانات المطلوبة[75].
في هذا السياق يرى بعض الفقه أنه لا يجوز أن يتذرع المستهلك بالجهل في أية حالة ليلقي على التاجر المحترف التزاما بالإفضاء بالمعلومات و يحمله جزاء الإخلال به، إذ يجب على كل متعاقد أن يبذل جهدا معقولا في التحري عن البيانات و المعلومات المتعلقة بالعقد الذي يريد إبرامه عن طريق الاستعلام، تطبيقا لقاعدة ” من أراد أن يعلم فعليه أن يستعلم” أو أنه ” ليس من خطأ في عدم إخطار شخص بشيء لا يهمه بدليل أنه لم يهتم بالاستفسار عنه”، إلا أن الاستعلام تقل أهميته كلما تفاوتت القدرة الفنية لأطراف العقد لاسيما في عقود التجارة الإلكترونية فالاستعلام يتطلب ممن يستعلم أن يكون قادرا على تقدير أهمية المعلومة، و هذا ما لا يتحقق غالبا مع المستهلك فهو ليس عارفا بما يتم التعاقد عليه و من ثم فإن الالتزام قبل التعاقدي بالإفضاء يتسع لأقصى مدى في عقود التجارة الإلكترونية، فمثل هذا المستهلك لا يمكن افتراض علمه بأية بيانات عم محل العقد، و من ثم قدرته على الاستعلام عنها[76]. إلا ان هذا لا يعني عدم وجود الالتزام بالاستعلام من جانب المستهلك، فالتاجر المحترف لا يلتزم إلا بتقديم المعلومات المهمة، أما المعلومات غير المألوفة في أهميتها فلا يلتزم بتقديمها ما لم يستعلم عنها المستهلك، كما لو كان لهذا الأخير أغراض خاصة غير مألوفة لاستعمال الشيء محل العقد[77].
و هكذا يظهر أن قيام الالتزام بالإعلام، يرتبط بالجهل المشروع للمعلومة من طرف الدائن، و يتحقق هذا الجهل المشروع في حالتين: من جهة، عندما لا يكون بإمكان الدائن معرفة المعلومة أي في الحالة التي يستحيل عليه معرفتها، و من جهة ثانية لما تكون لأحد المتعاقدين ثقة مشروعة في التعاقد[78].
و عليه، سنحاول تبعا لذلك، دراسة كلا الحالتين التي يتحقق فيها الجهل المشروع للمستهلك:
- الجهل المستند إلى استحالة العلم
إن استحالة العلم من قبل المستهلك بالبيانات العقدية اللازمة لإبرام العقد قد ترجع إلى الشيء محل العقد و تسمى الاستحالة الموضوعية، و قد ترجع إلى شخص المستهلك نفسه و تسمى بالاستحالة الشخصية[79].
- الاستحالة الموضوعية
و يقصد بها تلك الحالات التي يستحيل فيها على المستهلك أن يحيط علما بالبيانات و المعلومات المتعلقة بالشيء محل العقد من حيث وضعه القانوني أو المادي أو طريقة استخدامه. و من أهم صور الإستحالة الموضوعية في عقد البيع مثلا: هو حيازم البائع أو المنتج للسلعة محل التعاقد بشكل لا يتمكن معه المستهلك من معرفة خصائصها و أوصافها على نحو ينير بصيرته و يجعله في وضع يستطيع اتخاذ القرار بالتعاقد أو عدم التعاقد إذ أن الفحص الذي يقوم به المستهلك في هذه الحالة يتسم بالسطحية و من ثم يتحقق الإخلال بمبدأ المساواة في العلم[80].
- الاستحالة الشخصية
و يقصد بها استحالة العلم بالبيانات محل الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام لأسباب تتعلق بشخص الدائن الذي ينشأ له حينئذ حق يقابله التزام الطرف الآخر بإمداده بالبيانات قبل أو أثناء ابرام العقد[81].
و تجد الاستحالة الشخصية خير تطبيق لها، عندما يكون المقبل على التعاقد عديم الدراية أو قليل الخبرة بموضوع المعاملة[82] إلى الحد الذي لا يمكنه من الإحاطة بهذه المعلومات أو استيعاب مضمونها بمفرده، حيث ينطبق عليه حينئذ وصف غير المهني أو غير المحترف فيما يتعلق بمجال المعاملة، و هو ما يتطابق تماما مع ظروف المستهلك[83].
لكن التساؤل الذي يثار هنا حول طبيعة المعيار الذي يجب الاعتداد به لقياس الاستحالة الشخصية للعلم بالبيانات، هل هو معيار شخصي يتم في مراعاة أحوال الشخص المقبل على التعاقد من حيث كفاءته أو قدرته في الحصول على المعلومات أو هو معيار موضوعي يتم فيه تقدير أسباب عدم العلم طبقا لمعيار الرجل المعتاد في ضوء اعتبارات مجردة ؟[84].
و تتجلى فائدة و أهمية التمييز بين هذين الاتجاهين في مجال عبء الإثبات، حيث أنه بمقتضى الأخذ بالمعيار الذاتي يكون عبء إثبات الظروف و الملابسات التي تمثل قوام هذا المعيار على الدائن، بينما يقع عبء إثبات علم الدائن بالبيانات العقدية اللازمة وفق المعيار الموضوعي على المدين[85] .
و يقصد بالمعيار الذاتي في تقدير أسباب الاستحالة الشخصية للعلم بالمعلومات و البيانات العقدية كشرط لقيام الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام، ذلك المعيار الذي بحسبه يكون تقدير الظروف الشخصية للطرف المقبل على التعاقد، فيما يتعلق بخبرته و كفاءته و درايته في مجال المعاملة، و قد أيد القضاء الفرنسي في بعض أحكامه الأخذ بهذا المعيار لدى تقديره لمدى مشروعية عدم علم المتعاقد الدائن بالالتزام بالإدلاء بالمعلومات اللازمة لإبرام العقد، حيث قضى بالاعتداد بسن الغالط أو عدم تجربته[86]، و أيضا بمدى جدارته أو كفاءته أو درايته الخاصة[87].
إلا أنه و إن كان الأخذ بهذا المعيار الذاتي يضمن للدائن في هذا الالتزام، و في جميع الأحوال تحقيق قدر وافر من المعرفة بصورة تساهم في العمل على تنوير إرادته و تصحيح رضائه، فإنه من ناحية أخرى قد يؤدي الأخذ به على إطلاقه إلى تخاذل الأفراد المقبلين على التعاقد، خاصة دوي الخبرات البسيطة منهم عن السعي لاكتساب القدر اللازم من المعلومات و البيانات المتعلقة بالعقد المراد إبرامه، واضعين نصب أعينهم، الالتزام قبل التعاقدي الملقى على الأطراف الأخرى من ذوي الخبرة، الأمر الذي يؤدي على المدى الطويل إلى تقويض عزائم الأطراف دوي الخبرة عن التعاقد كأثر لالتزامهم المستمر بأداء معلومات إلى غيرهم كان بوسعهم الاستعلام عنها من خلال بذل قدر معقول من المجهود.
و كان من نتيجة ذلك الالتجاء إلى المعيار الموضوعي لتقدير أسباب الاستحالة الشخصية و الذي يمكن من خلاله البحث عن بعض الأسس الموضوعية المجردة لتقدير مدى قيام هذا المتعاقد الدائن بدوره هو الآخر في تنفيذ التزامه بالاستعلام، رغبة في معالجة الآثار التي قد تترتب على الأخذ بالمعيار الذاتي، خاصة تلك التي تتعلق بمصلحة المدين بهذا الالتزام، الذي يكتفي حال الأخذ بالمعيار الموضوعي قيامه بإثبات علم الدائن بهذه المعلومات وفقا لمعيار الرجل المعتاد، وصولا إلى إثبات أمر قيامه بتنفيذ التزامه قبل التعاقدي بالإعلام. إلا أن ذلك قد يؤدي من ناحية أخرى إلى احتمال الإضرار بالطرف الآخر، وهو الدائن بهذا الالتزام، و الذي قد تمنعه ظروفه الخاصة، أو أسبابه الشخصية من الاستعلام، و في هذا إجحاف بحقه في المعرفة و العلم اللازمين لتنوير رضائه لدى الإقبال على التعاقد[88].
و يبدو أن الفقه و القضاء الفرنسيين قد أخذا بمعيار مزدوج يجمع بين الذاتي و الموضوعي[89]، حيث ذهبت محكمة النقض الفرنسية في حكم صادر عنها إلى التمييز بين الدائن بهذا الالتزام من حيث كونه محترفا أو غير محترف، إذ أن المحترف يفترض به أن يكون ذا إلمام جيد ببيانات العقد المراد إبرامه و من ثم تشديد مقدار العناية المطلوبة منه لدى قيامه بواجب الاستعلام فقررت أنه( إذا كان من الممكن التساهل مع المكتسب إذا كان شخصا عاديا فإنه على العكس بالنسبة للمحترف حيث يعتبر جهله في هذا الصدد غير مغتفر)[90].
غير أن محكمة النقض الفرنسية في أحكام أخرى لم تعف المدين بهذا الالتزام في حالة يكون في مواجهة طرف محترف، إذ قررت في دعوى نظرتها تتعلق بشخص غير محترف باع سيارة مستعملة لصاحب معرض سيارات دون أن يفضي إليه بأن بائعها الأصلي سبق له أن أعاد عداد الكيلومترات الخاص بالسيارة إلى الصفر فقررت أنه (أنه من تعاقد مع شخص محترف لا يعفى من الإفضاء بالمعلومات التي في حوزته و التي من شأن تخلفها أن يفسد رضاء هذا المتعاقد الآخر[91].
ب- الجهل المستند إلى اعتبارات الثقة المشروعة
هناك طائفة من العقود تستند في قيامها إلى اعتبارات الثقة الشخصية البحتة و التي تحول العقد من مجرد حقوق و التزامات متبادلة إلى نوع من الشركة موحدة المصالح[92]، بحيث قد توجد اعتبارات خاصة لدى الشخص المقبل على التعاقد تصرفه عن القيام بواجب الاستعلام عن المعلومات و البيانات العقدية اللازم توافرها لديه، قبل أو أثناء إبرام العقد- وإن ام يستحل عليه ذلك- و يكون ذلك بسبب ما تولد لديه من ثقة في شخص الطرف الآخر، مقتضاها قيام الأخير من تلقاء نفسه بأداء التزامه قبل التعاقدي بالإعلام أداءا كاملا و واضحا، و قد أطلق على هذه الاعتبارات اعتبارات الثقة المشروعة[93].
في هذا المقام ذهب بعض الفقه الفرنسي[94] للقول بأن أحد الطرفين عندما يضع ثقته في قرينه، فليس في حاجة إلى إثبات أنه كان يستحيل عليه أن يستعلم من تلقاء نفسه، إذ إنه ينتظر من هذا الأخير أن يقدم له كافة البيانات الضرورية.
وفي ذات السياق يرى بعض الفقه بأن عد العقد من عقود الثقة المشروعة من شأنه تحويل الالتزام قبل التعاقدي بالإفضاء من التزام طبيعي بدون جزاء إلى التزام قانوني بالمعنى الصحيح[95].
و غني عن البيان أن هذا النوع من أنواع الثقة يخلف كلية عن اعتبارات حسن النية التي يجب أن تسود المعاملات في مختلف مراحلها، سواء ما تعلق منها بمرحلة المفاوضات أم تعلق بمرحلة المفاوضات أم تعلق بمرحلتي إبرام العقود و تنفيذها[96].
و يذهب بعض الفقه في هذا الصدد إلى أن المقصود بالثقة التي تحدث هذا الأثر، ليس مجرد واجب حسن النية في صورته البسيطة، و إنما هي ثقة خاصة تقود صاحبها إلى عدم الشك في سلامة موقف قرينه[97].
هذا و تقوم اعتبارات هذه الثقة المشروعة، إما بسبب طبيعة العقد، أو بسبب توافر صفة معينة في الأطراف المقبلة على التعاقد:
- الثقة المشروعة القائمة على طبيعة العقد
توجد بعض العقود لا تتعارض فيها بحسب الأصل مصالح أطرافها، و إنما يكون التزام كل طرف فيها مكملا لالتزام الطرف الآخر في مواجهة الغير، حيث يتحول العقد من مجرد حقوق و التزامات إلى نوع من العلاقة موحدة المصالح[98]، و مثال ذلك العقود التي تقوم على فكرة النيابة كعقد الوكالة، و تلك العقود التي تقوم على الاعتبار الشخصي كعقدي الشركة و العمل، و يكون طبيعيا أن يتوالد قدر من الثقة بين أطراف هذه العقود، إعمالا لوحدة الهدف و للاعتبارات السابق الإشارة إليها[99]. فالوكيل مثلا يلتزم بمقتضى عقد الوكالة بتمثيل موكله و إعلامه بالبيانات و المعلومات كافة التي يتوصل إليها أثناء مباشرته و تنفيذه لعقد الوكالة، فالموكل لا يضع ثقته في الوكيل فقط، و إنما يحله محل إرادته في تصرف جائز معلوم، و بالتالي فليس من المقبول أن يقوم بخيانة الثقة التي أو لاها إياه موكله ثم يعود و يدعي أن الموكل هو الذي قصر في رعاية شؤونه و في الاستعلام و التحري عن مصالحه[100].
و إن بعض الفقه[101] لما جعل عقد التأمين ضمن طائفة العقود التي يتوافر فيها قدر من الثقة بين طرفيها بما يحول دون قيامها بالاستعلام عن البيانات و المعلومات الضرورية قبل إبرام العقد فإنه قد جانب الصواب، و ذلك لتعارض المصالح التي يرمي كل منهما إلى تحقيقها رغم أن عقد التأمين هو المجال الطبيعي لتطبيق مبدأ حسن النية عند إبرامه و هو ما يؤيد وجهة النظر في التمييز بين اعتبارات الثقة المشروعة و بين اعتبارات حسن النية[102].
و المقصود في هذا الصدد ليس مجرد إفضاء الوكيل للموكل بالمعلومات المتعلقة بالوكالة، بل تحميل الوكيل الالتزام قبل التعاقدي بالإفضاء بالمعلومات المتعلقة بإبرام العقد، و لذلك حكم القضاء الفرنسي بإبطال العقود كافة التي يبرمها الوكيل خفية لحساب نفسه باسم الموكل دون إعلامه بذلك على أساس الكتمان التدليسي[103].
كما قضى ببطلان عقد الشركة على أساس الكتمان التدليسي، لإخفاء الشريك صفته كمفلس مما يجعل من المستحيل عليه تقديم حصته العينية أو النقدية[104].
- الثقة المشروعة المستندة إلى صفة أحد المتعاقدين
و هذا النوع من الثقة هو المجال الخصب لقيام الالتزام قبل التعاقدي بالإفضاء لاسيما بالنسبة للعقود التي يبرمها المستهلك مع المحترف، فنحن في مثل هذا النوع من العقود إزاء علاقة غير متكافئة. فهناك طرف قوي يقابله طرف ضعيف-إن جاز التعبير- و من ثم أصبح المستهلك ينظم إلى هذا النوع من العقود معتمدا على أمانة المتعاقد و ثقته التي أولاه إياها بسبب صفته المهنية ككونه صانعا أو بائعا محترفا، حيث يقرر شراح القانون المدني أن صفة الاحتراف في أحد المتعاقدين من أبرز العوامل التي تلقي عليه عبء الإفضاء بالبيانات اللازمة لتنوير رضاء المتعاقد الآخر و لإعادة التوازن إلى العقد من ناحية أخرى[105]. كما و تجد هذه الثقة مجالها في تطبيقات أخرى من قبيل الثقة المشروعة في تعاملات ذي القربى أو تلك التي تتوفر حال قيام موظف بالإدلاء بمعلومات حول العقد في نطاق اختصاصه[106].
فقد تتوافر الثقة المشروعة التي تبرر جهل المتعاقد الدائن بالمعلومات اللازم توافرها لديه لدى الإقبال على التعاقد، كأثر لممارسة الطرف الآخر، أو الغير لسلطات وظيفية مقتضاها الإدلاء بمعلومات أو بيانات تتعلق بظروف التعاقد أو محله بشكل أدى إلى اطمئنان الدائن لهذه البيانات سواء من حيث كفايتها، أو من حيث صحتها، الأمر الذي يصرفه عن الاستعلام عن أي معلومات أو بيانات متماثلة من مصادر أخرى[107].
ثانيا- علم المهني بالمعلومات
في وقت استم بظاهرة التعقيد و تعدد أطراف التعاقد و سرعة إبرام العقود، فإنه من الطبيعي و المشروع الاعتراف بضرورة فرض التزام بالإعلام يقع على كل من يتوفر على معلومة من شأنها أن تؤثر في رضا المتعاقد الآخر، فإن هذا الالتزام بالإعلام لا يفرض فقط أن يكون أحد الأطراف على علم بالمعلومة، بل أيضا بأهميتها و تأثيرها بالنسبة للطرف الآخر[108].
و عليه سنحاول تبعا لذلك دراسة كل من شرط معرفة المهني بالمعلومة(أ)، و كذا معرفته لأهميتها بالنسبة للطرف الآخر(ب).
- معرفة المهني بالمعلومة
مبدئيا، حتى يلزم المتعاقد بنقل المعلومة إلى المتعاقد الآخر، فإنه من الضروري أن يكون على علم بهذه المعلومة، أو يجب عليه أن يكون على علم بها[109].
فالالتزام بالإعلام، يجد مصدره كما هو معلوم في عدم المساواة و المعرفة التي غالبا ما تنطلق بدورها من عدم المساواة في القدرة و الإمكانيات، هذه الأخيرة التي تجد مجالها أو مرتعها الخصب في العلاقات بين المحترفين و المستهلكين، وفي هذا الإطار غالبا ما تشكل صفة الاحتراف التي تكون للمدين أهمية كبيرة للقول بوجود هذه المعرفة، ذلك أنه و نظرا للإمكانيات الفنية و الاقتصادية المتوفرة لهؤلاء المحترفين، فإنه يكون من المفروض فيهم أن يكونوا على علم في مجال اختصاصهم بمجموعة من المعلومات التي يكون من شأنها أن تؤثر في رضا المستهلكين، فهم يتوفرون في هذا المجال على معرفة كبيرة و على تقنية عالية يكونون ملزمين بنقلها إلى زبنائهم، و هذا ما يفرض على المحترفين تحيين معلوماتهم من أجل أن يكونوا على علم باستمرار بالتطورات الحاصلة في مجال اختصاصهم حتى يكونوا في مستوى إعلام المتعاقدين معهم بكل ما من شأنه أن ينير رضاءهم[110].
و في هذا الإطار جاء في قرار الغرفة المدنية الأولى لمحكمة النقض الفرنسية الصادر بتاريخ 19 يناير 1977 أنه” لا يمكن لصاحب المرأب نظرا لصفته الاحترافية أن يجهل أن عداد الكيلومترات يشير إلى رقم يقل بكثير عما قطعته السيارة الحقيقية[111]. بحيث أصبحت قرينة العلم، قرينة قاطعة في حق المحترفين عندما يتعلق الأمر بمسائل تدخل في مجال اختصاصهم، و هو ما يفسر نقض محكمة النقض الفرنسية لهذا القرار الذي يعترف بجهل المحترف للمعلومات التي تدخل في صلب مهنته.
و بالتالي ينتج عن وجود هذا الواجب بالبحث عن المعلومة من أجل الإعلام، تشديد فرض الالتزام بالإعلام، ذلك أنه لا يكفي أن يلتزم المحترف بنقل المعلومات التي يكون على علم بها للطرف الأخر، بل يجب عليه فوق ذلك أن يتحرى منتهى الدقة في أداء الخدمة المطلوبة، و أن يبذل قصارى جهده في الوصول إلى المعلومات التي من شأنها أن تنير رضا المستهلك و تجعله يقدر العملية التي يقدم عليها تقديرا جيدا، و بذلك فإنه حتى ولو كان هذا المحترف يجهل المعلومة، فهو يكون ملزما بالبحث عنها بهدف تقديمها للمتعاقد الآخر[112].
ب- معرفة المهني لأهمية المعلومة بالنسبة للمتعاقد الآخر
إن حيازة المدين للمعلومات المؤثرة و الجوهرية في التعاقد، في نفس الوقت الذي يستحيل فيه على الدائن أو المستهلك الإتيان بها أو استيعابها بمفرده، فرض من شأنه أن يخلق واقعا مؤداه عدم قدرة هذا المستهلك على الإلمام بهذه المعلومات و الإحاطة بها سوى عن طريق هذا المدين[113]، و بالتالي فإنه لا يمكن متابعة متعاقد بخرقه للالتزام بالإعلام إلا إذا كان يعرف أو يجب عليه أن يعرف أهمية المعلومة التي قام بإخفائها بالنسبة للمتعاقد الآخر، و مبدئيا يعود لكل طرف أن يبز للطرف الآخر الأهداف التي يتوخاها من العقد، و من ثمة يكون على كل متعاقد، خلال مرحلة التفاوض، أن يفصح عما ينتظره من العقد وما سيقدمه مقابل ذلك، ومن الطبيعي فإن من ينتظر من العقد نتيجة خاصة لا تنتج مباشرة عن العقد و عن طبيعته، يكون عليه أن يظهرها و يفصح عنها للمتعاقد الآخر[114].
و هكذا إذا كان المتعاقد ينتظر من الخدمة أو الشيء محل العقد مزية أو فائدة خاصة(une utilisé particulière)، فإنه لا يمكن مؤاخذة الطرف الآخر على عدم تنفيذ التزامه بالإعلام، إذا كان الأول لم يحط الثاني علما بما ينتظره، حيث يكون على من ينتظر من العقد منفعة خاصة أن يعلم الآخر بما ينتظره[115]
و نتيجة لذلك، إذا لم يتم تحديد ما ينتظره المتعاقد من العقد فإنه يكون بإمكان الطرف الآخر أن يدعى بصفة مشروعة بأن عدم إفصاحه عن تلك المعلومة إنما يرجع لجهله بمدى أهميتها بالنسبة للمتعاقد الآخر[116].
و مما تجدر الإشارة إليه في هذا الصدد أن القضاء المغربي اعتمد هذه الشروط للقول بوجود مسؤولية المدين بالإعلام من عدمها، و ذلك في قرار متميز صادر عن محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء، بتاريخ 29 يناير 2009، و الذي جاء في حيثياته أنه” و حيث أن الالتزام بالتبصير أو الإعلام أو النصيحة هو التزام المتعاقد عن عدم إخفاء معلومات أو بيانات لها أهميتها، و تم إخفاؤها، لو كان الطرف الآخر على علم بها، ما أقدم على التعاقد، و يكون بذلك الإخلال بواجب التبصير عيبا يطال رضى المتعاقد[117].
الفقرة الثانية: محل الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام
من موجبات تقرير الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام، قيام أحد الطرفين المقبلين على التعاقد بتقديم معلومات و بيانات حول مضمون و تفصيلات العقد المزمع إبرامه إلى الطرف الآخر، ليكون على بينة من أمره وهو بصدد تقرير أمر قيامه بالتعاقد[118]، و عليه يكون محل هذا الالتزام هو هذه المعلومات، و البيانات التي يقدمها أحد الطرفين للآخر قبل إبرام العقد، و يقاس مدى وفاء المدين بهذا الالتزام بمدى كفاية المعلومات المقدمة للدائن، و اللازمة لتنوير رضائه، و مفاد بصيرته، في المرحلة قبل التعاقدية، أو بمعنى آخر، عندما يكون لدى هذا الدائن قدر من المعرفة بعناصر التفاوض على نحو يتيح له إمكانية العدول عن التعاقد[119].
بهذا سنحاول تبعا لذلك، بحث و دراسة محل الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام على مستوى كل من الشريعة الإسلامية(أولا)، و القانون الوضعي (ثانيا).
أولا: محل الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام في الشريعة الإسلامية
و قد تعددت الأحاديث الشريفة التي تشير إلى تنوع محل الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام بما يشمل المعلومات و الأوصاف المادية للشيء محل العقد، و أيضا المعلومات التي تتناول طرق استخدامه.
- فيما يتعلق بالأوصاف المادية
فقد روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صل الله عليه و سلم إلى السوق فرأى طعاما مصبرا، فأدخل يده فيه فأخرج طعاما رطبا قد أصابته السماء، فقال لصاحبها :” ما حملك على هذا ؟ قال: و الذي بعثك بالحق إنه لطعام واحد، قال: أفلا عزلت الرطب على حدته، و اليابس على حدته فتتبايعون ما تعرفون، من غشنا فليس منا”[120].
كما روى عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صل الله عليه و سلم مر على صبرة طعام فأدخل يده فيها، فنالت أصابعه بللا، فقال: ما هذا يا صاحب الطعام، قال: أصابته السماء يا رسول الله، قال: أفلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس، من غشنا فليس منا”[121].
ووجه الاستدلال بهذين الحديثين: أن رسول الله صل الله عليه و سلم نهى عن قيام البائع بأي عمل من شأنه إخفاء الأوصاف المادية للشيء المعروض للبيع، بل يجب عرضه و تصنيفه على نحو يسمح للمستهلك بالوقوف على خصائصه الذاتية تمهيدا لتحديد موقفه بالنسبة لمدى إقباله على التعاقد[122].
ب- فيما يتعلق باستخدام الشيء و ملاءمته للغرض المخصص له
وفي هذا روى عن أبي السباع رضي الله عنه أنه قال: اشتريت ناقة من دار وائلة بن الأسقع، فلما خرجت بها، أدركني عقبة بن نافع، فقال: هل بين لك ما فيها؟ قلت: وما فيها، إنها لسمينة ظاهرة الصحة. فقال عقبة: و هل أردت بها سفرا أم أردت بها لحما؟ فقلت له: أردت عليها الحج. فقال لي عقبة: إن بخفها نقبا. فقال له صاحبها وائلة بن الأسقع: أصلحك الله أتريد أن تفسد على. فأجابه عقبة قائلا: لقد سمعت رسول الله صل الله عليه و سلم يقول:” لا يحل لأحد يبيع شيئا إلا بين ما فيه، ولا يحل لمن يعلم ذلك إلا بينه”[123].. و وجه الاستدلال بهذا الحديث أن النوق و هي من الأنعام تتعدد أوجه الاستفادة منها حيث يمكن ركبها أو أكلها أو الانتفاع منها و عليه يلزم البائع أن يراعي مدى تلاؤم محل البيع و وجه الاستخدام الذي يبتغيه منه المستهلك.
و مما تجدر الإشارة إليه في ذات السياق أن الأحاديث النبوية السابق ذكرها لم تحدد نطاقا للمعلومات التي يلتزم كل من طرفي العقد بالإدلاء بها للطرف الآخر، فإن أمر النبي صل الله عليه و سلم بواجب التبيين قد جاء خاليا من أي تحديد، ليتسع نطاق هذا الالتزام ليشمل كل ما يتعلق بالعقد من ظروف و ملابسات، بالقدر الذي يتحقق به الهدف المراد منه، وهو تبصير رضا الدائن بالعقد حتى يأتي تعاقده في ظل وجود إرادة حرة خالية من العيوب المبطلة لها، و هو ما يتطابق إجمالا مع الغاية من تقرير هذا الالتزام، و بذلك يستدل منها اقتران واجب التبيين بالصدق، هذا الاقتران الذي له أهميته البالغة في استقرار المعاملات، فإن المعلومات محل هذا الالتزام لا تكون ذا أثر في قرار المستهلك بالإقبال على التعاقد، إلا إذا كان هذا الإعلام صادقا. و وسيلة التبيين كما هو وارد في الأحاديث الشريفة تكون عن طريق الطرف الآخر في العقد المزمع إبرامه بوصفه حائزا للمعلومات محل هذا الالتزام[124].
ثانيا: محل الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام في القانون الوضعي
تكمن الحكمة من فرض التزام على عاتق المهني بتزويد المستهلك بكافة المعلومات و البيانات المتعلقة باستعمال المنتج في تمكين الأخير من تحقيق أقصى استفادة ممكنة من المبيع، بحيث يؤدي الغرض المقصود من شرائه على أكمل وجه[125]، فضلا عن حماية أمن المستهلك بتجنيبه مخاطر و مضار هذا الاستعمال[126].
و بالرجوع لمقتضيات القانون 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك، نجد أن المشرع المغربي يقرر مقتضيات قانونية تضمن حق المستهلك في الإعلام على مستوي كل من مرحلة التفاوض(قبل التعاقد) و كذا مرحلة التعاقد، و لما كانت دراستنا تخص فقط اٌلاتزام بالإعلام قبل التعاقدي، فإننا سنحرص بذلك إلى بيان محل الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام على مستوى كل من التشريع المغربي و المقارن.
- نطاق المعلومات محل الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام
يبدو غير ملائم إطلاق التزام المدين بالالتزام قبل التعاقدي بالإعلام بتقديم كافة المعلومات و البيانات المتوافرة لديه عن العقد إلى الدائن، فإنه إضافة إلى أن ذلك قد يستحيل عملا في ضوء تعدد هذه المعلومات و تنوعها، فإنه أيضا يمثل ارهاقا لهذا المدين، و هو الأمر الذي قد يصل به إلى الإحجام عن التعاقد، مما يؤدي إلى الإضرار بمصالح مجموع المستهلكين بشكل غير مباشر[127]. الأمر الذي يدفعنا للتساؤل، ماهي نوعية المعلومات التي تدخل في نطاق الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام ؟
لما كان الهدف من تقرير هذا الالتزام، العمل على تنوير رضا الطرف المقبل على التعاقد، فإنه فضلا عن وجوب أن تكون هذه المعلومات صادقة و كافية، فيه أيضا يجب أن تكون ذات طبيعة جوهرية[128]، فالمعلومات التي تتصف بهذه الصفة، يكون من شأنها أن تساعد من وجهت إليه على تكوين رأيه و إتخاذ قراره النهائي بصدد التعاقد الذي سيكون طرفا فيه[129].
و لعدم النص على المعلومات التي يلتزم المدين بالإدلاء بها في الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام، فإن تقدير مدى جوهرية هذه المعلومات من المسائل التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع، و يراعي في تقديره لها ظروف التعاقد و ما يحيط بها من دلائل و ملابسات[130]. غير أن المؤسسات التشريعية لم تبق الأمر على حاله بأن عملت على تحديد ما يلزم إعلام المستهلك به من معلومات من قبل المهني ضمانا لتنويره وسلامة رضائه، هذا التوجه الذي سار المشرع المغربي على نهجه شأن باقي التشريعات المقارنة و نخص بالذكر التشريع الفرنسي لما كان له سبق في إقرار مقتضيات تخص الالتزام بإعلام المستهلك. و عليه نتساءل، ماهي المعلومات محل الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام في التشريع المغربي و المقارن ؟
ب- المعلومات محل الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام
لقد أصبح حق الإعلام من الحقوق الأساسية للمستهلكين، و أحد عوامل المنافية الشريفة و الصحيحة، و ذلك بفضل قانون حماية المستهلك الذي تبنته معظم الدول و من بينها المغرب[131].
و لما كانت دراستنا تنصب على الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام، فإنه يلزمنا بالضرورة بيان تجليات تقرير هذا الالتزام على مستوى كل من التشريع المغربي و المقارن. و عليه فإنه بالرجوع للمادة 1/111 من قانون الاستهلاك الفرنسي نجده قد حدد محل الالتزام بالإعلام الذي يقع على عاتق المتعاقد المحترف فيما يلي:”
- الإعلام عن الخصائص أو الصفات المميزة للسلع.
- الإفصاح عن ثمن و شروط البيع سواء بطريقة الكتابة أو لصق البيانات…”[132].
و الملاحظ على أن توجه المشرع المغربي بخصوص تحديد محل الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام، لا يختلف كثيرا عن توجه المشرع الفرنسي، بحيث نص الفصل 3 من القانون 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك على أنه: “يجب على كل مورد أن يمكن المستهلك بأي وسيلة ملائمة من معرفة المميزات الأساسية للمنتوج أو السلعة أو الخدمة وكذا مصدر المنتوج أو السلعة وتاريخ الصلاحية إن اقتضى الحال، وأن يقدم إليه المعلومات التي من شأنها مساعدته على القيام باختيار معقول باعتبار حاجياته وإمكانياته.
ولهذه الغاية، يجب على كل مورد أن يعلم المستهلك بوجه خاص عن طريق وضع العلامة أو العنونة أو الإعلان أو بأي طريقة مناسبة أخرى بأسعار المنتوجات والسلع وبتعريفات الخدمات وطريقة الاستخدام أو دليل الاستعمال ومدة الضمان وشروطه والشروط الخاصة بالبيع أو تقديم الخدمة، وعند الاقتضاء، القيود المحتملة للمسؤولية التعاقدية.
تحدد إجراءات الإعلام بنص تنظيمي[133]“.
و فضلا عن ذلك فقد نصت المادة 10 من نفس القانون 31.08 ح.م. على أنه:” يلتزم المورد بإخبار المستهلك بالمدة التي تكون خلالها قطع الغيار والقطع اللازمة لاستخدام المنتوجات أو السلع متوفرة في السوق وذلك قبل إبرام العقد”.
و يمكن في هذا الصدد رصد مجموعة من الملاحظات حول تنظيم المرع المغربي للالتزام بالإعلام:”
- تعمد المشرع المغربي في إطار المقتضيات المتعلقة بإعلام المستهلك أن يأخذ بالمفهوم المزدوج للإعلام، حتى يكون المشتري على بينة من أمره في فترة ما قبل وما بعد إبرام العقد، و هذا الوضع من شأنه أن يمكن المستهلك من قبول فكرة التعاقد عن بينة و اختيار.
- أن المشرع أوجب على المهني في إطار المفهوم العام للإعلام أن يمكن المستهلك بكل الوسائل الملائمة سمعية أو بصرية من معرفة المميزات و الخصائص الأساسية للسلع و المنتجات و الخدمات، و أن يحدد له مصدرها و تاريخ صلاحيتها إن اقتضى الأمر ذلك، و أن يقدم له كل المعلومات الضرورية التي من شأنها أن تساعده على تحديد اختياراته في التعاقد أو عدم التعاقد، و ذلك مراعاة لإمكانياته و احتياجاته.
و لتحقيق هذه الغاية فإنه يتوجب على المهني أن يعلم المشتري المستهلك على وجه الخصوص بأسعار المنتوجات و السلع مقابل الخدمات التي يتعين على المشتري دفعها للبائع المهني، و لتسهيل المهمة أمام المشتري فإنه يتعين على البائع أن يوضح طريقة استخدام و استعمال المنتوج بشكل أمثل يحقق الغرض المنشود من إبرام عقد البيع[134].
أيضا فإن المشرع المغربي لم يورد المعلومات الواجب الإدلاء بها من لدن المهني إلى المستهلك على سبيل الحصر، بأن ألزمه بتقديم أي من المعلومات التي من شأنها مساعدته على القيام باختيار معقول يلائم حاجياته و إمكانياته، و هو بذلك يكون قد أتاح للقضاء السلطة التقديرية لتقدير مدى إخلال المهني بواجب الإعلام قبل التعاقدي من عدمه.
هذا ولم يتوقف المشرع المغربي عند تقرير الحق في الإعلام في المرحلة قبل التعاقدية بل تجاوزها إلى فرض ضرورة توفر بعض العناصر الضرورية لإعلام المستهلك و تنوير إرادته أثناء تعاقده[135].
المبحث الثاني: آثار الإخلال بالالتزام قبل التعاقدي بالإعلام
لما كان الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام واجب على عاتق المهني تنفيذه ضمانا لسلامة رضا المستهلك أو بالأحرى سلامة العقد، فإن الواقع قد يعكس أحيانا إخلاله بذلك الالتزام، و بالتالي يثار التساؤل، على من يقع عبء إثبات الإخلال بالالتزام قبل التعاقدي بالإعلام؟ و ما هي وسائل إثبات ذلك الإخلال ؟ (المطلب الأول)، وما جزاء ذلك الإخلال على مستوى كل من الشريعة الإسلامية و القانون؟ (المطلب الثاني).
المطلب الأول: إثبات الإخلال بالالتزام قبل التعاقدي بالإعلام
لما كانت القاعدة الفقهية تقضي بأن إثبات الشيء على مدعيه، فإن التطور الاجتماعي و الاقتصادي لدول العالم كان له وقع كبير في التأثير على المراكز القانونية لأطراف المعاملات التجارية عموما و الاستهلاكية منها على وجه الخصوص، هذه الأخير التي أصبح اللاتوازن العقدي أكثر ما يميزها، و هو ما استدعى بالضرورة من تشريعات دول العالم إعادة النظر في مجموعة القواعد الفقهية و القانونية الثابتة، بحيث تم التأسيس لما يسمى بقاعدة قلب عبء الإثبات في مجال العقود الاستهلاكية. و بالتالي يثار التساؤل، على من يقع عبء إثبات الإخلال بالالتزام قبل التعاقدي بالإعلام؟ (الفقرة الأولى)، و أية وسائل هي التي يمكن بها إثبات ذلك الإخلال؟(الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: عبء إثبات الإخلال بالالتزام قبل التعاقدي بالإعلام
لما كانت المادة 399 من ق.ل.ع تقضي بأن:” إثبات الالتزام على مدعيه”، فإن هذا المقتضى و إن كان له محل في إطار المعاملات المدنية، فإنه قد لا يكون الأمر كذلك متى كنا بصدد معاملات ذات الطرف المهني، بحيث إن عدم توازن المراكز القانونية لأطراف هذه الأخيرة – بين المورد و المستهلك – على المستوى الاقتصادي و الفني يفرض بالضرورة إعادة النظر في ذلك المقتضى بشكل يراعي ذلك الاختلال. فكان أن استجابت بعض تشريعات دول العالم لهذه الإشكالية بأن أسست لقاعدة قلب عبء الإثبات. و عليه نتساءل ما موقف المشرع المغربي من ذلك ؟
بالرجوع لنص المادة 34 ق.ح.م نجدها تنص على أنه:” في حالة حدوث نزاع بين المورد والمستهلك، يقع عبء الإثبات على المورد خاصة فيما يتعلق بالتقديم المسبق للمعلومات المنصوص عليها في المادة 29 وتأكيدها واحترام الآجال وكذا قبول المستهلك.
يعتبر كل اتفاق مخالف باطلا وعديم الأثر”.
و جاء في نص المادة 29 من ق.ح.م أنه:” دون الإخلال بالمعلومات المنصوص عليها في المادتين 3 و 5 أو في أي نص تشريعي أو تنظيمي آخر جاري به العمل، يجب أن يتضمن العرض المتعلق بعقد البيع عن بعد المعلومات التالية :
- التعريف بالمميزات الأساسية للمنتوج أو السلعة أو الخدمة محل العرض…”.
و عليه يمكن القول بأن المشرع المغربي يقر بقاعدة قلب عبء الإثبات في مجال إثبات الإخلال بالالتزام قبل التعاقدي بالإعلام، بل إنه أكثر من ذلك اعتبر هذه القاعدة من النظام العام مما يجل كل شرط يقضي بمخالفتها باطلا عديم الأثر.
و إذا كان المشرع المغربي قد جلع عبء إثبات الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام، فإننا نتساءل، عما هي الوسائل الذي يمكن للمهني إثبات عدم إخلاله بالالتزام قبل التعاقدي بالإعلام ؟
الفقرة الثانية: وسائل إثبات الإخلال بالالتزام قبل التعاقدي بالإعلام
لما كان الأصل في الإثبات أن يتم بأية وسيلة، فإن الاستثناء هو ما يقرره المشرع بنص خاص يعين بموجبه وسيلة لإثبات التصرفات أو الوقائع القانونية.
و لما ألزم المشرع بمقتضى القانون 31.08 ق.ح.م بضرورة إعلام المستهلك قبل التعاقد بالمعلومات الأساسية للمنتوج و كذا طريقة استعماله فإنه لم يشترط عليه طريقة معينة لتنفيذ ذلك الالتزام، هذا و إن كان قد أشار على سبيل الاختيار لا الإلزام لإمكانية الاستعانة في سبيل ذلك بالإعلان، إلا أنه قد جعل الخيار للمستهلك في اختيار أية طريقة مناسبة لتنفيذ التزامه قبل التعاقدي بالإعلام[136]، و ذلك عكس ما تضمنته مقتضيات الالتزام التعاقدي بالإعلام التي حدد المشرع طرقا معينة لتنفيذه و بالتالي إثباته.
فنظرا لكون العقود الاستهلاكية ھي عقود إذعان نموذجية، فیتم تحریرھا مسبقا من طرف المورد لیحتج بھا لأنھا تعتبر من الناحیة العملیة وسیلة للإعفاء من المسؤولیة، و ذلك لأن المورد أو المھني الذي ترفع في وجھه دعوى الإخلال بالالتزام بالإعلام لا یمكن تقریر مسؤولیته مادام سیدلي بالوثیقة التي تثبت وفاءه بھذا الالتزام[137].
و عليه فإن المشرع المغربي لما أعط للمورد أو المهني الحرية في اختيار الطريقة المناسبة لتنفيذ التزامه قبل التعاقدي بالإعلام، فإن المنطق القانوني يقتضي أن تكون له الحرية كذلك في إثباته بأية وسيلة من وسائل الإثبات، خاصة أمام انعدام أي مقتضى قانوني يخالف ذلك.
المطلب الثاني: جزاءات الإخلال بالالتزام قبل التعاقدي بالإعلام
لما كان الأصل في الالتزامات أن تقترن بجزاء ينتج عن الإخلال بها ضمانا لاستقرار المعاملات، فإن الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام هو الآخر لا يختلف عن باقي الالتزامات، بحيث أن إخلال المورد بأي شكل من الإشكال يلحق ضررا بالمستهلك، و بالتالي فقط أحاط المشرع المغربي شأن باقي التشريعات المقارنة هذا الالتزام بضمانات قانونية كفيلة بحماية المستهلك عند الإخلال بالالتزام قبل التعاقدي، و يظهر ذلك على مستوى الجزاءات المقررة طبقا القواعد العامة(الفقرة الأولى)، و كذا القواعد الخاصة(الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: الجزاءات المقررة في القواعد العامة للإخلال بالالتزام قبل التعاقدي بالإعلام
كما سبق لنا أن أشرنا إلى أن الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام يجد أساسه في بعض القواعد العامة للتشريع المغربي شأن بعض التشريعات المقارنة[138]، و ذلك فيما يعرف بنظرية الكتمان التدليسي.
حيث نص الفصل52 ق.ل.ع على أن:” التدليس يخول الإبطال، إذا كان ما لجأ إليه، من الحيل أو الكتمان…قد بلغت في طبيعتها حدا بحيث لولاها لما تعاقد الطرف الآخر…”. و هو ما يستفاد منه أن الكتمان التدليسي من جهة كعيب من عيوب الرضا، و من جهة أخرى كإخلال بالالتزام قبل التعاقدي بالإعلام ينتج عنه تخويل حق للمستهلك للمطالبة بإبطال العقد الذي أبرمه مع المستهلك الذي تغاضى عن البوح بالمعلومات الأساسية الخاصة بالسلعة محل التعاقد، هذه الأخيرة التي لولا كتمانها لما أقدم المستهلك على إبرام العقد.
و في ذات السياق نص الفصل 53 ق.ل.ع على أن :” التدليس الذي يقع على توابع الالتزام من غير أن يدفع إلى التحمل به لا يمنح إلا الحق في التعويض”، فبموجب هذا الفصل فإن التدليس العرضي لا يخول لصاحبه الحق في المطالبة بإبطال التصرف القانوني الذي أقدم عليه، ولا يبق له سوى المطالبة بالتعويض. و عليه فإنه بمفهوم المخالفة لهذا الفصل فإن التدليس و متى كان دافعا و ليس عرضيا فإنه يخول لصاحبه الحق في المطالبة بإبطال العقد و التعويض معا.
وهو ما نستنتج معه بأن المستهلك الذي وقع تحت تأثير التدليس الكتماني أثناء إبرام العقد، نتيجة تستر المورد و كتمانه لمعلومات جوهرية تهم السلعة أو المنتوج محل التعاقد، يحق له المطالبة بإبطال ذلك العقد، مع إمكانية الرجوع على المورد و مطالبته فضلا عن ذلك بالتعويض.
هذا و قد استند القضاء الفرنسي هو الآخر إلى التدليس بطريق الكتمان كأساس لتقرير البطلان كجزاء لمخالفة الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام، فقد اعتبرت محكمة النقض الفرنسية، أن عدم القيام بإعلام المشترين لدى التنازل عن محل تجاري، بأن التصريح اللازم لاستغلال إحدى صالات هذا المحل لم يكن قد تم الحصول عليه بعد، يمثل اخفاءا متعمدا من جانب البائع لمثل هذه الواقعة و التي لو كانت معلومة للمشترين لكانت قد منعتهم من التعاقد، حيث يشكل هذا الإمر تدليسا معيبا لرضا هؤلاء المشترين، في مفهوم نص المادة 1116 من التقنين المدني الفرنسي[139].
كما حكمت محكمة النقض الفرنسية في قضية أخرى بشأن كفالة لدين مستحق لبنك، بإبطال عقد الكفالة لمخالفة هذا البنك لالتزامه قبل التعاقدي بالإعلام، تأسيسا على الكتمان التدليسي، و المتمثل في عدم قيام البنك بإعلام الكفيل بالوضع المالي الحقيقي للمدين، و ذهبت إلى أن البنك الذي يعلم بأن الوضع المالي لمدينه مشكوك فيه أو على الأقل مثقل بالديون، و يغفل عن وضع هذا الإعلام في علم الضامن عمدا عن عدم إحاطته بالمعلومات التي من شأنها الحيلولة بينه و بين التعاقد، فإنه يتصرف بما يتعارض و مقتضيات حسن النية، و يقترف تدليسا عن طريق الكتمان، و لذلك انتهت إلى بطلان الكفالة لعدم الإعلام، و أسست حكمها هذا على المادة 1116 من التقنين المدني الفرنسي[140].
و مما تجدر الإشارة في هذا الصدد أن بعض التشريعات – التشريع المصري و السوري كما سبق لنا الحديث عنهما في إطار المحور الخاص بالأساس القانوني للالتزام قبل التعاقدي بالإعلام في القواعد العامة- تجعل من نظرية الغلط الحديثة أساسا قانونيا للإلزام قبل التعاقدي بالإعلام، و بالتالي فإنه لما كان جزاء الغلط الإبطال، فإنه يمكن بذلك تصور ذات الجزاء المترتب عنه لما نكون بصدد الإخلال بالالتزام قبل التعاقدي.
و لما كان المشرع المغربي كما سبق الذكر لا يعترف بنظرية الغلط الحديثة، و بالتالي لا يجد الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام فيها أساسا لقيامه، فإنه لا مجال لتصور أي جزاء في هذا النطاق.
وهو ما يمكن القول معه بأن نظرية الغلط التي تبناها المشرع المغربي لا تسعفنا لمحاولة التأسيس للإلزام قبل التعاقدي بالإعلام أو بالأحرى بحث جزاء له.
و إذا كان جزاء الإخلال بالالتزام قبل التعاقدي بالإعلام في القواعد العامة يتحدد في قابلية المطالبة بإبطال المستهلك للعقد و التعويض عما لحقه من اضرار استنادا لنظرية الكتمان التدليسي. فإننا التقارب بين الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام و بين الالتزام التعاقدي بالإعلام، يدفعنا للتساؤل، ماهي الجزاءات المترتبة عن الإخلال بالالتزام التعاقدي بالإعلام في القواعد العامة؟ و إلى أي حد يمكن القول بإمكانية تطبيقها على الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام ؟
و يرى بعض الفقه بأنه أمام غياب نص قانوني صريح بيين أحكام جزاء الإخلال بالالتزام التعاقدي بالإعلام، فقد أقدم القضاء على تطويع نصوص القانون المدني، ولأن الإخلال به يؤدي إلى تعييب إرادة المستهلك، فقد ذهب القضاء إلى البحث عن حل قانوني في الأحكام الخاصة بنظرية عيوب الإرادة، لاسيما الغلط أو التدليس. و إذا كان مصير العقد الذي شابت إرادة عاقده عيب هو القابلية للإبطال أو ما يسمى بالإبطال النسبي، لذلك فإن الجزاء المناسب عن الإخلال بالالتزام بالإعلام هو الإبطال على سبيل القياس للتماثل في العلة، غير أن الإبطال في كثير من الأحيان لا يتناسب مع هدف المستهلك في تلبية حاجياته و رغباته، فقرر جزاء آخر هو التعويض[141].
ويميل بعض الفقه المعاصر إلى تفضيل الحكم بفسخ العقد في حالة الإخلال بالالتزام التعاقدي بالإعلام عوض الحكم بإبطاله. وحجته في ذلك أن الطبيعة العقدية الالتزام بالإعلام هي السمة الغالبة عليه، وبذلك يكون القول بفسخ العقد، في حالة الإخلال بهذا الالتزام، أكثر ملائمة من قابليته للإبطال[142].
على أنه من وجهة نظرنا المتواضعة، لا مجال للحديث عن مؤسسة الفسخ في إطار الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام، لأنه أولا: التزام قبل تعاقدي أي ينشأ في مرحلة ما قبل التعاقد و بالتالي لا يمكن اعتباره رابطة عقدية مستقلة يمكن معها استحضار مؤسسة الفسخ، إذ لا يتصور فسخ الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام لا منطقا ولا قانونا. وثانيا: إن استحضار مؤسسة الفسخ في الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام كما قلنا من قبل يستلزم أن يكون في حد ذاته التزاما مستقلا عن الرابطة العقدية، و الحال أن الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام ما هو إلا التزام متصل بالرابطة العقدية و يخدم مصلحتها ليس إلا، و بالتالي فالقول بفسخ العقد يستلزم بالضرورة عدم تنفيذ الالتزام العقدي، و الحال أننا بصدد عقد تم تنفيذ التزامات طرفيه التعاقدية إلا أن ذلك التنفيذ كان معيبا ليس إلا نتيجة عدم تنفيذ الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام، و عليه لا نجد سبيلا للقول بإمكانية اعتبار الفسخ جزاءا للإخلال بالالتزام قبل التعاقدي بالإعلام، اللهم إلا إذا كنا بصدد عدم تنفيذ الالتزامات التعاقدية.
و كما لا يستقيم نفاذ مؤسسة الفسخ على الإخلال بالالتزام قبل التعاقدي بالإعلام، فإنه لا يمكن كذلك تصور نفاذها على الإخلال بالالتزام التعاقدي بالإعلام، و إن يتم في مرحلة تكوين العقد إلا أنه ليس الإلتزام الأصلي حتى يمكن تصور عدم تنفيذه دافعا للفسخ، بل فقط عنصر يرتبط به بشكل يضمن تبصير و تنوير إرادة المستهلك، و بالتالي يجنبه كل جهل من شأنه أن يعرضه لتعاقد لا يستجيب لحاجاته و متطلباته أو يؤثر عليها.
الفقرة الثانية: الجزاءات الخاصة المقررة في القانون 31.08 للاخلال بالالتزام قبل التعاقدي بالإعلام
قبل صدور القانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك، لم يكن المشرع المغربي قد أهمل مطلقا هذا الجانب المهم في مجال حماية المستهلك، بل شكل صدور قانون 5 يونيو 2000 المتعلق بحرية الأسعار و المنافسة فرصة حقيقية أمامه لينص على ما يسمى بالالتزام بالإعلام، و وضعه على عاتق المهني لفائدة المستهلك، وهذا ما نص عليه الفصل 47 من القانون المذكور[143] إذ جاء فيه ما يلي: “يجب على كل من يبيع منتوجات أو يقدم خدمات أن يعلم المستهلك عن طريق وضع علامة أو ملصق أو إعلان أو بأي طريقة مناسبة أخرى بالأسعار و الشروط الخاصة للبيع أو لإنجاز الخدمة. تحدد من القانون إجراءات إعلام المستهلك بنص تنظيمي “. غير أن الملاحظ أن الفصل 47 لم يبين صراحة طبيعة الالتزام بالإعلام بالأسعار، أي لم يحدد هل هو التزام قبل تعاقدي أو تعاقدي، إلا أن منطق الأمور يوحي باعتباره التزاما قبل تعاقدي، إذ لا فائدة له إذا لم يتم تنفيذه قبل إبرام العقد، فمصلحة المستهلك تقتضي إعلامه بالأسعار قبل الإقدام على الشراء. و يعاقب على مخالفة الالتزام بالإعلام بأسعار السلع و الخدمات المنصوص عليه في الفصل 47، و الفصول 8 و 9 و 10 من مرسوم 27 شتنبر 2001 بعقوبة مالية تتجلى في غرامة تتراوح بين 1200 و 5000 درهم[144].
وفي ذات السياق فقد جاء في المادة 59 من قانون حماية المستهلك أنه:” يقع باطلا بقوة القانون كل التزام نشأ بفعل استغلال ضعف أو جهل المستهلك مع حفظ حقه في استرجاع المبالغ المؤداة من طرفه وتعويضه عن الأضرار اللاحقة”. و عليه فإن الالتزامات التي يبرمها المورد مع المستهلك مستغلا ضعفه و جهله تقع باطلة، و بالتالي يحق للمستهلك بموجب ذلك المطالبة باسترجاع المبلغ الذي أداه بل حتى تعويضه إن أمكن عن الأضرار التي لحقته جراء ذلك أو بالأحرى جراء عدم تنفيذ المورد للالتزام قبل التعاقدي بالإعلام.
و على العموم يلاحظ بأن الجزاءات المدنية التي توفرها القواعد العامة لا تختلف عن تلك المقررة بموجب القانون 31.08، بل إن هذه الأخيرة و رغم ما ينتظر منها لحداثتها لا ترقى حتى لما توفره القواعد المدنية العامة من حماية للمستهلك في مرحلة ما قبل التعاقد، فإذا كانت مقتضيات القانون 31.08 تقر بالبطلان كجزاء مدني عن الإخلال بالالتزام قبل التعاقدي بالإعلام، فإن القواعد العامة أكثر من ذلك تتيح للمستهلك قابلية إبطال العقد فضلا عن المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت به.
وعليه فقد كان بالأحرى على المشرع المغربي بموجب القانون 31.08 ح. م، أن يسعى لبلورة الجزاءات المدنية المترتبة عن الإخلال بالإلتزام قبل التعاقدي بالإعلام بشكل يتلاءم و أهميتها في ضمان التوازن العقدي بين طرفي العقد الاستهلاكي.
فضلا عن ذلك فقد نص المشرع عن عقوبات زجرية في حق المورد متى استغل ضعف أو جهل المستهلك في إبرام العقد، و يظهر ذلك في نص المادة 184 من ق.ح.م التي جاء فيها أنه :” يعاقب على مخالفة أحكام المادة 59 المتعلقة باستغلال ضعف المستهلك أو جهله بالحبس من شهر إلى خمس سنوات وبغرامة من 1.200 إلى 50000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، وذلك دون الإخلال بأحكام الفصل 552 من مجموعة القانون الجنائي .
إذا كان المخالف شخصا معنويا يعاقب بغرامة تتراوح ما بين 50.000 و 1.000.000 درهم”.
أكثر من ذلك فقد نصت المشرع في المادة 173 من ق.ح.م على أنه:” يعاقب بغرامة من 2.000 إلى 5.000 درهم على مخالفات أحكام القسم الثاني من هذا القانون والنصوص المتخذة لتطبيقه”. بحيث أن المشرع و رغبة منه في ضمان تنفيذ المورد للالتزام قبل التعاقدي بالإعلام تجاه المستهلك، فقد أحاطه بمجموعة من التدابير الزجرية من قبيل فرض الغرامات المالية.
خاتمة
في ختام دراستنا المتواضعة هذه، لا يسعنا إلا أن ننوه بالمجهودات الوازنة التي بذلها المشرع المغربي خلال العقد الأول من القرن 21، في سبيل تحديث ترسانته التشريعية الوطنية بشكل يساير المحيط الإقليمي و الدولي بما يخدم ثقافة المستهلك أو بالأحرى حقوق المستهلك، هذه الأخيرة التي أضحت حقا من حقوق الإنسان العالمية.
إذ يتضح لأي باحث قانوني وجود طفرة تشريعية في القانون المغربي المتعلق بنظيم التصرفات القانونية ذات الطابع الاستهلاكي. و هو نفس الانطباع الذي تجسد في دراستنا القانونية لأوجه حماية المستهلك المتعاقد في المرحلة السابقة للتعاقد.
بحيث أن المشرع المغربي و سعيا منه لإعادة التوازن العقدي فقد حرص و لأول مرة على تكريس ضمانات قانونية تعنى بحماية المستهلك في المرحلة السابقة للتعاقد، من قبيل إقرار الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام، هذا الأخير الذي رتب عن الإخلال به مجموعة من الجزاءات القانونية المدنية و الزجرية بموجب كل من القواعد العامة لقانون الالتزامات و العقود و القانون 31.08 لحماية المستهلك، درءا لكل ما يمكن أن ينجم عن ذلك من مفسدة لمصالح المستهلك كطرف ضعيف لا حول ولا قوة له أمام النفود الاقتصادي و الفني للمورد أو المهني.
إلا أننا لا نستطيع رغم ذلك على تحقق الهدف المنشود من هذا التحديث أمام تعدد القوانين المتدخلة في حماية المستهلك في المرحلة ما قبل التعاقدية و نخص بالذكر مقتضيات قانون الالتزامات و العقود الذي و إن لم تحل عليه مقتضيات القانون 31.08، فإن الواقع و المنطق القانونيين يفرضان ضرورة الرجوع إليه لملء الفراغ التشريعي الذي يعتري القانون 31.08 و المتمثل في عدم ترتيب جزاءات مدنية كافية عن الإخلال بالالتزام قبل التعاقدي بالإعلام، و هو الأمر الذي يفرض ضرورة مقاربة الجزاءات المدنية المترتبة عنها بناءا على القواعد العامة لقانون الالتزامات و العقود. لكن السؤال الذي يطرح في هذا الصدد، أية حماية هذه التي من شأن المقتضيات القانونية الحديثة أن توفرها للمستهلك في ظل ارتباطها بمقتضيات تقليدية أثبت عجزها في ذلك ؟
بالطبع فإن إحالة القانون 31.08 في مقتضياته على بعض القوانين التقليدية و إن بطريقة غير مباشرة يطرح سؤال حداثته و بشدة. إذ إن خصوصية التصرفات القانونية ذات الطابع الاستهلاكي تفرض بالضرورة مقاربتها بفلسفة تشريعية تختلف تماما عن غيرها، و بالتالي لا تكون الحاجة اطلاقا لإحالة قانون حماية المستهلك على غيره من القوانين، اللهم إلا إذا كانت أكثر ضمانا لحمايته، شأن ما قد توفره بعض المقتضيات الجنائية من عقوبات زجرية أشد على عاتق المهني إزاء إخلاله بالالتزامات القانونية الملقاة عليه في مواجهة المستهلك.
على أن قولنا هذا لا ينبغي معه التبخيس بما أحرزه المشرع المغربي في مجال حماية المستهلك سواء في المرحلة السابقة للتعاقد أو ما يليها من المراحل، إذ هو إنجاز يعترف به أي باحث قانوني في المجال، و ما تعقيبنا ذلك على المشرع إلا رغبة في المساهمة في تجويد الترسانة القانونية لحماية المستهلك.
و من كل ما سبق فإن بحثنا و دراستنا لإشكالية الموضوع جعلنا نتوصل لبعض التوصيات هي كالتالي:
– تجاوز الارتباط القائم على إحالة القانون 31.08 المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك على باقي القوانين التقليدية.
– إقرار جزاءات مدنية خاصة عن إخلال المهني بالتزامه قبل التعاقدي بإعلام المستهلك.
– تعزيز دور جمعيات حماية المستهلك ذات المنفعة العامة في التدخل لحماية المستهلك سواء في المرحلة السابقة للتعاقد أو غيرها من المراحل، و رهن استمرارية توفرها على صفة المنفعة العامة بمدى تدخلها و قيامها بالأدوار المنوطة بها خلال فترة زمنية معينة.
و ختاما، فإن معالجتنا لإشكالية الدراسة تجعلنا نتساءل، إذا كان المشرع المغربي قد أحاط المستهلك التقليدي بحماية قانونية خلال المرحلة قبل التعاقدية عبر إقراره للالتزام قبل التعاقدي بالإعلام، فإلى أي حد يمكن الحديث عن الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام كآلية لتحقيق التوازن العقدي في عقود الإستهلاك الإلكترونية ؟
الإحالات
[1] – و يمكن أن نعرفه كما جاء في نص المادة 2 من القانون 31.08 التي جاء فيها أنه:” يقصد بالمورد كل شخص طبيعي أو معنوي يتصرف في إطار نشاط مهني أو تجاري”. و هو ما يستفاد منه أنه ليس هناك بالضرورة تلازم بين صفة مهني و تاجر بحيث أن لفظ المهني هو أشمل من حيث الدلالة، بحيث يشمل التاجر و غير التاجر كالصيدلي مثلا.
[2] – و يعرف المستهلك من منظورين، أحدهما واسع، بموجبه يعتبر مستهلكا كل شخص طبيعي أو معنوي يتعاقد بغرض الاستهلاك بشكل يمكن معه اعتبار المهني هو الأخر مستهلكا، و آخر ضيق بموجبه لا يكون مستهلكا إلا الشخص الطبيعي أو المعنوي المتعاقد بغرض إشباع حاجياته الشخصية أو العائلية، بشكل لا يمكن معه اعتبار المهني المتعاقد بغرض حاجاته التجارية مستهلكا. و قد تبنى المشرع المغربي الاتجاه الضيق في تعريف المستهلك و ذلك بموجب المادة 2 من القانون 31.08 المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك، حيث جاء فيها أنه” يقصد بالمستهلك كل شخص طبيعي أو معنوي يقتني أو يستعمل لتلبية حاجياته غير المهنية منتوجات أو سلعا أو خدمات معدة لاستعماله الشخصي أو العائلي ؛”.
أنظر، الظهير شريف رقم 1.11.03 صادر في 14 من ربيع الأول 1432 (18 فبراير 201)بتنفيذ القانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك، الجريدة الرسمية عدد 5932 بتاريخ 3 جمادى الأولى 1432 (7 أبريل 2011)، ص 1072.
[3] – وهو العقد الذي يكون أحد طرفيه مستهلكا يسعى لتلبية حاجاته الشخصية أو العائلية بعيدا عن أي هدف مهني أو تجاري، بحيث يخرج عن نطاق ذلك كل عقد مبرم بين المهنيين.
[4]- نزهة الخلدي، الالتزام بالإعلام و دوره في تنوير إرادة المستهلك، مقال منشور بسلسلة دراسات و أبحاث “حماية المستهلك- دراسات و أبحاث في ضوء مستجدات القانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك-“، منشورات مجلة القضاء المدني، سنة 2014، ص: 158.
[5] – أبو بكر مهم، حماية المستهلك المتعاقد- دراسة تحليلية معمقة في ضوء مستجدات القانون 31.08 المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك، الطبعة الأولى، سنة 2017، ص: 15.
[6] – المعجم الوسيط،، الجزء الثاني، الطبعة الثالثة، دار المعارف، ص: 718.
[7] – حمدي أحمد سعد، الالتزام بالإفضاء بالصفة الخطرة للشيء المبيع-دراسة مقارنة-، أطروحة الدكتوراه، جامعة الأزهر، المكتب الفني للإصدارات القانونية، طبعة سنة 1999، ص: 35.
[8] – بوعبيد عباسي، الالتزام بالإعلام في العقود- دراسة في حماية المتعاقد و المستهلك، الطبعة الأولى، سنة 2008، ص: 34.
[9] – سعيد سعد عبد السلام، الالتزام بالإفصاح في العقود، دار النهضة العربية، الطبعة الأولى 2000، ص: 8.
[10] – عمر محمد عبد الباقي، الحماية العقدية للمستهلك-دراسة مقارنة بين الشريعة و القانون-، منشأة المعارف بالإسكندرية، مطبعة القدس، الطبعة الثانية، سنة 2008، ص: 192.
[11] – J.GHESTIN.<< Conforité et garantie dans la vent>>. L.G.D.J.1983. N°98.p. 106 ; Y ;BOYER ; thèse. Préci. n° 13,p,21 ; A, CHIREZ ,.note sous cass, civ. Lére. Ch, 16 avril 1975, D, 1976, P,514.
[12] -A, CHIREZ, note pré, P, 516.
أنظر: بوعبيد عباسي، مرجع سابق، ص: 49.
[13] – J.GHESTIN.<< Conforité et garantie dans la vent>>, Op, cit, n°98,p.
أنظر: بوعبيد عباسي، المرجع نفسه، ص: 51.
[14] – سعيد سعد عبد السلام، الالتزام بالإفصاح في العقود، الطبعة الأولى، القاهرة، دار النهضة العربية، سنة 1999، ص: 115.
[15] – خديجة مضي، أهمية الحق في الإعلام على ضوء مقتضيات القانون المغربي رقم 31.08، مقال منشور بمجلة قانون و أعمال، العدد الخامس، سنة 2015، ص:27.
[16] – نزيه محمد الصادق المهدي، الالتزام قبل التعاقدي بالإدلاء بالبيانات و تطبيقاته على بعض أنواع العقود، الطبعة الثانية، القاهرة، دار النهضة العربية، سنة 1982، ص: 113.
[17] – خديجة مضي، ، أهمية الحق في الإعلام على ضوء مقتضيات القانون المغربي رقم 31.08، مقال منشور بسلسلة ندوات مختبر القانون و المجتمع تحت عنوان” الحماية القانونية للمستهلك”، ندوة منظمة بشراكة مع هيئة المحامين لدى محكمتي الاستئناف بالعيون و أكادير و غرفة التجارة و الصناعة و الخدمات بأكادير، ص: 27-28.
[18] – نزيه محمد الصادق المهدي، المرجع نفسه، ص:117.
[19] – عبد القادر العرعاري، العقود الخاصة- الكتاب الأول عقد البيع، مطبعة دار الأمان، الطبعة الرابعة، سنة 2017، ص: 65.
[20] – عمر محمد عبد الباقي، مرجع سابق، ص: 197.
[21] – زكي الدين عبد العظيم بن عبد القوي المنذري، الترغيب و الترهيب من الحديث الشريف، رواه البخاري و مسلم و داود و الترمذي و النسائي، الجزء الثاني، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، الجزء الثاني، الطبعة الثالثة سنة 1968، ص:437.
[22] – زكي الدين عبد العظيم بن عبد القوي المنذري، رواه الحاكم و البيهقي، رواه ابن ماجة و أحمد و الطبراني الكبير و الحاكم، المرجع نفسه ص: 575.
[23] – عبد العظيم بن عبد القوي المنذري، رواه الحاكم و البيهقي، المرجع نفسه، ص: 574.
[24] – عمر محمد عبد الباقي، المرجع نفسه، ص: 199-200.
[25] – حسن عبد الباسط جميعي، شروط التخفيف و الإعفاء من ضمان العيوب الخفية- دراسة مقارنة بين القانون المصري و قانون الإمارات و القوانين الأوربية، طبعة سنة 1993، ص: 191.
[26] – محمد السيد عمران، الالتزام بالإخبار- دراسة مقارنة، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، طبعة سنة 1999، ص: 8.
[27] – V.Tribunal d’ Asens, 5 fév. 1964, Gaz,Pal, 1964-1421 << La bonne foi du vendeur connsistè a fournir à l’autre partie les éléments d’appréciation dont dépend son con- sentement>>.
أنظر: عمر محمد عبد الباقي، مرجع سابق، ص: 203.
[28] – منى أبو بكر الصديق، الالتزام بإعلام المستهلك عن المنتجات، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، طبعة سنة 2013، ص: 70.
[29] – و الذي جاء فيه أنه: “كل تعهد يجب تنفيذه بحسن نية، و هو لا يلزم بما وقع التصريح به فحسب بل أيضا بكل ملحقات الالتزام التي يقررها القانون أو العرف أو الإنصاف وفقا لما تقضيه طبيعته”.
[30] – سعيد سعد عبد السلام، مرجع سابق، ص: 61.
[31] – بوعبيد عباسي، مرجع سابق، ص: 176.
[32] – عمر محمد عبد الباقي، مرجع سابق، ص: 200.
[33] – نزيه محمد الصادق المهدي، مرجع سابق، ص: 27.
[34] – بحيث نصت المادة2/125 من القانون المدني المصري على أنه:” و يعتبر تدليسا السكوت عمدا عن واقعة أو ملابسة إذا ثبت أن المدلس عليه، ما كان ليبرم العقد لو علم بتلك الواقعة أو هذه الملابسة”.
[35] – و هو ما نصت عليه المادة 1116 من القانون المدني الفرنسي بأن: “يخول التدليس ابطال الاتفاقات…”.
[36] – و هو موقف تبناه الأستاذ أحمد الخمليشي، كيف نقرأ قانون الالتزامات و العقود، بحث مقدم في الندوة العلمية” قانون الالتزامات و العقود بعد سبعين سنة”، المجلة المغربية للقانون و الاقتصاد و التنمية، عدد 7، طبعة لسنة 1984، ص: 8.
[37] – ذ. أحمد ادريوش، أصول قانون الالتزامات و العقود، بحث في الأصول الفقهية و التاريخية، سلسلة المعرفة القانونية، طبعة سنة 1996، ص:16.
[38] – هذا التوجه الذي يجد محله في الفقه الإسلامي المالكي، بحيث يقول الدردير في مؤلفه الشرح الصغير” وعلى البائع وجوبا بيان ما علمه من عيب سلعته قل أو كثر، ولو كان البائع حاكما أو وارثا أو وكيلا، و عليه تفصيله(أي العيب) أو إرائته إن كان يرى…”، الجزء الرابع، ص:215.
[39] – عمر محمد عبد الباقي، مرجع سابق، ص: 170-171.
[40] – مأمون الكزبري، نظرية الالتزامات في ضوء قانون الالتزامات و العقود المغربي، المجلد الأول- مصادر الالتزامات، ص: 94.
[41] – المادة 120 من القانون المدني المصري و المادة 121 من القانون المدني السوري.
أنظر، مأمون الكزبري، المرجع نفسه، ص: 94-95.
[42] – مأمون الكزبري، المرجع نفسه، ص:95.
[43] – سعيد سعد عبد السلام، مرجع سابق، ص: 8.
[44] – عمر محمد عبد الباقي، مرجع سابق، ص: 201.
[45] – حسن عبد الباسط جميعي، مرجع سابق، ص: 22.
[46] – خالد جمال أحمد حسن، الالتزام بالإعلام قبل التعاقد، أطروحة لنيل الدكتوراه، كلية الحقوق جامعة أسيوط، سنة 1996، ص: 122.
[47] – عمر محمد عبد الباقي، المرجع نفسه، ص: 202.
[48] – ظهير شريف رقم 1.14.116 صادر في 2 رمضان 1435 (30 يونيو 2014) بتنفيذ القانون رقم 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة.
بحيث تنص المادة 59 منه على أنه: ” يجب على كل منتج أو مقدم خدمات أو مستورد أو بائع بالجملة أن يخبر كل من يشتري سلعة أو منتوجا أو يطلب تقديم خدمة لأجل نشاط مهني، فيما إذا طلب ذلك، بجدول أسعاره وشروط بيعه..
وتشمل هذه الشروط تلك المتعلقة بالتسديد وضمانات الأداء، وإن اقتضى الحال، التخفيضات الممنوحة أيا كان تاريخ تسديدها.
يتم الإخبار المذكور بأي وسيلة مطابقة لأعراف المهنة”.
[49] – ظهير شريف رقم 1.83.108 صادر في 9 محرم 1405 (5 أكتوبر 1984) بتنفيذ القانون رقم 13.83 المتعلق بالزجر عن الغش في البضائع، و الذي جاء في الفصل 16 منه بأنه:” يحدد ما يلي وفقا للنصوص التنظيمية المعمول بها :
تعريف وتسمية المواد الغذائية والمشروبات والاغذية والمنتجات وجميع البضائع ؛
– البيانات والعلامات الاجبارية التي يجب اثباتها لمصلحة المشترى في الفاتورات والوثائق التجارية والبطائق واللفائف وعلى البضاعة نفسها والتي تبين الاسم والمميزات والتركيب والمنشأ والمعالجات وطريقة الاستعمال وغير ذلك مما يبدو ضروريا وكذا البيانات الخارجية أو الظاهرة وطريقة العرض المفروضة لضمان الأمانة في البيع أو العرض للبيع قصد تجنب كل التباس ؛
– كيفيات التعبئة والبيع أو التقديم للبيع والعرض والحيازة الواجب فرضها لمصلحة المشتري…”.
[50] – عامر قاسم أحمد القيسي، المرجع نفسه، ص: 120-121.
[51] – عامر قاسم أحمد القيسي، المرجع نفسه، ص: 12122.
[52] – عامر قاسم أحمد القيسي، المرجع نفسه، ص: 121.
[53] – بوعبيد عباسي، مرجع سابق، ص: 309.
[54] – عامر قاسم أحمد القيسي، مرجع سابق، ص: 122.
[55] – عمر محمد عبد الباقي، مرجع سابق، ص: 196.
[56] – عمر محمد عبد الباقي، المرجع نفسه، ص: 197.
[57] – محمد ابراهيم الدسوقي، الالتزام بالإعلام قبل التعاقد، دار إيهاب للنشر و التوزيع، أسيوط، طبعة سنة 1985، ص:42.
[58] – عمر محمد عبد الباقي، مرجع سابق، ص: 191.
[59] – إن هاجس تكريس علاقات تعاقدية تطبعها الثقة و يسودها التعاون و الأمانة قد شغل بال الفلاسفة و المفكرين منذ زمن بعيد، و قد كان Cicéron من الأوائل الذين أثاروا النقاش حول مشكل وجود واجب الإعلام و مداه، و ذلك عند بحثه فيما إذا كان البائع ملزما بالإفصاح للطرف الآخر(المشتري) عن كل المعلومات التي يتوفر عليها و التي تهم بضاعته، من خلال واقعة أثارت فضول العديد من الباحثين و الفقهاء، و تتعلق أحداثها بما يلي: “حمل تاجر شحنة من القمح( Cargaison de blé) من الإسكندرية إلى رودس(Rhodes) في وقت كانت تعرف فيه الأخيرة حالة من القحط و الحاجة (المحاعة) نتج عنها ارتفاع كبير في ثمن المواد الغدائية. فإذا كان هذا التاجر يعلم أن عددا من التجار غادرو بدورهم الإسكندرية(Alexandrie) باتجاه رودس، و إذا شاهد في طريقه سفنا محملة بالقمح تقصد نفس وجهته. فهل يكون عليه عند وصوله قبل هذه السفن أن يخبر السكان بما يعلم(أي هناك سفنا محملة بالقمح ستصل إليهم في الأيام القليلة القادمة)، أم يستغل جهلهم بهذه المعلومة(الواقعة) و يبيع قمحه بأكبر سعر ممكن.
أنظر: أبو بكر مهم، مرجع سابق، ص: 15-16.
[60] – بوعبيد عباسي، مرجع سابق، ص: 65.
[61] – عمر محمد عبد الباقي، مرجع سابق، ص: 192.
[62] – عمر محمد عبد الباقي، المرجع نفسه، ص: 193.
[63] – عمر محمد عبد الباقي، المرجع نفسه، ص: 194.
[64] – موفق حماد عبد، الحماية المدنية للمستهلك في عقود التجارة الإلكترونية-دراسة مقارنة، منشورات زين الحقوقية، مكتبة السنهوري، الطبعة الأولى، سنة 2011، ص:121.
[65] – عمر محمد عبد الباقي، مرجع سابق، ص: 204.
[66] – محمد الصادق المهدي، مرجع سابق، ص: 202-205.
[67] – عمر محمد عبد الباقي، المرجع نفسه، ص: 205.
[68] – عمر محمد عبد الباقي، مرجع سابق، ص: 205.
[69] – نزيه محمد الصادق المهدي، مصدر سابق، ص: 305.
[70] – محمد عبد الظاهر حسين، الجوانب القانونية للمرحلة السابقة على التعاقد، مجلة الحقوق تصدر عن جامعة الكويت، العدد الثاني، سنة 1998،ص: 767.
[71] – حسن عبد الباسط جميعي، مرجع سابق، ص: 192.
[72] – حسن عبد الباسط جميعي، المرجع نفسه، ص: 22.
[73] – عمر محمد عبد الباقي، مرجع سابق، ص: 238-239.
[74] – V.Cass.com, 8 janvier 1973, Bull, civ, JV- N° ;16.
أنظر: عمر محمد عبد الباقي، المرجع نفسه، ص: 239.
[75] – Cass, civ, 24,oct, 1972, Bul. Civ,N° 543,p, 396.
أنظر، عمر محمد عبد الباقي، المرجع نفسه، ص: 240.
[76] – آلاء يوسف يعقوب، الحماية القانونية للمستهلك في عقود التجارة الإلكترونية، مجلة كلية الحقوق جامعة النهرين، بغداد، مجلد 18، عدد 14، طبعة سنة 2005، ص: 88.
[77] – آلاء يوسف يعقوب، مرجع سابق، ص: 89.
[78] – أبو بكر مهم، مرجع سابق، ص: 44-45.
[79] – موفق حماد عبد، مرجع سابق، ص: 101.
[80] – موفق حماد عبد، المرجع نفسه، ص: 102.
[81] – عمر محمد عبد الباقي، مرجع سابق، ص: 241.
[82] – نزيه محمد الصادق، مرجع سابق، ص: 152.
[83] – عمر محمد عبد الباقي، المرجع نفسه، ص: 241-242.
[84] – موفق حماد عبد، مرجع سابق، ص: 103.
[85] – عمر محمد عبد الباقي، مرجع سابق، ص: 242.
[86]– Cass, civ, 27 oct, 1965,Bull,civ- N°. 558,p,479
[87]Cass,civ,2,Mars ;1964,Bull,civ,N° ,122 ,P.191. أنظر: عمر محمد عبد الباقي، المرجع نفسه، ص: 242.
[88] – عمر محمد عبد الباقي، المرجع نفسه، ص: 243.
[89] – نزيه محمد الصادق المهدي، مرجع سابق، ص: 168.
[90]-Cass, civ,1 er, ch 24 nov, 1978, Bull, civ,1,n°, 340.p291.
أنظر: عمر محمد عبد الباقي، مرجع سابق ، ص:244.
[91] – Cass,civ,1 er, ch 24 nov.1978 Bull civ, n°, 340, p,291.
[92] – نزيه محمد الصادق المهدي، المرجع نفسه، ص: 183.
[93] – عمر محمد عبد الباقي، المرجع نفسه، ص: 245.
[94] – Lorsque l’une des parties peut légitimement fair confiance à l’autre elle n’a pas besoin d’etablir qu’il ne lui était pas possible de se renseigner elle, méme, elle est en droit d’attendre de son cocontractant les informations nécessaires. V,GHESTIN(J) droit civil, la formation du contrat,N°, 657, p, 634.
أنظر: عمر محمد عبد الباقي، المرجع نفسه، ص: 245.
[95] – سعيد سعد عبد السلام، مرجع سابق، ص: 27.
[96] – عمر محمد عبد الباقي، مرجع سابق، ص: 246.
[97] – مصطفى أبو مندور موسي، دور العلم بالبيانات عند تكوين العلاقة العقدية، أطروحة الدكتوراه، كلية الحقوق جامعة القاهرة، سنة 2000،ص: 131.
[98] – نزيه محمد الصادق المهدي، مرجع سابق، ص: 182.
[99] – عمر محمد عبد الباقي، المرجع نفسه، ص: 246.
[100] – موفق حماد عبد، مرجع سابق، ص: 105-106.
[101] – سعيد سعد عبد السلام، مرجع سابق، ص: 29.
[102] – موفق حماد عبد، المرجع نفسه، ص: 106.
[103] – نقض مدني، الدائرة الأولى، 22/12/1954، دالوز- 1955.
أنظر، نزيه محمد الصادق المهدي، مرجع سابق، ص: 187.
[104]-V.Cass,14oct,1997,D,1998,jur.p.115. أنظر، عمر محمد عبد الباقي، مرجع سابق ، ص:247.
[105]– حمدي أحمد سعد، مرجع سابق، ص: 55.
[106] – عمر محمد عبد الباقي، المرجع نفسه، ص: 248.
[107] – عمر محمد عبد الباقي، المرجع نفسه، ص: 249-248.
[108] – أبو بكر مهم، مرجع سابق، ص: 31.
[109] – Cass.com 27 nov 1972, bull, civ, n° 282;27 nov 1979, bull, civ; p 307; cass;civ,3, 17 juill 1927, bull,civ; p.344.n° 473: cass.com, 15;nov 1971, D, 1972.p.311.
أنظر: أبو بكر مهم، مرجع سابق، ص: 31.
[110] – أبو بكر مهم، المرجع نفسه، ص: 31.
[111]– Cass,civ,1 . 19 ; janv 1977, bull, civ, 1. N° 40,p.30
[112] – أبو بكر مهم، المرجع نفسه، ص: 33.
[113] – عمر محمد عبد الباقي، مرجع سابق، ص: 258.
[114] – J.Ghestin. La notion d’erreur dans le droit positif actuel. Thése paris, 2éme éd I.G.D.J 1971,n° 147, p. 178.
أنظر، أبو بكر مهم، مرجع سابق، ص: 36.
[115] – أبو بكر مهم، المرجع نفسه، ص: 36.
[116] – M.FABRE MAGNAN. De l’oblégation d’information dans les contrats, essai d’une théorie, n° 243. P. 189.
[117] – قرار رقم 9/578 الصادر بتاريخ 29/1/2009، منشور بمجلة المحاكم، العدد الثالث، سنة 2009، ص: 159.
[118] – عمر محمد عبد الباقي، المرجع نفسه، ص: 226.
[119] – أحمد محمد الرفاعي، الحماية المدنية للمستهلك إزاء المضمون العقدي، دار النهضة العربية، القاهرة، طبعة سنة 1998، ص: 113.
[120] – عبد العظيم بن عبد القوي المنذري، الترغيب و الترهيب، رواه الطبراني في الأوسط ، مرجع سابق، ص: 572.
[121] – عبد العظيم بن عبد القوي المنذري، الترغيب و الترهيب، رواه مسلم و ابن ماجة و الترمذي، المرجع نفسه، ص: 571.
[122] – عمر محمد عبد الباقي، مرجع سابق، ص: 237.
[123] – عبد العظيم بن عبد القوي المنذري، رواه الحاكم البيهقي، الترغيب و الترهيب، رواه الحاكم و البيهقي، المرجع نفسه، ص: 574.
[124]– عمر محمد عبد الباقي، مرجع سابق، ص: 236.
[125] – ممدوح محمد مبروك، أحكام العلم بالمبيع و تطبيقاته في ضوء تقدم وسائل التكنولوجيا المعاصرة وفقا للقانون المدني المصري و الفرنسي و الفقه الإسلامي و أحكام القضاء، المكتب الفني للإصدارات القانونية، سنة 2000، ص: 171.
[126] – أحمد محمد الرفاعي، مرجع سابق، ص: 142.
[127] – خالد جمال أحمد حسن، مرجع سابق، ص: 315.
[128] – سعيد سعد عبد السلام، مرجع سابق، ص: 63.
[129] – خالد جمال أحمد حسن، مرجع سابق، ص: 366.
[130] – عمر محمد عبد الباقي، مرجع سابق، ص: 228.
[131]– خديجة مضي، مرجع سابق، ص: 30.
[132] – قانون الاستهلاك الفرنسي المؤرخ في 26/7/1993.
[133] – أنظر المواد 7 و 23 و 24 من المرسوم رقم 2.12.503 الصادر في 4 ذي القعدة 1434 (11 سبتمبر 2013) بتطبيق بعض أحكام القانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك؛ الجريدة الرسمية عدد 6192 بتاريخ 26 ذو القعدة 1434 (3 أكتوبر 2013)، ص 6384.
[134] – عبد القادر العرعاري، مرجع سابق، ص: 65-66.
[135] – و هو ما يؤكده مقتضى المادة 4 من القانون 31.08 وما يليها إلى غاية الفصل 14 من ذات القانون، بحيث جاء في نص المادة 4 أنه:” يجب على المورد كذلك أن يسلم فاتورة أو مخالصة أو تذكرة صندوق أو أي وثيقة أخرى تقوم مقامها إلى كل مستهلك قام بعملية شراء وذلك وفقا للمقتضيات الجبائية الجاري بها العمل. تحدد بنص تنظيمي البيانات التي يجب أن تتضمنها الفاتورات والمخالصات والتذاكر والوثائق المشار إليها أعلاه”.
[136] – و هو ما يظهر في نص الفقرة الثانية من المادة 3 من القانون 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك، التي جاء فيها أنه:”… ، يجب على كل مورد أن يعلم المستهلك بوجه خاص عن طريق وضع العلامة أو العنونة أو الإعلان أو بأي طريقة مناسبة أخرى بأسعار المنتوجات والسلع…”.
[137] – بوعبيد عباسي، مرجع سابق، ص: 338.
[138] – بحيث نصت المادة2/125 من القانون المدني المصري على أنه:” و يعتبر تدليسا السكوت عمدا عن واقعة أو ملابسة إذا ثبت أن المدلس عليه، ما كان ليبرم العقد لو علم بتلك الواقعة أو هذه الملابسة”.
[139] – Cass,com , 13 oct, 1980, D, 1981, IR, p, 309. أنظر، عمر محمد عبد الباقي، مرجع سابق، ص: 275.
[140] – Cass, civ, 1 er ch 10 janv ; 1989. P.T.D.Civ, 1989.p 736. أنظر، عمر محمد عبد الباقي، المرجع نفسه، ص: 275.
[141] – أمينة أيت حسين، القانون المدني- دراسة حديثة للنظرية العامة للالتزام، مصادر الالتزام، الجزء الأول، الطبعة الأولى، سنة 2017، ص: 151.
[142] – بوعبيد عباسي، مرجع سابق، ص: 374.
[143]– و الذي تم نسخه بمقتضى الفصل 197 من القانون 31.08 المحدد لتدابير حماية المستهلك.
[144] – خديجة مضي، مرجع سابق، ص: 33-34.