التأمين على عواقب الوقائع الكارثية
دراسة تحليلة للقانون 110.14 المتعلق بتغطية عواقب الوقائع الكارثية
تعتبر الكوارث من بين الأحداث المفجعة التي تصيب مناطق مختلفة من العالم ، و نادرا ما نجد دولة من الدول لم تصب بكارثة من أي نوع، حيث توجد في الأساس ثلاث أنواع مختلفة من الكوارث التي قد تصيب المجتمع و هي الكوارث الطبيعية التي تعتبر ظواهر غير طبيعية يكون ضررها على الانسان كبير كالزلازل و الفيضانات .
ثم نجد بعد ذلك الكوارث التي من صنع الانسان و هي الكوارث التي تكون ناتجة عن تغيرات غير محسوبة تصيب المجتمع و ينتج عنها خسائر جسيمة في المنشآت و الأفراد و تنحصر في الكوارث الصناعية و البشرية كانفجار المصانع و حوادث التصادم .
و أخيرا الكوارث المشتركة بين الطبيعة و الانسان فهي تلك الكوارث التي تبدأ بفعل الانسان تم تلعب الطبيعة دورا أساسيا في زيادة حجمها و آثارها، و من أمثلتها حرائق القرى التي تبدأ محدودة نتيجة إهمال البشر ثم تعمل سرعة الرياح على انتشارها إلى الحد الذي يأتي على القرية بأكملها .
و يعتبر المغرب من بين الدول التي لم تسلم من تعرضها للكوارث بسبب التغيرات المناخية و موقعه الجيواستراتيجي، حيث نذكر من بينها الزلزال الذي أصاب مدينة الحسيمة و الاعتداءات الارهابية الشنيعة التي تعرضت لها مدينة الرباط و كذلك الفياضانات التي أصبت بعض المناطق الجنوبية في المغرب كالفيضان الذي أصاب مدينة كلميم و خلف عدة خسائر مادية و بشرية … و آخرها هو وباء كوفيد-19 الذي انتقل إلى تراب المملكة جراء الانتشار السريع له و جعل الحكومة المغربية تقر بحالة الطوارئ الصحية وتقيد الحركة في البلاد من أجل إبقاء هذا الفيروس الخطير تحت السيطرة والحد من انتشاره السريع .
لذلك أمام هذا الحجم الكبير من الخسائر التي يتعرض لها المجتمع المغربي في ظل الكوارث التي أصابتهم، جعلتهم يحملون المسؤولية إلى الدولة باعتبارها المسؤول الأول عن تعويض هذه المخاطر، حيث اتجه القضاء الاداري المغربي إلى تحميل الدولة المسؤولية و إلزامها بالتعويض إثر بروز حالات جديدة و استثنائية كالحوادث الاجرامية و الاعتداءات الارهابية و الكوارث الطبيعية و الكوارث العالمية إلى غير ذلك من النشاطات المشروعة أو غير المشروعة أو الفجائية التي تسبب أضرارا وخيمة على البشر و المجتمع المغربي .
حيث بنى القضاء الاداري مسؤولية الدولة على أساس المسؤولية بدون خطأ و التي تدخل فيما يسمى بالتضامن الوطني أو الاجتماعي ، حيث نجد من بين القرارت القضائية التي أقرت بهذا المبدأ قرار للغرفة الادارية بمحكمة النقض عدد 4 صادر بتاريخ 8 يناير 2015 الذي أقر بمسؤولية الدولة بسبب أعمال الشغب و الاحراق و النهب جاء في حيثياته أنه : “من المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن الأضرار الناتجة عن أعمال الشغب التي تقوم بها جماعات تحركها قناعات و خلفيات مشتركة … من أجل تحقيق أهداف و غايات تروم ضرب استقرار الدولة و زرع القلاقل فيها و المساس بأمنها، تسأل عنها الدولة في إطار التضامن الوطني بصرف النظر عن قيام الخطأ في جانب مرفق الأمن من عدمه“[1] .
إذن أمام حجم المسؤولية التي قد تثار على الدولة في مواجهة الخسائر المادية و البشرية التي يتعرض لها المجتمع المغربي، و باعتبار أن التأمين من بين السياسات التي أخذت بها الدول للتخفيف من آثار هذه الكوارث و التقليل من حدتها، فقد قامت الحكومة المغربية بالمصادقة على مشروع قانون 110.14 [2] يتعلق باحداث نظام لتغطية عواقب الوقائع الكارثية و بتغيير و تتميم القانون رقم 17.99 المتعلق بمدونة التأمينات و الذي دخل حيز التنفيذ في يناير 2020 ، حيث يتكون من 71 بندا يهدف إلى وضع آليات تعويض فعالة و مستدامة لصالح ضحايا الكوارث في جميع أشكالها ، كما يروم هذا القانون كذلك إلى وضع نظام مزدوج لحماية لحماية و تعويض ضحايا الكوارث سواء كان لهم علاقة بشركات التأمين كمؤمنين أو كانوا أشخاص ذاتيين لا يتوفرون على تغطية و ذلك عن طريق صندوق التضامن .
و لانجاح هذا القانون الجديد، فإن المشرع عمل على إصدار مرسوم رقم 2.19.244 بإحداث رسم شبه ضريبي يسمى ” رسم التضامن ضد الوقائع الكارثية ” من أجل المساهمة في ميزانية صندوق التضامن لعواقب الكوارث، كما وقع كل من وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة السيد محمد بنشعبون، والمدير الإقليمي لدائرة المغرب العربي في البنك الدولي جيسكو هنتشيل بالرباط اتفاقا بقيمة 275 مليون دولار من أجل دعم سياسات التنمية لتدبير مخاطر الكوارث الطبيعية، يتضمن خيار سحب مؤجل في حالات الكوارث [3] و هو اتفاق يتعلق بخط وقاية يمكن استعماله في حالة وقوع كارثة ويشكل ضمانة للمغرب .
- أهمية الموضوع :
لذلك يتضح مما سبق ان هذا الموضوع من الأهمية بما كان، ذلك أن هذا القانون حديث الصدور سيسمح بتعويض الأشخاص المتضررين من جراء الكوارث الخطيرة التي قد تقع بالمملكة المغربية ، و أن دراسته بطريقة تحليلية ستساعد القارئين و المهتمين من فهم مضامين هذا القانون و معرفة كيفية اتباع المسطرة أمام المؤسسة المعنية من أجل الحصول على التعويض المستحق .
- دوافع اختيار الموضوع :
كان الدافع وراء اختيار هذا الموضوع، هو التعرف على المساطر و الاجراءات التي يجب اتباعها من طرف المواطنين الذين قد يكونوا مهددين بخطر الوقائع الكارثية في ظل ازدياد و ارتفاع حجمها ، كما أن هذا الموضوع يبقى من المواضيع المستجدة على الساحة القانونية خاصة و ان هذا القانون لم يتم تطبيقه بشكل واقعي و لازال جامدا و ذلك لعدم حدوث واقعة كارثية .
- اشكالية الموضوع :
إن معالجة اي موضوع يتطلب منا طرح اشكالية يثيرها و يتعين بعد ذلك معالجتها و مناقشتها، و موضوع مقالنا هذا يطرح بدوره اشكالية أساسية تتمثل في :
إلى أي حد استطاع المشرع المغربي خلق نظام ناجع لتغطية عواقب الوقائع الكارثية أمام جسامة الخسائر التي قد تخلفها هذه الكوارث على المجتمع المغربي ؟
و عن هذه الاشكالية تتفرع عدة أسئلة منها : ماهو تعريف الواقعة الكارثية ؟ و من هم الأشخاص الذين يستفيدون من هذا القانون ؟ و ما هي المؤسسات التي تتدخل في تطبيق هذا النظام ؟ و ماهي المساطر الواجب تتبعها من أجل الحصول على التعويض المناسب ؟
المبحث الأول : التأطير النظري للتأمين على عواقب الوقائع الكارثية
يقوم القانون 110.14 المتعلق بإحداث نظام تغطية لعواقب الوقائع الكارثية على مجموعة من المصطلحات، أطرها المشرع المغربي بتعريف خاصة، إضافة إلى أن المشرع حدد نطاق تطبيق هذا القانون من حيث الأشخاص الذين سيستفيدون من هذا النظام و كذا المؤسسات التي تقوم بتطبيق هذا النظام .
لذلك سنتطرق أولا إلى تعريف الواقعة الكارثية و نتعرف على شروط الاعلان عنها ( المطلب الأول ) ، لنتطرق بعد ذلك لنطاق تطبيق هذا القانون ( المطلب الثاني ) .
المطلب الأول : تعريف الواقعة الكارثية
عرف المشرع المغربي الواقعة الكارثية في المادة 3 من القانون 114.10 بأنها : ” كل حادث تنجم عنه أضرار مباشرة في المغرب ، يرجع السبب الحاسم فيه إلى فعل القوة الغير عادية لعامل طبيعي أو إل فعل عنيف للانسان ” .
فالواقعة الكارثية إذن هي كل حادث أو خطر تنجم عنه أضرار في مجموع المملكة المغربية و يرجع سببها في قوة غير عادية بسبب عامل طبيعي أو فعل الانسان العنيف أو ما يعتبر في حكمها و بالتالي فالواقعة الكارثية تتكون من ثلاثة شروط أساسية هي : أن يكون سبب الواقعة الكارثية قوة غير عادية أو ما يقع في حكمها [4] و أن تحدث آثارها في في المغرب لا خارجه ، ثم أن تنجم الأضرار بطريقة مباشرة عن الواقعة الكارثية .
أما عن شرط تواجدها بالمغرب ، فهو يعني مجموع المملكة المغربية و سفنها و طائراتها و الحدود البحرية … بمعنى إذا ما تم وقوع واقعة كارثية خارج المملكة فهو لا يكون خاضعا لهذا النظام و لو كان ضحاياها أشخاص مغاربة ، لذلك فإن الأشخاص الموجودون في تراب المملكة سواء كانوا مغاربة أو أجانب مقيمين فهم يستفيدون من هذا النظام .
أما عن شرط أن تكون ناجمة عن قوة غير عادية ، فقد حدد لها المشرع المغربي في المادة 3 من نفس القانون المواصفات التي يجب أن تتوفر في كل عامل من عوامل القوة غير العادية ، فإذا كان الأمر يتعلق بعامل طبيعي يجب أن يتوفر فيه عنصرين هما :
- شرط الفجائية: أي أن يكون العامل الطبيعي فجائيا و غير متوقع ، أما إذا كان متوقعا فيجب أن تكون التدابير الاعتيادية لا تمكن من تفادي هذا الحادث أو تعذر امكانية اتخاذها
- شرط الاضراربالعموم : أي أن تشكل آثار الحادث خطورة على العموم و تؤدي إلى أضرار وخيمة تمس بمجموعة من أفراد المجتمع .
في حين إذا تعلق الأمر بفعل عنيف ناتج عن الانسان اشترط فيه عنصران :
- شرط أن تكون أفعال خطيرة: حيث المشرع المغربي اعتبر الفعل الخطير أو العنيف من الانسان هو كل ما يشكل إرهابا [5] أو أي فتن أو أي اضطرابات شعبية ، أي كل الأفعال التي يقوم بها مجموعة من الأفراد في سبيل الاضرار بالمجتمع ، سواء دخل في مفهوم صور هذه الأخيرة أو كان في حكمها مثل الثورات الشعبية .
- شرط الاضراربالعموم : و هو نفس الشرط الذي تحدثنا عنه سابقا ، فيجب أن يكون الفعل العنيف من الانسان يشكل خطورة تؤدي للاضرار بشدة بالعموم أو بأفراد المجتمع ، و هذا ما يؤدي إلى القول أنه ليس كل الأفعال الارهابية أو التي تشكل ارهابا تدخل في نظام تعويض عواقب الكوارث و خصوصا التي تستهدف شخصا أو أشخاصا معينين و ليس العموم فمثلا فعل ادخال أو وضع مادة تعرض صحة الإنسان أو الحيوان أو المجال البيئي للخطر ، في الهواء أو في الأرض أو في الماء ، بما في ذلك المياه الإقليمية [6] يمكن أن يعتبر فعلا يدخل في نظام تغطية عواقب الكوارث لأن آثاره تستهدف العموم و تمسهم بالدرجة الأولى ، و لكن الجرائم التي تتعلق بنظم المعالجة الآلية للمعطيات ( و تعتبر إرهابا في حكم القانون 03-03 ) هي تستهدف في الغالب منشئة أو مؤسسة معينة و لا العموم .
و أخيرا فإن شرط أن يكون مباشرا هو أن تكون الأضرار التي نتجت عن الواقعة الكارثية كانت ناجمة بطريقة مباشرة من هذه الأخيرة حيث أن الأضرار الغير مباشرة التي تنجم عن الكارثة لا تدخل في تطبيق هذا النظام .
لكن المشرع المغربي استثنى من تعريف الواقعة الكارثية [7] ، استعمال المواد أو الأسلحة الكيماوية أو البيولوجية أو الجرثومية أو الاشعاعية أو النووية ، و كذلك الحرب الأهلية أو الحرب الخارجية أو أعمال العدوان المشابهة ، فرغم أن هذه الأفعال تدخل في قائمة الأعمال العنيفة التي يقوم بها الانسان إلا أن المشرع المغربي قد استبعدها من قائمة الوقائع الكارثية ، حيث ذلك راجع – حسب تقديري الشخصي – إلى اعتبارها أخطار تهدد أمن الدولة و استقرارها بالدرجة الأولى و أن عواقبها لا يمكن أن يتم تعويضها .
كما استثنى المشرع المغربي من الوقائع الكارثية الجريمة الالكترونية ، ذلك لوجود تشريع خاص ينظمه سواء في القانون الجنائي أو باقي القوانين الأخرى [8] ، و لاعتبارها لا تدخل في تعريف الواقعة الكارثية ( رغم أنها من فعل الانسان ) بل هي جرائم ترتكب تجاه أفراد في سبيل الحصول على مصلحة غير مشروعة .
يبقى اخيرا، أن نتسائل هل وباء كوفيد-19 المستجد يعتبر واقعة كارثية تؤدي إلى تطبيق هذا النظام على الأشخاص المصابين أو المتوفين ؟ الجواب على هذا السؤال هو بلا ، ذلك لأن هذا الفيروس رغم أنه يعتبر قوة غير عادية إلى أنه لا تتوفر فيه عنصر الفجائية المشترط في الواقعة الكارثية ، ذلك أن السلطات المغربية كانت تعلم بوجود هذا الفيروس ، و بعد اكتشاف حالة في المغرب و بدء انتشار هذا الفيروس ، و جعل بذلك الحكومة المغربية تعلن عن حالة الطوارئ من أجل الاحاطة بهذا الفيروس و القضاء على آثاره .
المطلب الثاني : نطاق تطبيق نظام التغطية على عواقب الوقائع الكارثية
هذا النطاق ينقسم إلى قسمين ، حيث نظم هذا القانون الأشخاص الذين يستفيدون من نظام تغطية عواقب الوقائع الكارثية ( الفقرة الأولى ) ، ثم قام المشرع المغربي يتنظيم المؤسسات الادارية التي تتدخل من أجل تطبيق هذا النظام و تعويض الأشخاص المستفيدين منه ( الفقرة الثانية ) .
الفقرة الأولى : الأشخاص المستفيدين من التغطية
نظم المشرع المغربي الأشخاص الذين يستفيدون من نظام التغطية لعواقب الوقائع الكارثية ، حيث ينقسم هؤلاء الأشخاص إلى فئتين ، فئة الأشخاص الذين لا يتوفرون على تغطية حول الوقائع الكارثية ( أولا ) ، و فئة الأشخاص الذين يتوفرون على تغطية لدى شركات التأمين ( ثانيا).
أولا – الفئة الغير متوفرة على تغطية
نظم المشرع المغربي هذه الفئة باعتبارها لا تتوفر على تغطية سابقة حول الوقائع الكارثية في القانون 110.14 و ذلك في المادتين 28 و 29 و ذلك في الجزء الفرعي الأول من الفرع الرابع في الباب الثالث من هذا القانون و الذي عنونه بالأشخاص المؤهلين للاستفادة من التعويضات التي يمنحها صندوق التضامن ، إضافة إلى المواد 36 و 37 من نفس القانون في االجزء الفرعي الثالث من نفس الباب .
عرفت المادة 28 في فقرتها الأخيرة هذه الفئة بأنها كل شخص لا يتوفر على أي تغطية ضد عواقب الواقائع الكارثية أو يستفسد من تغطية تمنحه تعويضا أقل من التعويض الذي كان صندوق التضامن سيمنحه له لو لم يكن يتوفر على أي تغطية ، و في هذه الحالة الأخيرة – أي حالة وجود تغطية أقل – ، يخصم التعويض الممنوح في إطار هذه التغطية من المبلغ الذي يمكن للشخص أن يحصل عليه من الصندوق الذي يمنح التعويض .
و هؤلاء الأشخاص الغير مستفيدين من تغطية أو لهم تغطية أقل حددتهم نفس المادة في فئتين اثنتين هما :
فئة الأشخاص الذين أصيبوا بضرر بدني ناجم مباشرة عن الواقعة الكارثية بمن فيهم أولئك الذين يساهمون في عمليات الانقاذ و الاغاثة و استتباب الأمن المرتبطة بهم الواقعة أو ذوي حقوقهم في حالة وفاة هؤلاء الأشخاص أو فقدانهم . هذه الفئة يشترط فيها حتى تستفيد من هذا النظام أن تكون أشخاصا طبيعية أو من الأشخاص المكلفين بالاغاثة و الأمن و عمليات الانقاذ ( مثل رجال الاطفاء أو رجال الشرطة … ) ، أصيبوا بضرر بدني و ذلك بشكل مباشر عن واقعة كارثية ، و تؤدى التعويضات إما لهم إذا كانوا لا زالوا على قيد الحياة أو إلى ذوي حقوقهم [9] في حالة وفاتهم أو فقدانهم [10] .
ثم فئة أعضاء العائلة [11] و الأشخاص غير الأعضاء في هذه العائلة عندما يكون أزواجهم أو أطفالهم الذين هم تحت كفالتهم أو هم معا أعضاء في العائلة ، عندما تسبب الواقعة الكارثية بشكل مباشر في جعل مسكنهم الرئيسي [12] غير صالح للسكن. و قد عرفت المادة 2 من القانون 110.14 من هم أعضاء العائلة الذين يستفيدون من هذا النظام و ماذا نعني بالمسكن الرئيسي الذي يصبح غير صالح للسكن .
أما عن الأشخاص غير أعضاء في العائلة هم الأشخاص الذين ينتمي أولادهم و أزواجهم إلى أعضاء العائلة و يكونان تحت كفالتهم ، و قد حددهم المشرع المغربي في المادة 37 و 38 في المالك و المكتري غير العضو في العائلة .
أخيرا تستثنى من هذه الفئة المستفيدة من النظام دون وجود تغطية سابقة كل من اختل شرط من الشروط المنصوص عليها في المادة 28 من القانون 110.14 مثل عدم وجود ضرر بدني أو عدم استيفاء المسكن الرئيسي على المدة المشترطة فيه أو وجود تغطية سابقة للشخص حول الكوارث التي قد تصيبه … كما أضافة المادة 29 من النفس القانون اسثناء الفاعلين الأصليين و المساهمين و المشاركين في فعل إرهابي أدى إلى حدوث الواقعة الكارثية حيث لا يستفيد هؤلاء من التعويض عن الكوارث التي تنجم عن أفعالهم و كذلك ذوو حقوقهم لا يستفيدون من التعويضات عن فقدان مورد العيش من جراء وفاة الأشخاص السابق ذكرهم .
ثانيا – الفئة المتوفرة على تغطية
إضافة لما سبق، فإن القانون 110.14 أفرغ مقتضيات حمائية على الأشخاص المستفيدين من تغطية أو تأمين ، حيث أن هذا القانون قد عدل مجموعة من المقتضيات المتعلقة بالقانون 17.99 الذي ينظم مداونة التأمينات [13] ، حيث حددت المواد من 64-1 إلى 64-4 من نفس القانون الأشخاص المستفيدون من هذه التغطية الاجبارية ، و قد قسمهم المشرع المغربي إلى ثلاث فئات و هي :
فئة عقود التأمين التي تغطي الأضرار اللاحقة بالأموال [14]، ذلك أن الضمان يغطي الأضرار اللاحقة بالمؤمن له شخصيا فقط و التي تمس أمواله الشخصية المؤمن عليها مثل عقود التأمين على السيارات …
فئة عقود التأمين التي تغطي المسؤولية المدنية التي يمكن أن تثار بسبب الأضرار البدنية أو المادية اللاحقة بالأغيار و التي تسببت فيها عربة برية ذات محرك، حيث عندما يكون المالك شخصا معنويا، يستفيد من هذه التغطية كل من مالك العربة المؤمن عليها عن الأضرار اللاحقة بها، ثم كل من سائق العربة أو ذوي حقوقه في حالة موته و كذلك كل شخص منقول على متن العربة أو ذوي حقوقهم في حالة موتهم .
أما إذا كان المالك شخصا ذاتيا، فيستفيد من هذه التغطية عن الأضرار البدنية كل من مالك العربة و أزواجه و أولاده[15] الموجودون تحت كفالته أو ذوي حقوقهم في حالة موتهم .
و أخيرا فئة عقود التأمين التي تغطي المسؤولية المدنية التي يمكن أن تثار بسبب الأضرار البدنية اللاحقة بالاغيار – غير تلك التي ذكرناها سابقا – فهنا يستفيد من الضمان الأشخاص غير مأموري المؤمن له [16] أو ذوي حقوقهم عن الأضرار اللاحقة بهم في حالة موتهم و ذلك بشرط وجودهم في الأماكن التي نص عليها عقد التأمين .
و قد استثنت المادة 64-1 من مدونة التأمينات من هذه التغطية الاجبارية كل من عقود التأمين على الطيران و عقود تأمين الأضرار اللاحقة بالمحاصيل الزراعية غير المخزنة و بالمزروعات و بالأغراس الفلاحية ، حيث يبقى للمؤمن له في هذه العقود الاختيار في إضافة نظام التغطية على عواقب الكوارث أو لا .
الفقرة الثانية : المؤسسات الفاعلة في نظام التغطية على عواقب الكوارث
حدد القانون المتعلق بنظام تغطية عواقب الكوارث مجموعة من المؤسسات التي تتدخل من اجل تطبيق مقتضياته القانونية على الأشخاص المتضررين من جراء الكوارث التي قد تحدث، و تقسم هذه المؤسسات إلى مؤسسات خاصة بمراقبة و تتبع الكوارث التي قد تحدث في المملكة المغربية و هي لجنة تتبع الوقائع الكارثية ( أولا ) ، ثم مؤسسات خاصة بمنح التعويض للأشخاص الذين تتوفر فيهم الشروط المنصوص عليها في هذا القانون و هي شركات التأمين [17] و صندوق التضامن ضد عواقب الكوارث ( ثانيا ) و أخيرا لجنة تسوية النزاعات التي تختص يحل النزاعات القائمة بين الصندوق و المستفيدين من التعويض ( ثالثا ) .
أولا – لجنة تتبع الوقائع الكارثية
نظم المشرع المغربي هذه اللجنة في الباب الثاني من القسم الأول من القانون 110.14 حيث خصص لها ستة مواد و ذلك من المادة 9 إلى المادة 14 من نفس القانون و يمكن أن نعرف هذه اللجنة بأنها مؤسسة خاصة تم تأسيسها بموجب قانون إحداث نظام لتغطية عواقب الكوارث ، و أنيط لها بمجموعة من الاختصاصات و المهام في سبيل تنفيذ هذا النظام ، و تتألف هذه اللجنة من ممثلي الادارة و رئيس يتم تعيين من الأعضاء الممثلين و كذلك أعضاء يتم اختيارهم نظرا لكفائتهم في الميدان المتعلق بالوقائع الكارثية أو تقييم الأضرار الناجمة عنها و ذلك لمدة 4 سنوات قابلة للتجديد[18].
أما عن مهام هذه اللجنة ، فهي تنقسم إلى مهام عامة حددتها المادة 9 من نفس القانون، و مهام خاصة حددتها المادة 13 و 14 من نفس القانون .
أما بالنسبة للمهام العامة فهي تتمثل في جمع كل المعلومات لدى الادارات أو مصالح الدولة أو الجماعات الترابية أو اي هيئة أخرى و العمل على انجاز كل دراسة تتعلق بظروف و آثار الواقعة المعروضة أمامهم ، و يساعدون في هذا الصدد صندوق التضامن ضد الوقائع الكارثية في تقييم الأضرار اللاحقة بضحايا هذه الأخيرة .
كما يمكن للجنة التتبع أن تبدي رأيها للحكومة في شأن الواقعة الكارثية المعروضة أمامها و تقدم مجموعة من الاقتراحات بشأن جميع التدابير الهادفة إلى تحسين النظام.
أما بالنسبة للمهام الخاصة ، فقد أحدث القانون لجنة خبرة تتكون من أعضاء لجنة التتبع أو أي عضو بصفة استشارية يمكن أن تضمها له إن رأت فائدة من استطلاع رأيه و تتضطلع بمجموعة من المهام تتمثل في :
إعطاء لجنة التتبع بناء على طلبها تقييما اجماليا أوليا حول الأضرار اللاحقة بالبنايات من جراء واقعة كارثية ، كما تقوم بإبداء رأيها حول حالة المساكن التي تضررت من جراء الواقعة و تقيم الضرر اللاحقة بالمساكن و كلفة إعادة البناء من جديد إما كليا أو جزئيا و إعطاء القيمة الإيجارية لكل مسكن أصبح غير صالح للسكن .
كما يمكن للجنة الخبرة أن تنجز لحساب شركات التأمين و إعادة التأمين بناء على طلبها خبرات لتقييم الأضرار اللاحقة بالضحايا المؤمنين برسم عقود التأمين التي تشمل ضمانا حول عواقب الوقائع الكارثية و تتحمل هذه المقاولات المعنية مصاريف و أتعاب الخبرات[19]. و في الأخير فإن لجنة الخبرة تعد تقريرا تضمن فيه استنتاجاتها بشأن المسائل التقنية موضوع الخبرة لتمنحه للجنة التتبع قصد الاطلاع عليه .
من جهة ثانية ، فإن لجنة التتبع قد منحها القانون مجموعة من الاختصاصات التي تساعد على ممارست مهامها ، ذلك أنه بالرجوع إلى المادة 10 من نفس القانون نجدها أعطت للجنة حق الولوج إلى أماكن الواقعة المعروضة على أنظارها و كذا الاستفادة من مساعدة السلطات المحلية و الوطنية مع مراعاة الأحكام التشريعية و التنظيمية المخالفة و كذا التدابير الأمنية التي تحددها السلطات المختصة، كما يمكنها هذا النظام من الحصول على كل المعلومات و البيانات التي تراها ضرورية للقيام بمهامها و ليس للقيام بأغراض أخرى و يمكنها كذلك الاطلاع في أي وقت على سجل التعداد المنصوص عليه في المادة 8 من هذا القانون .
فهذه المهام و الاختصاصات أو التسهيلات التي أعطاها المشرع المغربي لهذه اللجنة فهو في سبيل التطبيق و تنفيذ نظام التعويض على العواقب الكارثية ، و قد عاقب المشرع المغربي في المادة 67 من القانون 110.14 كل الاشخاص الذين يحضرون اجتماعات لجنة التتبع أو الخبربة أو صندوق التضامن من بعد و لم يقوموا بالحفاظ على السر المهني و على سرية المعلومات التي يتلقونها .
ثانيا– صندوق التضامن ضد الوقائع الكارثية
نظم المشرع المغربي هذه المؤسسة و ذلك من المادة 15 إلى المادة 26 من القانون 110.14 ، حيث يمكن ان نعرف هذا الصندوق بأنه شخص اعتباري خاضع للقانون العام يتمتع بالاستقلال المالي و يضطلع بمجموعة من المهام في سبيل تطبيق مقتضيات نظام التغطية على عواقب الكوارث ، كما تخضع لوصاية الدولة و كذلك للمراقبة المالية للدولة المطبقة على المقاولات العمومية و على الهيئات الأخرى طبقا للنصوص التشريعية الجاري بها العمل [20].
من خلال التعريف السابق ذكره فإن هذه المؤسسة تتكون من مجموعة من الأجهزة التي تسير هذا الصندوق و ميزانية مالية من أجل تدبير النفقات و المداخيل التي تشمل ميزانية الصندوق، و أخيرا فإن هذا الصندوق يضطلع بمجموعة من المهام في سبيل تطبيق مقتضيات هذا القانون و على الخصوص تعويض الأشخاص المتضررين من جراء هذه الواقعة الكارثية .
أما عن مهام أو الأهداف العامة لهذا الصندوق ، فقد تم تحديدها في المادة 17 من هذا القانون ، حيث تشمل تعويض ضحايا الوقائع الكارثية وفقا لمقتضيات هذا القانون ، منح قروض لمقاولات التأمين و إعادة التأمين [21] في إطار اتفاقيات مثل عمليات التأمين و إعادة التأمين على عواقب الكوارث ، كما يقوم الصندوق بالمساهمة في الضمان الممنوح من طرف الدولة و يقوم بصياغة اقتراحات و إعداد معطيات احصائية و مالية و انجاز الدراسات المهمة التي لها علاقة بعواقب الكوارث مع ابلاغها إلى الادارة .
من جهة ثانية ، فهذه المؤسسة تتكون من أجهزة إدارة و تسيير ، حيث نظمها المشرع في الفرع الثاني من الباب الثالت من هذا القانون و ذلك من المادة 18 إلى المادة 24، و هذه الأجهزة تتمثل في مجلس إدارة يدير هذا الصندوق و مدير يسيره .
بالنسبة لمجلس الادارة فيترأسه رئيس الحكومة أو السلطة الحكومية المفوضة من لدنه و يتكون من خمسة ممثلين من الادارة و ممثل عن هيئة مراقبة التأمينات و الاحتياط الاجتماعي تعينه هذه هيئة ، إضافة إلى ممثلين عن مقاولات التأمين و إعادة التأمين المعتمدة في المغرب يتم تعيينهما من طرف رئيس الحكومة لمدة خمس سنوات باقتراح من الجامعة المغربية لشركات التأمين و إعادة التأمين [22]، و كما يمكن لكل شخص بصفة استشارية أن يحضر إلى اجتماعات المجلس إذا رأى فيه فائدة من ذلك .
و قد عهد له المشرع المغربي بعدة اختصاصات و سلطات منها ما يخص ميزانية الصندوق كدراسة و حصر ميزانية السنة المالية الموالية و كذا حصر الحسابات السنوية [23] للسنة المالية، و أخرى تخص النظام الداخلي للصندوق كإعداد النظام الأساسي للمستخدمين و نظام تعويظهم ، تحديد أجرة عن الخدمات المقدمة من طرف صندوق التضامن ، و حصر الهيكل التنظيمي الذي يحدد البنيات التنظيمية و اختصاصاتها، كما هناك سلطات تهم الاتفاقات و الأعمال التي يقوم بها مثل تحديد شروط و كيفيات تكوين الاحتياطات منها المتعلقة بتوظيف الأموال [24] و ذلك بعد استطلاع رأي هيئة مراقبة التأمينات و الاحتياط الاجتماعي، إضافة إلى إصدار اقتراضات أو اللجوء إلى القروض البنكية و المصادقة على الاتفاقيات المنصوص عليها في المادة 17 و 24 من نفس القانون [25] .
إضافة إلى مجلس الادارة ، نجد كذلك المدير الذي كلفه مجلس الصندوق حسب المادة 18 و 21 من قانون تغطية عواقب الكوارث بتسيير و تدبيير قضايا معينة تهم صندوق التضامن ، حيث يتمتع المدير انطلاقا من مقتضيات المادة 23 من نفس القانون بمجموعة من الاختصاصات و السلط التي تساعده على تدبير مهام التسيير[26] كتنفيذ قرارات مجلس الادارة و إعداد التقرير السنوي المتعلق بالتسيير، كذلك تمثيل صندوق التضامن تجاه الدولة و كل إدارة أو مؤسسة عمومية أو خصوصية ، أمام الأغيار و كذلك أمام القضاء مع القيام بكل إجراء قضائي أو تحفظي لفائدته، زيادة على الحضور إلى اجتماعات مجلس الادارة [27] و اجتماعات اللجنة أو اللجان المحدثة من طرف هذا الأخير بصوت استشاري و بصفته مقرر .
من جهة أخيرة ، فإن القانون المنظم لنظام التغطية على عواقب الكوارث قد نظم المقتضيات المالية الخاصة بصندوق التضامن في الفرع الأخير من الباب الثالث و ذلك من المادة 25 و 26 من نفس القانون، حيث تشمل ميزانية هذا الأخير بابين اثنين الأول متعلق بالمداخيل يشمل حصة أولية مدفوعة من الدولة محدد في قانون المالية، الأجرة عن الخدمات المقدمة، عائدات الرسوم شبه الضريبية المحدثة لفائدته بنص تنظيمي، و المصاريف و الأتعاب المؤداة من قبل شركات الـتأمين و إعادة التأمين برسم عمليات الخبرة المنجزة لفائدتها … إلى غير ذلك .
أما عن الثاني هو المتعلق بالنفقات و يشمل التعويضات المدفوعة لفائدة ضحايا الوقائع الكارثية و كذلك القروض الممنوحة لمقاولات التأمين و إعادة التأمين [28] ، نفقات التسيير و الاستثمار و مصاريف تسيير و تجهيز لجنة التتبع و كذا لجنة الخبرة … إلى غير ذلك من النفقات الأخرى .
ثالثا – لجنة تسوية النزاعات
نظم المشرع المغربي في الفرع الخامس من الباب الثالث من المادة 54 إلى المادة 63 من القانون 110.14 هذه اللجنة حيث عرفها المشرع بأنها لجنة تتولى البث في كل نزاع قائم بين ضحايا واقعة كارثية أو ذوي حقوقهم و صندوق التضامن قبل إقامة أي دعوى قضائية و ذلك وفقا للشكليات و المساطر المنصوص عليها في قانون تغطية عواقب الوقائع الكارثية.
و هذه اللجنة تتكون من رئيس يتمثل في قاض من المجلس الأعلى للسلطة القضائية، إضافة إلى ممثل من الادارة و طبيبين ممارسين بالقطاع العام متخصصين في مجال طبي ذي صلة وثيقة بالنزاع و كذا خبير في مجال البناء و العقار يتم اختياره من بين الخبراء القضائيين المسجلين في الجدول الوطني [29] ، إضافة إلى أن كل شخص ترى فيه اللجنة فائدة يمكن أن يحضر بصفة استشارية . وأخيرا فإن لجنة التسوية تتكون لكل واقعة كارثية.
هؤلاء الأعضاء المكونين للجنة التسوية، واجب عليهم أن يستمروا في القيام بمهامهم إلى نهايتها و لا يجوز لهم التخلي عن هذه المهمة إلا لسبب مشروع و بعد ارسال إشعار لرئيس الللجنة بذلك حيث أن الموافقة أو الرفض يبقى خاضع للسلطة التقديرية للرئيس ذلك أنه في حالة الموافقة على الرسالة يعوض كل عضو بنائبه يتم تعيينه وفق نفس الكيفيات التي يعين بها العضو الرسمي مع تعويضه[30] .
المبحث الثاني : اجراءات الحصول على تعويض عواقب الوقائع الكارثية
بعد التعرف على المفاهيم العامة و المؤسسات التي تسعى إلى التطبيق السليم لهذا القانون، كان لازما هنا أن نتطرق إلى الجانب العملي و التطبيقي لهذا الأخير، حيث نظم المشرع المغربي مجموعة من التعويضات المستحقة التي يحصل عليها الاشخاص المستفيدون من هذا النظام أو ذوي حقوقهم في حالة موتهم أو فقدانهم ، و ذلك كله وفقا لمسطرة ادارية محددة يتم اتباعها أمام صندوق التضامن في حالة الاشخاص الغير مستفيدين من تغطية سابقة ، و أمام شركات التأمين بالنسبة للأشخاص الذين يتوفرون على تغطية سابقة .
إلا أنه للاشارة فإننا سنركز فقط على المسطرة المتبعة أمام صندوق التضامن و كيفية الطعن فيه لأن المسطرة التي تتبع أمام شركات التأمين هي نفسها المتبعة في ظهير 2 أكتوبر 1984 المنظم لتعويض المصابين في حوادث تسببت فيها عربات برية ذات محرك.
لذلك سنتطرق إلى أنواع التعويضات المستحقة في ظل هذا القانون ( مطلب الأول ) ثم سنتطرق إلى المسطرة الادارية المتبعة من أجل استيفاء التعويض عن عواقب الوقائع الكارثية ( المطلب الثاني) .
المطلب الأول : أنواع التعويضات المستحقة على عواقب الوقائع الكارثية
كما اشرنا سابقا فهذه التعويضات تنقسم حسب أنواع الأشخاص المستفيدين من التعويضات ، لذلك سنتطرق إلى التعويضات التي يستحقها الاشخاص الغير مستفيدون من تغطية سابقة ( الفقرة الأولى ) و بعد ذلك سننتقل إلى التعويضات المستحقة للأشخاص المستفيدين من تغطية سابقة ( الفقرة الثانية ) .
الفقرة الأولى : التعويض المستحق للأشخاص الغير متوفرون على التأمين
حدد المشرع المغربي الأضرار التي يشملها التعويض للفئة التي لا تتوفر على تغطية أو تأمين في الجزء الفرع الثاني و الثالث من الفرع الرابع من الباب الثالث من قانون تغطية عواقب الوقائع الكارثية و ذلك من المادة 30 إلى المادة 42 ، حيث تنقسم إلى التعويضات التي تشمل الأضرار البدنية اللاحقة بالضحية مع التعويضات الخاصة بذوي حقوقهم في حالة الموت أو الوفاة ( أولا ) ، ثم التعويض عن فقدان المسكن الرئيسي أو عن فقدان الانتفاع به ( ثانيا ) .
أولا – التعويض عن الأضرار البدنية للضحية أو تعويض ذوي حقوقها
و هو النوع الأول من التعويضات الممنوحة في ظل هذا القانون ، حيث نظمه المشرع من المادة 30 إلى المادة 35 من القانون 110.14 و يشمل هذا التعويض عن :
العجز البدني الدائم للضحية و هو ذلك العجز الذي يحول كليا و بصورة دائمة دون مزاولة الضحية لأي مهنة يتقاضى منها دخلا، و هو يؤدي دائما إلى استحقاق المعاش [31] ، حيث أن المشرع المغربي هنا قد أقصى العجز البدني المؤقت الذي هو ذلك العجز الذي يمنع الضحية من أداء مهنته أو صناعته الأصلية و لو ان قادرا على أداء مهنة أخرى [32].
و مرجع ذلك أن آثار هذه الوقائع الكارثية من النادر أن تنتج على الضحايا أضرارا قد تخلف عجزا مؤقتا ، حيث أن قوة و حجم هذه الواقعة من البديهي أن تسبب أضرارا بدنية وخيمة تخلف عجزا دائما .
إضافة إلى التعويض عن العجز البدني الدائم ، فإن هذا القانون يعوض عن فقدان مورد العيش الذي يلحق بذوي حقوق الضحية بسبب وفاته أو فقدانه ، حيث اعتبر المشرع هنا في حكم ذوي حقوق الضحية الهالك أو المفقود هم الأشخاص الملزم بالنفقة عليهم بموجب قواعد نظام الأحوال الشخصية ، و بربطه مع المواد الأخرى فهؤلاء الشخاص هم الزوجة و الأبناء و غيرها من أعضاء العائلة الذين يكونون تحت كفالته و كذا كل شخص كان يعوله دون أن يكون ملزما بالنفقة عليه .
و يتم حساب التعويضين السالفا الذكر على أساس رأس المال المعتمد المحدد في الجدول الملحق بظهير 2 أكتوبر 1984 المعتبر بمثابة قانون يتعلق بتعويض المصابين في حوادث تسببت فيها عربات برية ذات محرك ، حيث يتم حساب التعويض عن العجز البدني الكلي اللاحق بالضحية حسب المواد 5 إلى 9 من ظهير 1984 ، و يتم حساب التعويض المتعلق بذوي حقوق الضحايا في حالة موتهم أو فقدانهم حسب المواد من 11 إلى 13 و دون احتساب قسط مسؤولية الضحية المنصوص عليه في المواد 5 و 9 و 11 من نفس الظهير .
غير أن مبلغ التعويض المحتسب حسب القواعد السالف ذكرها لا يمكن أن يتعدى مبلغ التعويض المستحق للضحية أو ذوي حقوقها نسبة 70 % من المبالغ المحتسبة حسب قواعد قانون التغطية على عواقب الكوارث .
ثانيا – التعويض عن فقدان المسكن الرئيسي أو عن فقدان الانتفاع به
هذا التعويض يعتبر ثاني نوع من أنواع التعويضات المنصوص عليها في القانون 110.14 حيث نظمه المشرع المغربي من المادة 36 إلى المادة 42 من نفس القانون ، حيث يؤدى هذا التعويض للاشخاص المستحقين بعد التثبت من عدم صلاحية هذا المسكن للسكن من طرف لجنة الخبرة التابعة للجنة التتبع ، دون الاخلال بمقتضيات المادة 39 من القانون 110.14 التي تمنع الجمع بين التعويض عن فقدان المسكن الرئيسي و التعويض عن الانتفاع به إذا كان نفس المسكن هو الذي تعرض للاضرار .
بالنسبة للتعويض عن فقدان المسكن الرئيسي فيشمل مبلغ التعويض عن فقدان المسكن الانتفاع بالمسكن بحساب مبلغ التعويض عن فقدان الانتفاع بالمسكن الرئيسي المحدد في 6 أضعاف القيمة الايجارية الشهرية [33] ، يضاف عليها مبلغ التعويض عن إصلاح المسكن الرئيسي يتم حسابه وفق ما حددته المادة 40 في فقرتها الثانية ، و يمكن أن يخفض مبلغ التعويض المحتسب حسب أعلاه بتطبيق معامل للتخفيض يتم تحديده من طرف الادارة بعد استطلاع رأي هيئة مراقبة التأمينات و الاحتيلط الاجتماعي مع الاخذ بعين الاعتبار القدرة المالية لصندوق التضامن و موجوداته المالية .
أما بالنسبة للتعويض عن فقدان الانتفاع بالمسكن الرئيسي فيشمل 3 أضعاف القيمة الايجارية الشهرية و التي تؤدى إلى الأشخاص المستفيدين منها .
- و كملاحظة في هذا الصدد فإن المشرع المغربي كما أنه يحد و يقزب من التعويضات التي يتم منحها للأشخاص الذين يتعرضون للاضرار الوخيمة التي تفرزها الواقعة الكارثية ، ذلك أن المشرع ربط احستساب التعويضات المستحقة بظهير 2 أكتوبر 1984 و الجدول الملحق به و الذي خلق مجموعة من الاشكالات القانونية و القضائية ، زيادة على أنه ربط بسق محدد لا يتجاوز حدود 70 % من مجموعة التعويضات – أظن أن ذلك راجع إلى المحافظة على التوازن المالي لصندوق التضامن – فهو يكون بالتالي مجحف في حق الضحايا و ذوي حقوقهم بالنظر إلى حجم و خطورة الكوارث التي قد يعرض لها هؤلاء الأشخاص ، لكن يجب ان لا نستبق الأحداث حتى يتم تطبيق هذا القانون بشكل فعلي .
الفقرة الثانية : التعويض المستحق للأشخاص المتوفرو ن على التأمين
نص المشرع المغربي على التعويضات المشمولة بالتأمين في القانون 17.99 المتعلق بمداونة التأمينات و ذلك عند تنظيمه لأنواع عقود التأمين التي تعرف تغطية اجبارية على عواقب الوقائع الكارثية ، فهو يشمل الأضرار اللاحقة بأموال المؤمن التي يغطيها عقد التأمين على الأضرار اللاحقة بالأموال ، و يشمل كذلك الأضرار البدنية المادية اللاحقة بالمؤمن و كذا الأضرار اللاحقة بذوي حقوقه في عقود التأمين التي يغطيها التأمين على المسؤولية المدنية التي يمكن أن تثار بسبب الأضرار البدنية أو المادية اللاحقة بالأغيار و كذلك التي تثار بسبب الأضرار البدنية اللاحقة بالأغيار غير مأموري المؤمن له .
غير أن المشرع المغربي قد ربط احتساب التعويضات المتعلقة بعقدي التأمين على المسؤولية المدنية المنصوص عليهما في المادة 64-1 من القانون 17.99 بمقتضيات ظهير 2 أكتوبر 1984 و ذلك دون الأخذ بعين الاعتبار قسط مسؤولية الضحية في تحديد التعويض[34] و إذا كان الضرر المغطي بمقتضى عدة عقود تأمين فإن كل عقد منهم ينتج آثاره وفق الشروط المحددة فيه لهذا الضمان و دون أن يتجاوز التعويض الاجمالي الممنوح للضحية أو ذوي حقوقها مبلغ التعويض المحدد حسب ما بيناه سابقا [35].
كما يمكن للضحية أو ذوي حقوقها في هذه العقود أن يحصلوا على التعويض عن الضرر البدني من أي مؤمن يقع عليه اختيارهم عندما تكون العقود المذكورة مبرمة مع عدة مؤمنين أو جميعهم و تساوي حصة كل مؤمن منهم مجموع الحصص التي يتحملها برسم جميع العقود المبرمة معه .
و يتم تحديد الأسقف الاجمالية للتعويض و ذلك برسم كل واقعة و كل سنة من طرف إدارة صندوق التضامن ، حيث بالرجوع غلى المادة 64-7 من القانون 17.99 نجدها حددت الأسقف الاجمالية لكل واقعة و ذلك في 2 مليار درهم إذا رجع السبب في الواقعة الكارثية لعامل طبيعي دون أن يتجاوز مبلغ 4 مليار درهم كل سنة و في 300 مليون درهم إذا رجع سبب الواقعة الكارثية إلى الفعل العنيف للانسان دون أن يتجاوز 600 مليون درهم في السنة ، إضافة إلى أنه يمكن تخفيض هذه التعويضات المستحقة من طرف الادارة بعد استطلاع رأي هيئة مراقبة التأمينات و الاحتياط الاجتماعي و ذلك عن طريق شروط و كيفيات محددة مراعية بذلك طبيعة الأضرار و الأموال المؤمن عليها [36].
المطلب الثاني : الاجراءات المتبعة للحصول على التعويض المستحق
عندما يتم الاعلان عن الواقعة الكارثية بموجب قرار إداري [37] بعد استطلاع رأي لجنة التتبع و ينشر في الجريدة الرسمية [38] و الذي يحدد بدوره المناطق المنكوبة و تاريخ و مدة الواقعة الكارثية ، فإن ذلك يترتب عنه حسب المادة 7 من قانون تغطية عواقب الوقائع الكارثية القيام بعملية تقييد الضحايا في سجل التعداد و ذلك داخل أجل لا يتجاوزون فيه 90 يوما – ما عدا إذا كانت قوة قاهرة – يحتسب ابتداء من تاريخ نشر القرار الاداري[39] ، إضافة إلى تفعيل عملية الضمان ضد عواقب الكوارث بالنسبة للأشخاص المستفيدين من التأمين على عواقب الوقائع الكارثية و كذا عملية التعويضات الممنوحة من طرف صندوق التضامن و هو ما يهمنا في هذا الصدد .
لذلك سنتطرق إلى المسطرة الادارية المتبعة أمام صندوق التضامن ( الفقرة الأولى)، ثم لنعرج غلى الطعن في قرارات صندوق التضامن أمام لجنة تسوية النزاعات قبل اللجوء إلى القضاء ( الفقرة الثانية )
الفقرة الأولى : المسطرة الادارية المتبعة أمام صندوق التضامن
سنركز في هذا الصدد على المسطرة الادارية المتبعة أمام صندوق التضامن من أجل الحصول على التعويض المستحق ، ذلك أن المسطرة المتبعة أمام شركات التأمين هي بسيطة حيث يتم حسب المادة 64-5 من مدونة التأمينات اشعار المؤمن من طرف المؤمن له بحدوث الواقعة و ذلك بمجرد العلم بها أو على أبعد تقدير بعد 20 يوما من حدوثها [40] و يمكن أن يتم اشعار المؤمن بعد هذه المدة و ذلك في حالة الاستحالة المطلقة أو في حالة وقوع قوة قاهرة أو في حالة وجود سبب مشروع ليقوم المؤمن بعد ذلك بالاجراءات المتطلبة من أجل تقديم التعويض ، و في حالة الرفض يتم الالتجاء إلى القضاء .
هذه المسطرة الادارية المتبعة أمام صندوق التضامن تم التنصيص عليها في المواد 43 إلى 53 من القانون 110.14 حيث تبتدأ أولا بتقديم الأشخاص المقيدين في سجل التعداد أو ذوي حقوقهم في حالة موتهم أو فقدانهم لطلب إلى الصندوق مرفقا بالوثائق المتطلبة و ذلك قصد دراسته من طرف هذه الأخيرة [41] و هو يسمى طبقا لمقتضيات هذا القانون ن بملف التعويض .
إضافة إلى الوثائق المرفقة بالطلب يجب تقديم وثائق إضافية و هي تتمثل في حالة العجز البدني : شهادة تثبت استقرار جراح الضحية بصفة نهائية مسلمة من طرف طبيب ممارس في القطاع العام [42] و تتضمن نسبة العجز الدائم ، إضافة إلى الوثائق المثبتة لأجرة الضحية أو الكسب المهني [43]و في حالة فقدان المسكن الرئيسي أو الانتفاع به وجب الادلاء بتقرير لجنة الخبرة.
في حالة وفاة الضحية أو فقدانه يتم تقديم : نسخة من رسم وفاة الضحية أو وثيقة تثبت فقدانه أو نسخة من الحكم القضائي المصرح بموته ، إضافة للوثائق المثبتة لأجرة الضحية أو المفقود أو لكسبه المهني ( و هي نفس الوثائق التي يتم الادلاء بها في حالة العجز البدني الدائم ) مع وثيقة تثبت صفة ذوي حقوق الضحية و في حالة فقدان المسكن الرئيسي أو الانتفاع به وجب الادلاء بتقرير لجنة الخبرة.
هكذا بعد تلقي الطلب و الوثائق المطلوبة فغن الصندوق يشرع في البث في هذه الطلبات و يمكن عند الاقتضاء أن يطلب من الأشخاص المعنيين استكمال ملف التعويض بالوثائق التي لم يتم الادلاء بها ، حتى يتمكن من تبليغ قبوله أو رفضه للطلب .
في حالة رفض الطلب من طرف الصندوق و ذلك لعدم استيفاء الطلب للشروط المنصوص عليها في هذا القانون فإنه يجب أن يكون قراره بذلك معللا و يتم بعد ذلك تبليغ قرار الرفض للمعني بالأمر مصحوبا بكل الوثائق المرفقة بواسطة رسالة مضمونة مع الاشعار بالتوصل أو عن طريق إجراء غير قضائي و ذلك ذاخل أجل ثلاثين يوما ابتداء من تاريخ التوصل بالطلب و الوثائق المطلوبة ، لأنه في حالة عدم التبليغ بالرفض فإن طلب التعويض يعد بمثابة مقبول [44]، حيث يمكن للصندوق حسب المادة 52 من القانون 110.14 ارجاع أي مبلغ تم الحصول عليه بدون وجه حق و ذلك إما بطريقة حبية أو بترتيب بقوة القانون فوائد قانونية عن كل يوم تأخير لارجاع الأموال تحتسب من تاريخ لأداء المبلغ إلى تاريخ استرجاعه ، أو القيام بممارسة أجراءات الحجز التحفظي على أموال الأشخاص الذين حصلوا على التعويضات المذكورة .
أما في حالة القبول ، فيجب عليه بعد دراسته و قبول الطلب بالوثائق المرفوقة [45]، أن يبلغ مقترح التعويض إلى الطالب رفقة توصيل[46] بواسطة رسالة مضمونة مع الاشعار بالتوصل أو عن طريق اجراء غير قضائي داخل أجل 30 يوما من تاريخ التوصل بملف التعويض، ليقوم بعد ذلك المستفيد من التعويض بارجاع التوصيل المسلم له موقعا إلى الصندوق .
فيقوم الصندوق بعد توصله بالتوصيل – الذي يعتبر موافقة من المستفيد على مقترح صندوق الضمان – بصرف مبلغ التعويض داخل أجل 30 يوما ابتداء من تاريخ تسليم التوصيل الموقع عليه .
لكن في حالة رفض المستفيد لمقترح صندوق التضامن ، فيجب عليه ابلاغ رفضه بذلك إلى المؤسسة المعنية بواسطة أي وثيقة ثابتة التاريخ ، و ذلك قبل لجوءه إلى المسطرة الموالية التي تتم أمام لجنة تسوية النزاعات .
الفقرة الثانية : الطعن في قرارات صندوق التضامن
كما رأينا سابقا، فإن لجنة تسوية النزاعات هي هيئة خلقت بهدف حل النزاعات بطريقة ودية بين صندوق التضامن و المستفيد أو ذوي حقوقه، تم تنظيمها من المادة 57 إلى المادة 63 من قانون التغطية على عواقب الكوارث و هي مسطرة واجبة قبل لجوء المعني بالأمر إلى القضاء في حالة إذا اراد المستفيد الطعن في قرارات الصندوق .
ذلك أنه حسب المادة 62 من نفس القانون لا يمكن للمستفيد أو ذوي حقوقه الطعن في قرارات صندوق التضامن أمام القضاء إلا بعد استنفاذ مسطرة الطعن أمام لجنة التسوية الذي تعتبر مسطرته طعنا اداريا ابتدائيا [47].
حيث يتم تقديم هذا الطعن بطريقة مكتوبة من طرف الضحية أو ذوي حقوقها أو الأشخاص المفوضين من قبلهم لهذا الغرض ، مرفقا بجميع الوثائق التي يعتزم الطالب استعمالها و ذلك بواسطة رسالة مضمونة مع الاشعار بالتوصل أو إيداعها بمقر لجنة التسوية ، و ذلك في أجل سنة ابتداء من تاريخ تبليغ القرار المتنازع فيه و المتخذ من طرف الصندوق ، ( أي قبول الصندوق و رفض المستفيد أو رفض الصندوق ) تحت طائلة عدم القبول، غير أنه يمكن رفع هذا الجزاء على الطاعن إذا ثبت بأنه كان غير قادر على المطالبة بحقوقه داخل الأجل المحدد و لوجود عذر مشروع .
فتقوم لجنة التسوية بالاجتماع بدعوة من رئيسها[48] من الطرف الأكثر استعجالا ، و يقوم الرئيس باستدعاء أطراف النزاع بإجراء غير قضائي 15 يوما قبل التاريخ المحدد من أجل الاستماع للأطراف و لدفاعاتهم [49]، لتجتمع اللجنة بعد ذلك في مقرها أو في أي مكان آخر تراه مناسبا مع مراعاة ظروف الواقعة الكارثية و مسكن الضحايا ، و بعد ذلك تقوم اللجنة باتخاذ قرارها داخل أجل 6 أشهر و يمكن تمديد هذا الأجل لنفس المدة من طرف رئيس المحكمة الادارية المختصة باعتبار مكان الواقعة الكارثية و ذلك بناء على طلب رئيس لجنة التسوية و يكون قرار لجنة التسوية ملزما لأطراف النزاع و يتم تبليغه إلى الأطراف عن طريق اجراء غير قضائي من طرف الرئيس داخل أجل 15 يوما ابتداء من تاريخ اتخاذ القرار و يكون هذا القرار غير قابل للطعن أمام القضاء ما عدا في حالة خرق القانون .
أما القرار الصادر عن هذه اللجنة فوجب أن تتوفر فيه مجموعة من الشروط المنصوص عليها في المادة 60 من القانون 110.14 ، و هي شروط متشابهة إلى حد ما مع الحكم القضائي الصادر عن محاكم المملكة ، حيث يجب أن يكون :
- مكتوب و مؤرخ ؛
- يشير إلى الهوية الكاملة للأطراف و المستندات المقدمة ؛
- موجز للوقائع و ادعائات و دفوعات الأطراف ؛
- بيان المسائل محل النزاع التي تم الفصل فيها ؛
- منطوق القرار الذي يجب أن يكون مفصلا و معللا و موقعا من طرف أعضاء اللجنة ، و عند رفض أقلية الاعضاء التوقيع ، يجب على الرئيس أن يشير إلى ذلك و لأسباب عدم التوقيع حتى يكون للقرار نفس الأثر .
أخيرا يبقى لنا أن نطرح سؤالين محددين : الأول هو كيف يمكن الطعن في قرار لجنة التسوية ؟ و الثاني هو هل يمكن للمحامي تمثيل الأطراف أمام اللجنة و الصندوق ؟
من جهة أولى ، فإن المشرع المغربي في القانون 110.14 أعطى للطرف المستفيد الحق بالطعن في قرار اللجنة في حالتين ، الأولى هي حالة عدم توفر القرار على الشروط الشكلية كعدم تنصيصه على هوية الاطراف أو عدم توقيعه … و كذا الشروط الموضوعية كانعدام التعليل من طرف اللجنة أو خرق القرار للقانون و عدم انبناءه على أساس قانوني سليم . في هذه الحالة يتم تقديم الطعن أمام محكمة الاستئناف الادارية بالرباط وفق الشكليات و ضمن الآجال العادية و التي تم التنصيص عليها في القانون 80.03 المتعلق بتنظيم محاكم الاستئناف الادارية حسب المادة 9 منه باعتبار أن القرار الصادر عن اللجنة كما لو أنه مرحلة ابتدائية.
أما الحالة الثانية هي في حالة لم تتخذ لجنة التسوية قرارها داخل الأجل المذكور ، يمكن للضحية أو ذوي حقوقها أو للأشخاص المفوضين من قبلهم لهذا الغرض أن يتقدموا بالطعن أمام المحكمة الادارية المختصة كمرحلة ابتدائية باعتبار مكان وقوع الواقعة الكارثية و ذلك داخل أجل 60 يوما ابتداء من اليوم الأول الذي يلي تاريخ انصرام الأجل المنصوص عليه سابقا .
و من جهة ثانية ، بالنسبة لسؤال حضور المحامي مع الضحية أو ذوي حقوقها أمام الصندوق أو لجنة تسوية النزاعات ، فباعتبار أن قانون 110.14 لم يمنع بصفة صريحة أو ضمنية مؤازة أو نيابة المحامي عن المستفيد أو ذوي حقوقه في الاجراءات المتبعة أمام الصندوق أو أمام لجنة التسوية في حالة الطعن ، فإن المحامي يبقى له الحق في القيام بالنيابة عن المستفيد في الاجراءات المتبعة أمام الصندوق قصد استيفاء التعويض المستحق لموكله ، و في حالة رفض هذا الأخير لاقتراحات الصندوق أو قيام الصندوق برفض الطلب فيمكن للمحامي أن يتقدم داخل الآجال القانونية بالطعن أمام لجنة التسوية لفائدة موكله و تمثيله أمام هيئتها طبقا لمقتضيات المادة 30 من القانون 28.08 المنظم لمهنة المحاماة و طبقا للصياغة العامة للمادة 57 من القانون 110.14 التي جاءت بعبارة ”الاشخاص المفوضين من قبله ” .
خاتمة
يمكن ان نعتبر ان المشرع المغربي قد خطى خطوة مهمة في تنظيم و تقنين نظام يغطي هعواقب و آثار الوقائع الكارثية التي تساهم في تعويض الاشخاص أو ذوي حقوق الأشخاص الذين تعرضوا لمخاطر ة أضرار وخيمة جراء الكوارث المختلفة ، و ذلك في سبيل تحقيق العدالة و التقليل من نسبة المسؤولية التي قد تقام على الدولة من جراء هذه المخاطر .
إلا ان هذا النظام يجب ان ننتظر تطبيقه من الناحية العملية حيث ربط حذافر هذا القانون بظهير 2 أكتوبر 1984 قد يجعلنا امام اشكالات قانونية وقضائية توجب علينا التريث في الحكم على نجاعة هذا النظام حتى نرى تطبيقه الميداني امام المؤسسات المعنية و قضاء المملكة