دوريات المحافظ العام ودورها في تحقيق الأمن العقاري وتوحيد عمل المحافظات العقارية
إن تعدد المهام الموكولة للمحافظين على الأملاك العقارية وتنوع المقتضيات القانونية المنظمة لعملهم فرض إحداث مؤسسة قانونية تتولى توحيد العمل الإداري فيما بينهم، كما تتيح لهم إمكانية الرجوع إليها من أجل الاستشارة بخصوص القضايا الهامة التي تثير إشكالات قانونية وعملية ،هذه المؤسسة هي مؤسسة المحافظ العام على الأملاك العقارية التي تم إحداثها بموجب ظهير 24 يونيو 1942 والذي أسند انذاك القيام بمهامها إلى المحافظ على الأملاك العقارية بالرباط و ذلك قبل ان يصدر الظهير المؤرخ في 29/12/1953 الذي نسخ الظهير المذكور والذي تم من خلاله توضيح اختصاصات المحافظ العام الذي أصبح يشكل مؤسسة مستقلة عن مهام المحافظ على الأملاك العقارية بالرباط ،ومن ضمن تلك الاختصاصات نجد توحيد العمل الإداري المتعلق بتطبيق نظام التحفيظ العقاري
وسعيا وراء هذه الغاية التي من شأنها أن تشكل احدى الركائز الأساسية لتحقيق الأمن العقاري نجد أن المشرع خول للمحافظ العام مجموعة من الصلاحيات ذات الصلة الوثيقة بالحفاظ على وحدة رأي المحافظين على الأملاك العقارية في تنزيل مختلف المقتضيات المتعلقة بالنظام العقاري ، وهكذا نجد أن الفقرة الثالثة من الفصل الأول من الظهير المحدد لإختصاصات المحافظ العام تعطي الصلاحية لهذا الأخير في اعطاءه جميع التعليمات سواء كانت عامة أو خاصة مادام من شأنها أن تحافظ على وحدة الرأي الإداري للمحافظين العقاريين ، وفي هذا الصدد تظهر أهمية الدوريات باعتبارها احدى الآليات الأساسية التي تقوم من خلالها مؤسسة المحافظ العام باختصاصها الأصيل المتمثل في جعل عمل المصالح الخارجية موحدا و مطابقا لأحكام القانون
إلا أن الناظر في المركز الذي تحتله الدوريات عموما ضمن النظام التشريعي يجدها تأتي بعد أحكام الدستور و القوانين التنظيمية والقوانين العادية و المراسيم بمختلف دراجتها وأنواعها ، إذ لايجوز لها بذلك أن تخالف مقتضى هو أعلى منها درجة ، وذلك تماشيا مع مبدأ تراتبية القوانين ، غير أن خصوصية التعامل مع عنصر العقار وما له من انعكاسات على المستويين الاقتصادي والاجتماعي جعل الدوريات الصادرة عن السيد المحافظ العام تحظى باهتمام واسع داخل الساحة القانونية خصوصا بعد المستجدات التي شهدها المجال العقاري في المغرب .
ففي اطار انفتاح مؤسسة المحافظ العام على محيطيها وتفاعلها مع كل المستجدات التي تطفو على سطح الساحة العقارية سواء كانت لها علاقة بالقوانين ذات الصلة بالنظام العقاري او الظواهر التي من شأنها أن تمس بالأمن العقاري نجدها تبادر باصدار دوريات وتوجيهيها الى المحافظيين العقاريين تهدف من خلالها الى توحيد رأيهم ومنهجيه عملهم مع القضايا المعروضة عليهم ، وهو مايظهر من خلال مجموعة من الدوريات الصادرة بأبعادها و خلفياتها المتعددة ديدنها كلها المساهمة في تحقيق نوع من الأمن العقاري
ومن المتفق عليه أن تحقيق الأمن العقاري يرتكز على اعمال مقاربات متنوعة بفلسفة تشاركية مع كل الفاعلين في المجال العقاري ، و مؤسسة المحافظ العام وما تصدره من دوريات في اطار اختصاصتها و ترجمتها للتوجهات العامة في المجال العقاري تعتبر فاعلا أساسيا في هذا الشأن ، الشيء الذي يجعلنا نتساءل عن مدى مساهمة هذه الدوريات في تحقيق الأمن العقاري و مدى عملها على جعل عمل المحافظات العقارية موحد و متناغما؟
أولا : دور دوريات المحافظ العام في التنزيل الآمن للمقتضيات القانونية .
ففيما يخص مسألة الأمن العقاري نجد هناك مجموعة من الدوريات التي تفاعلت بشكل ايجابي مع مختلف المقاربات المعتمدة من طرف الدولة في تحقيقه سواء تلك التي لها علاقة بالمقاربة التشريعية او بالمقاربة الوقائية او حتى المقاربة الاجرائية
فعلى مستوى المقاربة التشريعية واكبت دوريات المحافظ العام كل المستجدات القانونية التي صدرت بغية المساهمة في تحقيق نوع من الأمن العقاري وذلك بتقديم إيضاحات حولها وتوحيد فهمها وتطبيقها على مستوى كل المحافظات العقارية ، فمن قبيل هاته الدوريات نجد الدورية عدد 395 الصادرة في 27 نونبر 2013 التي كانت الغاية منها توضيح نطاق تطبيق مقتضيات المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية ، اذ بينت ان مناط تطبيق هذه المادة مقترن بالطبيعة العينية للحق وبالجهة المصدرة للمحرر كما اشارت الى الاستثناءات الواردة عليها سواء تلك الواردة في المدونة اوفي تشريعات خاصة ، والملاحظ أن مثل هذه الدوريات تلعب دورا أساسيا في إحاطة السادة المحافظين العقاريين علما بالنطاق السليم لتطبيق المقتضيات القانونية وذلك من خلال استحضار و تجميع كل المقتضيات ذات الصلة ، تفاديا لحصول أي إغفال أو نقص في تطبيق النصوص القانونية لما له من مس مباشر بحقوق ومصالح الأشخاص ، كما من شأن هذا النوع من الدوريات أن يعتمد على بعض الميكانيزمات الأصولية والمنطقية التي تساعد السادة المحافظين في تنزيل المقتضيات القانونية تنزيلا سليما وهو ما قد يظهر من خلال مضمون الدورية عدد 405 الصادرة في شأن مدى إمكانية تطبيق مقتضيات الفقرة الثانية من المادة 174 من مدونة الحقوق العينية على الرهون المرتبطة بالعقارات الخاضعة لنظام الملكية المشتركة ، إذ أوضحت أن مقتضيات المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية لاتسري في الأصل على الرهون التي لايتجاوز مبلغها 250.000 درهم مما يعني الرجوع في هذا النوع من الرهون الى المقتضيات العامة الواردة في قانون الالتزامات والعقود ، لكنها أوضحت أنه لاينبغي الرجوع الى المقتضيات العامة الاعند عدم وجود نص قانوني خاص تماشيا مع الفقرة الاخيرة من نفس المادة ، لتبين ان المادة 12 من القانون المتعلق بنظام الملكية المشتركة التي لاتجيز المحررات العرفية تعتبر بمثابة نص خاص ، لتخلص الدورية في الاخير الى عدم جواز تطبيق الفقرة الثانية من المادة 174 على الرهون المتعلقة بالعقارت الخاضعة لنظام الملكية المشتركة متبعة في ذلك استدلال منطقي سليم ، و لاشك ان مثل هذه القراءات الأصولية للمقتضيات القانونية تعتبر مدخلا أساسيا لتنزيل النصوص التشريعية تنزيلا سليما يحترم فلسفة المشرع و يحافظ على كنه القواعد القانونية و تحقيق الغاية المرجوة منها
وعلى مستوى المقاربة الوقائية التي تعتبر أحد المداخل الأساسية للحد من بعض الظواهر التي من شأنها ان تمس بالأمن العقاري كظاهرة الاستيلاء على أملاك الغير نجد أن الدوريات الصادرة عن السيد المحافظ العام في هذا الشأن مسايرة للتوجه العام الذي يرمي الى تجفيف كل المنابع التي تؤذي الى الاستيلاء على أملاك الغير
فكما هو معلوم فان الرسالة الملكية السامية الموجهة الى السيد وزير العدل في 30 دجنبر 2016 في شأن ظاهرة الاستيلاء على أملاك الغير أبانت على الانعكاسات السلبية لهاته الظاهرة على حق الملكية وعلى الاستثمارات وعلى الأمن العقاري عموما، كما أنها رسمت الملامح الكبرى للتصدي لها وفق مقاربات مختلفة ، ومن بين هاته المقاربات نجد أن الرسالة الملكية نصت على وجوب إعتماد مقاربة وقائية واقتراح تدابير تنظيمية وفق منهجية تشاركية ترمي للحد من هذه الظاهرة
ومنذ اجتماعها مع وزارة العدل انخرطت الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية بكل مكوناتها في تنزيل مختلف التدابير الوقائية التي جاءت بها الرسالة الملكية، ففيما يخص التدابير الوقائية ذات البعد التنظيمي نجد المذكرة عدد 506 الصادرة في 16يناير 2016 في موضوع الاستيلاء على عقارات الغيرتحت المحافظين على الأملاك العقارية على إعمال التوصيات التي تمخضت عن الإجتماع المعقود في وزارة العدل مع كل المتدخلين في المنظومة العقارية حول موضوع الاستيلاء على عقارات الغير ذات الصلة بعملهم ، هذه التوصيات تلخصت في ثلاثة نقط أساسية :
أولا : حث السادة المحافظين على رفض كل تقييد يتعلق بموضوع الإستيلاء على عقارات الغير متى كان هناك شك في صحة المعاملة
ثانيا : حث المحافظين على الأملاك العقارية على إدخال الطرف المعني بالعقار في أية دعوى ترمي الى الغاء قراراتهم المتخذة بخصوص موضوع الاستيلاء على عقارات الغير
ثالثا : تشجيع الملاك على سحب نظائر الرسوم العقارية المتعلقة بهم
وقد نصت نفس المذكرة على آليات تنزيل كل توصية
وفيما يخص التدابير الوقائية ذات البعد التشريعي للحد من ظاهرة الاستيلاء على أملاك الغير نجد أبرزها تمثل في تعديل مقتضيات المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية بمقتضى القانون رقم 69.16، وذلك بإشتراط الرسمية في الوكالات المنصبة على الحقوق العينية علاوة عن التصرفات الواقعة عليها بعدما تبين ان الوكالات العرفية أصبحت تشكل أحد المداخيل التي تسهل عملية السطو على عقارات الغير ، هذا التعديل التشريعي واكبته المذكرة عدد 20 للمحافظ العام التي حاولت أن تبتكر اجتهادا تبرز من خلاله الخلفية الوقائية لهذا التعديل التشريعي تماشيا مع توجهات الرسالة الملكية في موضوع الاستيلاء على عقارات الغير ، إذ بينت أنه لايجوز الاستناد الى الوكالات العرفية في ابرام التصرفات العقارية ولو كانت هذه الوكالات محررة قبل 14 سبتمبر 2017 تاريخ صدور القانون 69.16 المعدل للمادة الرابعة ، إذ أوضحت ان العبرة بتاريخ إبرام التصرف وليس من تاريخ تحرير الوكالة ، هذه المذكرة بالرغم من تعارضها مع مبدأ عدم رجعية القوانين إلا أنها حاولت أن تكرس البعد الوقائي الذي من شأنه فعلا أن يضع حدا لجموعة من الممارسات السلبية التي كانت ستنتج ضياع حقوق عقارية لمستحقيها لولا صدور هذه المذكرة لاسيما أن الواقع أظهر ان عدة استيلاءات على عقارات الغير تمت بناء على وكالات عرفية ، و لاريب أن مثل هاته المقاربات الوقائية ستلعب دورا كبيرا في وضع مجموعة من التدابير التي ستساعد في الحد من هذه الظاهرة .
ومن الأمور كذلك التي تساعد في الحد من الاستيلاء على أملاك الغيرهي لجوء الافراد الى تقييد حقوقهم في السجلات العقارية في أقرب الآجال، وهذه الغاية تتطلب أمريين إثنين ، الأمر الأول هو اتخاذ تدابير تشجع الأشخاص على تقييد حقوقهم والأمر الثاني هو العمل على تبسيط المساطير والإجراءات التي تمكن من تسريع وتيسير المعاملات العقارية مع جعلها اكثر تأمينا الشيء الذي نلامسه في الدوريات الصادرة من أجل هذا المبتغى
ففيما يتعلق بمسألة تشجيع الأشخاص على تقييد حقوقهم نجدها تتجسد في فلسفة الدورية عدد 394 الصادرة في 5 غشت 2013 الصادرة في شأن التقييد الجزئي للقسمة القضائية والتي نجدها ترمي الى تذليل الصعاب التي كانت تحول دون تقييد القسمة بشقيها القضائية والإتفاقية في السجلات العقارية ،حيث كان الهدف من هذه الدورية هو العدول عن تطبيق الدورية عدد 394 التي كانت تستلزم التقييد الكلي للقسمة القضائية وتمنع الاستجابة لطلبات التقييد الجزئي لهاته القسمة ، الشيء الذي أصبح أمرا ممكنا مع صدور هاته الدورية التي نسخت سابقتها ، وهو ما يعتبر تفاعلا ايجابيا لهاته الدورية مع الصعوبات التي كانت تحول دون تقييد القسمة القضائية تقييدا جزئيا كما يعتبر أمرا مشجعا لتقييد الحقوق بحيث لم يعد الأمر يستوجب أداء الوجيبات دفعة واحدة مما فيه من تخفيف العبئ عن المرتفقين
وفيما يخص مسألة تبسيط الإجراءات والمساطير نجد هناك مذكرة صادرة عن السيد المدير العام للوكالة الوطنية للمحافظة العقارية في 23 ماي 2013 في هذا الشأن ، هذه المذكرة اعتبرت ان مسلسل تبسيط المساطر والإجراءات الإدارية يعتبر أحد الأهداف الاستراتجية للوكالة ، حيث حثت المذكرة السادة المحافظين على التقيد بمحتوى الوثائق التنظيمية ذات الصلة بالموضوع مع الحرص على انجاز عمليات تقييد عقود التفويتات بالسجلات العقارية في مدة لا يتجاوز أجالها يومين ، ومن الأمور التي تشكل أحيانا عائقا إداريا أمام المرتفقين هي مطالبة بعض المحافظين لبعض الوثائق ليست ذات جدوى أو بعض الوثائق التي فقدت قيمتها القانونية ، وهو الأمر الذي عالجته الدورية عدد 411 الصادرة عن السيد المحافظ العام بتاريخ 27 ديسمبر 2016 الصادرة في شأن الشهادة الخاصة بتقييد الرهن حيث إعتبرت ان طلب التشطيب على الرهن يتوقف فقط على الإدلاء بشهادة رفع اليد عن الرهن دون ضرورة استلزام الإدلاء بالشهادة الخاصة بتقييد الرهن المذكور وذلك لإعتبارين أساسين ، الاعتبار الأول يتجسد في غياب نص قانوني يفرض ذلك ، الإعتبار الثاني هوأن الشهادة الخاصة بتقييد الرهن تفقد قيمتها القانونية كسند تنفيذي بمجرد التشطيب على الرهن الشيء الذي يشكل تبسيطا حقيقيا للإجراءات والمساطر
ثانيا : دور دوريات المحافظ العام في توحيد عمل المحافظات العقارية
إذا كانت الأمور السالفة الذكر تعتبر من المرتكزات المهمة و المعول عليها في تحقيق الأمن العقاري فإن مسألة تناسق وتناغم عمل المحافظات العقارية على المستوى الوطني أمر لايقل أهمية كذلك ، فكما هو معلوم فإن البنية العقارية في المغرب متنوعة وتبعا لهذا التنوع تتعدد النظم والنصوص القانونية الناظمة للمجال العقاري، الشيء الذي يطرح إشكالية التنزيل المختلف لنفس المقتضيات القانونية ،مما يخلق اضطراب ينعكس سلبا على مسألة الأمن القانوني وبالتالي الأمن العقاري متى كانت هذه المقتضيات القانونية لها صلة مباشرة بعنصر العقار ، الشيء الذي تظهر معه الحاجة الماسة الى إيجاد آلية تجعل عمل المسؤولين عن تنزيل السياسة العقارية في مختلف المصالح الخارجية في غاية من التنسيق والالتقائية ، وهو نفس الأمر الذي وجدت من أجله مؤسسة المحافظ العام فهي تلعب دورا كبيرا في هذا الشأن من خلال المذكرات والدوريات التي تحاول من خلالها جعل عمل السادة المحافظين العقاريين موحدا ومتناسقا ، إذ كلما ظهر خلاف في تدبير مسألة ما إلا وتدخل المحافظ العام مبادرا بإصدار دورية من أجل رفع الخلاف القائم ، ومن الدوريات المستدل بها في هذا الشأن الدورية عدد393 الصادرة في 22 يونيو 2012 في موضوع مدى امكانية التشطيب على الحجوز والإنذارات العقارية والتقيييدات الإحتياطية بناءا على أوامر استعجالية فقط دون المطالبة بشهادة عدم الإستيئناف ، هذه الدورية جاءت من أجل رفع الخلاف الذي كان واقع بين السادة المحافظين على الأملاك العقارية ، بحيث كان منهم من يستلزم في هاته الطلبات ضرورة الإدلاء بشهادة عدم الإستيئناف ومنهم من كان يستغني عنها ، وهنا جاء تدخل هذه الدورية ليوضح موقف المشرع من هاته المسألة حيث اعتبرت أن كل الأوامر الإستعجالية الصادرة في شأن التشطيب على الحجوزات أو الإنذارات العقارية أو التقييدات الإحتياطية تكون نهائية ونافذة فور صدورها كما أنها تكون مشمولة بالنفاذ المعجل بقوة القانون ، مما يتعين معه الاستجابة لهاته الطلبات دون الإدلاء بشهادة عدم الاستيئناف واضعة بذلك حدا للخلاف الحاصل
والملاحظ أن مؤسسة المحافظ العام لا تنتظر دائما حصول خلاف لكي تتدخل بل نجدها تتقمص دورا استباقيا من أجل منع حصول الخلاف ومن أجل ضمان استمرارية العمل الموحد ، إذ متى تبين لها احتمال وقوع خلاف في تنزيل مستجد تشريعي ما تتدخل استباقيا باعطاء نظرة استشرافية عليه كما هو الحال مع الدورية عدد 408 الصادرة في شأن تطبيق الفقرة الأولى من المادة 13 من القانون 18.00 المتعلق بنظام الملكية المشتركة للعقارات المبنية كما تم تغييره وتتميمه إذ أوضحت هذه الدورية الفرق بين هذا المقتضى القانوني قبل التعديل وبعد التعديل الذي تم بموجب القانون 106.12 وما يترتب على ذلك من آثار في كيفية تنزيله على مستوى عمل المحافظات العقارية ، إذ بينت هذه الدورية أنه قبل التعديل كان إتحاد الملاك المشتركين ينشأ بقوة القانون دون تقييد ذلك بأي شرط مما يعني انه كان بمجرد إيداع نظام الملكية المشتركة يقوم المحافظ بنقل ملكية الأجزاء المشتركة لفائدة اتحاد الملاك لكن مع هذا التعديل اختلف الأمر ولم تعد ملكية الأجزاء المشتركة تنقل الى اتحاد الملاك إلا بعد وقوع أول تفويت ، فهذه الدورية تكون قد لفتت انتباه السادة المحافظين لهذه المسألة حتى لا يقع أي اغفال يؤذي الى وقوع خلاف في تنزيل هذا المستجد التشريعي
كما نجد أن مؤسسة المحافظ العام من خلال دورياتها تواكب بشكل مستمر كل المستجدات التشريعية ذات الصلة بعمل المحافظات العقارية ، بحيث متى خرج الى حيز الساحة القانونية اي مستجد او تعديل تشريعي له نقط تماس مع عمل المصالح الخارجية إلا وبادرالمحافظ العام بإصدار دورية أومذكرة تحيط علما السادة المحافظين العقاريين بصدور هاته المستجدات التشريعية كما توضح لهم مضمون هاته المقتضيات وتبرز الجانب الذي يمس عملهم كل ذلك من أجل ضمان تنزيل موحد لهذه المقتضيات ومثال الدوريات التي جاءت في هذا الشأن كثير نذكر منها على سبيل المثال المذكرة عدد 19/2015 التي جاءت بمناسبة صدور القوانين التنظيمية المتعلقة بالجهات والعمالات والأقاليم والجماعات اذ سلطت هذه المذكرة الضوء على المقتضيات الواردة في هذه القوانين والتي لها علاقة بعمل السادة المحافظين العقاريين وكذلك المذكرة عدد 14/01 الصادرة بتاريخ 9يناير 2014التي جاءت لتنهي الى علم السادة المحافظين صدور جميع النصوص التنظيمية المتعلقة بمدونة الأوقاف التي كان يتوقف على صدورها دخول مقتضيات هذه المدونة حيز التنفيذ حتى يكونوا على علم بأن مقتضيات مدونة الأوقاف دخلت حيز التطبيق وأصبحت تلزمهم ، فمثل هذه المذكرات يكون لها صدى إيجابي وتساهم في نشر المعلومة القانونية علاوة عن دورها الأساسي الذي يتمثل في جعل عمل المصالح الخارجية يسير وفق نسق موحد لما لها من إلزامية بالنسبة للمحافظين باعتبارها صادرة عن جهة يخضعون لها ، مما يجعل عمل مؤسسة المحافظ العام يساهم بشكل ايجابي في التنزيل الناجع و الفعال لكل المقتضيات القانونية والتوجهات الاستراتجية التي ترمي الى تحقيق الأمن العقاري كما تلعب دورا كبيرا في سد كل المنافذ التي من شأنها أن تؤدي إلى المساس بالملكية العقارية ناهيك عن دورها الأساسي الذي يجعل عمل السادة المحافظين على الأملاك العقارية موحد ومطابق لأحكام القانون