حماية الدائن المرتهن في الرهن الرسمي العقاري
مقدمة
يشكل الائتمان ركيزة أساسية لقيام المشاريع الاقتصادية، ذلك أن ضعف القدرة الذاتية للفرد فرضت عليه ضرورة اللجوء إلى المؤسسات البنكية قصد تمويل هذه المشاريع، هذا ما جعل التعامل مع الأبناك أما ضروريا في الوقت الحاضر.
ويرتبط الائتمان ارتباطا وتيقا بالضمانات، حيث أن الدائن يجب أن تتوفر لديه الثقة عن طريق تقديم إحدى الضمانات القانونية.
وإذا كان الأصل أن أموال المدين تعتبر ضمانا عاما لدائنيه، وهو ما نص عليه الفصل (1241 من ق.ل.ع)[1]، هذا ما جعل الضمان العام يؤسس على قاعدتين أولهما رصد جميع أموال المدين، فتخصص للوفاء بديونه سواء كانت منقولات أو عقارات، ثانيهما هو أن جميع الدائنين متساوين في هذا الضمان إلا من تمتع بضمان خاص.
إلا أن هذه الضمانة أبانت عن محدوديتها في حماية مصالح الدائن، على أساس كون أن الدائن لا يرتبط حقه بمال معين من أموال مدينه، إضافة إلى أن الدائنين هم متساوين في هذه الأموال استنادا إلى مبدأ المساواة بين الدائنين.
وعليه وجب إقرار ضمانة على عين معينة، تكفل سداد الدين كما تعطي للدائن حق استيفاء هذا الدين بالأولوية على باقي الدائنين.
من هنا ظهرت فكرة الضمانات الشخصية[2] والضمانات العينية[3].
ويشكل الرهن الرسمي باعتباره حق عيني عقاري إحدى الضمانات العينية، حيث أضحى اليوم من أهم وسائل دعم الائتمان، بحيث يعتبر أداة مهمة لتمويل المشاريع الكبرى، وهو ما من شأنه أن يساهم في تحقيق التنمية بجميع جوابها، خاصة وأنه يعتبر أخر ما وصل إليه الضمان من تطور حتى أضحى الان من الضمانات الكلاسيكية.
و يعرف المشرع المغربي الرهن الرسمي بأنه “الرهن الرسمي حق عيني تبعي يتقرر على ملك محفظ أو في طور التحفيظ و يخصص لضمان أداء دين”[4].
كما عرفه بعض الفقه بأنه “حق عيني يترتب على عقار محفظ أو في طور التحفيظ، يبقى في حوزة صاحبه ويخصص لضمان الوفاء بالتزام بدين وبمقتضاه يمنح الدائن في حالة عدم أداء المدين الدين بيعه جبرا عن طريق القضاء، وحق نزع ملكية العقار محل الرهن، أيا كان حائزه، واستيفاء دينه من الثمن بالأفضلية على سائر الدائنين”[5].
من خلال التعريفات أعلاه يتضح على أن الرهن الرسمي العقاري يتميز بعدة خصائص، كونه حق عيني يولي صاحبه حق تتبع العقار المعقود عليه الرهن في يد أي حائز له كما يوليه حق الأفضلية على غيره من الدائنين، كما أنه لا ينصب إلا على العقار مبدئيا، إلا أنه أصبح يشمل في نطاقه بعض الأموال المنقولة ذات الأهمية الاقتصادية.
كما أنه حق لا يقبل التجزئة أما يعرف بتجزئة الرهن لإضافة إلى أنه لا ينزع عن المدين حيازة العقار، فالرهن الرسمي لا يستلزم ضرورة نقل الحيازة للدائن وهو ما يميز الرهن الرسمي عن الرهن الحيازي.[6]
هذه الخصائص التي تميز بها الرهن الرسمي هي التي جعلت المشرع يعمل على تطوير هذا الأخير من أجل توفير السيولة المالية المطلوبة للنهوض بعمليات الاستثمار والإسكان على وجه الخصوص، حيث أدخل تقنية جديدة وهي تقنية تسنيد الديون الرهنية تسمح بتداول الرهن الرسمي في شكل سندات للملكية[7].
وعليه فإذا كان المشرع قد وفر ضمانات قانونية للدائن المرتهن من خلال القواعد الموضوعية المؤطرة لعقد الرهن الرسمي العقاري، إلا أن ما يلاحظ هو أن هذه الضمانة العقارية تعوقها صعوبات مسطرية تتجلى في بطء مسطرة تحقيق الرهن، فكلما تأخر البنك في تحقيق الضمانة البنكية إلا وتزداد خسارة المؤسسة البنكية بحكم أن الدين غير المؤدى يبقى جامدا، مما لا ينتج إمكانية إعادة تمويل قروض جديدة، كما يجعل الأبناك تعمل على ضرورة تخصيص مؤونات لتغطية الديون الغير المؤدات[8].
هذا الاشكال العملي زاد منه القضاء المغربي الذي يميل إلى المقترض خاصة أمام النظرة العامية التي ترى بأن البنك يعد طرف قوي يملي شروطه على المقترض باعتباره طرف ضعيف، هذه النظرة وجب إعادة النظر فيها لكون أن القروض العقارية أصبحت تشكل ضرورة لدى كافة الأشخاص سواء منهم المعنويين أو الذاتيين، فإن الأمر يستدعي ضرورة توفير الاليات والضمانات القانونية اللازمة للمؤسسات البنكية، قصد تشجع هذه الأخيرة على منح القروض من خلال إيجاد قواعد محكمة للرهن الرسمي لتحقيق نوع من الحماية لكل من طرفيه بصفة عامة و للدائن المرتهن بصفة خاصة.
فما هي إذا أهم الضمانات التشريعية التي يوفرها المشرع للدائن المرتهن من خلال الشروط المتطلبة لإنشاء الرهن الرسمي؟
وإلى أي حد كان المشرع موفقا في تنظيمه لإجراءات تحقيق الرهن الرسمي، وهل بالفعل تحقق للدائن المرتهن الغاية التي يأمل منها وهو استيفاء دينه في أقرب الآجال؟
هذان الاشكالية التي يتمحور حولها موضوع العرض جعلتنا نقسمه إلى مبحثين على الشكل التالي:
- المبحث الأول: القواعد الموضوعية الكفيلة بتوفير الحماية للدائن المرتهن.
- المبحث الثاني: أثار تقييد الرهون بالسجلات العقارية.
المبحث الأول: القواعد الموضوعية الكفيلة بتوفير الحماية للدائن المرتهن.
يعد مبدأ تخصيص الرهن من الشروط الموضوعية لإنشاء الرهن وهو يعد في الحقيقة ركن من أركان عقد الرهن المتمثل في حمل العقد، إلا أن هذا المبدأ يعتبر كذلك من الشروط الشكلية الخاصة بحيث يستلزم ضرورة توفر عقد الرهن على بيانات معينة، هذا ما جعنا نقسم هذا المبحث إلى مطلبين، نتناول في (المطلب الأول) دور قاعدة تخصيص الرهن في حماية الدائن المرتهن، وفي (المطلب الثاني) دور الشكلية في حماية مصالح الدائن المرتهن.
المطلب الأول: دور قاعدة تخصيص الرهن في حماية الدائن المرتهن.
إن مبدأ تخصيص الرهن يقتضي أمرين هما: تخصيص العقار المرهون أي يجب تعينه تعيينا دقيقا في عقد الرهن، أما الثاني فيتمثل في تخصيص الدين المرهون أي يجب ذكر مقدار الدين الذي يضمنه الرهن الرسمي.
وعليه فإن قاعدة تخصيص الرهن الرسمي تشمل على شقين أحدهما من حيث العقار المرهون (الفقرة الأولى) أما الثاني يسمى التخصيص من حيث الدين المرهون (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: تخصيص الرهن من حيث العقار المرهون.
نص المشرع المغربي على قاعدة تخصيص الرهن من حيث العقار المرهون في الفصل 165 من مدونة الحقوق العينية أثناء تعريفه لعقد الرهن الرسمي حيث جاء فيه ما يلي:” الرهن الرسمي حق عيني تبعي يتقرر على ملك محفظ أو في طور التحفيظ ويخصص لضمان أداء دين”، وعليه يكون المشرع من خلال التعريف أعلاه قد نص على أن الرهن الرسمي لا يترتب إلا على العقارات ولا يتناول المنقولات، ولكن تجدر الإشارة إلى أن قانون التجارة البحري والقانون الجوي أجاز استثناء وقوع الرهن الرسمي على السفن والطائرات[9].
كما وجب كذلك أن يكون العقار معينا تعيينا دقيقا من حيث (…. بيان اسمه وموقعه ومساحته ومشتملاته ورقم رسمه العقاري أو مطلب تحفيظه….) طبقا للفقرة الثانية من الفصل 175 من مدونة الحقوق العينية. بمعنى وجب أن يتم تعيين العقار المرهون بالذات، وهو ما ينسجم مع قاعدة التخصيص متى لا يرهن المدين جميع الحقوق العقارية. إلا أنه وإن كان المشرع قد استلزم ضرورة تخصيص العقار المرهون من حيث موقعه ومساحته ومشتملاته ورقم رسمه العقاري أو مطلب تحفيظه، إلا أن أحد الباحثين[10]، يرى عن حق أنه يكفي فقط على مستوى الواقع الإشارة فقط إلى رقم الرسم العقاري للعقار المرهون. خاصة وأن الفصل 52 من ظهير التحفيظ العقاري (14.07) ينص على أن:
” كل تحفيظ يقتضي من المحافظ على الأملاك العقارية إقامة رسم عقاري يتضمن:
- وصفا مفصلا للعقار مع حدوده وبيان الأملاك المجاورة والملاصقة له ونوعه ومساحته،
- الاسم الشخصي والعائلي للمالك ومحل سكناه وحالته المدنية وجنسيته وإن اقتضى الحال اسم الزوج والنظام المالي للزواج أو كل اتفاق تم طبقا لمقتضيات المادة 49 من مدونة الأسرة. ويتضمن في حالة الشياع نفس البيانات المذكورة أعلاه بالنسبة لكل شريك نع التنصيص على نصيب كل واحد منهم. وإذا كان المالك شخصا اعتباريا فيجب بيان تسميته وشكله القانوني ومقره الاجتماعي وكذا ممثله القانوني.
- الحقوق العينية العقارية المترتبة على العقار”.
ومن هنا يتضح لنا الأهمية الكبرى التي يلعبها العقار المحفظ بحيث أن تأسيس الرسم العقاري يغني عن البحث في طبيعة العقار محل الرهن. هذا ما يجعلنا نتساءل حول مدى إمكانية إنشاء رهن رسمي على عقار غير محفظ؟
يذهب أحد الفقه[11] إلى القول علة أن الرهن الرسمي يرد على العقار المحفظ ذلك أن نظام التسجيل في الرسم العقاري كفيل بأن يحقق الغاية من حيازة الدائن المرتهن للمرهون ومنع المدين الراهن من التصرف فيه على خلاف الرهن الحيازي الذي يقع على العقار غير المحفظ، وهو نفس ما ذهب إليه الأستاذ محمد خيري بحيث يرى “على أن العقار الذي لم يؤسس على بشأنه رسم عقاري لا يمكن تصولا إنشاء رهن رسمي عليه بالمفهوم القانوني إلا إذا تم تأسيس رسم عقاري له”[12].
أمام هذين التوجهين لا يسعنا
إلا القول على أنه لا يمكن تصور قيام رهن رسمي على عقار غير محفظ، إلا أن هذه الإمكانية هي واردة في حالة ما إذا كان العقار في طور التحفيظ ومر آجال التعرضات حيث يمكن هنا للدائن المرتهن أن يودع عقد الرهن بالمحافظة العقارية طبقا لمقتضيات الفصل 84 من ظهير التحفيظ العقاري ليتم تقييده عند تأسيس الرسم العقاري، كما أنه إذا تراخى طالب التحفيظ عن إتمام إجراءات التحفيظ يمكن له أن يباشر بنفسه إجراءات التحفيظ، وأن الفصل 11 من ظهير التحفيظ العقاري يعطي للدائن المرتهن هذه الإمكانية[13].
إلا أن ما يلاحظ علة مستوى الممارسة العملية نجد أن الأبناك تطلب من زبونها وثيقة الملكية ( شهادة الملكية ) والتي على ضوئها يوافق البنك او يرفض منح الائتمان هذا ما يتحقق الا في حالة واحدة كون العقار محفظ الا ان المشكل المطروح هو تقييم العقار بحيث يرى احد الباحثين ضرورة تكوين لجنة تنتقل الى عن المكان مصحوبة بالوثائق اللازمة ا تكليف خبير عقاري لتحديد ثمن العقار وعلى ضوئه يمكن للبنك ان يتخذ القرار[14].
إلا اننا نتساءل عن الحالة التي تكون فيها الديون المضمونة برهون رسمية والتي انصبت على عقار غير محفظ، هل يمكن لها ان تدخل في إطار عملية التسنيد؟
كإجابة عن التساؤل يرى البعض ان القروض المضمونة برهون رسمية الواردة على عقارات غير محفظة هي ديون قابلة للتسنيد[15].
كما ذهب بعض الفقه الى القول ان عملية التسنيد تتطلب وجود ديون عقارية مضمونة برهون رسمية مسجلة بالرسوم العقارية او مودعة بمطلب التحفيظ[16].
امام هذين التوجهين أحدهما يقبل إمكانية انشاء رهن على عقار في طور التحفيظ والأخر يذهب الى السماح بإنشاء رهن على عقار غير محفظ، يرى الأستاذ محمد خيري[17]، على ان الرهن الرسمي المعتمد عموما كضمان بنكي هو الوارد على عقار محفظ، اما بخصوص الرهن الرسمي الوارد على عقار في طور التحفيظ فيرى الأستاذ سفيان ادريوش[18]، ان هذا النوع يعتبر رهنا احتمالي وان فعاليته معلقة عل تحفيظ العقار وهو ما يتعارض مع مبدأ الفعالية والضمانات اللازم توفرها، كما ان فيه مساس محتمل بشرط أساسي تتطلبه عملية تسنيد الديون الرهنية، ألا وهو ان تكون الديون المضمونة برهون عقارية من الدرجة الأولى.
وهذا لن يتأتى الا من خلال نظام التحفيظ العقاري، هذا الأخير يطهر العقار من كل نزاع ومن مجموع الحقوق السالفة الغير المضمنة بالرسم العقاري، كما اشار الى ذلك الفصل 62 من القانون رقم 14.07 (ان الرسم العقاري نهائي ولا يقبل الطعن، ويعتبر نقطة الانطلاق الوحيدة للحقوق العينية والتحملات العقارية المترتبة على العقار وقت تحفيظه دون ما عداه من الحقوق غير المقيدة).
كما انه يمنح للدائنين ضمانا عقاريا يرتكز على أرضية صلبة من حيث اوصافها القانونية وحدودها المادية.
وعليه فإن المبادئ التي جاء بها نظام التحفيظ العقاري تتلاءم مع طبيعة المعاملات البنكية بحيث يسهل الاطلاع على الوضعية العقارية لطالبي القرض بشكل صادق ونهائي، وهو ما يولد الثقة لدى الأبناك والمؤسسات المالية في منح الائتمان.
نخلص اذن على ان الرهن الرسمي على العقارات المحفظة كما ينصب كذلك على المنقولات المسخرة لخذمة العقار والمتصلة به، حيث تصبح عقارات بالتخصيص وبالتالي يسوغ انشاء الرهن عليها تبعا للعقار المتصلة به ولو لم يتم النص على ذلك في العقد، كما يحق للدائن المرتهن الاعتراض على كل ما من شانه ان يفصل العقار بالتخصيص على العقار المرهون الذي يؤدي حتما الى تقليص قيمة الضمان[19].
كما تجدر الإشارة كذلك الى ان عقد الرهن الرسمي لا يقتصر على العقار المرهون، ب يمتد ليشمل حقوق الارتفاق المقررة عليه، ويشمل أيضا التحسينات التي يقوم بها مالك العقار المرهون بنفسه.
وإذا كان المشرع المغربي قد نص على قاعدة تخصيص الرهن من حيث العقار المرهون كركن جوهري في عقد الرهن فان الملاحظ هو انه لم يفرد جزاء قانوني في حالة عدم تحصيص العقار المرهون.
وفي هذا الصدد يرى أحد الباحثين ان إمكانية بطلان عقد الرهن الرسمي لانعدام تخصيص العقار المرهون إمكانية غير واردة على اعتبار ان القانون المغربي خاصة الفصل 52 من ظهير التحفيظ العقاري يسعفنا في ذلك لكون انه يكفي فقط ذكر رقم الرسم العقاري ليتحقق مبدأ التخصيص من حيث العقار المرهون بحيث أمكن الوقوف على وصف للعقار لا من الناحية القانونية وكذا المادية.
هذا عن قاعدة تخصيص الرهن في شقها الأول فكيف تعامل المشرع المغربي مع الشق الثاني هذا ما سنبحث عنه في الفقرة الثانية.
الفقرة الثانية: تخصيص الرهن من حيث الدين المرهون
أشار المشرع الى قاعدة تخصيص الرهن من حيث الدين المضمون في الفصل 175 من مدونة الحقوق العينية حيث نصت على “…. بيان مبلغ الدين المضمون بالرهن والمدة المحددة لأدائه” وعليه يستشف من هذا الفصل ان الدين المضمون برهن عقاري يجب ان يكون محددا تحديدا دقيقا في عقد الرهن للقول بصحة الرهن، وهو ما ذهبت اليه محكمة النقض في احدى قرارتها “حيث اعتبرت ان الدين المضمون برهن يعتبر بمثابة الأصل، والرهن الرسمي ليس الا ضمانا لهذا الأصل لهذا لا يعقل ان يحدد التابع دونه”[20] كما ان قيمة المرهون تحدد بالدين المضمون، وهو ما ذهبت اليه محكمة النقض في قرارها السابق.
وتجدر الإشارة الى ان مبدأ تخصيص الرهن من حيث المبالغ المضمونة ليس متطلبا فقط لصحة الرهن الرضائي فحسب، بل هو مبدأ عام يطبق على جميع الرهونات الرسمية حتى ولو كانت جبرية[21].
لقد أتت قاعدة تخصيص الدين المضمون من كون ان عقد الرهن يعد حقا تابعا لعقد اخر، حيث ينشأ الرهن ضمانا لدين معين وعلى اعتبار ان القانون اوجب تحديد وتعيين التابع، فانه يجب ان يتعين كذلك الأصل الذي يضمنه التابع[22].
اذا كان المشرع قد الزم اطراف عقد الرهن الرسمي بتحديد مقدار الدين المضمون بالرهن فان القضاء المغربي[23]، اوجب كذلك ان يتضمن عقد الرهن مصدر الدين، هل هو عقد او عمل غير مشروع او اطراء بلا سبب ومقداره وكذا الفوائد ومصدرها لكون الديون تتنوع وان كان لها محل ومتى تبدأ الفوائد في السريان؟
ولعل ان الحكمة من ذلك كما ذهب أحد الفقه[24] تكمن في ان تحديد الدين المضمون فيه حفاظ لمصالح كل من الدائن المرتهن والمدين الراهن فتحديده يفيد الراهن بتمكينه من التصرف في مقدار أصل الدين والفوائد التي يلتزم بأدائها، كما يفيد المرتهن بانه يطمئنه على حقه فيتخذ ما يرسمه المشرع من إجراءات تكفل الحفاظ على رتبة دينه واقتضائه.
اما عن مصدر الدين فالأمر له أكثر من أهمية بحيث تسهل إثارة بطلان الالتزام المضمون في حالة ما إذا كان محل الالتزام سببه دين مقامرة او رهانا كما نص على ذلك الفصل 1093 من ق.ل.ع[25]، اما عن تضمين سعر الفوائد بعقد الرهن، فان المشرع قد وضع مجموعة من الفرضيات امام الدائن المرتهن لابد له من احترام شروط كل فرضية، بحيث وجب التمييز ما بين الفوائد التي كانت مستحقة وقت تقييد الرهن وبين الفوائد التي استحقت بعد التقييد.
بالنسبة للفرضية الأولى: في حالة ما إذا ذكرها الدائن في صك الرهن فهنا يشملها الرهن وتكون مضمونة كأصل الدين، اما في الحالة التي يغفل الإشارة اليها فلا يشملها الرهن، ويكون الدائن المرتهن بمثابة دائن عادي[26].
اما بالنسبة للفرضية الثانية: فإن كانت الفوائد قد استحقت بعد انعقاد الرهن فان الدائن لا يثبت له الا رأس المال وفائدة السنة الجارية والسنة التي قبلها بشرط ان يتضمن عقد الرهن ان الدين ينتج الفائدة ومقيد بالرسم العقاري وان يكون سعرها محددا، وهو ما يستخلص من نص المادة 168 من مدونة الحقوق العينية التي تنص على ما يلي: “ان الدائن الذي قيد رهنه لضمان اصل دين وفوائد او استحقاقات دورية له الحق ان يقيدها في نفس الرتبة التي قيد فيها اصل الدين وذلك لاستيفاء المستحق منها عن السنة الجارية والتي قبلها فقط، شرط ان يكون هذا الحق ناشئا عن عقد الرهن ومقيدا بالرسم العقاري وان يكون سعر الفائدة معينا”.
اما الفوائد الأخرى التي تزيد عن السنتين فلا يضمنها الرهن الرسمي بل تعتبر دينا عاديا، على انه إذا أراد الدائن ان يجعل الرهن شاملا لهذه الفوائد، فعليه ان يسجلها. ولكن هذا التسجيل، من شانه ان يحول الفائدة المستحقة من دين عادي الى دين مضمون، لا يكون له اثر قانوني ولا يلزم الغير الا من تاريخ وقوعه[27]، وهذا ما يتطلب شكلية خاصة في عقد الرهن الرسمي لتوفير حماية مصالح الدائن المرتهن وهذا ما سنحاول التطرق له في (المطلب الثاني).
المطلب الثاني: دور الشكلية في حماية مصالح الدائن المرتهن
يشترط لصحة عقد الرهن الرسمي أن يكون مكتوبا إما في محرر ثابت التاريخ أو في محرر رسمي (الفقرة الأولى)، وذلك لكي يتمكن المحافظ على الأملاك العقارية من تقيد عقد الرهن حتى ينتج آثاره (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: شكلية الكتابة.
تعتبر الكتابة في الوقت الحاضر أهم وسيلة قانونية لإثبات الاتفاقات وغيرها من الأفعال القانونية التي يكون من شأنها إنشاء أو نقل أو تعديل الالتزامات. هذا ما يجعل عقد الرهن الرسمي عقدا شكيا بامتياز، بحيث لا يمكن تصور إنشاء رهن رسمي من غير كتابة وهو ما تؤكده المادة 174 من مدونة الحقوق العينية التي جاء فيها: “ينعقد الرهن الاتفاقي كتابة برضى الطرفين ولا يكون صحيحا إلا إذا قيد بالرسم العقاري…”.
والرهن الرسمي الاتفاقي كالرهن الرسمي الاجباري، يجب أن ينعقد وينشأ بعقد رسمي، أي محرر كتابة برضى الطرفين، الراهن والمرتهن من طرف العدول أو الموثقين الذين لهم الصلاحية في تحرير الرسوم الكتابية والتوثيقية، ولا يجوز انشاء عقد الرهن الجبري أو الاتفاقي بغير محرر رسمي[28].
وبعبارة أخرى، إن مجرد انعقاد الرهن الرسمي، لا يجعله نافذا منتجا لآثاره التي تتمثل في حق المرتهن في أن يطالب ببيع الشيء المرهون، وإنما يشترط لنفاذ الرهن الاتفاقي وترتيب أثره وإمكانية احتجاج الدائن المرتهن بهذا الرهن إزاء الغير. وبالنسبة لبقية دائني صاحب العقار المرهون، لابد أن تكون هناك حجة كتابية رسمية[29]، وهي التي تحرر من طرف العدول أو الموثقين الذين لهم صلاحية التوثيق، وتأتي في الشكل المحدد في القانون، غير أنه يشترط أن تكون هذه العقود موافقة لمقتضيات التشريع المتعلق بالنظام العقاري للتحفيظ بالمغرب وفقا لأحكام ظهير 9 رمضان 1331 الموافق 12 غشت 1913 والمعدل و المغير بالقانون رقم 14.07.
وعليه فإن شرط الكتابة هو شرط ضروري ولازم لقيام عقد الرهن بحيث يعد ركنا من أركانه ويترتب على تخلفها بطلان العقد، فالشكلية هنا هي شكلية انعقاد وليست شكلية إثبات هذا فضلا عن ضرورة حصول التراضي بين طرفي عقد الرهن.
يذهب الفقه[30] إلى تبرير اشتراط الرسمية في عقد الرهن إلى كون هذا الأخير يعد من العقود الخطيرة بالنسبة إلى الراهن فهي تعمل على تنبيهه إلى خطورة التصرف الذي سيقدم عليه، فالشكلية هي إجراء لحماية المدين الراهن ونفس الشيء بالنسبة للدائن المرتهن، لكون أن هذا الأخير يجد نفسه في حاجة إلى التثبت من أصل ملكية الراهن ومن أهليته للتعاقد فالتجاؤه إلى الرسمية يجعله في أمن من ذلك إذ يكون إلى جانبه موظف رسمي يجمع له شتات الأمور يعفيه من تدبر أمره.
أكيد أن أغلب الأنظمة العقارية الموجودة في العالم سواء المستمدة من نظام الشهر العيني أو نظام الشهر الشخصي اشترطت رسمية العقود المتعلقة بالملكية العقارية[31]. خاصة بعد أن تبين بالملموس أن الورقة العرفية[32] يعتريها الضعف من كل الجوانب خاصة وأن مضمون الورقة العرفية يمكن الطعن فيها بالإنكار بينما الورقة الرسمية لا يمكن الطعن فيها إلا بالزور[33]، هذا فبالإضافة إلى أنها لا تحمي حقوق ومصالح الأفراد خاصة إذا تعلق الأمر بمعاملات عقارية.
يبقى أن نشير في نهاية هذه الفقرة على أن المصروفات المتعلقة بعقد الرهن تقع على عاتق المدين، وتشمل نفقات الكتابة وكذلك الرسوم المستحقة من خلال عملية الإشهاد على صحة الإمضاء إذا كان محررا عرفيا بالإضافة إلى الوثائق اللازمة، إلا أن هذه القاعدة ليست آمرة إذا يمكن للدائن المرتهن أن يتحمل هذه النفقات أو يتقاسمها مع المدين الراهن مناصفة أو بنسب معينة. وفي مقابل هذ الالتزام فإن الدائن المرتهن يلتزم بالقيام بإجراءات القيد بالسجلات العقارية لكي ينتج عقد الرهن آثاره خاصة وأن شكلية الكتابة التي فرضها المشرع ستمكن المحافظ على الأملاك العقارية من مراقبة عملية القيد وتفعيل سلطاته وصلاحياته. وهذا ما سنحاول التطرق له في الفقرة الموالية.
الفقرة الثانية: شكلية القيد في السجلات العقارية.
نص المشرع المغربي في الفصل 65 من ظهير 12 غشت 1913 المتعلق التحفيظ العقاري كما تم تغييره وتتميمه بالقانون رقم 14.07 على أنه “يجب أن تشهر بواسطة تقييد في الرسم العقاري، جميع الوقائع والتصرفات والاتفاقات الناشئة بين الأحياء مجانية كانت أو بعوض، وجميع المحاضر والأوامر المتعلقة بالحجز العقاري…” حيث يذهب الفقه[34] إلا أن التقييد في السجل العقاري يعتبر قرينة قانونية وحجة قوية لأنه بالتسجيل يضمن الثبات و الاستقرار.
هذا ما جعل القضاء المغربي يؤكد على ضرورة تقيد الحقوق بالسجلات العقارية حتى تصبح ذات حجة بين الأطراف المتعاقدة، ففي قرار لمحكمة النقض نجدها تؤكد على أنه ” لا يكون أي أثر حتى بين المتعاقدين للاتفاقات الرامية إلى إنشاء أو نقل حق إلا من تاريخ تسجيلها في الرسم العقاري، ولا يمكن حصول حماية للحق العيني حتى بين المتعاقدين إلا عن طريق إشهاره”[35]. وجاء في قرار أخر لمحكمة النقض على أنه “إن الاتفاقات التعاقدية الرامية إلى نقل حق عيني أو الاعتراف به أو تغييره أو اسقاطه لا تنتج أي أثر ولو بين الأطراف إلا من تاريخ تقييدها في الرسم العقاري و أن هذه القاعدة لا تضر بحقوق الأطراف بعضهم على بعض و بإمكانية إقامة دعاوي فيما بينهم لتنفيذ اتفاقاتهم”[36].
وعقد الرهن الرسمي كغيره من الحقوق يخضع لضرورة التقييد، فهو مؤسسة مقترنة بفكرة التقييد لأن قوة الضمان فيها هي تقييد الرهن في السجلات العقارية المنصبة على ملكية العقار المرهون[37].
وعليه فإن الدائن المرتهن ملزم بتقيد عقد الرهن حتى يضمن لنفسه الحق الذي خوله له عقد الرهن ة ليضمن له حق الأفضلية على غيره من الدائنين وهو ما يؤكده الفصل 66 من ظهير لتحفيظ العقاري الذي جاء فيه “كل حق عيني متعلق بعقار محفظ يعتبر غير موجود بالنسبة للغير إلا بتقييده، وابتداء من يوم التقييد في الرسم العقاري من طرف المحافظ على الأملاك العقارية”.
خاصة وأن الرهن الرسمي لا ينقل حيازة العقار إلى الدائن المرتهن ومن تم يتعين إعلام الغير به، خاصة وإن نظام الشهر العيني يمكن كل من له مصلحة على عقار معين أن يطلع بصورة واضحة على الحقوق العينية الأصلية والتبعية التي تثقل العقار، وحتى يكون على بينة من أمره وهو بصدد أي إجراء.
هذا ما جعل بعض التشريعات كالشريع التونسي، بالرغم من اعتناقه لمبدأ (الشهر العقاري العيني) إلا أنه تخلى عن قاعدة الأثر المنشئ للقيد، إذ أجاز انتقال الحقوق بمجرد توقيع العقد و بدون أي قيد في السجل العقاري إلا من أجل الاحتجاج بها على الغير[38].
نشير قبل الانتقال إلى الحديث عن الإجراءات الواجب اتباعها لتقيد الرهن، أن الرهن الرسمي المقيد بصورة قانونية لا ضرورة لتجديده، وهذا على خلاف بعض التشريعات المقارنة كالتشريع الفرنسي (الفصل 2154) من القانون المدني الفرنسي والتشريع المدني المصري (الفصل 1054) اللذين أوجب ضرورة تجديد تقيد الرهن في كل 10 سنوات تحت طائلة سقوط التقيد.
كما نشير كذلك على أن المشرع استلزم ضرورة تقيد جميع الرهون الرسمية سواء كانت اتفاقية أو جبرية، حيث يتم تقيد هذا النوع الأخير بناء على أمر من المحكمة لتنفيذ الحكم القضائي في الحالات التي تستوجب ذلك[39].
بخصوص إجراءات التقييد فيتم طلب تقييد الرهن في أغلب الأحوال بناء على طلب الدائن المرتهن باعتباره صاحب المصلحة كما يمكن للمدين نفسه من طلب ذلك وقد يكون كفيلا عينيا[40].
إن طالب تقييد الرهن ملزم بأن يقدم إلى المحافظة العقارية الوثائق التالية:
- نسخة من عقد الرهن التي يقع العقار في دائرتها مصحوبة بطلب تقييد مؤرخ وموقع من طرف المعني والذي يجب أن يتضمن بيانات معينة، تاريخ توثيق عقد الرهن، اسم الموثق أو العدلين الذين تلقيا الإشهاد بالنسبة لوثيقة الرهن الرسمية أما بالنسبة للوثيقة العرفية فيكفي الاشهاد على صحة توقيعها.
- أسماء أطراف عقد الرهن وعناوينهم وحالتهم المدنية حتى يتمكن المحافظ من التحقق من أهلية المدين الراهن، فالرهن يعد من أعمال التصرف التي تدور ما بين النفع والضرر فهو يرهن عقاره مقابل حصوله على الدين أو على أجل لسداد الدين، لذلك يجب أن تتوفر فيه أهلية التصرف فلا تكفي فيه أهلية الإدارة.
أما بالنسبة للدائن المرتهن فإن الفصل 72 من ظهير التحفيظ العقاري لم يلزم المحافظ من التحقق من أهليته هذا ما جعل أحد الباحثين[41]، يرى بضرورة ذلك أي وجب على المحافظ التحقق من أهلية الدائن لكون أن الدائن المرتهن هو الأخر مرشح لكي يتصرف في حقه حيث يمكن له أن يتنازل عن الرهن كما أمكنه كذلك التنازل عن مرتبته لصالح أحد المرتهنين الآخرين. وبما أن الأبناك تتخذ بشكل إلزامي شكل شركة مساهمة هذا يغني المحافظ عن ضرورة البحث في أهلية الدائن بل يشترط فقط ضرورة تعيين اسم الدائن المرتهن المستفيد، وهو ما ذهب إليه قرار صادر عن محكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ 3 يونيو 1943[42]،حيث جاء فيه “لا يمكن قبول التسجيل على الرسم العقاري إذا كان الأمر يتعلق برهن لفائدة الحامل، فالقانون العقاري يشترط تعيين المستفيدين من كل حق عيني ينبغي تسجيله سواء كان حقا أصليا أو تبعيا”.
وعليه فالمحافظ يراقب البيانات المتعلقة بالحالة المدنية بناء على العقود موضوع التقييد، هذا إضافة إلى ضرورة تضمين مبدأ تخصيص الرهن من حيث تعين العقار المرهون ومقدار الدين.
وبمجرد تقديم الطلب المتوفر على البيانات أعلاه، يتم تسجيله حسب تاريخ تقديمه وساعته بسجل الإيداع، لكي يبدأ دور المحافظ في التحقق من هذه البيانات، ومدى توفرها على الشروط الشكلية والجوهرية، خاصة مطابقة العقار المذكور في عقد الرهن مع الرسم العقاري، حتى يتأكد من كون أن المدين الراهن هو المالك للرسم العقاري لأنه لا يجوز رهن ملك الغير وإلا بطل العقد[43].
وبعدما يتأكد المحافظ أن طلب التقييد تتوفر فيه جميع الشروط فإنه يأمر إما بتقييد الرهن بعد التأشير على عقد الرهن بكلمة “صالح للأداء”، ويتم تقييد الرهن بصفة قانونية منذ تاريخ إيداع الطلب، بحيث يتم الرجوع إلى التاريخ المحدد بسجل الإيداع، و يجب تحديد تاريخ التقييد على اعتبار أنه يعطي للدائن رتبته في التقييد خاصة عندما تتعدد طلبات التقيد علة نفس العقار، هذا ما يجعلنا أمام قاعدة “أسبقكم قيدا أسبقكم حقا” او ما يعبر عنها بالسابق في التسجيل سابق في التقدم عند التوزيع[44].
وعلى لإثر هذا الإجراء يمنح لطالب تقيد الرهن شهادة التقييد ثم شهادة التقييد الخاصة. أما في الحالة التي يمنح فيها لطالب تقيد الرهن شهادة التقييد لا تستجيب للنصوص القانونية المقررة، فإنه يرفض تقيد الرهن بناء على الفصل 73 من ظهير التحفيظ العقاري.
وفي هذه الحالة إذا ما تبين للدائن المرتهن أن أسباب الرفض غير مبنية على أساس يذهب البعض إلى القول إنه يحق للدائن المرتهن الطعن في قرار المحافظ إما أمام المحافظ العام باعتباره الرئيس الأعلى له أو أمام السلطة القضائية استنادا للفصل 96 من ظهير التحفيظ العقاري الذي جاء فيه ما يلي:
“يجب على المحافظ علة الأملاك العقارية في جميع الحالات التي يرفض فيها تقييد حق عيني أو التشطيب عليه أن يعلل قراره ويبلغه للمعني بالأمر.
يكون هذا القرار قابلا للطعن أمام المحكمة الابتدائية التي تبت فيه مع الحق في الاستئناف. وتكون القرارات الاستئنافية قابلة للطعن بالنقض”
نشير في الأخير إلى أن عقد الرهن ينشأ بمجرد تقييده ويصبح حجة في مواجهة المتعاقدين وفي مواجهة الغير بحيث لا يتقرر للدائن المرتهن الحق في التتبع وحق الأفضلية إلا بعد تقييده، كما أنه يبقى موجودا وثابتا ولا ينقضي إلا بشكلية التشطيب[45]، و الشخص الذي يطلب التشطيب هو المدين[46]، إما بمقتضى الاتفاق و هو ما يعرف بالتشطيب الاتفاقي بناء على عقد رفع اليد عن الرهن أو بشهادة فك الرهن التي يسلمها الدائن المرتهن للمدين بعد أن استوفى جميع حقوقه و إما بموجب حكم قضائي حائز لقوة الشيء المقضي به و هو ما يطلق عليه بالتشطيب القضائي في حالة رفض الدائن المرتهن تبرئة المدين الراهن من الدين بعد استيفاء حقه و هو ما جعل محكمة الاستئناف بوجدة[47] تقر في إحدى قراراتها على ما يلي: “حيث يهدف الطالب إلى التشطيب على الرهن الرسمي العقاري…. حيث إن الثابت من خلال العقد الرابط بين الطرفين تبين أن الرهن الرسمي ضرب على العقار لأداء ما تبقى من ثمن البيع… وحيث تبين أن المبلغ المذكور وضع رهن إشارة صاحبه بصندوق المحكمة بالتالي وجب التشطيب على الرهن المذكور طالما أن السبب الذي كان بموجبه مفروضا قد زال”.
المبحث الثاني: آثار تقييد الرهن الرسمي بالسجلات العقارية.
إن الأهمية من تقييد عقد الرهن بالسجل العقاري تظهر بالأساس في إقرار ضمانات عينية للدائن المرتهن تسمح له بمواجهة الغير، من خلال ميزة تتبع العقار المرهون في يد من انتقل اليه، إضافة إلى ميزة التقدم في استيفاء الدين على غيره من الدائنين (المطلب الأول). وإن كان عقد الرهن من يعد من الحقوق الملزمة لجانب واحد هو الراهن فإن ذلك يترتب عنه التزامات معينة، قد تجعل سلطة المدين مقيدة على عقاره المرهون (الطلب الثاني).
المطلب الأول: إقرار ضمانات عينية.
يعد الرهن الرسمي حقا عيني بمجرد تقيده يعطي لصاحبه أي (الدائن المرتهن) حق تتبع العقار المعقود عليه الرهن في يد أي حائز له (الفقرة الأولى) كما يعطي لصاحبه حق الأفضلية على غيره من الدائنين بالنسبة لثمن هذا العقار (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: حق التتبع.
تنص المادة 199 من مدونة الحقوق العينية على أنه “للدائن المرتهن رهنا رسميا حق تتبع الملك المرهون في يد أي حائز له لاستفاء دينه عند حلول أجل الوفاء به”. وتنص المادة 200 من نفس المدونة على أنه ” يعتبر حائزا للملك المرهون كل من انتقلت إليه ملكيته بتقييده بالرسم العقاري دون أن يكون ملتزما شخصيا بالدين”.
الواضح على أن إقرار المشرع لحق التتبع هو محاولة لإحداث نوع من التوازن بين مصالح أطراف عقد الرهن، و يتجلى ذلك في صلاحية وسلطة الراهن في التصرف في ملكية عقاره المرهون بدون إلحاق أي ضرر بمصالح الدائن المرتهن[48]. بحيث أنه في حالة ما إذا ظل العقار المرهون في يد مالكه أي المددين لما احتاج الدائن المرتهن إلى ميزة التتبع بحيث سيعمل على استيفاء دينه من مالكه الأصلي أي المدين.
أما في الحالة التي تنقل فيها مليكة العقار إلى مالك جديد –أي مشتري العقار المرهون- هنا تبرز أهمية قاعدة التتبع كما قلنا، إلا أن ذلك يستدعي أن يكون مشتري العقار المرهون قد قيد حقه بالسجل العقاري أخذا بالمبادئ المنصوص عليها في ظهير التحفيظ العقاري إذ بدون هذا التقيد يعتبر العقار مازال في حيازة المدين الراهن وأن يكون الدائن المرتهن كذلك قد قيد حقه قبل تسجيل انتقال الملكية من المدين الراهن إلى الغير[49]، كما أن حق التتبع فإنما نقصد بها تلك الحقوق المتفرعة عن حق الملكية و التي يجوز التصرف فيها تصرفا مستقلا عن هذا الحق[50].
إلا أنه لإعمال حق التتبع من قبل الدائن المرتهن ينبغي أن يكون أجل الدين قد حل أي بمفهوم المخالفة فالدين الذي لم يحل بعد لا يستطيع الدائن المرتهن أن يباشر عليه حق التتبع و يعلق أحد الفقهاء المصريين[51]، على هذا الشرط بحيث لا يرى ضرورة الأخذ به فبمجرد تفويت العقار المرهون يمكن إعمال ح التتبع.
إلا أن هذا الرأي يبقى محل نظر لكون أن حلول الأجل يبقى ضروريا لإقرار نوع من التوازن ما بين مصالح كل من الدائن المرتهن و المدين و الحائز للعقار و عليه لا يوجز للدائن التنفيذ على العقار سواء بين يدي الراهن أو تحت يد الحائز ذلك أن هذا الأخير يستطيع أن يتمسك بالأجل و لو كان قضائيا منحه القاضي[52].
كما وجب الانتباه كذلك إلى أن حق التتبع يعود لكل دائن مرتهن و لو كانت مرتبته متأخرة شريطة أن يكون أجل الدين قد حل[53].
أما بخصوص إعمال حق التتبع فإن المادة 215 من مدونة الحقوق العينية نصت على كيفية إعمال هذا الحق بحيث نجدها تنص علة ما يلي ” للدائن المرتهن الذي لم يستوف دينه في أجل استحقاقه أن يحصل على بيع الملك المرهون وفق الإجراءات المنصوص عليها في القانون، وذلك بعد توجيه إنذار بواسطة المكلف بالتنفيذ للمدين الأصلي وللحائز، لأداء الدين أو التخلي عن الملك المرهون داخل خمسة عشر يوما من تاريخ التوصل به”.
وعليه فإن خيارات الحائز للعقار المرهون في مواجهة الدائن المرتهن لا تخرج عن أحد الأمور التالية: إما أن يرجع الدين أو أن يتخلى عن العقار المرهون، لكن ما يلاحظ هو أن المشرع راعى جانب الحائز ولم يترك موقفه سلبيا بحيث يمكن له قبل ان يلجأ إلى إبداء خياراته بخصوص العقار المرهون أن يواجه الدائن المرتهن بعدة دفوع لكي يواجه إجراءات التتبع في حقه.
كالطعن في صحة الرهن ويطالب ببطلان الرهن لأي سبب من الأسباب كعدم احترام إحدى الشروط الموضوعية أو عدم احترام إجراءات التقييد في السجلات العقارية، إلا أن الملاحظ هو أن المشرع المغربي لم يتعرض لإمكانية واحدة و هي الدفع بالتجريد[54]، أما بخصوص الحالات الأخرى فيلجأ إليها الحائز تطبيقا للمبادئ العامة في الالتزامات.
الفقرة الثانية: حق الأولوية.
للدائن المرتهن الحق في أن يستوفي دينه من ثمن العقار المرهون مقدما على غيره من الدائنين العاديين أو الدائنين المرتهنين إلا أنه يشترط أن يكون الدائن قد قيد حقه بالسجل العقاري أما في حالة تعدد الدائنين أصحاب الرهن فتفضيل أحدهما على البعض الآخر يكون بالأسبقية في القيد، عملا بأحكام الفصل 77 من ظهير التحفيظ العقاري الذي ينص على ما يلي: “يحدد ترتيب الأولوية بين الحقوق المتعلقة بالعقار الواحد حسب ترتيب تقييدها، باستثناء الحالة المقررة بالفقرة الأخيرة من الفصل السابق والمتعلقة بالتقييدات الواقعة بنفس الرتبة”.
وعليه فإن تاريخ القيد هو الذي يجعل الدائن المرتهن يستوفي دينه بالأولوية على غيره من الدائنين حتى ولو كانت حقوقه ناشئة قبل الرهن، وهو ما تؤكده مقتضيات المادة 197 من مدونة الحقوق العينية ” يستوفي الدائن المرتهن دينه من ثمن الملك حسب رتبة تقييده في الرسم العقاري، وذلك بالأولوية على باقي الدائنين المرتهنين التاليين له في المرتبة وكذا على الدائنين العاديين”.
إلا أنه يثار إشكال بخصوص الحالة التي تكون فيها الرهون الرسمية في مرتبة واحدة ومسجلة في يوم واحد؟
يذهب الفقه[55] إلى أنه في الحالة التي تكون فيها الرهونات الرسمية في مرتبة واحدة كأن تكون مسجلة في يوم واحد، و يكون ثمن العقار غير كاف للوفاء بالديون جميعا، فإن الدائنين المرتهنين ذي الرتبة الواحدة يتقاسمون الثمن الذي يوزع عليهم بنسبة مبلغ دين كل واحد منهم.
وعليه فإن كانت أسبقية الدائنين تكون على أساس تاريخ القيد، وهو ما يعبر عنه بقاعدة (الأسبق في القيد أسبق في الحق)، فإن هذه القاعدة تعتريها بعض العوارض خاصة في حالة تزاحم الدائن المرتهن مع أصحاب حقوق الامتياز، هذا ما سيجعلنا نبحث في مدى تأثير أصحاب حقوق الامتياز على مصالح الدائن المرتهن في الرهن الرسمي العقاري؟
إلا أنه وقبل ذلك ارتأينا البحث في مسألة إمكانية النزول عن مرتبة الرهن والتي تعد في الحقيقة استثناء عن مبدأ الأفضلية والذي يتم إقراره بإرادة الأطراف.
هذا ما يجعلنا نتساءل هل يجوز للدان المرتهن أن ينزل عن مرتبة رهنه المتقدم إلى دائن متأخر في المرتبة مع احتفاظ الأول بحق الرهن الذي له؟
بالرجوع إلى التشريعات المقارنة نجد أن المشرع المصري قد أجاز للدائن المرتهن أن يتنازل عن رهنه لصالح دائن آخر ليحل محله وهو ما نصت عليه المادة 1059 من التقنين المدني المصري: “للدائن المرتهن أن ينزل عن مرتبة رهنه، في حدود الدين المضمون بهذا الرهن لمصلحة دائن آخر له رهن مقيد على نفس العقار ويجوز التمسك قبل هذا الدائن الآخر بجميع أوجه الدفع التي يجوز التمسك بها قبل الدائن الأول، عدا ما كان منها متعلقا بانقضاء حق هذا الدائن الأول إذا كان هذا الانقضاء لا حقا للتنازل عن المرتبة”.
فمن خلال استقراء النص أعلاه تتضح أهمية فكرة الحلول فقد يحدث أن يكون للدائن المرتهن رهن على عدة عقارات وكان أحدهما يكفي للوفاء بحقه، فيقوم هذا الدائن بالنزول عن مرتبة رهنه على العقارات الأخرى لدائن مرتهن متأخر في المرتبة، دون أن يعني ذلك تنازله عن حقه المضمون بالرهن أو حتى نزوله عن حق الراهن ذاته[56]، إلا أنه لإعمال حق النزول يشترط في ذلك ما يلي:
- أن يتم النزول لمصلحة دائن آخر له رهن مقيد على ذات العقار لكون أن التنازل عن متربة الرهن يفترض وجود أكثر من دائن مرتهن على نفس العقار.
- يجب كذلك أن يكون الدائن الذي حل في المرتبة الأولى له دين أكبر من حق الدائن الآخر.
يمكن القول إن فكرة الحلول تقتضي بالأساس ضرورة حصول تراضي الأطراف حتى نكون أمام تنازل عن مرتبة الرهن إلا أنه في بعض الحالات الأخرى نجد أن إرادة المشرع هي التي تتدخل من أجل جعل الدائن المرتهن يتنازل عن مرتبته في استيفاء الدين بالأولوية. وهو ما يدفعنا إلى البحث في إشكالية حقق الامتياز وتزاحمها مع الديون المضمونة برهن رسمي عقاري. اعتبر المشرع المغربي حق الامتياز من الحقوق العينية[57]، ويعرف الفصل 1243 من ق.ل.ع حق الامتياز بقوله “الإمتياز حق أولوية يمنحه القانون على أوال المدين نظرا لسبب الدين”. كما عرفته المادة 142 من مدونة الحقوق العينية بقولها ” الامتياز حق عيني تبعي يخول للدائن حق الأولوية على باقي الدائنين ولو كانوا مرتهنين”.
ما يمكن استنتاجه من خلال التعريفين أعلاه هو أن الدائن الذي يتمتع بحق الامتياز له أن يستوفي دينه بالأفضلية على باقي الدائنين الآخرين حتى ولو كانوا دائنين برهن رسمي.
والقانون عندما يقرر امتياز حق ما فإنه يراعي في هذا صفة الدين ذلك أن سبب امتياز بعض الحقوق يعود إلى فائدة هذه الديون التي تعود بالأساس إلى المنفعة أو الخدمة التي يقدمها حق الامتياز[58] .
وبالتالي فإن إقرار حق الامتياز يعود بالأساس لسبب الدين وليس لشخص الدائن والقانون هو المصدر الوحيد لحقوق الامتياز. وعليه لا يجوز للطرفين أن ينشأ امتيازا بإرادتهما ولا يجوز للقاضي أن يقرر امتياز، فالامتياز هو استثناء لقاعدة المساواة بين الدائنين و الاستثناء ينبغي أن يفسر تفسيرا ضيقا[59].
ومن بين هذه الامتيازات نجذ حقوق الامتياز العقارية التي عددتها المادة 144 من مدونة الحقوق لعينية فيما يلي:
“إن الديون التي لها وحدها امتياز على عقارات المدين هي:
أولا: المصاريف القضائية لبيع الملك بالمزاد العلني وتوزيع ثمنه،
ثانيا: حقوق الخزينة العامة كما تقررها وتعينها القوانين المتعلقة بها.
ولا يباشر هذا الامتياز على العقارات إلا عند عدم وجود منقولات.”
وسعيا من المشرع إلى تعزيز مركز حقوق الامتياز العقارية نجده قد أعفى هذه الأخيرة من القيد بنص صريح في المادة 143 من مدونة الحقوق العينية التي نصت على ما يلي: ” تنتج حقوق الامتياز أثرها ولو لم تقيد بالرسم العقاري وتحدد رتبتها بالقانون”.
وعليه فالحق المضمون بإمتياز عقاري يستوفى قبل أي حق حتى ولو كان مضمونا برهن عقاري مسجل أصلا في السجل العقار، أو لم تقيد حقوق الامتياز أصلا، فإن حق الامتياز الواقع على عقار هو الذي يقدم على غيره بالرسم العقاري. بعبارة أخرى أنه إذا تزاحم حق الامتياز الواقع على عقار مع حق امتياز آخر، فإن حق الامتياز الواقع على عقار هو الذي يقدم على غيره من الديون ولو كانت هذه الديون مضمونة برهن رسمي على ذلك العقار. لأن القانون يصرح بأن الامتياز الواقع على عقار يقدم على كافة الديون الأخرى حتى ولو كانت ممتازة، أي حتى التي تكون مضمونة برهن رسمي، لأن القانون هو الذي يحدد رتبة حقوق الامتياز [60].
يجب أن نشير إلى أن الامتيازات العقارية لا تباشر على العقارات إلا عند عدم وجود المنقولات ففي حالة عدم وجودها يمارس امتياز المصروفات القضائية بالأولوية على المبالغ المستحقة للخزينة العامة وذلك من خلال الترتيب الذي جاءت به المادة 144 حيث إن المصاريف القضائية جاءت في الرتبة الأولى ثم تلتها حقوق الخزينة[61]. وهو نف ما ذهب إليه أحد الباحثين[62]، لكون أن حقوق الامتياز المقررة لضمان المصاريف القضائية تقدم على ديون الخزينة العامة الآن الأولى أنفقت من أجل المحافظة على مصالح الكافة بمن فيهم مصالح الخزينة العامة.
ويدخل في إطار المصاريف القضائية كل من الرسوم والنفقات التي تم تسخيرها من أجل بيع عقار، إلا أنه يجب الإشارة إلى الحالة التي يقوم بها الدائن صاحب رهن رسمي من الدرجة الثانية بماشرة أعمال نزع الملكية لتحقيق الرهن من ماله الخاص، فإن ما أنفقه من مصاريف قضائية يعتبر دينا ممتازا يجعله يستوفي دينه على كافة الدائنين حتى على حساب الدائن صاحب الرهن الرسمي من الدرجة الأولى[63]، وعليه تبرز لنا أهمية المصاريف القضائية في حماية مصالح الدائن المرتهن في جعله يستوفي دينه من ثمن العقار بعد أن أنفق مجموعة من المصاري من أجل بيعه ومن تم يكون من العدل أن تقدم على حقوق الخزينة العامة، إلا أنه من غير العدل أن تقدم هذه الأخيرة على حقوق الدائن المرتهن فهذا يعد خروجا عن منطق الأفضلية الذي يعطى لأصحاب الرهون العقارية.
هذا ما جعل أحد الباحثين يرى بأن (الامتياز يعد من بين الأخطار التي تحدق بالقروض والرهون وتهدد الأبناك وتجعلها تنوع ضماناتها وتبالغ في تحصين قروضها وفي هذا نوع من عدم الإنصاف والمغالاة).
غير أنه وبالرجوع إلى المادة 105 وما يليها من قانون رقم 15-97 المتعلق بتحصيل الديون العمومية، نجدها لا تنص عل أن الخزينة العامة تتمتع بأي امتياز على منتوج بيع العقار وكذلك الشأن بالنسبة لديون الجماعات المحلية وهيئاتها والمؤسسات العمومية وعليه الدائن المرتهن للعقار خارج هذا النقاش الفقهي الذي لم يعد مبررا أمام سائر الدائنين العاديين والمرتهنين التاليين له في المرتبة بعد أن يتم خصم المصاريف القضائية التي تم إنفاقها من أجل بيع العقار وتوزيع الثمن[64].
إلا أنه وقبل إقرار المادة 105 من قانون رقم 15-97، نجد العمل القضائي المغربي ومنذ أمد بعيد دأب إلى إعطاء الأفضلية للدائن المرتهن للعقار على اعتبار أن قابض الضرائب يعد مجرد دائن عادي[65].
وهو ما ذهب إليه الأمر الاستعجالي الصادر عن ابتدائية عين السبع الذي قضى برفع تعرض قابض الضرائب و قد تم تأييده من طرف محكمة الاستئناف بالدار البيضاء[66]، وهو نفس التوجه الذي ذهبت إليه محكمة الاستئناف بمراكش حيث صرحت “على عدم تطبيق الامتياز على العقار لعدم وجود نص يخولها ذلك”[67]
وعليه يكون القضاء المغربي قد عبر عن موقف يهدف في جوهره إلى حماية الدائن المرتهن وبالتالي حماية الائتمان والتشجيع على منح القروض خاصة وأن نص المادة 105 من مدونة تحصيل الديون العمومية ستجعل القضاء مما لا شك فيه باعتباره الجهاز الذي يعمل على تحريك النصوص القانونية يزكي هذا الطرح.
وكذلك نود أن نشير إلى مسألة أخرى جاءت بها الفقرة الثالثة من المادة 35 من القانون رقم 10/98 المتعلق بتسنيد الديون الرهنية[68]، التي تنص على أنه ” يستفيد تقييد نقل الرهون المعنية من الأولوية علة أي طلب تقييد آخر يتعلق بالعقار المعني بالأمر و المقدم في نفس التاريخ الذي يحمله المستند “.وعليه تكون هذه الفقرة قد جاءت باستثناء آخر لمبدأ الأفضلية، غاية لمشرع من ذلك كما ترى أحد الباحثات[69]، ذلك هو إعطاء الضمانات الكافية لمكتتبي الحصص الناتجة عن تسنيد الديون الرهنية و لتلافي حالات عجز المدينين بالديون المفوتة.
وفي الأخير وجب الإشارة إلى أن “حق الأولوية” أو “حق الأفضلية” في حالة هلاك العقار المرتهن يتحول إلى تعويض عن التأمين في الحالة التي يكون فيها العقار مؤمن عليه، أو تعويض عن الضرر في حالة ثبوت المتسبب في هذا الهلاك.
المطلب الثاني: التزامات المدين الراهن.
من مميزات الرهن الرسمي أنه لا يرفع يد المدين عن ملكه، بل يظل متمتعا بكافة سلطات الملكية، إلا أن ذلك لا يكون بشكل مطلق بحيث ترد عليه بعض القيود التي وجب أن تراعي بالأساس مصلحة الدائن المرتهن (الفقرة الأولى) إلا أننا نتساءل فيما إذا كان هذا التصرف يعد إخلالا بالتزام الراهن بالمحافظة على العقار المرهون الذي يعد أهم التزام يلقى على عاتق هذا الأخير (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: تقييد سلطات المدين الراهن
على اعتبار أن الرهن الرسمي كما سبق وأن قلنا لا يحرم الراهن من التمتع بسلطات الملكية فالراهن له الحق في استعمال العقار المرهون بأي وجه من أوجه الاستعمال، كما كان يستعمله قبل الرهن، فإذا كان منزلا فله الحق في الاستمرار في السكن فيه، أما إذا كان أرضا فله أي يزرعها على أن حقه في الاستعمال يبقى مقيدا بقيد واحد هو الحفاظ على الضمان.
أما فيما يتعلق بالاستغلال الوجه الأخر لإقرار حق الملكية فالمدين كذلك له الحق في استغلال العقار سواء بنفسه أو بواسطة الغير.
فالراهن يتولى إدارة العقار المرهون[70] والحق في الإدارة يقتضي أن تكون للراهن السلطة الكاملة في الاستغلال دون أي قيد أو شرط، ومن أنواع الاستغلال كراء العقار وقبض أجرته إلى حين تبليغ محضر الحجز التنفيذي حيث تصبح الثمار المدنية من ملحقات العقار المرهون ويستطيع الدائن ان ينفذ عليها[71].
وعليه وان كانت سلطة المدين الراهن في استعمال واستغلال العقار لا تثير إشكالا فإنه أثير إشكال بخصوص إمكانية التصرف في العقار المرهون خاصة وأن المشرع المغربي وهو بصدد تنظيمه لأحكام الرهن الرسمي لم يتناول بصفة صريحة إمكانية تصرف الراهن في العقار المرهون، وهو على خلاف ما ذهب إليه القانون المدني المصري حيث نص صراحة من خلال المادة 1046 على أنه ” يحق للراهن أن يتصرف في العقار المرهون وأي تصرف يصدر منه لا يؤثر في حق الدائن المرتهن”.
هذا التوجه الأخير سلكه المشرع المغربي بخصوص الرهن الحيازي، حيث نص في فصله 1177 من ق.ل.ع ” على انه من رهن شيئا لا يفقد الحق في تفويته”.
هذا ما جعل الفقه المغربي[72] على الخصوص يرى بإمكانية التصرف في العقار المرهون بالبيع أو الهبة أو أن يعمل على رهنه مرة أخرى مادام أن هذا التصرف لا يؤثر سلبا على الدائن المرتهن.
إلا أن هذا التوجه الفقهي لقي توجه فقهي[73] أخر مخالف ومعارض يرى ضرورة تقييد سلطات المدين على العقار المرهون لكون ان الباعث إليه مشروع، يتجلى في حماية مصالح الدائن المرتهن من تفادي إجراءات تتبع العقار بين يدي المالك الجديد وما يترتب عن ذلك من نفقات وجهد يتحملها الدائن.
إلا أن هناك من عاب على هذا الرأي واعتبره لا يتناسب بالبت مع الضرر الذي يلحق بالراهن نتيجة تقيد حريته في التصرف في ملكه[74].
و ما يلاحظ على مستوى بعض التشريعات المقارنة، نجد أن المشرع اللبناني نص صراحة على بطلان تصرف المدين الراهن في ماله المرهون دون موافقة الدائن المرتهن[75]، وهو ما ذهب إليه كذلك قانون التمويل العقاري المصري[76] إذ نص على ضرورة حصول موافقة مسبقة من الممول الذي هو الدائن المرتهن بالتصرف في العقار، كما اوجب كذلك ان تكون الموافقة مكتوبة.
إلا إنه يمكن إن يجيز الممول التصرف بعد صدوره عملا بالقاعدة الأصولية التي تقول إن الإجازة اللاحق كالإذن السابق.
ومن تم يمكن القول إن هذا القانون قد عطل مفعول المادة 1046 من القانون المدني المصري، بحيث جعل حق الراهن في التصرف في العقار رهين بضرورة الحصول على إذن صريح ومكتوب من طرف الممول العقاري، ولعل أن هذا التدخل جاء بالأساس لتكريس الممارسة العملية لدى الأبناك خاصة وأن البنوك المغربية تشترك على الراهن ضرورة الرجوع إليها لحصول المدين الراهن على إذن في حالة ما إذا أراد هذا الأخير التصرف في العقار حيث اضحى هذا الشرط شرطا نموذجيا الهدف منه بالأساس إعلام الدائن بكل التصرفات التي يمكن ان تقع على العقار.
إلا أنه ورغم ذلك فإن بعض الفقه[77]يرى بكون هذا الشرط باطل و يؤدي إلى بطلان عقد الرهن، و يدافع عن وجهة نظره انطلاقا من الفصل 110 من ق.ل.ع الذي جاء فيه “الشرط الذي ينافي طبيعة الفعل القانوني الذي أضيف إليه يكون باطلا و يبطل الالتزام الذي يعلق عليه و مع ذلك، يجوز تصحيح هذا الالتزام إذا تنازل صراحة عن التمسك بالشرط الطرف الذي وضع لصالحه”.
لهل أن الدافع الأساسي الذي جعل هذا الرأي يرى ببطلان عقد الرهن هو تأثره بما ذهب إليه الأستاذ عبد الرزاق السنهوري[78] “لا يجوز للدائن المرتهن أن يشترط على الراهن عدم جواز التصرف في العقار المرهون، حيث أن المذكرة الإضافية للمشروع التمهيدي (المصري) نصت على أن، حرية الراهن في أن يتصرف في العقار المرهون لا يجب أن يقيدها الدائن المرتهن و يكون باطلا تعهد الراهن للدائن المرتهن بألا يتصرف في العقار المرهون”.
امام هذه التوجه الأخير نعتقد ان إقرار بطلان عقد الرهن فيه اجحاف لطرفي عقد الرهن كما انه اهدار للائتمان، كما يمكن تقرير البطلان لكون ان أسباب إقرار البطلان غير واضحة ان لم نقل منعدمة وعليه نرى بمشروعية هذا الشرط خاصة وانه يحمي مصالح الدائن المرتهن عن طريق اعلامه فقد بالتصرفات التي يمكن ان تقع على العقار المرهون.
نتفق على ان المشرع ومحاولة منه لأحداث نوع من التوازن في العلاقة التعاقدية الرهينة، اقر حق التتبع بحيث ان هذا الأخير لا وجود له في الحالة التي تتقيد فيها سلطات الراهن في المتصرف في ملكية العقار المرهون.
الفقرة الثانية: التزام المدين الراهن بالمحافظة على العقار الرهون.
إذا كان مالك العقار المرهون يحتفظ بملكية العقار، فان هذه السلطة ذات حدين فهي ميزة للمالك كما انها تكليف له بالمحافظة على العقار المرهون.
بحيث يعد التزام المدين بالمحافظة على العقار المرهون اهم التزام يلقى على عاتقه يمنعه من احداث أي تصرف مادي او قانوني يكون من شانه ان ينقص من ضمانات الدائن خاصة وان الرهن الرسمي يعتبر من عقود الضمان التي يلتزم فيها المدين تجاه الدائن المرتهن بعدم التعرض والاستحقاق سواء منه او من أي شخص اخر يعمل على المس بحق الرهن كما يلتزم كذلك برد أي اعتداء او ادعاء من طرف الغير كان يدعي ملكية العقار.
والرجوع للمادة 189 من مدونة الحقوق العينية التي تنص على ما يلي: “يضمن الراهن الملك المرهون وهو مسؤول عن سلامته كاملا حتى وفاء الدين، وللمرتهن أن تعترض على كل نقص بين ضمانه وأن يتخذ من الإجراءات ما يحفظ حقه على أن يرجع على الراهن بما أنفق”.
وبالرجوع إلى أحكام ق.ل.ع المغربي باعتباره الشريعة العامة نجده ينص في فصله 1179 “من أنشأ رهنا لا يحق له أن يجري أي فعل من شأنه، أن ينقص قيمة المرهون عما انت عليه عند إبرام الرهن ولا أن يمنع من مباشرة الحقوق الناشئة من الرهن لصالح الدائن…”.
ويكمن مضمون التزام المدين بالمحافظة على العقار، في منع المدين من القيام بأي عمل من شأنه أن يؤدي إلى الإنقاص من قيمة العقار كأن يهدمه كله أو بعضه أو أن يقتلع الأشجار المغروسة أو يفصل العقارات بالتخصيص بدون مبرر يقتضي الاستغلال[79]، دون أن يقصد بالهلاك أو التعييب قص في قيمة المرهون لعوامل اقتصادية معينة، و عليه يكون أي إجراء يقوم به المدين يترتب عليه الانقاص من قيمة العقار المرهون، مآله البطلان و يكون عديم الأثر في مواجهة الدائن المرتهن.
هذا ما جعل المشرع من خلال المادة 190 من مدونة الحقوق العينية يقر بأنه ” إذا هلك الملك المرهون أو تعيب بخطأ من الراهن كان للمرتهن أن يطلب وفاء ينه فورا أو تقديم ضمان كاف لدينه”.
ما يلاحظ هو ان المشرع من خلال مقتضيات المادة أعلاه لم يميز بين الهلاك أو التعييب الواقع من طرف الراهن والتعييب والهلاك الناجم عن فعل الغير أو لسبب أجنبي لا يد الراهن فيه.
وهذا على خلاف أحكام الرهن الحيازي التي ميزت ما بين الحالتين من خلال مقتضيات الفصلين 1182 و 1183 من ق.ل.ع[80] هذا ما يجعلنا نرجع مرة أخرى الى احكام ق.ل.ع بحيث نجد ان الفصل 139 من ق.ل.ع[81] يعطي احتمالين يجب على الدائن المرتهن العمل بهما:
- في الحالة التي يتم اضعاف الضمان من قبل المدين هنا يفقد هذا الأخير ميزة الأجل.
- أما في الحالة التي يكون فيها الإنقاص راجع الى سبب أجنبي عن إرادة المدين، يكون للدائن الحق في أن يطلب فقط ضمانات تكميلية.
نشير الى انه في الحالة التي يهلك فيها العقار بشكل جزئي فان الرهن يظل على الجزء المتبقي ضامنا للوفاء بكل الدين طبقا لقاعدة عدم تجزئة الرهن.
كما ان من خلال المدين الراهن بالمحافظة على العقار المرهون يعرضه لعدة جزاءات مدنية[82] وجنائية[83].
خاتمة:
إذا كان المشرع قد تبنى مؤخرا تقنية تسنيد الديون الرهينة، والتي يعول عليها من اجل توفير السيولة المالية اللازمة لإنعاش المؤسسات المالية، فان نجاح هذه العملية وضمان فعاليتها هو رهين بضرورة إيجاد قواعد موضوعية متينة لأحكام الرهن الرسمي ونظام متقن ومحكم للإشهار العقاري، كما وجب كذلك ضرورة إعادة النظر في القواعد المسطرية المنظمة لتحقيق خاصة وان هذه الأخيرة تشكل عقبة في وجه المستثمرين، وهذا لن يتأتى الا عبر الاخذ بالإصلاحات التالية:
- على مستوى قواعد انشاء الرهن الرسمي العقاري:
- إقرار رسمية الكتابة في عقد الرهن الرسمي العقاري، نظرا لما تحمله الكتابة العرفية من إشكاليات تتميز بالأساس في عدم الدقة هذا ما يعرض أطراف عقد الرهن لضياع حقوقهم وهو ما لا يتأتى الا عبر إقرار الرسمية، وهذا لن يتأتى الا عبر الاخذ بما جاءت به مدونة الحقوق العينية، لكون ان الرسمية تحقق للدائن ضمانة إضافية، كما انه تحمي كذلك مصالح المدين كما انها تحقق فائدة للرهن وللائتمان العقاري بصفة عامة، هذا مع ضرورة إقرار مسؤولية الموثق.
- جعل العقار المحفظ هو المحل الوحيد لعقد الرهن الرسمي، لما تتميز به نظام التحفيظ العقاري من قوة ومتانة لتحصين الملكية العقارية ومنع انشاء رهون رسمية على عقارات غير محفظة في طور التحفيظ.
- ضبط ورقابة صارمة على إجراءات تقييد الرهن بالسجل العقاري على اعتبار ان تقييد الرهن للدائن المرتهن عدة حقوق تجعله يقوي مرتبته كإقرار حق التتبع وحق الأفضلية وكذا منح الشهادة الخاصة بالتقييد.
- تحفيز الابناك على تقييد الرهون بالسجلات العقارية لكون ان القيد يشكل الضمانة الفعلية للائتمان الرهني ويغني عن حيازة العقار وهذا على خلاف احكام الرهن الحيازي.
لائحة المراجع
- عبد الكريم شهبون، الشافي في شرح مدونة الحقوق العينية الجديدة وفق القانون رقم 39.08،
- مصطفى جذوع كريم السعد: “أثار الرهن الرسمي بالنسبة للدائن المرتهن والحائز في التشريع العقاري المغربي” رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا، كلية الحقوق، جامعة محمد الخامس الرباط، السنة الجامعية 1980/1981،
- الحسين الزياني: “الائتمان العقاري وتحقيق الرهون الرسمية العقارية في العقود البنكية” مقال منشور بالندوة الوطنية المنظمة من طرف جامعة محمد الأول كلية الحقوق وجدة أيام 19/20 ماي 2006 وجدة، في موضوع –العقار ة الاستثمار- مطبعة دار النشر الجسور، الطبعة الأولى 2007،
- نور الدين لعرج “الشكلية في عقد الرهن في التشريع المغربي” أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق جامعة محمد الخامس كلية الحقوق أكدال الرباط السنة الجامعية 1999/2000
- المختار بن أحمد عطار ” التحفيظ العقاري في ضوء القانون المغربي” مطبعة الجديدة الدار البيضاء طبعة 2008
- محمد خيري “القرض المضمون برهن رسمي واقعه وافاقه” مقال منشور بمجلة الحدث عدد خاص 15 أبريل 1999
- عبد الواحد شعير، إشكالية الرهن العقاري الرسمي كضمان بنكي في ضوء التشريع المغربي بين النظرية والتطبيق، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص، جامعة الحسن الثاني، كلية الحقوق، الدار البيضاء، السنة الجامعية 1995/1996
- محمد بن الحاج السلمي، “تسنيد الديون الرهنية وضمان فعالية السوق الرهني” مجلة التحفيظ العقاري عدد خاص نونبر 1999
- محمد بونبات ” في الحقوق العينية دراسة مقارنة للحقوق العينية وجدواها الاقتصادية والاجتماعية” الطبعة الأولى سنة 2002
- محمد خيري “عقار في طور التحفيظ والشهادة الخاصة بالرهن” مقال منشور بمجلة الحدث القانوني عدد 15 ابريل 1999
- سفيان ادريوش “تسنيد الديون الرهنية مقاربة قانونية ومالية” أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة محمد الأول، كلية الحقوق وجدة السنة الجامعية 2004/2005
- مأمون الكزبري “التحفيظ العقاري والحقوق العينية الاصلية والتبعية في ضوء التسريع المغربي” الجزء الثاني الحقوق العينية الاصلية والتبعية الطبعة الثانية سنة 1987
- رمضان أبو سعود،” الوسيط في التأمينات الشخصية والعينية الطبعة الأولى 1980
- مأمون الكزبري “التحفيظ العقاري والحقوق العينية الأصلية والتبعية “
- محمد خيري “التعاقد في الميدان العقاري” مقال منشور بالمجلة المغربية للقانون واقتصاد التنمية عدد 12 السنة 1986
- حليمة بن حفو “تقييد الرهن الرسمي في السجل العقاري” الطبعة الأولى سنة 2003
- عبد الرحمان بلعكيد “وثيقة البيع بين النظرية والتطبيق” مطبعة دار الثقافة طبعة 1994
- إدريس الفاخوري “نظام التحفيظ العقاري بالمغرب” مطبعة الجسور وجدة،
- حليمة بن حفو “تقييد الرهن الرسمي في السجل العقاري” الطبعة الأولى سنة 2003
- محمد خيري “الملكية ونظام التحفيظ العقاري في المغرب” مكتبة المعارف الجديدة، الطبعة الأولى 1986
- محمد فركت “الرهن الرسمي والإجراءات المسطرية” الرباط سنة 1987
- محي الدين إسماعيل علم الدين “أصول القانون المدني الجزء الثالث الحقوق العينية الأصلية والتبعي” دار الجيل للطباعة
- عبد الرحمان المصباحي، “أولوية الدائن المرتهن للعقار على منتوج البيع” مقال منشور بمجلة الحدث القانوني العدد 15 بتاريخ 1999
- الحسن الكاسم، “تحقيق الرهون والامتياز وحق الأسبقية” منشورات وزارة العدل الندوة الرابعة للعمل القضائي والبنكي،
- محمد ابن معجوز “الحقوق العينية في الفقه الإسلامي والتقنين المغربي” مطبعة دار النجاح الجديدة طبعة 1999
- محمد علي إمام “الموجز في التأمينات الشخصية والعينية” مطبعة نهضة مصر 1956
- جميلة الشرقاوي “التأمينات الشخصية والعينية في القانون المدني المصري” دار النهضة العربية
الإحالات
[1] ينص الفصل 1241 ق.ل.ع المغربي على ما يلي “أموال المدين ضمان عام لدائنيه، ويوزع ثمنها عليهم بنسبة دين كل واحد منهم ما لم توجد بينهم أسباب قانونية للأولوية”.
[2] يقصد بالضمانات الشخصية: ضم ذمة أو أكثر إلى ذمة المدين الأصلي بحيث يصبح للدائن بدلا من مدين واحد مدينان أو أكثر يسألون جميعا عن الدين إما في وقت واحد أو بتتابع لأن الضمان فيها يأتي من التزام أو التزامات شخصية تضاف إلى التزامات المدين الأصلي.
[3] يقصد بالضمانات العينية: والتي يطلق عليها كذلك لدى بعض التشريعات بالتأمينات العينية، تخصيص مال معين مملوك للمدين أو لغيره لتأمين حق الدائن وذلك بإعطائه سلطة تمكنه من التنفيذ على المال وبيعه جبرا واستيفاء حقه من ثمنه.
[4] المادة 165 من قانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية.
[5] عبد الكريم شهبون، الشافي في شرح مدونة الحقوق العينية الجديدة وفق القانون رقم 39.08، الطبعة الثانية سنة 2017 ص 327.
[6] مصطفى جذوع كريم السعد: “أثار الرهن الرسمي بالنسبة للدائن المرتهن والحائز في التشريع العقاري المغربي” رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا، كلية الحقوق، جامعة محمد الخامس الرباط، السنة الجامعية 1980/1981، ص 21.
[7] طبقا للقانون رقم 10.98 المتعلق بتسنيد الديون الرهنية، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 4726 الصادرة بتاريخ 16 شتنبر 1999 ص 2270.
[8] الحسين الزياني: “الائتمان العقاري وتحقيق الرهون الرسمية العقارية في العقود البنكية” مقال منشور بالندوة الوطنية المنظمة من طرف جامعة محمد الأول كلية الحقوق وجدة أيام 19/20 ماي 2006 وجدة، في موضوع –العقار ة الاستثمار- مطبعة دار النشر الجسور، الطبعة الأولى 2007، ص 294.
[9] عبد الكريم شهبون، مرجع سابق ص 327.
[10] نور الدين لعرج “الشكلية في عقد الرهن في التشريع المغربي” أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق جامعة محمد الخامس كلية الحقوق أكدال الرباط السنة الجامعية 1999/2000 ص 82.
[11] المختار بن أحمد عطار ” التحفيظ العقاري في ضوء القانون المغربي” مطبعة الجديدة الدار البيضاء طبعة 2008 ص 191.
[12] محمد خيري “القرض المضمون برهن رسمي واقعه وافاقه” مقال منشور بمجلة الحدث عدد خاص 15 أبريل 1999 ص 12.
[13] الفصل 11 من ظهير التحفيظ العقاري: “يجوز للدائن، الذي لم يقبض دينه عند حلول أجله، طلب التحفيظ بناء على قرار قضائي صادر لفائدته بالحجز العقاري ضد مدينه”.
[14] عبد الواحد شعير، إشكالية الرهن العقاري الرسمي كضمان بنكي في ضوء التشريع المغربي بين النظرية والتطبيق، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص، جامعة الحسن الثاني، كلية الحقوق، الدار البيضاء، السنة الجامعية 1995/1996 ص 72.
[15] محمد بن الحاج السلمي، “تسنيد الديون الرهنية وضمان فعالية السوق الرهني” مجلة التحفيظ العقاري عدد خاص نونبر 1999 ص 26.
[16] محمد بونبات ” في الحقوق العينية دراسة مقارنة للحقوق العينية وجدواها الاقتصادية والاجتماعية” الطبعة الأولى سنة 2002 ص 130.
[17] محمد خيري “عقار في طور التحفيظ والشهادة الخاصة بالرهن” مقال منشور بمجلة الحدث القانوني عدد 15 ابريل 1999 ص 12.
[18] سفيان ادريوش “تسنيد الديون الرهنية مقاربة قانونية ومالية” أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة محمد الأول، كلية الحقوق وجدة السنة الجامعية 2004/2005 ص 163 و164.
[19] عبد الواحد شعير، مرجع سابق ص 76.
[20] قرار رقم 402 ملف مدني رقم 777-77 الصادر بتاريخ 02 يوليوز 1980 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 29 ابريل 1982 ص 50.
[21] مأمون الكزبري “التحفيظ العقاري والحقوق العينية الاصلية والتبعية في ضوء التسريع المغربي” الجزء الثاني الحقوق العينية الاصلية والتبعية الطبعة الثانية سنة 1987 ص 325.
[22] رمضان أبو سعود،” الوسيط في التأمينات الشخصية والعينية الطبعة الأولى 1980 ص 280.
[23] حكم رقم 161 ملف رقم 155-04/4 مؤرخ في 08 مارس 2005 الصادر عن المحكمة التجارية بمكناس.
[24] المختار بن احمد عطار، مرجع سابق ص 214.
[25] ينص الفصل 1093 من ق.ل.ع على ما يلي:” ويبطل أيضا ما يجري من اعتراف او مصادقة على ديون يرجع سببها الى المقامرة او المراهنة في تاريخ لاحق لنشوئها…”
[26] قرار عدد 632 ملف مدني عدد 1924/89 بتاريخ 21/11/1989 صادر عن محكمة الاستئناف بالقنيطرة منشور بمجلة الاشعاع عدد 3 يوليوز 1990 ص 108 و109 ذهبت المحكمة في حيثياتها الة ما يلي” الفائدة لا يمكن الحكم بها الا إذا كانت مشروطة في أصل سند الدين، ومادامت الأطراف لم تحددها فلا مجال للدائن للمطالبة بها ولا الحكم بها في الامر الأداء”.
[27] عبد الكريم شهبون، مرجع سابق ص 334.
[28] عبد الكريم شهبون، مرجع سابق ص 340.
[29] مأمون الكزبري “التحفيظ العقاري والحقوق العينية الأصلية والتبعية “ص 226.
[30] رمضان أبو السعود، مرجع سابق، ص 266.
[31] محمد خيري “التعاقد في الميدان العقاري” مقال منشور بالمجلة المغربية للقانون واقتصاد التنمية عدد 12 السنة 1986 ص 27.
[32] طبقا للفصل 424 من قانون الالتزامات والعقود المغربي.
[33] عبد الرحمان بلعكيد “وثيقة البيع بين النظرية والتطبيق” مطبعة دار الثقافة طبعة 1994 ص 284.
[34] إدريس الفاخوري “نظام التحفيظ العقاري بالمغرب” مطبعة الجسور وجدة، ص156.
[35] قرار عدد 307 ملف مدني الصادر بتاريخ 13 أبريل 1999 مجلة قضاء المجلس الأعلى الإصدار الرقمي، دجنبر 2000، العدد 9 ص 52.
[36] قرار عدد 1729 صادر بتاريخ 5-06-2003 في الملف المدني عدد 178.43.02 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 61 ص 53 وما بعدها.
[37] حليمة بن حفو “تقييد الرهن الرسمي في السجل العقاري” الطبعة الأولى سنة 2003ص 169.
[38] الفصلين 35 و342 من القانون العقاري التونسي.
[39] الفصل 172 من مدونة الحقوق العينية الذي ينص على أنه “يمكن أن يخول البائع أو المعارض أو المتقاسم، الذي لم يضمن برهن اتفاقي الأداء الكامل للثمن أو المدرك، رهنا إجباريا على الأملاك محل البيع أو المعاوضة أو القسمة بناء على حكم قضائي”.
[40] محمد خيري “الملكية ونظام التحفيظ العقاري في المغرب” مكتبة المعارف الجديدة، الطبعة الأولى 1986 ص 456.
[41] نور الدين لعرج، مرجع سابق، ص 101.
[42] قرار محكمة الاستئناف بالرباط 3 نونبر 1943 منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد 921 ص37.
[43] يرى الأستاذ شحاتة في معرض حديثه عن بيع ملك الغير، أقر على أن الرهن الصادر من غير المالك يعتبر عقدا موقوفا لا صحيحا ولا باطلا، وفي حالة ما إذا تم تقيده بناء على العقد فإن أثر القيد يظل متوقفا هو الأخر على الإقرار ولا ينشأ الرهن إلا إن أقره المالك الحقيقي أما إذا لم يقره فإن الرهن لن يتحقق له وجود. إلا أنه رغم وجاهة هذا الرأي فأنه يصعب الأخذ به لما له من مخاطر على مستوى الائتمان ومصالح الدائن وكذا
أمام صراحة نص المادة 183 من مدونة الحقوق العينية التي تنص ” لا يجوز رهن الأملاك التي قد يحصل عليها استقبالا”.
[44] مصطفى جدوع كريم، مرجع سابق، ص 69.
[45] نص المشرع المغربي من خلال الفصل 91 من ظهير التحفيظ العقاري على ما يلي: “يمكن أن يشطب على كل ما ضمن بالرسم العقاري من تقييد أو بيان أو تقييد احتياطي بمقتضي كل عقد أو حكم مكتسب لقوة الشيء المقضي به يثبت انعدام أو انقضاء الحق موضوع التضمين، في مواجهة الأشخاص الذين يعنيهم هذا الحق”
[46] قضت محكمة النقض في إحدى قراراتها ” برفض طلب تشطيب الرهن الذي لم يحدد المستفيد من العقار أو العقارات التي يشملها التشطيب” قرار عدد 45 صادر بتاريخ 18/1/1978 منشور بمجلة القضاء والقانون عدد 129 ص 60.
[47] قرار رقم 450 ملف رقم 06/249 مؤرخ بتاريخ 21/03/2007 صادر عن محكمة الاستئناف بوجدة أشار له الأستاذ ادريس الفاخوري في مرجعه السابق في ص 158.
[48] نور الدين لعرج، مرجع سابق، ص 197.
[49] محمد فركت “الرهن الرسمي والإجراءات المسطرية” الرباط سنة 1987 ص 171.
[50] مصطفى جدوع كري، مرجع سابق، ص 105.
[51] رمضان أبو السعود، مرجع سابق، ص 442.
[52] محي الدين إسماعيل علم الدين “أصول القانون المدني الجزء الثالث الحقوق العينية الأصلية والتبعي” دار الجيل للطباعة ص 531.
[53] مأمون الكزبري، مرجع سابق، ص 334.
[54] نص المشرع في المادة 202 من مدونة الحقوق العينية على ما يلي: “للحائز الذي لم يكن ملتزم شخصيا بالدين أن يتعرض على بيع الملك المرهون الذي بيده إذا بقيت في ملكية المدين الأصلي أملاك أخرى مرهونة من أجل نفس الدين. يؤجل بيع الملك الذي بيد الحائز أثناء إجراءات التجريد“.
[55] مأمون الكزبري، مرجع سابق، ص 334.
[56] سعاد الزروالي، مرجع سابق، ص 109.
[57] نظم المشرع المغربي حق الامتياز في القسم العاشر من ظهير 19 رجب 1933 وخصه بالفصول 154 و155 و156 كما تناول أحكامه في القسم الثاني عشر من الكتاب الثاني من ق.ل.ع وذلك في الفصول من 1243 إلى 1250.
[58] المختار بن أحمد عطار، مرجع سابق، ص 224.
[59] عبد الواحد شعير، مرجع سابق، 144.
[60] عبد الكريم شهبون، مرجع سابق، ص 295.
[61] عبد الواحد شعير، مرجع سابق، ص 160.
[62] مصطفى جدوع، مرجع سابق، ص 75.
[63] مأمون الكزبري، مرجع سابق، ص 360.
[64] الحسن الكاسم، “تحقيق الرهون والامتياز وحق الأسبقية” منشورات وزارة العدل الندوة الرابعة للعمل القضائي والبنكي، ص 350.
[65] عبد الرحمان المصباحي، “أولوية الدائن المرتهن للعقار على منتوج البيع” مقال منشور بمجلة الحدث القانوني العدد 15 بتاريخ 1999 ص 11.
[66] قرار محكمة الاستئناف بالدار البيضاء ملف مدني عدد 97/5310 الصادر بتاريخ 14/11/1997 منشور بمجلة الحدث القانوني عدد 03/1998 ص 15.
[67] قرار محكمة الاستئناف بمراكش ملف مدني عدد 86/2303 الصادر بتاريخ 13/07/1987 منشور بالمجلة المغربية للقانون عدد 16 سنة 1988 ص 66.
[68] قانون رقم 98/10 منشور بالجريدة الرسمية عدد 4726 بتاريخ 16/09/1999 ص 2270.
[69] سعاد الزروالي، مرجع سابق، ص 108.
[70] وهو ما نصت عليه المادة 1044 من القانون المدني المصري ” للراهن الحق في إدارة العقار المرهون وفي قبض ثماره إلى وقت التحاقها بالعقار”
[71] نص الفصل 475 من قانون المسطرة المدنية المغربي في فقرته الثانية “… يمنع على المنفذ عليه بمجرد تبليغه الحجز أي تفويت في العقار تحت طائلة البطلان… وتعقل ثمار هذا العقار ومداخيله عن المدة اللاحقة للتبليغ وتوزع بنفس المرتبة مع ثمن العقار نفسه”.
[72] محمد ابن معجوز “الحقوق العينية في الفقه الإسلامي والتقنين المغربي” مطبعة دار النجاح الجديدة طبعة 1999 ص 488.
[73] مأمون الكزبري، مرجع سابق، ص 335.
[74] محمد علي إمام “الموجز في التأمينات الشخصية والعينية” مطبعة نهضة مصر 1956 ص214.
[75] نصت المادة 114 من القرار 3339 اللبناني ” ليس للمديون ولا للدائن أن يتصرف بالعقار المرهون دون رضاهما المتبادل أو كل عقد يجري خلافا لهذه القواعد باطلا حكما”.
[76] القانون رقم 48 سنة 2001 المنظم للتمويل العقاري صادر بالجريدة الرسمية المصرية العدد 30 المؤرخة في 24 يونيو 2001.
[77] عمر أزوكار، تعليق على حكم ابتدائية أكادير في الملف 381 بتاريخ 10/05/1999 منشور بمجلة المحاكم المغربية العدد 96 أكتوبر 2002 ص150.
[78] عبد الرزاق السنهوري، مرجع سابق، ص 398.
[79] جميلة الشرقاوي “التأمينات الشخصية والعينية في القانون المدني المصري” دار النهضة العربية ص 189.
[80] ينص الفصل 1182 ” إذا تعيب المرهون بسبب لا يعزى لخطأ المرتهن لم يكن له ان يطلب ضمانا تكميليا ما لم يتفق على غير ذلك.
وينص الفصل 1183 ” إذا هلك الشيء المرهون او تعيب بفعل المدين مان للدائن ان يطلب الوفاء بحقه على الفور حتى ولو كان مضافا إلى أجل لم يحل بعد وذلك ما لم يقدم له المدين ضمانا آخر معادل أو يكمل له الضمان”
[81] ينص الفصل 139 من ق.ل.ع “يفقد المدين مزية الأجل إذا شهر إفلاسه أو أضعف بفعله الضمانات الشخصية الخاصة التي سبق له أن أعطاها بمقتضى العقد … إذا كان إنقاص الضمانات الخاصة المعطاة بمقتضى العقد ناتجا من سبب أجنبي عن إرادة المدين فإن هذا الأخير لا تسقط عنه مزية الأجل بقوة القانون ولكن يكون للدائن الحق في أن يطلب ضمانات تكميلية فإذا لم تقدم، حق له أن يطلب تنفيذ الالتزام على الفور”.
[82] نص الفصل 261 من ق.ل.ع على الالتزام بعمل بتحول عند عدم الوفاء الى تعويض
نص الفصل 262 من ق.ل.ع ” إذا كان محل الالتزام امتناع عن عمل أصبح المدين ملتزما بالتعويض بمجرد حصول الاخلال…”
[83] الفصل 525 من القانون الجنائي جاء أكثر وضوحا حيث ينص على ان ” الراهن الذي يبدد او يتلف شيئا مملوكا له رهنه في دين عليه او على غيره يعاقب بالحبس من سنة الى خمس سنوات وغرامة من مائة وعشرين الى خمسمائة درهم.”